إلى عمال وفلاحي وطلبة العراق!
نداء!
وطن حرٌ وشعب سعيد!
يا عمال العالم ويا مستضعفيه إتحدوا!
أيها العراقيون: إلى مقاومة الإحتلال!
أيها المقاومون الأبطال: حيث ثقفتموهم!
يا أبناء شعبنا العراقي الكريم!
إحتلت أمريكا بلدنا وأعلنت يوم سقوط بغداد عيدا بينما أسقطت عيد ثورة تموز المجيدة، فوافقها عليه مجلس بول بريمر، الذي بشترك به، وفي مفارقة غير مسبوقة، سكرتير الحزب الشيوعي العراقي.
لقد فاخر الشيوعيون بثورة تموز 1958 بإعتبارها من أمجاد تعاون القوى الوطنية بقيادتهم. لذا سبق وثقفوا بثوابت هذه الثورة ومكاسبها للأربعين عاما الماضية. ومن هنا فإبدال عيد تموز بيوم سقوط بغداد، هو جريمة كبرى ووصمة عار ولعنة على من أقرها. وهي أيضا خيانة مباشرة لكل شهداء الحركة الوطنية والشيوعية العراقية على مدى الأجيال الأربعة الماضية.
على أن المنحى الخياني لسكرتير الحزب الشيوعي العراقي ومجموعة من زمرته لم يكن وليد اليوم. ففي الثاني من نيسان الماضي أفادت (طريق الشعب) بأن مجموعة من مقاتلي الحزب شاركت القوات الأمريكية القتال ضد الجيش العراقي الذي كان يدافع عن أرضه بوجه الغزو. حتى لقد إحتفل هؤلاء المقاتلون بعيد تأسيس الحزب على الجبهات.
كما سبق للحزب أن تحول إلى داعية للتمييز العنصري حين قدم وبلا مبررات منطقية القضية الكردية على قضية عموم الشعب العراقي فطالب ومنذ 1992 بإستثناء كردستان من الحصار مثلما أصبح مجرد ناطق إضافي للقسم الأكثر شوفينية في الحركة الكردية وداعية لتقسيم العراق على أساس فدرالي. والمرتد حميد مجيد حصرا أول من مهد إلى تقسيم العراق عبر تقسيم الحزب الشيوعي إلى واحد عراقي وآخر كردستاني. مع العلم أن كل الدول الفدرالية، من أمثلة روسيا وألمانيا والهند وكندا، وغيرها وبلا إستثناء فيها حزب شيوعي واحد فقط. كما فقد الحزب ومنذ 1990 خصوصيته فصار يبحث عمن يناضل عنه وكل ما يستطيعه هو مجرد إصدار تقييمات وإعلان مواقف لا تتعدى قولة: (نحن ضد، ونحن مع). وكل تحالفاته كانت مع القوى المرتبطة بالدول الإقليمية والإمبرلالية العالمية، كالمجلس الإسلامي والحزبين الكرديين.
أما علاقات الحزب التحالفية مع أمريكا فكانت سرية وعلنية وتتوجت بزيارات رسمية وخارج إطار المعارضة الأمريكية التي جمعها مؤتمر لندن سيء الصيت. ومن خلال لقاءاته الخاصة أو من خلال تجمع (المؤتمر العراق) نفذ الحزب كل السياسات التي خططتها وكالة المخابرات المركزية يشأن العراق طوال الثلاثة عشر عاما الأخيرة، والتي تضمنت:
- تفريغ الحركة الوطنية من أية قوى تبحث عن حلول عقلانية تجنب العراق الغزو
- عقد الندوات وإصدار البيانات والإستنجادات بالساسة والدول، كقولة حق يراد بها باطل، تمت عبرها تهيئة الرأي العام العالمي لتقبل الحصار والإعتداءات الأمركوبريطانية على العراق، ومن ثم الغزو
- مشاغلة وإستنزاف المواطن العراقي في إغتيالات معلومة الثمن
- مشاغلة النظام داخليا وخارجيا ريثما يتم الإعداد للغزو
- جمع المعلومات المخابراتية عن الجيش العراقي وتسليم الخرائط المطلوبة
- القيام بدراسة الحالة العامة بعد كل قصف أمريكوبريطاني على العراق والتي من خلالها درس الغزاة مواطن ضعف وقوة العراق.
- تهيئة الراي العام العراقي لتغيير هويته الوطنية والعربية والإسلامية والمشرقية،
ومعلوم أن أغلب قدمه الحزب أو كل منظومة مؤتمر لندن، من معلومات للغزاة كان خاطئا، بدليل الورطة التي يعيشها حليفهم الأمريكي في العراق الآن. لكنه خطأ نتج عن مذلة نفوس منعزلة عن محيطها فلا تدري ما يعتمل في ضمير شعبها. نفوس تصورت أن هذا الشعب يفكر على منوالها وأنه مثلها تجرد من شعوره الوطني، نفوس أصبح همها الحضوة عند سيدها فقدمت له ما يحب سماعه وليس الوقائع. نفوس نظرت إلى شعبها بصغارة فباعته للغزاة بيع العبيد، حتى لقد غدت تتشمت علنا حين ترى المحتلين يفتشون المواطنات العراقيات وهن مشدودات الأيدي إلى الخلف.
وعلى الرغم من إعجاب العالم أجمع بالمقاومة العراقية وعلى الرغم من إعتراف قائد جيوش الإحتلال أبي زيد، ومساعديه، وإضطراره إلى إعادة إعلان المنطقة الوسطى كمنطقة عمليات، وبالرغم من إعترافه الصريح أنه حتى لو قتل صدام حسين فلن تتوقف هذه المقاومة، وكذلك وحين تنشر الصحف الأمريكية في واشنطن أو العراقية كـ (المؤتمر) لأخبار ضربات المقاومة الوطنية العراقية، على الرغم من هذا كله تجد صحافة الحزب تتغاضى عن تلك الضربات وأيضا تتهم منفيها بالفلولية والإرهاب وتحث المواطنين على الوشاية بهم.
وفي السنوات الأخيرة أخذ إعلام الحزب الرسمي أو على لسان جلاوزته منحى تسقيطيا شمل خيرة مناضلي الحزب إضافة إلى خيرة المناضلين العرب كالدكتور المسفر والأستاذ عبدالباري عطوان والإمام فضل الله والإمام نصرالله وغيرهم. بل وشمل حتى مراسلين لصحف وفضائيات، لمجرد أنهم نقلوا الأحداث كما رأوها وليس كما يتمنى حميد مجيد أن يقولها لسيده. منحى ما لبثت الأيام أن أثبتت أنه ليس سوى صدى لسقوط حقيقي يعاني منه بعض قادة حزبنا وجلاوزتهم، فحاولوا ترحيله إلى الآخرين، أما تعشما بأن حشرأ مع الناس عيد، أو تنفيذا لما تمليه عليهم وطنيتهم ،، الأمريكية الفاقعة. هذا السقوط الحقيقي كشفته وثيقة عن البنتاجون وأخرى أصدرها السيد قاسم سرحان نشرتا على مواقع الأنترنيت تشير إلى أن كبارا من مجموعة المرتد حميد مجيد، هم مجرد عملاء لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية لقاء أجر. وقد وردت أسماء: فالح عبد الجبار وزهير جزائري وحميد مجيد وكاظم حبيب وعبدالخالق وحمودي جمال الدين وغيرهم.
ولقد إنتمى المشؤوم حميد مجيد إلى مجلس عينه المحتل ممثلا عن طائفة، ليعيد العراق إلى الطائفية البغيضة، التي ستلد الحروب والحروب. وهو يشترك في هذا المجلس تحت راية الشخص الذي طرده من إحتماع في دمشق عام 1996 والذي هو أيضا إبن صاحب فتوى إبادة الشيوعية الذي تعاون مع المخابرات الأمريكية في إسقاط الزعيم الوطني الشهيد عبدالكريم قاسم وإجهاض ثورة تموز المجيدة عام 1963. ومن الجانب الآخر فقد كان صراعنا مع النظام السابق كما هو معلوم ليس مع شخص وإنما مع تركيبة كاملة من المؤسسات والرموز. بينما الحزب بقيادة المرتد حميد قلب المعادلة فجعل الصراع ضد شخص، لذلك يتحالف الآن مع رموز هذا النظام وجزوتييه أمثال مشعان الجبوري ووفيق السامرائي والخزرجي والصالحي والبزاز وغيرهم ممن كان الأشد قسوة ودموية على الحركة الوطنية من النظام نفسه.
أما على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي، فالحزب ولشديد الأسف يسير على خطة مدروسة ليس لإخراج العراق من هذا الصراع وحسب بل وجعله منزوع السلاح ومرتعا للصهيونية العالمية. ومن علائم هذه الخطة، نشر روح العداء ضد عروبة العراق وضد العوائل الفلسطينية حتى لقد شاركت عناصر الحزب بإخراج بعض العوائل الفلسطينية من بيوتها عنوة ورمي أغراضها إلى قارعة الطريق. بينما يسكت الحزب ولا يحرك ساكنا على شراء رجال المال اليهود للعقارات العراقية، وعلى زيارات وفود الكنيست الإسرائيلي علنا للمحمية الكردية وسرا إلى بغداد وغيرها. وأول يوم سقطت بغداد تظاهرت منظمات الحزب في الخارج وتحت قيادة منظمة بإسم (اللبراليين) يقودها يهودي إسرائيلي من أصل عراقي، تظاهرت في شوارع الدول الإسكندنافية تندد بالمقاومة الفلسطينية وتحمل شعارا يقول: (( سيصحو العالم ليكتشف أن أساس العداء بين العرب وإسرائيل هو ليس الإحتلال الإسرائيلي وإنما الإرهاب الفلسطيني )). وسيرا على هذا المنوال، فلقد أقر مجلس الإمعات الذي يشترك به حميد مجيد - أبورغال الحركة الشيوعية، وافق على ما رسمه المحتل لعراق المستقبل بجعله منزوع السلاح. فالمقرر للجيش العراقي الذي يبنبه المحتل هو أن تكون أسلحته الثقيلة من عربات بمدفع رشاش فقط. ولا دبابات ولا طائرات ولا صواريخ،،، ضمانا لأمن إسرائيل.
وأخيرا وليس آخرا، فأحد الأسس الإقتصادية للمشروع الأمريكي في العراق هو خصخصة المؤسسات العامة، بحجة الخسائر. وأحد النتائج الكارثية المباشرة لهذا هو إلغاء الضمان الإجتماعي وكل ما يحتويه من مجانية العلاج والتعليم والعطل المدفوعة. والنتيجة الكارثية الأخرى هي أن الخصخصة ستخضع كالعادة للمزايدات والرشاوي والمحسوبيات، ليشتري الأسهم جماعة مجلس الإمعات أو من والاهم، أو تلك الفئات من النظام العراقي التي إستغنت من الحصار وجمعت أمولا طائلة، أو التي كانت تدير شركات النظام كمشعان الجبوري وغيره. أي أن العناصر الفاشية في النظام السابق ستعود لتتحكم وبأرزاق الناس أيضا هذه المرة. وقد بدأت دلائل المشروع الإقتصادي الأمريكي بالوضوح، في تفشي البطالة والجوع والفقر إضافة إلى كابوس الإحتلال وما يسببه من خسائر بالأرواح والممتلكات. ومن هنا فليس غريبا أن تخرج أول تظاهرة للطبقة العاملة في العراق تحت الإحتلال تندد بما يفترض أنه حزب الطبقة العاملة الذي خانها في محنتها لقاء منصب في مجلس كلاهما، دون إسلام حنون أهمية.
أيها العمال والفلاحون، أيها الطلبة، يا أبناء شعبنا العراقي العظيم!
إن ما يصدر الآن من شلة أبي رغال في الحزب الشيوعي العراقي من تبريرات وتفسيرات لعمالتها للمحتل، هو ترقيعات لا ولن تستطيع إخفاء تلك اللعنة الأبدية التي ستلاحقهم. فدعوى هؤلاء بأنهم لم يستطيعوا إيقاف الحرب، وأن دولا كفرنسا لم تستطع منع مهاجمة العراق، وأن الإحتلال واقع ولابد من العمل ضمن مؤسساته،،، الخ، هذه الدعوات باطلة جملة وتفصيلا. فتراث الحركة الشيوعية كان ولا يزال مبنيا على النضال من أجل السلام وتحرر الشعوب وليس العدوانية والإحتلال. ونضال الحركة الشيوعية لا ولم يحتو يوما آليات العمل لسلطات الإحتلال كمخبرين عن المقاومة الوطنية كذلك الإتفاق الذي بموجبه إلحق حميد مجيد بمجلس بريمر. والشيوعيون في العالم لم يستطيعوا منع الحربين العالميتين الأولى والثانية ولم يوقفوا الإحتلالات التي تمت خلالها، لكنهم ناضلوا ضد الحربين وساهمو بالسلاح في تحرير البلدان المحتلة. والحزب الشيوعي اللبناني لم يستطع إيقاف إجتياح لبنان، لكنه رفع السلاح مع إخوته الأحزاب الوطنية، وقاوم وأعطى الشهداء حتى تطهرت الأرض اللبنانية. والأمم المتحدة إعترفت بإحتلال العراق وشرّعت المقاومة الوطنية المسلحة ضده. أما الدعوات المبطنة التي يديرها إعلام حزبنا بإبدال كلمات من قبيل (قوات الإحتلال) بـ (قوات التحالف) وسلطة التحالف (بالسلطة) وما إلى ذلك، هذه الدعوات المشؤومة نحن، الشيوعيين العراقيين، بريئون منها كليا. فلسنا غرباء على مقولة (( محررين لا فاتحين )) التي قالها لنا البريطانيون في عشرينات القرن الماضي، ولسنا غرباء عن تجارب الشعوب التي لم تنطل على أحدها خدعة (الإحتلال – تحرير) هذه.
أيها العمال والفلاحون والطلبة!
أيها الكسبة! يا عشائر العراق وأثنياته!
نحن الشيوعيين العراقيين، لا ولم نقف يوما مع محتل ولا مع جهة تسانده. إن الإحتلال عدونا الأول ونعمل بكل جهدنا لطرده. نحن مع المقاومة الوطنية العراقية بكافة مساربها. إننا مع شعبنا العراقي الأبي في وقفته البطولية ضد المحتل. أما مجلس الحكم أو ما شاكله من الهيئات الصورية التي أنشأها المحتل فهي بنظرنا ليست سوى مجالس إمعات تأتمر ببول بريمر.
ونحن نعلن على الملأ أن لا خصوصية لأي من أجزاء العراق على الأخرى، والشعب العراقي كله واحد بعربه وأكراده وآثورييه وتركمانه وكلدانه ومسلميه ومسيحييه ومنداءه ويزيديه وكل قومياته وأثنياته. هذا الشعب واحد وهمومه واحدة ومن هنا فأرضه واحدة لا تتجزأ بمحميات مسوخ هنا أو هناك تحت مسميات إدارية أو فدرالية أو أثنية.
ومن هنا، ندعوكم مخلصين إلى:
أن تضعوا ثقتكم الكاملة بالمقاومة الوطنية وتعينوها كل العون!
أن تنظموا الصفوف لمواجهة الأخطار!
أن لا تتعاملوا مع سلطات الإحتلال إلا بالرفض القاطع وسلاح المقاومة!
أن تبدأوا بالإضرابات العامة والمظاهرات، على أن تكون هذه بمثابة الذراع السياسي للمقاومة الوطنية للإحتلال!
المجد للعراق!
المجد للمقاومين الأبطال!
المجد للحركة الوطنية العراقية المعادية للإحتلال بكافة مساربها!
الحزب الشيوعي العراقي – الكادر
آب (أغسطس) 2003