|
كي لا تصبح برودة الصراع الاقليمي ساخنة!!
عمار السواد
الحوار المتمدن-العدد: 1853 - 2007 / 3 / 13 - 08:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس جديدا على منطقة الشرق الاوسط الازمات والتحديات، فهي، على ما يبدو، قدر مستمر منذ اكتشاف النفط وتأسيس الدولة العبرية فيها. ولكن دول المنطقة لم تتمكن من الوصول الى صيغة تدفع باتجاه تشييد سقف يجلس تحته فرقاء المنطقة، فهناك غياب مستمر لقيمة الجغرافيا في وعي قادة المنطقة، متزامنا مع حضور لافت للبعدين الديني والقومي في ذلك الوعي، لذلك لم يفكر القادة باللجوء الى واقعية سياسية واجتماعية واقتصادية تفرضها هذه الجغرافية والمصائر المشتركة في اطار عقد المؤتمرات وتشكيل تجمعات الدول، طبعا مع استثناء لحالة مجلس التعاون الخليجي كونها حالة فرضتها مجموعة عوامل ما كان الجانب الديني او القومي سببا وحيدا فيها. والا فان الصيغ الاخرى هي صيغ قومية كحالة الجامعة العربية، او دينية كحالة المؤتمر الاسلامي. وهنا يكمن الخطأ المحوري، فالمصالح المشتركة لدول المشرق العربي مع ايران وتركيا هي اكثر منها مع بلدان المغرب العربي وكذلك حال الاحتكاك المباشر والخلافات الجادة والمخاطر المترصدة. وبالمقابل فان ما لايران من مصالح ومشاكل وتحديات ومخاطر مشتركة مع الدول العربية في المنطقة اكثر منها مع دول الاتحاد السوفياتي السابق وان لتركيا اولويات في المنطقة اكثر من تلك الاولويات مع دول الاتحاد الاوربي. فليس لنا تاريخ مشترك يجمعنا بالمغرب العربي كالتاريخ الذي يجمعنا بتركيا وايران. وتجاوز كل ذلك لحسابات قومية او دينية او لمخاوف وهواجس وخلفيات ومسبقات ادى الى نمو شيئ من اللاواقعية في الخطاب والوعي القائم في المنطقة. فالى جانب تجمعات الدول على المستويين القومي والديني واهمية طموح تركيا للالتحاق بالاتحاد الاوربي... فان المنطقة بحاجة الى طاولة مشتركة تناقش فيها المشكلات والمصالح، التحديات والاولويات، الخلافات ونقاط الاتفاق. فالمنطقة مرت بالعديد من المشكلات الخطيرة افتقرت الى حوارات مباشرة تشترك فيها دولها كلها. طبعا يمكن تفهم ان العداء بين اسرائيل وبعض دول المنطقة يحول دون التفكير بتشكيل مثل هذا التجمع، لانه لا يمكن تأسيس تجمع للشرق الاوسط لا تكون اسرائيل طرفا فيه لانه سيفهم على انه استعداء لها، لكن هناك اكثر من صيغة يمكن تخلص تنأى بهذه الدول من ذلك الفهم. ويبدو ان قضية العراق جاءت اخيرا لتضع دول المنطقة امام تحدي الافتقار الى حوارات جمعية ومكشوفة وصريحة، وشعرت هذه الدول بخطورة الحرب الباردة الاقليمية ، كونها اضحت في العراق ساخنة، وصار من الممكن ان تنتشر سخونتها في كل دول المنطقة. لكن هذا الشعور ما كان يمكن ان يؤدي الى فعل وتطبيق لولا المطالبة الامريكية بعقد مؤتمر اقليمي حول العراق، وهو ما حصل بالفعل في شرم الشيخ بمصر عام 2004، وما هو مقرر انعقاده في العراق خلال هذا اليوم. ويبدو ان قضية العراق باتت تمثل فضاء يدفع دول المنطقة الى الجلوس الجمعي الجاد الى طاولة النقاش للتحاور حولها، الا ان هذه القناعة ما زالت خجولة ومترددة. ما يدفعنا الى الحذر في التعاطي مع المؤتمر كفضاء حواري يمكن ان يقلل من خطورة استمرار الاستقطابات الايدلوجية والطائفية والسياسية الحادثة والتي يمكن ان تؤدي الى انفجار امني خطير يهدد الشرق الاوسط برمته. خصوصا ان معسكر السعودية يبدو مدفوعا باتجاه المؤتمر بالارادة الامريكية ومطالبة سنة العراق لهم بذلك وان معسكر ايران يبدو مضطرا الى الحضور في هذا المؤتمر من اجل فسح نافذة حوار جاد مع الولايات المتحدة حول العديد من الملفات، وان امريكا تتحمس للمؤتمر في سبيل ارضاء المعارضين الديمقراطيين من جهة وفي سبيل الوصول الى موضوع يغطي موضوعات اخرى يمكن ان تناقش مع ايران. ان دول المنطقة لا يمكن ان تكتفي بالعراق او بهذا المؤتمر فقط للتحاور مع بعضها، انها بحاجة الى حوارات جادة حول اربع قضايا مصيرية في المنطقة هي قضايا العراق ولبنان وفلسطين وامن المنطقة. فالحوار العربي الايراني التركي ضروري لتجريد الصراع داخل العراق من بعده الاقليمي اولا ومن ثم بحاجة الى بذل الجهود من اجل انهاء الصراع الطائفي بشكله العنيف ثانيا، والامر نفسه تستدعيه قضية لبنان. وقضية فلسطين تحتاج الى حوارات جمعية للوصول الى صيغة مشتركة من قبل الدول ذات الاهتمام بها يتجاوز الاختلاف الرهيب في التعاطي معها كي لا تراهن الدولة العبرية على عدم وجود رؤية موحدة في اطار قمعها للفلسطينين وكي يضطر الفلسطينيون الى التعامل بواقعية مع قضيتهم العادلة. وبالنسبة لامن المنطقة فان المخاوف العربية من ايران التي تهدد جيرانها والمخاوف الايرانية من بلدان تستخدم الاساطيل الامريكية لارعابها. ان التشاد بين معسكر السعودية ومعسكر ايران منذ الحرب العراقية الايرانية والذي تحول بشكل تدريجي الى شكل من اشكال الحرب الباردة الاقليمية، وهي حرب انشطرت لتشمل تنظيمات وقوى ومليشيات منذ عام 2001 يمكن ان تتحول، بفعل سخونة الوضع العراقي وخطورة الخلاف اللبناني ولعب اسرائيل على حبال الخلاف في المنطقة وهروب تركيا المستمر من نار المنطقة باتجاه اوربا التي تدير وجهها عن الدولة المسلمة المؤمنة بحكم الاعدام والمستندة الى دعم العسكر، يمكن ان تتحول بفعل كل ذلك الى خطر صراعات مسلحة قد تؤدي الى حرب اقليمية مسلحة لا يمكن ايقافها. لذلك يبدو مهما جدا عدم الاستهانة بالعلاقات الجغرافية والتاريخية بين هذه الدول كونها قد تساهم في وضع لبنة اولى في طريق تفاهم عربي ايراني وعربي تركي وتركي ايراني يقلل من شدة الصراعات، ويسحب اسرائيل الى مزيد من الليونة.
#عمار_السواد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-التمرغل بدم المجاتيل-
-
اين ذهبت حكمة السعودية؟
-
هو الهنا كما هو الهكم...
-
قلبي معك يا مدينة الفقراء
-
انه الشعر.. استبد بنا فجلعنا كلمات فاغرة!!
-
الشهيد صدام حسين
-
احمرار الصورة وانقطاع الصوت
-
علاقات هامسة.. فوضى الجنس السري في مجتمع التحريم
-
جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم! .. الحلقة الأخيرة: في ال
...
-
جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم! ..الحلقة السادسة.. الدول
...
-
جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم! ..الحلقة الخامسة
-
جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم! ..الحلقة الرابعة
-
جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم..الحلقة الثالثة
-
جميعهم لوث التاريخ والقيم!.. الحلقة الثانية
-
جميعهم لوث الانسان والتاريخ والقيم!.. الحلقة الاولى
-
شروع بالقتل..شبكة الاعلام بانتظار العلاج او الموت
-
ارتدادات الاعلام العراقي..عودة وزير الاعلام
-
تبعيث الليبرالية.. قراءة في بوادر خطاب ليبرالي مقلق
-
شيعة العراق بين ايران وامريكا والعرب.. العودة الى العام 91
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|