|
الملك عقيم
كوكب السيد
الحوار المتمدن-العدد: 1852 - 2007 / 3 / 12 - 09:31
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كان حلما ان يتخلص العراق والعراقيون من الديكتاتوريه الصداميه البغيضه . وبعد أن تحقق هذا الحلم ، بتدخل خارجي وبجهد داخلي متواضع ، لكنه مؤثر ، استبشر العراقيون خيرا ، وتلمسوا آثار التغيير ، من خلال عودة الأحزاب والحركات السياسيه والدينيه إلى العمل العلني وحرية الصحف والمطبوعات ، الأذاعات ، الستلايت والأنترنيت ، وغيرها الكثير من الممارسات الديمقراطيه . وكنت ، انا شخصيا، من المتفائلين بالتغيير ، ومن الداعين إلى المساهمه الأيجابيه في العمل من اجل بناء المؤسسات الديمقراطيه وتحقيق الحلم الذي كنا ، جميعا ، نتمناه . وكان التغيير رائعا لولا الأخطاء والممارسات القاتله التي قام بها الحاكم المدني (بول بريمر) والزمره المحيطه به ، وأعتقد ان مجلس الحكم الذي تشكل بعدئذ ، كان المحاوله الأولى لتصحيح الأخطاء والتقديرات الأميركيه . ولم أكن الوحيد الذي يتمنى ان تتحسن الأوضاع وتترسخ الممارسات الديمقراطيه ، وخصوصا ، في مجتمع توالت عليه الأنظمه الديكتاتوريه منذ تأسيس الدوله العراقيه الحديثه قبل أكثر من (80) سنه ولغاية 9/4/2003 ، ولكن ( ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ) . ولم يخطر ببالي ان تكون الحريات في العراق ، بعد التغيير، مؤقته ، وأن يكون مصيرها بيد الحكام أو من يدعمهم من المرجعيات المتعدده ( دينيه ، مذهبيه ، أثنيه ، عشائريه ) ، ذلك أن الحريات تنتزعها الشعوب وتحافظ عليها وتحميها وتضحي من اجلها بالغالي والنفيس . وفي تاريخ الشعوب العديد من الأمثله . الا ان حركة التاريخ لا تسير بوتيرة واحده ، ولا إلى الامام دائما . وهذا ما حصل في الواقع العراقي ، وهو غير مخفي عن أعين المراقب الحذق . حيث نشاهد هذه الايام في العراق ، رده حقيقيه عما تحقق بعد التغيير. توحي بأن الحكام الديمقراطيين الجدد الذين انتخبتهم الجماهير ، كما يقول المثل العراقي ( عمياوي) ، بدأو بمصادرة الحريات التي تحققت ، بعد سقوط الطاغيه ، من الجماهيرالمخدوعه، فقد أسسوا ، لهذه المصادره ، منظمات ومؤسسات ونقابات واتحادات وتجمعات وأحزاب وغيرها من التسميات ظاهرها ديمقراطي مدني ، وباطنها استبدادي ايدلوجي ، هذه المنظمات تتصل بالناس عن طريق الأنتماء للدين والطائفه وليس لها علاقه بالعمل المهني او الديمقراطي ، وتحذرهم من الأستماع إلى غير المتدينين ، وتمنعهم من التعبير عما يجيش في صدورهم ،وتنعت منظمات المجتمع المدني التي لا تأتمر بأوامرهم وتوجيهاتهم بشتى النعوت ، الكفر والعلمانيه والخيانه والدعاره . كما تمنع الصحفيين من التحقيق في أي مجال من مجالات المجتمع الشعبيه والحكوميه (التحاصصيه) ، وبهذا يسجل الحكام المتدينون سابقه خطيره في الارتداد عن الديمقراطيه والحريات التي وعدوا الشعب بها ، أما هم وأتباعهم المخلصون الذين قدموا معهم من المنافي الاختياريه في دول الجوار، فان لهم مطلق الحريه ، ( وعلى عناد أنيشتاين) ، صاحب النظريه النسبيه . ما ان اطاح جيش الاحتلال بنظام الطاغيه ، وسلم مقاليد الامور للحكام العراقيين على برميل من نفط ، أقصد على طبق من ذهب ، بدعوى نشر الحريات أو الديمقراطيه في العراق أولا ، ثم في الشرق الأوسط ثانيا، وثبتت هذه الحريات في الدستور العراقي الملغم والذي لم تطبق منه اية ماده او فقره لصالح الشعب المخدوع لحد الآن . بدأت تصريحات الحكام الاسلاميين الديمقراطيين الجدد تنتشر عبر الفضائيات المذهبيه والصحف الطائفيه والأذاعات المحليه الحسينيه حول الحريات التي تحققت للعراقيين ، ويستهلون تصريحاتهم ، عادة ، بالأنجازات المهمه التي حققوها في هذا المجال ، وأولها : التجاره الحره ، فقد سمح الحكام الديمقراطيون ( كلش) للعراقيين استيراد السلع التي منعها النظام الصدامي ذو التوجه العلماني والاقتصاد الموجه والشمولي ، وخصوصا من (الجاره العزيزه ايران) ، مثل : القامات والزناجيل والدشاديش السود والغتر (جمع غتره ) والبيارق والأعلام والدمامات وغيرها من الادوات الموسيقيه التي ترافق عادة (أوركسترا) المواكب الحسينيه ، وكذلك اللافتات الجاهزه ( مخطوطه في ايران وبالخط الفارسي ) . الأمر الذي جعل الخطاطين العراقيين يلعنون الساعة السوداء التي فتحت فيها الحدود وعطلت اعمالهم . ولقد رأيت أحد الخطاطين وهويقوم بعمل ( نضالي بطولي) ، رأيته وهو يمزق اللافتات المستورده فقط . وهو ما يفتخر به الكثير من حكام العراق الجديد ، حيث كانوا يمزقون لافتات النظام الصدامي المقيت ، بعد سقوطه طبعا. كما يعدون طبخ ( اللبخه والهريسه ) من أهم الأنجازات الديمقراطيه ، ولقد سمعت احد القاده من المجلس الاعلى وهو يفتخر ويهنىء العراقيين بالسماح لهم بالطبخ ايام عاشور وصفر ، وييتساءل. أليس هذا انجازا عظيما حقا ؟؟ والأنجاز الثاني الذي حققه ( الديمقراطيون ) الجدد هو السماح وأعطاء الحريه المطلقه للأحزاب والحركات الأسلاميه بالسيطره على دور الحكومه وتسجيلها باسماء قادتهم ، والأستحواذ على بنايات المنظمات المهنيه والعماليه ، و المساجد والقاعات والنوادي الرياضيه ، بحجة ان ملكيتها تعود لحزب البعث الفاشي أو للطاغيه المقبور. أما الأنجاز الأكثر أهميه فهو السماح للعصابات والمليشيات بتهريب المنتجات النفطيه وسرقة النفط الخام لحساب القاده المتنفذين في العراق الجديد ، وقد سمعت من أحد الثقاة ، ان أحد القاده قال لأتباعه ، وهم طبعا من اتباع أهل البيت (عليهم السلام ) : ان العراق عراقنا ، خذوا ماشئتم ، هنيئا مريئا ، فهو حلال علينا وعليكم . وقد أفتى أحد الشيوخ المعممين بشأن الحواسم وقال : 50% لنا والباقي لكم حلالا بلالا . ولكي يثبت رجال الحكم في العراق الديمقراطي وعلى رأسهم (المالكي) رئيس الوزراء و(أبو كلل ) و(عبطان ) محافظ النجف ونائبه ، أحترامهم و تسامحهم وعدم تقاطعهم مع الافكار والديانات والمذاهب والمعتقدات . فقد تحاور( المالكي وأبو كلل وعبطان ) وقوات العقرب والجيش العراقي وشرطة النجف وجيش الأحتلال الأميركي من جهه ، و(أبو قمر المهدي الزركاوي ) وجند السماء من جهة أخرى . ولكي يكون الحوار متوازنا ، فقد أحضر (المالكي) سمتيات اميركيه (سماويه) . وقد أقتنع (المهدي الزركاوي) بحجة (المالكي ) الديمقراطي الدامغه والتي أفحمته وقرر الانسحاب هو و300 من اتباعه المخلصين إلى ( سرداب) جماعي في النجف الأشرف ، معترفا بخطئه في تقدير الظروف الموضوعيه والذاتيه ، وانتقد نفسه نقدا شديدا واعتذر من اتباعه وطلب منهم الأنتظار 1400 سنه قمريه اخرى حتى تمتلىء الدنيا ظلما وجورا ، ولا شك في ذلك ، وغاب . واعتبر انصار (المهدي الزركاوي ) ، هذا الانسحاب بمثابة الغيبة الكبرى وسيصبرون على البلوى حتى الظهور المبارك في آخر الزمان، في (البيضه ) او (السوده ) وربما ( الحمره) ، ويدعون في صلواتهم ، وليس في مساجدهم ومزارعهم ومعابدهم ومحافلهم فحسب ، انما في دهاليز الديمقراطيه السريه والعلنيه : ( اللهم عجل فرج المهدي الزركاوي ، اللهم وسهل مخرجه واجعلنا اللهم من اتباعه وانصاره المقربين ) لكي يملىء الدنيا قبورا جماعيه وزنازين أنفراديه. وهكذا يثبت الحكام الديمقراطيون الجدد ، عقم الملك ، ولو نازعهم على ملكهم من يدعونه في قيامهم وقعودهم ، لاقتلعوا الذي بين عينيه ، كما قال احد الخلفاء الأمويين أو العباسيين لابنه وهو يعظه .
#كوكب_السيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|