|
خياران صعبان اسرائيل امام مفرق طرق
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 1851 - 2007 / 3 / 11 - 13:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كتب المحرر الاقتصادي لصحيفة " يديعوت أحرونوت " ، سيبر بلوتسكر ، مقالا حادا وقاسيا، يكشف فيه عمق أزمة حكومة أولمرت – بيرتس وبكونها أضحت حكومة منعزلة انعزالا كاملا وشاملا عن المواطنين في اسرائيل ، ويدعو بلوتسكر الحكومة ووزرائها لتسليم المفاتيح والذهاب الى البيت ، فورا .. حتى لا ينعكس بقاء هذه الحكومة ، الفاشلة سياسيا ، والتي تلاحق رئيسها ووزرائه اتهامات بعدم الأمانة والفساد السياسي والشخصي والقصور في القيام بمهامهم الوزارية في الحرب اللبنانية الأخيرة ، سلبا على الأقتصاد الأسرائيلي الذي يشهد نهوضا اقتصاديا ممتازا . يقول بلوتسكر : " تحكم اسرائيل حكومة يرضى عنها 5% فقط من المواطنين ." ويواصل : " 3% فقط من المواطنين يعتقدون أن رئيس الحكومة أولمرت مناسب لمنصب رئاسة الحكومة ، و98% لا يثقون به ، مقابل 2% فقط يعتقدون انه محل ثقة ، ويعتقد 76% من المواطنين انه فشل في منصبه كرئيس للحكومة ". وضع وزير الدفاع عمير بيرتس ليس أفضل ، حصل على نسبة قريبة من الصفر في رضاء المواطنين عن قيامه بمهامه ، وهي نسبة أقل حتى من حاشية الخطأ الأحصائي لأستطلاعات الرأي . والذين يعتقدون أن بيرتس مناسب لرئاسة الحكومة ، لم يتجاوزوا 1% . أما مكانة وزير المالية هيرشزون فهي لا شيء .. لا وجود له في الأستطلاع لأن الجمهور غيبه !! لا نذكر وضعا مشابها لحكومات اسرائيل عبر العقود الستة الماضية . بلوتسكر يقارن وضع رئيس الحكومة الحالي ايهود أولمرت مع وضع رئيس الحكومة السابق اريئيل شارون ، الذي حصل على ثقة واسعة من الجمهور بلغت 75% وكان 65% يعتقدون أنه رئيس حكومة مناسب . الأستنتاج المهم والرئيسي الذي يصل اليه بلوتسكر هو انه توجد في اسرائيل دولتان ، دولة الحكومة المشلولة ، ودولة المواطنين التي تحقق انجازات متواصلة في الاقتصاد ، وتوسعا وامتدادا كبيرين . ويشير الى ان الحكومة الفاشلة لم تنجح بعد في تخريب الأنطلاقة الأقتصادية .. المؤسسات تربح ، مستوى الحياة يرتفع بقفزات ،التصدير ثابت ، العملة مستقرة ، التضخم المالي اختفى ، صندوق المالية وبنك اسرائيل لديهما فائض كبير في الأموال ،النمو يتجدد بكل الطاقة وفي الشهرين الأولين من عام 2007 كان للحكومة فائض في الميزانية بلغ 5.5 مليارد شيكل ، ورصيد العملات الأجنبية تجاوز مستوى ال 30 مليارد دولار ، البطالة انخفضت ، الخصخصة تنطلق للأمام ، المستثمرين الأجانب يتدفقون ، والبورصة لا تتخلف عن الركب ، ولكن حتى متى ؟! وهل من الطبيعي ان يتواصل هذا الوضع مع حكومة مأزومة وفاشلة ؟! هذا هو في الواقع المضمون الذي يطرحة بلوتسكر ، بشيء من الحيرة أيضا في تفسير هذه النهضة الأقتصادية في ظروف سلطة فاشلة ولا يثق بها الجمهور . ويطرح ما يعتبرة نقطة الضعف في هذه الطفرة التي يشهدها الأقتصاد الأسرائيلي ، ويسميها على لسان مستثمر يهودي " بالتناقض الكبير " بين وضع يواصل فيه المواطنين الأسرائيليين النقد لغياب قيادة قومية ، ووجود سلطة فاشلة وفاسدة، وبين ما يسميه "أعياد الأستثمارات والمشتريات " التي يشهدها المجتمع الأسرائيلي .. وتساءل المستثمر اليهودى ، اذا كانت دولتكم بهذا الوضع المربك وغير الواضح ، كيف يمكن ان يكون اقتصادكم بمثل هذه الانطلاقة ؟! هل يمكن لمجتمع طبيعي ان يكون غارقا بعمق بالتشاؤم السياسي وفي نفس الوقت التحليق للسماء السابعة بالتفاؤل الأقتصادي ؟ بلوتسكر يستنتج أن استمرار هذه الحالة مستحيلة ، وأن المستثمرون سيتأثرون من الأنطباع الذي بدأ يسود العالم عن الواقع الأسرائيلي . وان استطلاعا دوليا نشر في الأسبوع الأخير برزت فيه اسرائيل بأعين سكان العالم " كأكثر دولة مضرة ، بلاد منفرة ومقرفة ، أسوأ من ايران وشمال كوريا ". ويقول بلوتسكر : يخطئ كل من يظن أن تدريج اسرائيل السلبي – المتطرف في الرأي العام الدولي ، لن يؤثر على تدفق المستثمرين من الخارج . وأن واقع دولة بلا شعبية في نظر العالم وحكومة بلا شعبية في نظر سكانها ، لا يدفع أحدا للمجيء والأستثمار في اسرائيل . ويقول ان المعادلة بين حكومة في الحضيض ، واقتصاد في مد كبير لن تستمر الى وقت طويل . . وستنفجر في وجوهنا بشكل من شكلين : اما أن يبدأ الأقتصاد بالتقوقع والخراب ، أو أن تتغير الحكومة . وأن الشكل الثاني أنسب وأفضل . وأن عدم الثقة بالحكومة سيصل لأزمة عدم ثقة بالأقتصاد .
السؤال لم يعد كم تجند الحكومة من أصوات الى جانبها في الكنيست ، المستهجن انها حكومة تعتمد على قاعدة برلمانية واسعة جدا ، ومع ذلك في اسرائيل كل يوم يمر هو حقبة سياسية يحدث فيها ما لا يحدث في دولة عادية خلال عقد من السنين . اسرائيل مجتمع دمقراطي ليبرالي ،هذه حقيقة ، للجمهور حرية نقد واسعة للغاية ، والصحافة لا تتردد في "تشليح" أي مسؤول مهما كان مركزه كبيرا ، ونقده وتحويله الى مسخرة اعلامية في برامج سخرية تدخل الى امعاء المسؤولين وتمزقها . لا توجد في المجتمع الأسرائيلي بقرات مقدسة لا يجوز المساس بها . الذي يقع لا يرحمه أحد مهما كان منصبه كبيرا ، ولا ضرورة لتقديم نماذج ، لأنها نشرت في كل وسائل الاعلام الدولية . حقيقة قد تتناقض الرؤية بين الجمهور من مختلف القضايا ، ولكن لم يحدث مثل هذا الأجماع الشعبي شبه الكامل من فساد وفشل حكومة أولمرت ووزرائها . أجهزة السلطة في دولة اسرائيل تستطيع أن تدير الدولة ، وتديرها بالفعل ، بوجود حكومة أو بغيابها ، بقصور الحكومة ، او بفاعليتها . وهذا في صميم القوة التي يتمتع بها المجتمع الأسرائيلي مهما واجه من أزمات . ولكني شعرت أن ما عبر عنه المحرر الاقتصادي لصحيفة "يديعوت أحرونوت " بلوتسكر ، مليء هذه المرة بخوف حقيقي من انعكاس سلبي ليس من السهل اصلاحه بمدى قريب ، اذا لم يجر تدارك الأمر بذهاب هذه الحكومة الى البيت فورا .ويبدو أن المهم ، ليس من يجلس على كرسي رئاسة الحكومة ، وما هي افكارة السياسية والاجتماعية ، انما مدى ما يبثه من ثقة لدى الرأي العام المحلي والخارجي الدولي من طهارة اليد وعدم الوقوع في الفساد ، وتغيير الصورة السلبية عن اسرائيل في العالم ، وعدم الاعتماد فقط على مدى تغزل المرشحين الأمريكيين للرئاسة بدولة اسرائيل ، بل اضافة شيء من القطران لتنظيف الجرب السياسي والعدواني الذي ميز سياسات اسرائيل في العقود الستة الماضية . لأن الحب الأمريكي ليس تصريحا الهيا للثقة الدولية وتدفق الاستثمارات . نبيل عودة – كاتب وناقد واعلامي فلسطيني – الناصرة [email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المساواة للمرأة ودمجها بالحياة العامة قاعدتان اساسيان لبناء
...
-
تفسخ وشرذمة طائفية أم تعددية حزبية دمقراطية؟
-
حول وثيقة التصور المستقبلي للعرب في اسرائيل
-
مع الشاعر حسين مهنا في ديوانه - انا هو الشاهد -
-
مؤتمر جبهة الناصرة
-
حازم يعود هذا المساء ( رواية )
-
رؤساء مجالسنا المحلية يصطادون السمك في البحر الميت
-
مسرح الميدان في قفزة مسرحية نوعية مثيرة
-
هموم ثقافية
-
من قضايا الجماهير العربية في اسرائيل
-
عن التطبيع الثقافي ومضامينه غير الثقافية
-
الخدمة المدنية بين التشنجات الحزبية والواقع الاجتماعي
-
المبادرة السورية ،الحسابات الامريكية و- التضريط- الاسرائيلي
-
المسمار الأخير قبل الجديد الآتي
-
سياسة نووية جديدة في الشرق الاوسط
-
في الذكرى الخامسة لانطلاقة الحوار المتمدن
-
آلام ولادة لبنان الجديد
-
دروس لبنانية للشعوب العربية
-
النجار - حكاية عربية
-
عن صحة الطريق ومراجعة النفس ،وعدم تزييف التاريخ اذا اردنا حق
...
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|