|
التقارير الدوليه .. تشخص بان اليمن علي وشيك الانهيار المرتقب
محمد النعماني
(Mohammed Al Nommany)
الحوار المتمدن-العدد: 1851 - 2007 / 3 / 11 - 06:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تقارير دولية كثيرة تشخص حالة اليمن من كل الجوانب والاتجاهات، ومن خلال المعايير التي تضعها تلك التقارير الصادرة عن مؤسسات دولية معتبرة يخيل للمرء أن أياماً معدودة فقط تفصلنا عن ذلك الانهيار الوشيك والمرتقب لهذا البلد الغارق في المشاكل من كل نوع، وعلى سبيل المثال تذهب مؤسسة الشرعية الأمريكية في تشخيص الحالة اليمنية للقول أن اليمن دولة فاشلة، وتحذر من أن فشل الحكومة اليمنية في تلبية الحاجات الأساسية للشعب اليمني سيؤدي باليمن إلى أن تكون أفغانستان ثانية، وأن تصبح وكراً للإرهاب. وقال التقرير الصادر عن هذه المؤسسة: إن اليمن دولة فاشلة وغير مستقرة عسكرياً وأنها آيلة للسقوط في مستنقع الحرب الأهلية. ووضعت اليمن ضمن قائمة الدول المرشحة للتفكك والسقوط، لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، وتلك الدول هي تشاد وسيراليون والصومال وأفغانستان والعراق والسودان والكونغو وليبريا وساحل العاج. وكانت مجلة "فورين بوليسي FP" قد حذرت هي الأخرى من خطورة انهيار هذه الدول، وقالت إنها ستشهد حالة فرغ في السلطة وتؤثر على أمن الولايات المتحدة. إلى ذلك ذكر تقرير مؤسسة الشرعية الأمريكية أن اليمن يفتقد إلى السيطرة الكاملة على أراضيه ومياهه الإقليمية، كما أن الحكومة لا توفر الأمن لمواطنيها. ويضيف التقرير أن الحكومة اليمنية لا تلتزم بمعايير الحكم الصالح الفعال، وأن ظاهرة الفساد مستشرية في أجهزة الدولة وفي القضاء. وكشف التقرير عن فساد وتلاعب المسؤولين الحكوميين اليمنيين في ميزانية الدولة، واتهم التقرير الحكومة اليمنية بأنها السبب الرئيسي وراء فشل منظمة الصحة العالمية في استئصال مرض شلل الأطفال في اليمن، وقال التقرير: إن اليمن يعاني من ضغوط اجتماعية ديناميكية مثل النمو السريع لعدد السكان، وعدم المساواة الاجتماعية، ونسبة البطالة العالية، ونسبة العدوى المرتفعة لبعض الأمراض، والتي جميعها قد تؤدي مع مرور الزمن –حسب وصف التقرير- إلى تضعضع مؤسسات الدولة الرئيسية وإلى إضعاف الشعب النشيط اقتصادياً. لكن التقرير ألمح بالقول إلى أن رعايا اليمن لا يمكن أن يؤثروا على الحكومة من دون اللجوء إلى العنف، وشكك التقرير في وجود مؤسسات فعالة يمكن الاعتماد عليها في تسهيل نقل السلطة بسلام، وأخيراً أهابت مؤسسة الشرعية الأمريكية وقسم السياسة الخارجية التابع لمؤسسة كارنيج أندومينت للسلام الدولي بالدول الصناعية والولايات المتحدة على وجه الخصوص وصناع السياسة الخارجية بالحيلولة دون وقوع اليمن في الفشل الكامل وسقوطها في مستنقع الحروب الأهلية لما في ذلك من نتائج وآثار سلبية قد تلحق بالمنطقة والمجتمع الدولي بأسره. هل تسقط حكومة المؤتمر؟ للوهلة الأولى تبدو المنظمات الدولية أكثر اطلاعاً على حقيقة أوضاعنا الداخلية منا نحن القاطنين في هذا البلد الأكثر فقراً وفساداً في العالم، يعرفون طبيعة الحاكمين والمحكومين أيضاً، لكنهم غالباً ما يخرجون بنتائج لا تنسجم وطبيعة المجتمع الذي نعيشه، والتقرير الذي استعرضناه سابقاً خير دليل على ذلك، فالتنبؤ بسقوط النظام لمجرد أنه لا يلبي احتياجات مواطنيه أو لأنه غارق في الفساد، وفاشل في إدارة البلاد، يبدو قفزاً فوق الواقع من حيث ربط النتائج بالأسباب، ثم إن إسقاط المعايير الدولية للحكم الرشيد على بلد مثل اليمن والحكم من خلالها على قدرة النظام في البقاء أو السقوط والانهيار هو أشبه ما يكون بضرب الودع، ومحاولة قراءة غير موفقة للغيب، وتقديمها في قالب علمي لا تنطبق مواصفاته على البيئة اليمنية لا من قريب ولا من بعيد، فمن حيث المبدأ كل الحكومات العربية تعاني من نفس الأعراض المرضية التي تعاني منها الحكومة اليمنية، فهناك فساد لا يمكن وصفه واحتقان سياسي يكاد أن ينفجر وفشل اقتصادي لا يمكن إنكاره، وتجاوزات وقمع للحريات، وصور ديكورية لديمقراطيات زائفة، وانتهاكات موثقة لحقوق الإنسان إلى آخر القائمة الطويلة من صور الفشل والعجز في حكم الشعوب وإدارتها كما ينبغي، فهل سقطت نتيجة لذلك حكومة عربية واحدة من المحيط إلى الخليج؟! ما يحدث فعلاً على أرض الواقع أن الشعوب العربية –بما فيها اليمن بالطبع- هي التي تسقط تحت أقدام الأنظمة حينما تحاول التنفيس قليلاً عما بداخلها، شعوبنا العربية تدوسها الدبابات وتقتلها رصاصات الأنظمة، عندما تعلن عن رفضها لبعض الإجراءات السياسية هنا والاقتصادية هناك فما بالكم لو خرجت تطالب بسقوط الأنظمة وتغيير حكامها كيف سيكون حالها عند ذلك؟! ومع كل هذا الفشل والانحطاط الذي يميز أنظمتنا العربية عن غيرها فهي لا تزال جاثمة فوق صدورنا منذ عشرات السنين لم تتحول ولم تتبدل، فلماذا نتوقع سقوطها لمجرد أن زاد عدد الفقراء والداخلين لسوق البطالة، أو لمجرد حدوث زيادة في الأسعار؟! لم يحدث في تاريخ اليمن المعاصر وكذا في تاريخ العرب الحديث أن تمكنت شعوبنا العربية من إسقاط أنظمتها بنفسها، فمنذ رحيل الاستعمار عن منطقتنا العربية وتغلب أذنابه على السلطة من بعده لم نشهد حالة واحدة كان للشعب دور فيها في تثبيت نظام ما أو عزله، لقد كان التغيير دوماً –عندما يحدث- بيد العسكر وحدهم، أما الشعوب فهي مغلوبة على أمرها، أو هكذا أرادت لنفسها أن تكون. وبالتالي فإن توقع مراكز الأبحاث والدراسات والمنظمات الدولية سقوط نظام الحكم في اليمن للأسباب التي أوردها تقرير مؤسسة الشرعية الأمريكية المذكور آنفاً، هو ضرب من الخيال لانتفاء الأسباب الموضوعية المؤدية لذلك، بل إن التقرير نفسه يؤكد على أن رعايا اليمن (الشعب) لا يمكن أن يؤثروا على الحكومة من دون اللجوء إلى العنف، وفي نفس الوقت يشكك التقرير في وجود مؤسسات مدنية يمكن الاعتماد عليها في تسهيل انتقال السلطة وتداولها سلمياً، وهذا اعتراف واضح من المؤسسات الدولية بعدم أهلية المواطن اليمني أو قواه الوطنية والمدنية والحزبية للنهوض بواجب التغيير في هذا البلد فكيف إذاً سيسقط النظام، ومن سيقوم بالمهمة؟ ثم إن وضع عدد من الاحتمالات المستقبلية لما يمكن توقعه في هذا البلد مثل سقوطه أو تحوله إلى وكر للإرهاب أو نشوب حرب أهلية فيه لا يستند في الحقيقة إلى رؤية فاحصة وتفهم لحقيقة الأوضاع في هذا البلد، وكيف يفكر الناس هنا وكيف يتصرفون، ويبدو أن المنظمات الدولية المعنية بإصدار تلك التقارير تفترض مسبقاً أن المجتمعات البشرية هي حالة واحدة متطابقة في طول العالم وعرضه، وما يجري على المجتمعات في شرق أوروبا وجنوب شرق آسيا يمكن أن يتكرر في منطقة الشرق الأوسط وجزيرة العرب وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة وواقع الحال. لذلك نقول إن النظام اليمني لا يمكن توقع سقوطه حتى على المدى البعيد وإنما هناك احتمال حدوث تغيير فيه مع بقاء الوضع كما هو عليه، بمعنى حصول تغيير في الوجوه فقط، أما في البنية والأساس والهيكلية فلا توجد مؤشرات حقيقة على ذلك، وما نراه من ثورة الجياع في بعض الأحيان هو مشهد متكرر منذ منتصف التسعينيات وحتى اليوم، إنه مجرد رد فعل طبيعي (مؤقت) نتيجة وضع سيء لا يلبث أن يصبح مقبولاً مع مرور الوقت ولا يعول عليه شيء، أما القوى المناط بها إحداث التغيير المطلوب فهي غارقة في مشاكلها وغير مهيأة لهذا الفعل ولا تريد المغامرة بمستقبلها السياسي لأهداف غير مضمونة، وعليه يبقى الوضع كما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء!.
#محمد_النعماني (هاشتاغ)
Mohammed__Al_Nommany#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علاقه اليمن بالكويت تميزت بالاحترام و45 عاما من التعاون
-
اليمن ومجلس التعاون الخليجي
-
نعلنها صراحه
-
صباح الخير يا موسكو البرد قاسي والدفئ صادق
-
ليون تروتسكي قصه حياة وموت متيرة
-
نعم يا صديقي لسنا -طوائف- لكن الرئيس يهوى التجريب
-
فخ الدحبشه
-
الرئيس اليمني علي عبدالله صالح والإخوان المسلمين في اليمن ال
...
-
تحولا في الاقتصاد الروسي ؟؟
-
اليمن .. تاريخ ضائع في ملفات المخابرات الأجنبية
-
الازمه الروسية البيلوروسية حول الغازوالنفط :...... بدايه الن
...
-
روسيا..... انتقادات واسعه للاستراتيجية الأمريكية الجديدة
-
حوار مع الدكتور محمد النعماني
-
الشرق الأوسط أكبر مستورد للسلاح في العالم
-
كل عام وأنت بخير يا وطني
-
تقرير وحدة الاستخبارات الاقتصاديةعن اليمن -
-
عشق اباد بعد وفاة الرئيس صابر مراد نيازوف الي اين ؟
-
ملخص كامل لندوة - الصحافة في اليمن أفق يتسع أم هامش يضيق
-
المشكلة الأساسية في الانتخابات اليمنية هي -استخدام المال وال
...
-
صراع السلطه في روسيا
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|