أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - رسميه محمد - التحالفات السياسية وافاق البديل الديمقراطي















المزيد.....


التحالفات السياسية وافاق البديل الديمقراطي


رسميه محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1850 - 2007 / 3 / 10 - 13:15
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


1. المقدمة
ربما لايوجد موضوع أكثر تعقيدا وحساسية من موضوع التحالفات في سياسة الاحزاب الشيوعية, فهذه السياسة تحتاج الى دقة متناهية في تشخيص الواقع الموضوعي الملموس الذي يعمل في اطاره الشيوعيون. الفكر الماركسي هو في جذوره وأسسه يؤكد ويشدد على ضرورة اقامة التحالف وتجنب الانعزال. كتب ماركس ( نقد برنامج جوته) في عام 1875 وهذا البحث كان عبارة عن ملاحظات انتقادية على مشروع برنامج حزب العمال الالماني الموحد. فقد كان المشروع يتضمن اخطاء خطيرة وتنازلات مبدئية في صالح اللاسالية. ومن ضمن انتقاداته هو اقرار مشروع البرنامج المذكور جملة لاسال الطنانة ولكنها الخاطئة , القائلة بأنه ازاء الطبقة العاملة , لاتشكل جميع الطبقات الاخرى سوى كتلة رجعية واحدة(1). لقد كان ماركس يحدد المهمة الاساسية لتكتيك البروليتارية بالتوافق الدقيق مع جميع مقدمات مفهومه المادي – الديالكتيكي.وقد وجه ماركس كل انتباهه فيما يتعلق بتكتيك البروليتاريا الاشتراكية الى تطوير طاقة الفلاحين الديمقراطية . وكان يعتبر موقف لاسال هو موضوعيا خيانة للحركة العمالية في صالح بروسيا ( المجلد الثالث صفحه 210)(2). وانطلاقا من منهجه المادي الجدلي رأى ماركس أن حسبان الحساب بشكل موضوعي لمجموع العلاقات بين جميع الطبقات في مجتمع معين دون استثناء وبالتالي حسبان الحساب للدرجة الموضوعية لتطور هذا المجتمع والعلاقات بينه وبين سائر المجتمعات يمكن له وحده ان يكون أساسا لتكتيك صحيح للطبقة المتقدمة. أن تفسير الماركسيين لوجود أحزاب سياسية مختلفة ومتنافسة يكمن أساسا في البنية الاقتصادية للمجتمع , فتظهر الاحزاب السياسية الى حيز الوجود وتجتذب الدعم وتواصل وظيفتها كممثلة لمصالح طبقية . مايجب التأكيد عليه هو أن نقطة البدئ الرئيسية في تحليل الاحزاب السياسية وبالتالي اقامة التحالفات معها- يجب أن تكون التركيب الطبقي للمجتمع المعني . فالعمل الجبهوي يبرز كأداة رئيسية لابد منها لعملية التغيير والسير قدما نحو الهدف النهائي , والتحليل الطبقي الدقيق للمجتمع يدل الحزب على تشخيص القوى المؤيدة والقوى المضادة وبالتالي التحديد الصحيح لامكانيات التعاون مع هذه القوى او تلك واقامة التحالف معها على هذا الاساس.. يشير المفكر الشهيد مهدي عامل ان من اهم اسباب فشل الطبقة العاملة في ثورة 1848 وفي ثورة 1871 في فرنسا , او في ثورة 1905 في روسيا او في السيرورة الثورية في تشيلي ابان حكم الليندي انها لم تتمكن في ممارسات صراعها الطبقي , من اقامة التحالف الطبقي الضروري مع تلك الفئات والطبقات الاجتماعية التي هي معها في طرف واحد من التناقض السياسي ... لذا نرى الطبقة المسيطرة تلجا دوما , في ممارسة صراعها الطبقي , الى شتى الوسائل لمنع الطبقات الخاضعة لسيطرتها من الالتقاء في تحالف طبقي واحد ضدها(3). وينبغي الاشارة هنا الى ضرورة التفريق بين مفهومين للتحالفات مفهوم التحالف السياسي ومفهوم التحالف الاجتماعي الطبقي. التحالف السياسي هو التحالف الذي تشترطه الوقائع والمهام الفعلية في اللحظة التاريخية المحددة و أما التحالف الاجتماعي الطبقي فيقوم على أساس الاهداف والمصالح الطبقية التي يتوجب تحقيقها وتطويرها, وضع برامج سياسية تهدف الى تحقيق مكاسب جديدة لصالح القوى الطبقية المؤتلفة. اهم المبادئ التي يستند اليها الحزب الشيوعي في هذه التحالفات أولا مبدا الاستقلال الفكري والسياسي والتنظيمي لكل طرف في التحالف . ثانيا مفهومه للتحالف يقوم على اساس الوحدة والصراع, ثالثا أن لايكون التحالف فوقيا فقط بحيث يسهل انفراطه, بل أن تكون له امتداداته القاعدية.. رابعا أن عقد التحالفات تستوجب المساومات والتنازلات التي يشترطها ظرف معين أو هدف معين لكن الماركسية تميز بين نوعين من المساومة فهناك مساومات جائزة ومساومات غير جائزة . المساومة الجائزة هي المساومة التي تفرضها الظروف الموضوعية والتي لاتنتقص بأي مقدار من الاخلاص الثوري والاستعداد للمضي في النضال من جانب العمال الذين أقدموا على مثل هذه المساومة , أما المساومة غير الجائزة أي الخيانية فهي مساومة الخونة الذين يلقون على العلل الموضوعية جريرة أنانيتهم وجريرة جبنهم ورغبتهم في التزلف الى الرأسماليين ووهنهم ازاء التهويل , واحيانا ازاء الاقناع, واحيانا ازاء الصدقات , واحيانا ازاء مداهنات الرأسماليين. وقد انتقد انجلس الشعار الذي طرحه اتباع بلانكي المتطرفين اليساريين ( لامساومة أبدا), وكتب قائلا- ان الشيوعيين الالمان هم شيوعيون لانهم من خلال جميع المحطات الانتقالية والمساومات التي لم ينشؤها هم بل أنشأها مجرى التطور التاريخي , يرون الهدف النهائي بوضوح ويقتفونه بأستمرار. أما البلانكيون فهم شيوعيون لانهم يتصورون أنهم ماداموا يريدون القفز من فوق المحطات الانتقالية والمساومات, فأن الامور ستكون على مايرام .—ويؤكد انجلس انها لسذاجة صبيانية أن يجعل المرء من جزعه الشخصي برهانا نظريا( ف انجلس برنامج الكومونيين البلانكيين)(4)
أولا/ العوامل المعوقة للتحالفات السياسية الوطنية في الظرف الراهن. 1- العوامل الدولية والاقليمية.... في ظل الظروف الجديدة نجد ان استراتيجيات القوى التي تتواكب مصالحها والعولمة , وفي مقدمتها الولايات المتحدة , انما تستهدف تحقيق مجموعة من الاهداف , يأتي على رأسها اثنان متكاملان, هما تعميق العولمة الاقتصادية, أي سيادة السوق عالميا وتدمير قدرة الدول والقوميات والشعوب على المقاومة السياسية ... الامر الذي يتطلب بدوره تفكيك القوى السياسية الى أقصى حد ممكن, حتى يكاد يكون مرادفا لتدمير سلطة الدولة تدميرا كاملا , عبر تفجير الدولة الوطنية لصالح جماعات أخرى تحت أو فوق وطنية , ومن خلال تشجيع الاحساس بالتضامن الاثني أو الديني , حقيقيا كان هذا التضامن أو وهميا. فالأمثل بالنسبة الى الاستعمار الحديث هو وضع يتسم بتلاشي سلطات جميع الدول حتى تنفرد الولايات المتحدة بالتحكم عالميا. (5)علما بأن التفتيت المحقق يفرغ الديمقراطية من مضمونها ويجعلها عاجزة أمام اليات السوق وهو المقصود . هكذا يوظف خطاب الخصوصية لصالح المشروع الاستعماري الامريكي., لقد باتت الولايات المتحدة ترى أن نظام التجزئة العربية , السابق, لم يعد يلبي حاجات المتغيرات الدولية الراهنة , وانه لم يعد يتناسب مع مسار العولمة والتكتلات الكبرى ومتطلبات الشركات ( الدولية النشاط) , أو المتعددة الجنسيات حسب الاصطلاح الشائع, . فقد أدركت الولايات المتحدة ضرورة أعادة هيكلة المنطقة بما يتناسب مع هذه المتغيرات, ويمكنهامن التحكم بأفق التوجهات السياسية والاقتصادية للمنطقة ... وبالتالي التركيز على انشاء نظام اقليمي جديد تستكمل في اطاره تسوية الصراع بين العرب واسرائيل ,وتهيأ الفرصة لاسرائيل لان تتحول عضو طبيعيا في المنظومة الشرق أوسطية وفق صياغاتها الجديدة. هذا يعني أن النظام الاقليمي الجديد , في الشرق الاوسط لن يتشكل على صورة التسوية , بل أن هذه الاخيرة ستكون مرأة له(6).ويشكل الاحتلال الامريكي للعراق – في ابعاده المختلفة بما في ذلك البعد النفطي منها- حلقة اساسية في تنفيذ التوجهات الاستراتيجية الامريكية الجديدة . الصراع من اجل اعادة بناء النظام الاقليمي تدور رحاها على الساحة العراقية من خلال القوى السياسية ذات الامتدادات اقليمية / دولية وحماية دولية. المعركة السياسية بين القوى المتناحرة تتمحور حول استراتيجيتين في الصراع الدولي /الاقليمي وامتدادهما العراقي—
الاولى / أمريكية يمكن تلخيصها بشعار شرق أوشط جديد والثانية ايرانية ويمكن تلخيصها بشعار الهلال الشيعي.وهكذا نجد ان العراق يعيش في اللحظة الراهنة أزمة عامة واصبح موضوع الحرب الاهلية وتقسيم العراق مطروحا على نحو شديد نتيجة التداخل الحاصل في القضية العراقية ببعدها الداخلي مع البعدين الاقليمي والدولي والتأثير المتبادل بينهما.
2- سمات العقلية السياسية الحزبية....لقد بدأت العملية السياسية الحزبية منذ نشؤها مشتتة متصارعة وقامت منذ تشكل نواتها الاولى على الافتراق بين الفكر والممارسة. ان عدم ايلاء النظرية الاهمية التي تستحقها , قد انعكس على العمل السياسي وعلى العلاقة بين السياسي والفكري , وتفريعا على العلاقة بين الثقافي والسياسي. ان توصل القوى السياسية الى صيغ عمل مشتركة لايعني ذلك انتفاء التناقض بين القوى , ويجب ان لايؤدي الى اخضاع الفكري الى مستلزمات العمل السياسي اليومي او مبرراته.وان لايحجب نقاط الخلاف, لكن مايحصل غالبا أن السياسي عندما يريد اخضاع الفكري –الثقافي لخدمة العمل السياسي اليومي , والى تبرير الصيغ القائمة والدفاع عنها , ولذلك يفقد الفكري- الثقافي دوره وتميزه, ويصبح تابعا وليس شريكاأو ناقدا.ونظرا لانعدام الجو الديمقراطي , فأن الرأي الاخر المختلف يتعرض للتشويه والقمع والتحريم , ومن شأن هذا أن يحد من الحوار الداخلي أو ان يلغيه , وبالتالي يسود الرأي الواحد , وهو رأي صاحب القرار ويخضع الفكر والفكري –الثقافي الى صاحب القرار السياسي ويصبح أداة بيده. وفي ظل هذا المناخ المسيطر على كافة المستويات , في المجتمع , وبين أطراف التحالف , وداخل المؤسسة الحزبية الواحدة , فأن العوامل السلبية المشار اليها تلعب دورا فارضا لشروط جديدة تلائم قناعاتها أو مصالحها , وهذا مايتيح للقوى المتحكمة في التحالف أن تبقى وحدها صاحبة القرار , دون أن تخشى النتائج , ودون أن تطور هذه الصيغة , كل ذلك يجعل الامور تتشابك الى درحة يصعب معها الوصول الى الشئ المشترك . هذه هي صيغة التحالفات في بلادنا طوال الفترات الماضية , والان أصبح الوضع أسوأ من اي فترة سابقة, فالتعصب بلغ اعلى مراحله وكأنه الوسيلة الاخيرة للدفاع عن النفس وعن المصالح. وهكذا اصبح الانهيار والتأكل وانسداد الافاق والمجازر الدموية بين الاخوة من ملامح وميزات الوضع العراقي الراهن. 3-انقسام التشكيلة السياسية على اساس طائفي واثني(باستثناء الاحزاب الديمقراطية).. ان انقسام التشكيلة السياسية على اساس طائفي واثني لايمكن ان يؤسس لاقامة تحالفات سياسية وطنية تهدف لاقامة دولة وطنية ومجتمع مدني. فالطائفية السياسية هي شكل من أشكال العصبية , وبوصفها شكلا من أشكال العصبية تسعى لتصبح شكلا من أشكال عصبية الدولة . لذا فان مايسمى حاليا بالعملية السياسية الديمقراطية في العراق , هي في الحقيقة ديمقراطية تنوع طائفي واثني وليست ديمقراطية بمفهومها السياسي العلمي,علما ان هذا التنوع لايخلق توازن طائفي بل هيمني والبديل من هيمنة طائفية هو هيمنة طائفية اخرى(7).4- ارتهان اغلبية الاحزاب السياسية لجهات خارجية دولية واقليمية لها اجندتها الخاصة في العراق, وهذا عامل معوق ايضا لوحدة القوى الوطنية على اساس برنامج وطني مشترك.تلخيصا يمكن القول ان التعويل على السلطة السياسية الحالية بتحقيق البرنامج الوطني الديمقراطي يمكن اعتباره جري وراء السراب ...



ثانيا/ المشاريع المطروحة وموقف الاحزاب السياسية منها. ... 1- المشروع السائد وهو مشروع اللحاق في اطار الراسمالية وقبول شروط الانخراط الاقتصادية العالمية , وهذا المشروع تتبناه الاحزاب الليبرالية والاحزاب القومية/ الليبرالية . 2- مشروع الاسلام هو الحل- المشروع الذي تتبناه حركات الاسلام السياسي بكل تنظيماتها, وهو اتجاه رفض بحت لايقدم دليلا ايجابيا على مستوى تحديات العالمية , فالمشروع الذي تتبناه هذه الحركة يقوم على ثلاثة أعمدة هي أولا/ الغاء الديمقراطيةالتي لم تتجاوز الى الان حدود الديمقراطية الليبرالية المزعومة المقصرة والمرتبطة بالكومبرادورية الفاسدة . ثانيا/ احلال خطاب ايديولوجي شمولي محلها من صنف رخيص يرسي في نهاية المطاف في فرض خضوع شكلي لطقوس دينية لاغير. ثالثا/ قبول الانفتاح الكومبرادوري الشامل على الصعيد الاقتصادي.. , فهو مشروع يجمع بين الاسوء اي قبول العالمية الراسمالية في مجال الاقتصاد ( اي بمعنى اخر قبول الاستلاب السلعي في الداخل والتبعية على الصعيد الدولي ), وبين تاكيد الخصوصية الثقافية والدينية والاثنية الموروثة من الماضي في المجالات الاخرى ( اي رفض القيم التي انتجتها الرأسمالية من حرية وديمقراطية. . يشير سمير امين ان خطاب الثقافوية( اي الخصوصية الثقافية) , يخدم اهداف الاستعمار , لان تضخيم الاختلاف يكون مفيدا , طالما ان الاعتراف بالاختلاف يرافق تنازل ضحايا النظام عن طموحاتهم في مجالات الديمقراطية والحرية والمساواة واحلال قيم خصوصية مزعومة محلها , تؤدي دائما الى ان تكون مضادة للاولى – هكذا يستبطن الضحايا موقعهم المرؤوس , الامر الذي يتيح استمرار الاستقطاب دون ان يتصدى لعائق يذكر , فالخطابان الاستعماري والثقافوي يسيران جنبا الى جنب دون تناقض بينهما . و يشكك امين في نظم الحكم الكومبرادورية( الليبرالية) العربية التي تدعي ان هدفها هو السير في سياسات انفتاح تتطلع الى مضاهاة تجارب بلدان اسيا وامريكا اللاتينية , ويؤكد ان هذا الخطاب يفقد صدقيته , اذ ان انجاز هذا الهدف يتطلب قدرة على فرض مواقف مستقلة على الطرف الاستعماري وان هذا الشرط غائب تماما . وينتقد امين القوى اليسارية التي تعول على الاتجاه المعتدل في الاسلام السياسي باعتبار ان الاتجاهين يحملان ذات الايديولوجية اي الغاء الديمقراطية واقامة نظام شمولي باسم الدين والانفتاح الاقتصادي الرخيص(8) .3- المشروع الوطني الديمقراطي- وهو المشروع المستقبلي الوحيد المنشود والواقعي في أن واحد. ويتلخص هذا المشروع في تكملة ما بدأت الرأسمالية في تحقيقه وتجاوز التناقضات التي تمنع منطق الرأسمالية من ان تواصل التقدم وتتبنى هذا المشروع القوى اليسارية والديمقراطية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي. تلخيصا يمكن الاستنتاج, ان الاحزاب اللاعبة الان على الساحة السياسية العراقية بكافة اتجاهاتها( باستثناء الحزب الشيوعي والاحزاب الديمقراطيةالاخرى), الاسلامية واليبرالية والقومية لاتحمل مشروع المستقبل البديل وان الصراعات بينها هو في واقع الامر صراع على السلطة والنفوذ وليس على طريق التوجه. لذلك ايضا لايمانع الاستعمار في ان تحكم هذه المنطقة من خلال هؤلاء او أولئك ,بل يقضل ان تحل نظم اسلامية محل النظم الحاكمة اذا لزم الامر, اذ ان هذه النظم الاسلامية المزعومة لن تشكل خطرا الا على عملية التطور و التقدم الاجتماعي. - أفاق البديل الديمقراطي ينبغي الاشارة أولا هو انه لاتوجد حالياأرضيات حقيقية لوجود مشروع وطني ديمقراطي, بل يمكن القول ان هناك مهام أنية ومستقبلية محددة فقط تشكل قواسم مشتركة بين قوى التيار الديمقراطي, فتحقيق الديمقراطية يستلزم وجود قوى منتجة شعبية تساهم في أخذ القرارعلى جميع المستويات, وذلك لان قوانين السوق من تلقاء نفسها متروكة لعملها ومنطقها دون تحديد , لابد ان تنتج في ظروفنا مزيدا من الاستقطاب الداخلي أي ابعاد فئات واسعة من الجماهير وتهميشها اقتصاديا واجتماعيا.ان واقع البطالة التي يعيشها بلدنا اضافة الى ان الاغلبية العاملة لاتنخرط في مؤسسات انتاجية بل في الاعمال ذات الطابع الموسمي وهذه الاوضاع تغذي ما اسماه سمير امين انفتاح الفقراء الى جانب انفتاح الكومبرادور, وبالتالي تهيئ الجماهير لقبول مبدأ سيادة السوق, كما تغذي الحلول الفردية لتحل محل العمل الجماعي,هذا فضلا عن غياب القوى الديمقراطية الفاعلة والمؤثرة... هذه الاوضاع هي المسؤولة عن هجرة النضال من ارضية الواقع الاجتماعي الغائبة الى سماوات البديل المطلق ذي الطابع الثقافوي أو الديني. ماهو الحل اذا وكيف يتسنى الخروج من الازمة- لن يخرج الوطن من هذه الازمة الا اذا تكون قطب ثالث قوى موجود فعلا في الساحة , مستقل تماما عن الاقطاب الاخرى , نحن اذا امام تحدي تاريخي يستوجب تجديد اليسار أو اعادة تكوينه فاعادة تكوين اليسار وبناء كتلة شعبية ديمقراطية يمثل ركنا اساسيا في عودة بلدنا الى مسرح التاريخ واستعادته طابع الفاعل على هذا المسرح. ان المشاركة السياسية في الحكم لاتكون ذات فاعلية بدون وجود قوة اجتماعية شعبية ديمقراطية تستطيع ان تفرض نفسها على القوى الاخرى الداخلية والخارجية. اذا ان اعادة بناء القوى الشعبية هي نقطة الانطلاق الضرورية التي لامفر منها . ولكن كيف السبيل لتحقيق ذلك- لا شك أن عملية اعادة تكوين اليسار تستوجب عملا طويل النفس على جميع المستويات, يقف في مقدمتها أولا/ تحديد الاسس الفكرية وسمات المشروع المجتمعي المطروح كهدف تاريخي(9), وهذا يتطلب.. 1- نقد ذاتي لمواقف اليسار السابقة والتي ساهمت في تهميشه واضعافه وتشتته . 2- تطوير الفكر الماركسي بما يتناسب مع متغيرات العصر, خصوصا اننا نعيش مرحلة جديدة اصبح للافكار فيها دور اكثر عمقا في ظل مايتسم به العصر من تطور في العلوم والتكنولوجيا وفي وسائل المعرفة ووسائل الاتصالات ,وفي ظل الحاجة المتزايدة الى التحرر من المخاطر الناجمة عن انفلات الرأسمال المعولم من عقاله وسعيه لتوحيد العالم بقوة السلاح والمال والتكنولوجيا, تحت سيطرته وتتمثل الاخطار الناتجة عن هذه الظاهرة كما يشير كريم مروه في ثلاثة .. الخطر الاول هو ماتفرزه العولمة من ظاهرات تكاد تصبح من سمات الحقبة التي تمتد منذ عقدين.. وابرز هذه الظاهرات اثنان .. الاولى تتمثل في الحروب الاهلية المفتعلة في معضمها والثانية تتمثل في النزعات العرقية والدينية والقبليةالتي تخاض باسم الدفاع عن الهويات وهي ظاهرات ولدتها الايديولوجية الجديدة للعولمة المتمثلة ببدعة صراع الحضارات,اذ أن القوى الرأسمالية المهيمنة, انما تستفيد من الافكار والمشاريع وانماط السلوك المتخلفة لابقاء البلدان المتخلفة في تخلفها ,ولاغراقها في صراعات مدمرة فيما بينها, على اساس ديني ومذهبي وقبلي وقومي واثني. وهي صراعات لاتنتهي الابتفكك هذه البلدان وضياع الهوية ذاتها التي جرى الصراع من اجل الحفاظ عليها. الخطر الثاني هو ماتقود اليه وتعمقه الفجوة الهائلة بين اغنياء العالم وفقرائه والتي تتمثل اليوم بالديون من جهة وبالفقر وبالمجاعات وحالات اخرى تستعصي قدرة البشر عموما وقدرة البلدان المتخلفة خصوصا على التحكم بها. الخطر الثالث هو الاستخدام المفرط من قبل ارباب العولمة الراسمالية المتوحشة للمنجزات العلمية والتكنولوجية في تكديس الربح على حساب كل شيئ ويدخل في هذا المجال بالذات تشويه القيم الانسانية وتهميشها , والغاء المعايير التي تقاس بها الاشياء(10).. ثانيا/ لاشك ان تبلور السمات الجديدة للنظام العالمي قد ادى الى تأكل تدريجي لوسائل وادوات نضال اليسار التقليدية حتى اصبحت هذه الوسائل والادوات النضالية دون فاعلية , ومسؤولة عن تخلفه في التجديد والتكيف لشروط النضال الجديدة لذا تبرز مهمة بناء ادوات عمل جديدة متناسبة مع هذه المتغيرات, ادوات عمل غير الادوات الحزبية التقليدية أي ان لايكون العمل الحزبي هو السبيل الوحيد , بل ان تدخل الخارطة السياسية تنظيمات اهلية مدنية مستقلة, سماها بعض الكتاب والباحثين جماعات ضغط لاتكون في مواجهة الاحزاب بل في موازاتها وفي تكامل معها بل ومن الممكن ان تشكل سندا للاحزاب , لكن مجال عملها ليس السياسة بل هو الارضية التي تسمح ببناء حياة سياسية صحية , وان تضع في مقدمة مهامها تأكيد الحريات الفردية وترسيخها كأساس لاي تحول ديمقراطي , لاشك ان هناك ضرورة للتعاون وللحس الجماعي , لكن أحدا لايستطيع ان يقدم شيئا للمجموع اذا لم يكن محترما كفرد ودون ان يشعر بكيانه وان هناك اثر لفعله الفردي , وتوفر الحريات الشخصية للفرد مساحة خاصة يعبر فيها عن ذاتيته فيستطيع ان يساهم في العمل العام ويضحي في سبيل المجموع دون ان دون ان يلغي ذاته ودون تضحيات غير ضرورية تشككه بجدوى هذا العمل, لكن تبقى العقدة الاهم هو كفائة الادارة / القيادة لهذه الجماعات وفهمها لدورها ولافاق عملها...ان هذه الافكار ضرورية لانها تعطي الحرية للابداع الفكري والاختلاف دون تخوين او تكفير.وبذلك تهيأ الارضية الاجتماعية الثقافية للتصدي للمهام الكبرى المجتمعية(11). الاستنتاجات
1 ان المسؤولية الوطنية تتطلب من القوى الديمقراطية احزابا وتجمعات وافرادا تجاوز شرذمتها وتشتتهاو توحيد جهودها وشحذ طاقاتها في تشكيل حركة شعبية ديمقراطية وراء مشروع للتغيير الديمقراطي واقعي عقلاني وملموس يستجيب لمطالب اوسع فئات المجتمع والكف عن التعويل على قوى سياسية لاتمتلك مقومات النهوض بالمهمات التاريخية المطروحة عليها, فالمشكلة لاتكمن بالدرجة الاولى عند الناس بل عند العاجزين عن تشخيص هموم الناس والتعبير عنها.
. 2- لن يكون هناك حل للازمة الطاحنة التي يمر بها عالمنا الا بتحشيد قوى جميع المتضررين من النظام العالمي الجديد في كتلة تاريخية اجتماعية مضادة للعولمة الرأسمالية المتوحشة اي لابد من التحرر من الكولنيالية العمومية ومن وصفات الليبرالية , والاتجاهات الفوضوية المناهضة لها . فذلك وحده هو الذي يؤسس لنشوءعولمة من نوع اخر ,نقيض لعولمة الرأسمال, عولمة تسير في الاتجاه التاريخي لتوحيد العالم على اسس جديدة انسانية متحررة من كل انواع العبوديات.. .......
المصادر
1- ماركس/ نقد برنامج غوته ص 23 2- ماركس / المجلد الثالث ص210

3- مهدي عامل/ في تمرحل التاريخ ص 84 4- انجلس برنامج الكومونيون- الموسوعة الماركسية 5- سمير أمين/ في مواجهة ازمة عصرنا ص 8 6- العولمة والتغيرات المجتمعية/ ص140 7- نحو تجديد المشروع ااشتراكي ص449 8- سمير امين/ في مواجهة ازمة عصرنا ص284 9- مصدر سابق - 10- كريم مروه/ كريم مروه يتذكر..ص390 11-مجلة الطريق اللبنانيةعدد/5ص57








#رسميه_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة الامريكية واوهام الجري وراء السراب
- الصراع الفكري واشكالياته الراهنة
- الطائفية ودورها المعوق لعملية التحول الديمقراطي
- العنف القانوني ضد المرأة ودور التشريع المدني في حمايتها
- الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي/ حاجة شعبية أم ...
- المرأة العراقية والدستور الجديد
- العولمة الرأسمالية تنين ذو مئة رأس - رسملة المنظمات الجماهير ...
- المرأة العاملة ركيزة تحرر في عصر العولمة
- المرأة العراقية والتجربة الانتخابية
- مشاركة المرأة في العملية الانتخابية خطوة على طريق تطورها الا ...
- تجديد اليسار والاشتراكية وافاقهما المستقبلية
- أزمة القوى اليسارية والديمقراطية وعلاقتها بالتجربة الاشتراكي ...
- لا لتطبيع مع اسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني واستقرار ...
- موضوعات للنقاش بشأن مشاركة المرأة في عملية التنمية
- الحزب الشيوعي العراقي وقضية تحرير المرأة
- الاسلام السياسي الاصولي كنقيض للحداثة والتطور والديمقراطية
- اقصاء المرأة من الحياة السياسية هل هو اسلام أم تأسلم
- جدوى واهمية التنظيم النسوي
- العلاقة الجدلية بين الثقافة والسياسة
- فهد وتربية الملاكات الحزبية


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - رسميه محمد - التحالفات السياسية وافاق البديل الديمقراطي