احمد سالم
الحوار المتمدن-العدد: 1850 - 2007 / 3 / 10 - 13:02
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
تعد مشكلة البطالة من المشاكل المتراكمة والتي كرستها قوانين ما بعد تغيير نظام البعث والتي لم تتخذ الحكومات التي توالت بعد 9/4/2003 أي إجراءات حقيقية لتحجيمها رغم خطورتها التي لا تخفى على الجميع , اذ ان الحكومة حاولت بما أسمته ( ضمان البطالة). والذي انتزع بعد العديد من التظاهرات والاعتصامات والضحايا التي قدمها العاطلين عن العمل في كل العراق من أقصاه الى أقصاه والعديد من المفاوضات التي أجراها اتحادهم المركزي مع وزاره العمل والشؤون الاجتماعية من اجل هذا الضمان, والذي لا يشكل بحقيقته لا طموحا للاتحاد ولا ضمانا حقيقيا للإنسان في العراق 0 حاولت الحكومة بهذا الضمان ان تجمل وجه البطالة المستفحلة من خلال مبالغ لازالت تضع العاطل عن العمل تحت خط الفقر والذي حدد من قبل المنظمات المعنية ب (2 دولار ) يوميا للفرد الواحد , مما يعني ان العائلة المكونة من خمسة أفراد من المفروض ان تتقاضى راتبا قدره (300 دولار ) كي يبقوا في خط الفقر دون عبوره0 في حين ان وزارة العمل تمنح هذه الأسر معونات هي ( 110000الف دينار ) شهريا0 ولنا ان نتخيل حجم الفقر الذي يعيشه الإنسان العاطل والذي أكده تقرير الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان في العراق ،الذي صدر في 31 آب أغسطس 2006 ،في إشارته إلى أن نسبة البطالة قد ارتفعت بشكل كبير في العراق ,وأن أكثر من (70% ) من الشعب العراقي يعيشون تحت خط الفقر 0 و تذكر إحصاءات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية المعلنة ان نسبة الفقر في العراق بلغت حوالي 42% من إجمالي عدد سكان العراق0 فيما حاول وزير حقوق الإنسان في تصريحه لوسائل الإعلام يوم الثلاثاء 20/2/2007 ان يجمل الصورة حيث ذكر ان ثلث العراق يعيشون دون حد الفقر 0 وأكدت وزارة التخطيط ان نسبة البطالة حسب تقديرات البنك الدولي هي أكثر من 50 % اي أكثر من 10 ملايين انسان0 ويتبين لنا خطر هذا الرقم اذا ما علمنا ان الأمم المتحدة ذكرت في تقريرها ما نصه (( ارتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون في الفقر المدقع في العالم الى 200 مليون نسمة في السنوات الخمس الأخيرة، وذلك بشكلٍ أساسي في جنوب الصحراء الأفريقية وآسيا الوسطى وأوروبا الشرقية وجنوب شرق آسيا))0 أي ان فقراء العراق يشكلون 5% من فقراء العالم 0 وتذكر الإحصائيات ان محافظة ذي قار تتصدر محافظات العراق كعادتها في نسب البطالة بعد محافظة بغداد حيث يشكل العاطلون عن العمل في الناصرية ما نسبته 64 % من السكان حسب الإحصائيات الحكومية في حين تجاوزت النسبة ال 85% من القوى العاملة حسب إحصائيات اتحاد العاطلين عن العمل في الناصرية, ويأتي هذا التفاوت في النسب بسبب إغفال الإحصائيات الحكومية لربات البيوت بوصفهن عاطلات عن العمل والى ان نسبة البطالة تقاس بالنسبة الى مجموع القادرين على العمل وليس الى عدد السكان0 وفي ذات الوقت ترك الدستور العراقي قضية البطالة تحت رحمة عبارات فضفاضة عرضة لتأويل المسئولين ورهن بمزاجيتهم, اذ لم يتطرق الى نسبة هذا الضمان من الحد الأدنى للأجور او مدى المرونة التي ينبغي ان يتمتع بها مع ارتفاع او انخفاض أسعار المحروقات وغلاء المعيشة0 رغم كون الحكومة من الموقعين على اتفاقيات العمل الدولية والتي من المفترض ان تلتزم التزاما تاما ببنودها واتفاقيات حقوق الإنسان وخصوصا المادة 21 و 22 و23 الفقرة أولا المادة 25 والتي تتكفل الحكومة بموجبها جميعا منح العاطل عن العمل ضمانا كافيا, وأؤكد هنا على كلمة كافيا 0 وباطلاعنا اطلاع خاطف على الضمانات التي تمنحها الدول المجاورة يتبين لنا حجم الحرمان الذي يعيشه العاطل عن العمل في العراق0 اذ ان مملكة البحرين تمنح العاطل عن العمل ضمانا قدره 110 دولار شهريا للشخص الواحد في اسرة العاطل عن العمل, والأردن تمنح العاطل عن العمل ممن يحمل الجنسية الأردنية 80 دينار أردني , أي أكثر من 100 دولار0 وفي ذات الوقت يبدو العاطلون عن العمل في تركيا مرفهين بشكل كبير اذا علمنا إنهم يتقاضون ضمانا يبلغ 294 دولار شهريا0 وفي الناصرية تمنح شبكة الحماية الاجتماعية رواتب ل 52000 الف عاطل وعاجز عن العمل,غير ان الشروط المرافقة لهذه المنح تحرم الآلاف من مستحقيها0 اذ إنها لازالت تشترط منحها للمتزوجين فقط , حارمة بذلك الآلاف ممن هم في سن العمل من الحصول على حقوقهم , التي اقرها الدستور في ضمان على قلته وتأخر تسليمه0 وهذا يشكل خرقا دستوريا نطالب القائمين على تنفيذ الدستور بإزالته ومحاسبة المسئولين عنه وتعويض المتضررين بمنحهم ضمانهم ابتدءا من الشهر الأول لإقرار الدستور0 ومن الملاحظ ان العاطلين عن العمل والذين يتقاضون تلك المنح لازال عددهم في ازدياد او على الأقل على حاله 0 اذ لم تشهد المحافظة أي حالة إيجاد لفرص عمل من قبل مكاتب التشغيل , رغم تصريحات المسئولين عنه لموقع ( صوت العراق) الالكتروني بأنه ومنذ تأسيس مركز تشغيل ذي قار في 14/1/2004 ولحد الان تم تشغيل تسعة وأربعين الف عاطل عن العمل ولا ندري من هم الذين عينوا ولم لم يعلن عنهم في وسائل الإعلام ولم ظل عدد العاطلين ممن يتقاضون ( الضمان ) ثابتا ولم ولم يشهد أي حالة من الانخفاض ؟ 0 ( تحقيق للصحفي محمد شريف ابو ميسم ) 0ويعود هذا العجز في إيجاد فرص العمل , الى الفشل الذريع في الية توزيع فرص العمل, الذي اقتصر على الأحزاب دون الرجوع الى اتحاد العاطلين عن العمل في الناصرية0 والذي توجد في سجلاته أسماء لأكثر من 60 الف عاطل عن العمل0 اغلبهم من ذوي المهن وحملة الشهادات والنساء 0غير ان التهميش المتعمد للاتحاد من قبل الحكومة المحلية عمق من تفاقم أزمة البطالة0 ودفع بالعديد من الجهات السياسية الى تسييس قضايا المعطلين قصداً , واستخدامهم كدعاية انتخابية او كورقة ضغط في أكثر من حالة لخدمة قضايا تلك الجهات 0 ان ترسخ فكرة ( ان لا مفر من البطالة ) دفع بالعديد من العاطلين عن العمل الى القبول بإعمال لا تليق بآدمية البشر0 ومن جهة أخرى قامت العديد من الجهات الرسمية باستغلال أوضاع العاطلين عن العمل, لإملاء أقسى الشروط , والتي لم يشهدها الا عمال أوربا إبان الثورة الصناعية والا عمال التصنيع العسكري ابان النظام السابق , اذ قامت مديرية بلدية الناصرية بتوقيع عمال الأجور اليومية على عقود تجردهم من كل حقوقهم0 وتعاملهم على انهم عمال من الدرجة الثانية 0 فبالإضافة الى تقاضيهم أجور تبلغ 60 ألف دينار عراقي كأجر شهري , وهو مبلغ اقل من الحد الأدنى للأجور , وأدنى بكثير من حد الفقر, كحلت تلك الدائرة هذا الأجر بالبند رقم خمسه والذي نصه (( لا يستحق الطرف الثاني ( أي الأجير ) أي إجازة خلال مدة العقد , وله حق التمتع بإجازة مرضية بدون أجور فقط )) 0وهذه المادة كانت العكاز القانوني الذي تعكزت عليه الدائرة في حرمان العمال من كل العطل التي أقرتها قوانين العالم المتمدن 0 بما فيها يوم الجمعة وكذلك الأعياد العالمية 0 اما المادة رقم ستة , فقد جاءت أكثر تعسفا ,اذ إنها تذكر (( الطرف الأول ( أي البلدية ) غير مسئول عن أي أضرار او إصابة بدنية تصيب الطرف الثاني نتيجة العمل او عدم تنفيذ تعليمات السلامة )) 0وهذه المادة تتغافل عن كون هؤلاء العمال هم من العاملين في اشد الأوضاع قساوة وأكثرها عرضة للأمراض نتيجة لتعاملهم الدائم مع النفايات 0 فيما جاءت المادة الثامنة بصيغ تهديديه اذ ذكرت ما نصه (( يحق للطرف الأول إنهاء العقد في أي وقت يشاء دون أي التزام للطرف الثاني )) 0ليس هذا كل شيء فقد جاءت المادة العاشرة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير اذ ان قوانيين النظام السابق تبدو أكثر رحمة وشفقة مقارنة بها حيث نصت على ان ((الطرف الثاني غير مشمول بأحكام قانون العمل رقم 151 لسنة 1970 المعدل وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم 39 لسنة 1971 المعدل او أي قانون تقاعدي أخر 0 غير آبهة بكون القوانين المشار إليها لازالت سارية المفعول ومن الجدير بالذكر ان قوانين الضمان الاجتماعي التي شرعت إلغاءها دائرة البلدية تنص على ان أي مشروع من مشاريع القطاع الخاص او العام يتجاوز عدد عماله الثلاثة أشخاص فيجب ان يكون ذلك المشروع مشمولاً بقانون الضمان الاجتماعي، وينبغي على صاحب العمل دفع 17% من قيمة الراتب الذي يتقاضاه العامل حيث يتحمل العامل 5% ويتحمل صاحب العمل 12% ومبلغ الاشتراك هذا يتحول الى صندوق تقاعد العمال 0اما فيما يتعلق بأصحاب البسطات المنتشرة في شوارع المحافظة , فهم يشكلون المنخفض الأرضي الذي تتسرب اليه مياه كل الحكومات فمنذ البعث وحتى يومنا هذا , اتخذ من مظهر المدينة حجة لتهجيرهم من أماكن عملهم البائسة بدلا من ان يكون هؤلاء الخاضعين لصدفة الأرصفة هاجسا وهما للمسئولين لأجل إنقاذهم من أوضاعهم التي حولتهم الى أنصاف مشردين 0 اننا في اتحاد العاطلين عن العمل لا نطالب بالإبقاء على هذه الأعمال التي يتخذها العاطلين كمهرب من بيتنا المسكون بشبح البطالة , بقدر ما نطالب الحكومة و المحافظة خصوصا بفرص العمل التي وعدتنا بمنحهم إياها منذ ما يقارب العامين0 وفي ذات الوقت, تفترش المئات من العجائز الأرصفة بشكل استجدائي بائس أمام بضاعة اكثر بؤسا ليذكرننا في كل لحظة بفشل أولياء الأمر في صنع نظام يؤمن شيخوختهن 0ان البطالة بحد ذاتها بالإضافة الى ما تسببه من امتهان لكرامة الإنسان . فإنها تشكل عصا يلوح بها أصحاب العمل سواء كانوا حكومة او أشخاص للعمال المطالبين بحقوقهم 0 ومن جهة اخرى ووفقا لتقرير حديث أصدرته الشبكة الموحدة للإعلام الإقليمي حول الشؤون الإنسانية، التي تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة , فان تجارة الجنس بين الأطفال الذين اضطروا للنزول الى سوق العمل بلغت مستويات مرعبة في العراق , حيث ان ما يقارب ال 18 % منهم يتم استغلالهم جنسيا 0 ان أي حرب تنوي الحكومة خوضها لإنهاء الأوضاع المأساوية في العراق يجب ان تبدأ بتحشيد كل الجهود من اجل هزيمة البطالة أولا 0
المقترحات :-
1 - رفع ضمان البطالة في اتجاه عمودي ليكون مساو للحد الأدنى للأجور والذي بدوره يجب ان يكون متحركا تبعا لارتفاع أسعار المحروقات وغلاء المعيشة ويحدد الحد الأدنى للأجور من قبل ممثلي العمال 0
2 - دفع ضمان البطالة بشكل أفقي ليشمل فئات أوسع كربات البيوت وغير المتزوجين 0
3 - اعتماد مسودة مشروع قانون العمل المقترح من قبل اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق 0
4 - اعتماد اتحاد العاطلين عن العمل كطرف ممثل للعمال في صياغة عقود العمل 0
5 - تشريع قانون تعد بموجبه ربة البيت كعاطل عن العمل وذلك لممارستها عمل لا يدر واردا ماديا او يمنحها ضمانا 0
6 - منع توزيع فرص العمل من خلال الأحزاب والمنظمات والجهات السياسية وقصره على اتحاد العاطلين عن العمل وممثلي الحكومة 0
7 - منع تشغيل الأطفال دون سن الثامنة عشر و تشريع قوانين مجانية وإجبارية التعليم حتى المرحلة الجامعية 0
8 - إعادة تأهيل مصانع القطاع العام وفتح مشاريع عمل جديدة 0
بحث قدم في مؤتمر أتحاد المجالس والنقابات العمالية في الناصرية
#احمد_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟