سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1850 - 2007 / 3 / 10 - 13:05
المحور:
الصحافة والاعلام
يوم الأحد الماضى فتحت مدافن "رأس النبع" – على طريق الشام بيروت – أفواهها التى لا تشبع لتستقبل الكاتب الكبير جوزف سماحه وهو لايزال فى أوج سنوات العطاء والإبداع الصحفى. ومع ذلك فان الموت قد اختطفه قبل أن يكمل عامه الامن والخمسين.
ومن كانا من قراء هذه الزاوية لابد وأنه قد لاحظ أن جوزف سماحه كان واحدا من عدد قليل جدا من الكتاب والمحللين السياسيين الذين استشهد بأقوالهم لدى تناول الأزمة السياسية اللبنانية المعقدة والمتشابكة.
ولم يكن هذا من باب الصدفة، لأن جوزف سماحه كان واحدا من أكثر الكتاب اللبنانيين، والعرب نزاهة واحتراما للحقيقة وعشقا لهذا الوطن التعيس الذى يخرج من مستنقع ليقع فى هاوية سحيقة دون أن يرى ضوءا فى نهاية النفق.
وفضلا عن موقفه السياسى والفكرى، الذى يمثل نموذجا للضير الحى، فإنه واحد من أفضل الكفاءات المهنية فى عالم الصحافة اللبنانية والعربية قاطبة.
ومع الكفاءة المهنية والنزاهة الفكرية والحصافة السياسية، كان جوزف سماحه يتميز بدماثة الخلق والتواضع والود والحميمية.
لذلك لم يكن غريبا ان يجتمع فى جنازته ممثلون لكل ألوان الطيف السياسى اللبنانى المتنافرة التى أصبح من النادر أن تجتمع فى مكان واحد أو تجمع على شخص واحد.
جوزف سماحه وحده كان قادرا على تحقيق هذه "المعجزة" حتى وهو فى التابوت الذى سار وراءه ممثل للرئيس أميل لحود وممثلا رئيس المجلس النيابى نبيه برى وممثلا لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وشخصيات من كل الطوائف، ومن كل الاتجاهات السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
ومما يضاعف الخسارة فى فقد جوزف سماحه أنه رحل فى وقت باتت فيه الحاجة ملحة إلحاحا استثنائيا إلى أمثاله من العقول الراجحة والضمائر النزيهة فى مواجهة لبيع آبائهم وأمهاتهم – ناهيك عن أوطانهم – بحفنة الدولارات .
ومما يبعث على الأسى كذلك أن يرحل هذا الكاتب الصحفى المحترم دون أن تذكره صحافتنا المصرية .. رغم أنه كان من عشاق مصر.
وكان دائما ما يعلن على الملأ أنه مصر الهوى!
ويا أيها الكاتب الكبير والصديق العزيز.. وداعا.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟