|
في يوم المرأة العالمي .. اثر التيارات الدينية على واقع المرأة العراقية
عالية بايزيد اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 1849 - 2007 / 3 / 9 - 13:57
المحور:
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2007 -حجاب المرأة بين التقاليد الأجتماعية والبيئية والموروث الديني
تحية للمرأة في يومها العالمي في كل بقعة من هذه الأرض وتهنئة معطرة بالاعتزاز للمرأة العراقية التي صمدت وصبرت وتحملت ما يفوق ما تتحمله نظيرتها في أي مكان وباقة ورد من شقائق النعمان الحمراء الربيعية مكللة بالتقدير والسمو لكل امرأة يزيدية التي بدأت تخطو أولى خطواتها باتجاه تحقيق ذاتها واثبات وجودها ومكانتها في المجتمع متحدية النظرة الاجتماعية المتخلفة لمكانة المرأة التي أفرزت واقعا متخلفا كانت المرأة ضحيته الأولى بسبب ذلك الإرث الاجتماعي والأخلاقي الذي كان وليد العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية , حيث تمر المرأة حاليا بمرحلة انتقالية تناضل فيه للتحرر من الأوضاع التي انتهكت حقوقها وكبلتها اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا التي كانت سائدة في القرون الماضية حيث حققت فيه المرأة بعض المكتسبات الايجابية والحقوق الجديدة . فقد تعالت بعد الحرب الأخيرة على العراق شعارات براقة مزيفة هللت بها قوات الاحتلال وحلفاؤها من قبيل الديمقراطية والحرية التي خدعوا بها الشعب بوعود كاذبة للسيطرة على ثروات العراق لتظهر انتهاكات جديدة ضد المرأة من قبيل الاختطاف والاغتصاب وحملات العنف وقتل الآلاف من الأبرياء بسبب الصراعات المستمرة بين أقطاب الإرهاب المختلفة كل ذلك بحجة الديمقراطية الموعودة , وان أي متتبع للوضع المأساوي الذي يمر به العراق يتأكد من إن الديمقراطية التي يريدون تحقيقها في العراق هي غير الديمقراطية التي تطبق في دولهم الغربية المتحضرة والتي استطاعت المرأة هناك بعد نضال شاق ودعم الحكومات لها أن تحصل على الكثير من الحقوق والامتيازات القانونية والاجتماعية وأصبحت تحتل المكانة الثانية اجتماعيا بعد الطفل يلها الرجل بينما المرأة الشرقية عموما تأتي في أسفل المراتب الاجتماعية خاصة في المجتمعات التي تسيطر عليها التيارات الدينية التي تكون محكومة بالعادات والتقاليد . وقد ساهمت العديد من المنظمات النسائية ومنظمات حقوق الإنسان من خلال فاعليتها ونشاطاتها من تعزيز دور المرأة وحماية حقها كما ساهمت التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصالات المتطورة كالانترنيت والفضائيات من تغيير صورة المرأة النمطية التي ساهمت في ارتفاع نسبة التعليم والتحصيل الدراسي لدى الفتيات وقلت حالات الزواج بالإكراه أو زواج القاصرات وارتفاع الوعي الاجتماعي والثقافي لدى المرأة حتى أصبحت المرأة العراقية مضربا للمثل في الشجاعة وفي قدراتها بالرغم من الأصوات الرجعية التي تقف بالضد من أي تطور والتي تحاول تكريس تبعية المرأة للرجل باستخدام الدين والأعراف العشائرية كأدوات لقمع المرأة وتهميش دورها في الحياة العامة بدعوى المحرمات والتقوى المزيفة , فحرية المرأة هي المعيار الرئيسي لتحرر المجتمع الذي تنتمي اله وان حقوقها هي حقوق عالمية كفالتها المواثيق الدولية . وكنا نأمل من هذا المنطلق أن يكون الدستور العراقي الجديد والنافذ أكثر إنصافا للمرأة وان يقدم ضمانات حقيقية لحقوقها ضد الهجمة الدينية وتفعيل مبدأ المساواة مع الرجل في الحقوق والواجبات ومنع أي محاولة للتمييز ضدها والتصدي لمحاولة فرض الشريعة الإسلامية على الدستور والقانون وخطر استبدال قانون الأحوال الشخصية النافذ بالرجوع الى المراجع الدينية المثقلة بالقيود لتنظيم الأسرة بما لايتناسب والتطور الحاصل على الصعيد العالمي , لان إسناد قوانين الأحوال الشخصية الى المراجع الدينية التي تكرس واقع التمييزضد المرأة يكشف عن زيف الادعاءات بان العهد القادم هو عهد الديمقراطيات والحريات الأساسية وذلك حين اعتمد الدستور الشريعة الإسلامية مصدرا لجميع القوانين ورفض أي قانون تتعارض أحكامه والشريعة الإسلامية , في حين إن الدساتير في المجتمعات الديمقراطية تجاوزت المراجع الدينية وتطورت بحسب احتياجات مواطنيها بينما المجتمع العراقي قد حرم من الاستفادة من هذه التجارب وتم صياغة الدستور بما شكل مصيدة للمرأة حتى أصبح كل شيء مثقل بالمحرمات والمحظورات بشكل منافي لمقاييس حقوق الإنسان العالمية بما يهدد المرأة بحرمانها من هويتها وشخصيتها وحقوقها وجعلها أسيرة النظرة الدونية حين نص الدستور في المادة (41) على " العراقيون أحرار بالالتزام بأحوالهم الشخصية حسب ديانتهم أو مذهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون " والعراق كما جاء بالمادة (3) هو بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب , أما المادة (2)فنصت على " الإسلام هو دين الدولة الرسمي وهو مصدر أساسي للتشريع " والفقرة (أ) من نفس المادة نصت على " لايجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام " , نلاحظ من النصوص الدستورية أعلاه إن المادة (41) إذا ما تم تفعيلها فسوف تشرع عدة قوانين للأحوال الشخصية بعدد الأديان والمذاهب الموجودة في العراق وبالتالي سيؤدي الى ظهور تفسيرات متعددة لحالات متشابهة ومن ثم الى تعدد القرارات لقضية معينة بحسب الدين أو المذهب لان الإسلام يحوي على عدة مذاهب والمسيحية كذلك تتكون من مذاهب عدة هذا الى جانب بقية الأديان كاليزيدية والصابئة وسيخلق تبعا لذلك تباينا في الحقوق بحسب تبعية المرأة لدينها أو لمذهبها والى تعدد المحاكم الشخصية وتشتت عمل محكمة التمييز , إضافة الى إن اعتماد احد المراجع الدينية دون غيرها في التشريعات يؤدي الى التفرقة والتمايز والى الغبن وما في ذلك من تهديد للوحدة الوطنية ,كما إن ذلك قد يعطي مجالا واسعا للاجتهادات الناتجة عن الفهم الخاطئ للمسائل الدينية في إثبات الحقوق والالتزامات , بينما يتطلع كل الشعب العراقي الى المساواة والى عراق موحد وهذا ما كان مقررا في قانون الأحوال الشخصية النافذ الذي أنصف المرأة وأعطى لها حقوق وامتيازات ولو في حدها الأدنى فهو في صالح المرأة بما يحويه من مكتسبات ما لن تتمكن المراجع الدينية من تحقيقها كما يحققه القانون المدني الموحد الذي يجمع كل الأديان والمذاهب في نصوص موحدة يجمع فيه أفضل الآراء الفقهية الذي يضمن حقوق المرأة القانونية . من جانب أخر إن تطبيق المادة (41) سوف يتعارض مع مبدأ المساواة أمام القانون التي نص عليها الدستور بالرغم من إن هذا المبدأ لم يتحقق لا في هذا الدستور ولأفي حتى في الدساتير السابقة إنما بقيت مجرد مادة لاروح فيها رغم دستوريتها فان النص شيء والتطبيق شيء أخر فالقوانين ألزمت المرأة عند سفرها أن يكون معها محرما حتى لو كان في عمر المراهقة وهي في الأربعين ,والمرأة لايمكنها منح أولادها جنسيتها إذا ما تزوجت من أجنبي , وحالات تعدد الزوجات بدون مبرر شرعي , ووضع سعر للفتاة عند إجراء عقد الزواج تحت أي مسمى كان ,عدم تمكن المرأة من طلب التفريق عن زوجها الاوفق شروط تعجيزية , المطاوعة ,القوامة , وحق تأديب الزوجة وغير ذلك من الأمور فأين هي المساواة ؟ . إن المساواة والعدالة لن تتحقق إلا بفصل أمور الدين عن الدولة وعن القوانين والتربية والتعليم خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تتطلب تظافر جميع الجهود وخاصة النساء لإثبات جدارتهن ووجودهن لنيل حقوقهن المشروعة من اجل النهوض بواقع المرأة من اجل تفعيل دورها في جميع مجالات الحياة انسجاما مع الأوضاع السائدة , وان يكون هناك ضمانات دستورية وقانونية ضد سيطرة الغالبية الدينية المسلمة على الأقليات الدينية المسالمة خاصة بعد أحداث الشغب التي شهدتها الشيخان مؤخرا التي قامت بها مجموعات دينية إسلامية متطرفة ضد المقدسات الدينية اليزيدية والاعتداء على امن المواطنين وإحراق ممتلكاتهم وهنا يطرح السؤال التالي نفسه ترى كيف سيكون تأثير تلك الإحداث على المرأة اليزيدية وكيف سيكون وضعها في الحياة العامة في وضع متأزم كهذا ؟ . بإمكاننا أن نقول إن دور المرأة في هذه المرحلة غير واضح باعتبارها الفئة الأضعف والأبعد عن الحياة العامة وبالتالي سيؤثر الوضع المتأزم على وضع المرأة بشكل سلبي , لكن يبقى التساؤل من هو المستفيد من هذه الإحداث وما هو الهدف الحقيقي من كل ما جرى من تخريب وحرق ونهب باسم الدين والدين منهم براء لان جميع الأديان تدعو الى المحبة والتسامح والألفة و أما تلك الإعمال الإرهابية فلن تؤدي إلا الى زعزعة الاستقرار التي تشهدها هذه البلدة الآمنة , وتتحمل الأجهزة الأمنية جزء من مسؤولية ما حدث لأنها لم تتمكن من احتواء الأزمة وعدم تمكنها من توفير الحماية والأمان للمراكز الدينية والثقافية وللأهالي وهنا يبرز دور المنظمات والهيئات الإنسانية ودور الإعلام في ضمان حقوق الأقليات الدينية من تسلط وسيطرة الغالبية وفق قاعدة الجميع متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الدين أو العرق أو اللغة أو الجنس . وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على إن الناس يولدون أحرار ومتساوون في الحقوق والامتيازات كما أكدت اتفاقية منع كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)على حقوق المرأة في التمتع بالمساواة الكاملة في الحياة العامة والتي وقعت عليها جميع دول العالم بما فيها العراق . لذلك فان المرأة اليزيدية تضم صوتها الى أصوات أخواتها العراقيات للمطالبة بضمان حقوقها الدستورية والمساهمة برفع الصوت عاليا للمطالبة بإصدار تشريعات مدنية جديدة تضمن حقوق المرأة بعيدا عن تدخل الراجع الدينية المثقلة بالقيود والمطالبة بنشر الوعي والتثقيف عن طريق المنظمات غير الحكومية وعلينا أن لنتحسر على ما فات بل أن نسعى للحفاظ على ما تبقى لنا وان لا ننسى تجارب الشعوب الأخرى وان نطالب بتوفير فرص التعليم والعمل للمرأة للمساهمة في الاستقلال الاقتصادي من خلال تواجدها في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وان تكون الفرص متاحة بحسب الكفاءة والخبرة للوصول الى المساواة الدستورية .
#عالية_بايزيد_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن اي ديمقراطية يتحدثون
-
رئيس تحرير منتدى انا حرة في حوار مع الامين العام لحركة الاصل
...
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
اثر الثقافة الشرقية على المرأة والرجل
/ جهاد علاونه
المزيد.....
|