العنوان الكردي لرحلة – ميرو – التركية
(2- 2)
من احدى نتائج احداث سبتمبر / 2001 في الولايات المتحدة الامريكية تعرض ميزان القوى والتقسيمات السياسية في العلاقات بين دول ومحاور الشرق الأوسط من جهة وبينها وبين امريكا من جهة اخرى الى هزة عنيفة طالت كل البنى السابقه وخاصة وشائج العلاقات الثنائية بين دول محسوبة على الخندق الغربي واخرى كانت في فلك المعسكر الشرقي سابقاً وقد أدت سيطرة من اسموهم – بالمحافظين الجدد – خطأ وهم - واقعييون ليبرالييون ديموقراطييون – على مقاليد توجيه السياسة الخارجية وبكلمة أدق التأثير الشديد في مسارها الى التسريع في عملية الفرز المستمر في الشرق الأوسط عبر مواكبة دراسية تحليلية من جانب اولئك الليبراليين ومن مجموعة من نخبهم الثقافية والفكرية والسياسية الذين نشروا جملة من الأبحاث والدراسات الجادة والغنية بتفاصيل دقيقة واضطلاع واسع على حقيقة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وسبل معالجة قضاياها المستعصية على الحل منذ معاهدة سايكس – بيكو الأوروبية وحتى الآن وذلك وبدون شك بالتوافق مع مصالح الولايات المتحدة وأمنها واستراتيجيتها الجديدة . وبالأصح محاولة ايجاد روابط وجسور بين تلك المصالح وبين عملية حل ازمة الديموقراطية والسلطة والأقتصاد والحريات لشعوب المنطقة . وقد تبوأ بعض هؤلاء مواقع حساسة في ادارة الرئيس الحالي – جورج بوش – وتحولوا بحكم المسؤولية الى اكثر من معنيين بايجاد السبل – العسكريةو السياسية والأقتصادية – لمواجهة الأرهاب العالمي والقضايا الأخرى ذات الصلة بمسألة الحرب والسلام والأستقرار في المنطقة ومن ضمنها حكاية الأنظمة الدكتاتورية الشمولية والتيوقراطية والعسكرية أي بعبارة أوضح قضية الديموقراطية والتغيير والأصلاح . وبالقدر ذاته من الأهمية قضية الشعوب والقوميات والأثنيات ودورها وموقعها وتأثيراتها على مسار الأحداث وفي – تفريخ – الأرهاب اذا بقيت دون حل ومن ثم الحركات الأصولية الدينية والمذهبية . جميع هذه القضايا التي – افردت على الطاولة – دفعت باتجاه الشروع في فتح الأبواب امام اعادة النظر في مجمل العلاقات الأمريكية حتى مع الحليف التأريخي الموثوق – اوروبا – وشركاء حلف – الناتو – ناهيك عن انظمة حليفة وتابعه مثل تركيا والسعودية ومصر أي اعادة هيكلة العلاقات الدولية وفي هذه المرة من منطلق امريكي كبداية لمرحلة جديدة بعد انتهاء الحرب البارده وترسيخ النظام العالمي المنشود . بعد أن سبق وتكررت هذه العملية – التاريخية – لمرات عدة وخاصة بعد كل من الحربين العالميتين الأولى والثانية .
عوامل جديدة للتقارب السوري التركي :
توقف الحرب البارده كان ايذاناً بحدوث تطورات سياسية كبرى على الصعيد الكوني واصبحت الأنظمة في الدول المحسوبة على استراتيجية المعسكرين اكثر تعرضا للاهتزاز ومواجهة الأقدار والمصائر غير المعلومة بسبب عدم الحاجة اليها كالسابق في الصراع الذي توقف من حيث الموقع والدور السياسي والعسكري وفي هذه الحالة بات مطلوباً منها اعادة النظر وتعويض الأضرار الأقتصادية والمراجعة الأيديولوجية والتوافق مع ظروف ومتطلبات المرحلة الجديدة في العلاقات الدولية . وينطبق الوضع هذا بشكل أو بآخر على الحالتين التركية والسورية .
ثم جاءت احداث سبتمبر لتزيد الطين بلة وتكشف نهائياً عن الحقائق المرة بالنسبة لمثل هذه الأنظمة ومصيرها ومألها والخيارات الضيقة امامها . كما ان الحرب المعلنه على الأرهاب وضعتها أمام محك أتخاذ الموقف المطلوب واداء ماهو ضروري وفوري على الصعيد الداخلي والتغييرات والأصلاح كتوجه لقطع دابر الأرهاب وازالة اسباب نموه . وبوقوع حرب – حرية العراق – وازالة الدكتاتورية بدأت الأنظمة في الشرق الأوسط ومنها سورية وتركيا تعد العده لمواجهة الأسوأ .
رشحت التطورات المتواصلة منذ احداث سبتمبر ارضية خصبة لبروز عوامل جديدة في التقريب اكثر بين النظامين ومنها :
- اتخاذ موقف متقارب من الأزمة العراقية . لضمان أمرين اساسيين وهما قطع الطريق على توجه التغيير الشامل في الشرق الأوسط بعد تحرير العراق وتشخيص – الخطر الكردي – كأولوية راهنة في استراتيجية وتكتيكات الجانبين ، وقد تجلى هذا الموقف في مبادرات ثلاث : سورية : بعقد قمة ( سورية – سعودية – مصرية – أردنية ) . وتركية: عبرت عن نفسها بتحرك واسع لرئيس الوزراء التركي آنذاك – عبدالله غول – وزيارات مكوكبة الى معظم العواصم العربية وايران ، وايرانية: حملها وزير الخارجية – كمال خرازي – وتقضي بعقد قمة ( ايرانية – تركية – سورية – مصرية – سعودية – اردنية – كويتية ) والجامعة العربية والأمم المتحدة أي تحقيق هدف تغيير سلمي في العراق باشراف عربي – اسلامي – دولى .
- تمخض عن هذه المبادرات والتحركات لقاء – استانبول الذي فشل عملياً في تحقيق اية خطوة ، بسبب عجز ممثلي الدول المجتمعة عن التأثير في الأحداث أو الوقوف أمام الأراده الدولية مضافاً الية التناقضات الجاده بين مواقف تلك الدول بشأن القضايا المطروحه وخاصة القضية العراقية . لذلك لم يبق امام النظامين السوري والتركي الا الأجماع على المضي بشكل ثنائي على امل تحقيق حلف ثلاثي بانضمام ايران والعمل على مواجهة المسألتين الرئيسيتين العامة- التغيير والاصلاح – والخاصة – الكردية - .
وقد كان واضحاً ان الجانب التركي وباشراف مباشر من السيد غول – بعد التنسيق مع مجلس الأمن القومي سعى بحماس منقطع النظير الى القيام بدور في تحقيق الهدف المنشود المشترك وكان تكليفه للاستاذ الجامعي مستشاره الخاص – احمد داود اوغلو – والمحسوب بالوقت ذاته على الأوساط العسكرية والمتحدر من اصول يهودية – الدونما – دليلاً على ذلك الأهتمام خاصة وان الأخير صاحب نظرية خاصة تستند الى العنصرية الكمالية الطورانية تجاه الشعب الكردي وقضيته العادلة . وهو كان قد اعتبر العراق بمثابة الضلع الشرق اوسطي الثالث بعد الضلعين الأوروبي - يوغسلافيا السابقة – والآسيوي – افغانستان – الذي سيؤدي الى احداث تغييرات وتفكيك واعادة بناء في المنطقة . مما يستدعي المواجهة الجاده والمعالجة السريعة .
- خلال زيارة السيد عبدالله غول – الى سورية ابان حرب تحرير العراق فانه حصل على موافقه سورية على أي تدخل عسكري تركي اذا كان الهدف خنق التوجهات الكردية وتصفية مكاسبهم ، وانجاز عقود اقتصادية بين الطرفين من بينها افتتاح معابر جديدة وتشغيل الخط الحديدي ( نصيبين – تل كوضر ) على حساب اغلاق الخط المعمول به في نقطه عبور – ابراهيم الخليل – التي يشرف عليها حكومة اربيل وذلك بهدف حرمان كردستان من أي موارد اقتصادية أو اية ميزة تجارية ، اضافة الى تعزيز العلاقات الأمنية التي دشنتها اتفاقية اضنة عام 1998 . ومن اجل انجاح هذه التوجهات بادر السيد – عمروموسى – امين عام جامعة الدول العربية المعروف بميوله القومية الشوفينية تجاه قضية الشعب الكردي وقربه من الأوساط الحاكمة في سورية الى اقتراح انضمام تركيا الى الجامعة العربية كعضو مراقب وذلك كبادره تشجيع للنظام التركي للمضي قدما في تقاربه مع سورية على حساب الشعب الكردي ومستقبل العراق ايضاً .
لم يمض وقت طويل على زيارة السيد – ميرو – الى تركيا حتى ثم تحقيق احدى نتائجها بالسرعة القصوي وذلك بتشغيل الخط الحديدي المومى اليه والذي يبلغ طوله حوالي 80 كم في الأراضي السورية ويربط العراق بتركيا في نقطه – نصيبين – وذلك لنقل البضائع بطريقة – الترانزيت – والغريب انه اذيع بأن الأطراف الثلاثة قد اتفقت على تشغيل الخط ولاندري من هي الجهه المخولة للاتفاق من الجانب العراقي .
هل هناك من نتائج جديدة ستنعكس على الوضعين الكردي والعراقي وما هو موقف قوى التحالف وهل أن تحرك النظامين تكتيك لجلب الانتباه أو اوراق لاستخدامها وقت الحاجه أو ان كل ذلك سيذهب هباء . لاشك أن المستقبل كفيل بالاجابة .