عماد شيحة يجدد أسلوبه النضالي

شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 1847 - 2007 / 3 / 7 - 12:53
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

لعل مواقف الولايات المتحدة الأمريكية المساندة بشكل أعمى لإسرائيل المعتدية، هي أحد الأسباب التي دفعت عماد شيحة ورفاقه إلى اتباع أسلوبهم الخاص في النضال، وهم في زهرة شبابهم في سبعينيات القرن العشرين، والذي أودى به إلى السجن لمدة تزيد عن الثلاثين عاماً.

لم تهن عزيمة هذا الإنسان الوطني الغيور، بل زادته السنون صلابة، وقناعة في الوقوف في وجه الظلم، وخاصة ظلم من يدعون نشر الديموقراطية والحرية في صفوف الشعوب المقهورة. وها هو يتابع سبيله النضالي بأسلوب جديد أداته الفكر والقلم... ملتزما بخطه الإنساني المعادي للاستغلال والظلم، والذي يتجلى في إنتاجه الفكري والأدبي المتميز. فقد أصدر خلال السنوات القليلة الماضية، التي تلت خروجه من السجن، عدداً من الكتب، فترجم كتاب لمايكل مور، وكتاب "المال ضد الشعوب ـ البورصة أو الحياة" بالاشتراك مع رندة بعث، وراجع وقدم كتاب "الماركسية والديموقراطية"، و"العولمة والإمبريالية" اللذين ترجمتهما رندة بعث... وأصدر رواية "موت مشتهى"، كما كانت روايته "غبار الطلع" نقلة نوعية هامة في عمله الأدبي... وها هو اليوم يغني المكتبة العربية بترجمته لكتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة" وهو الدراسة التي نشرها موقع جامعة جون. ف. كندي في هارفارد في شبكة الانترنت الدولية في منتصف شهر آذار / مارس عام 2006 من تأليف ج. ميرشايمر أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، وستيفن م. والت أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفار وعميد كلية جون كندي للعلوم السياسية، والتي أدت إلى نشوب معركة حقيقية شنتها القوى الموالية لإسرائيل، كان من نتائجها استقالة ستيفن م. والت من منصبه وتبرؤ الجامعة من الدراسة.

تحاول الدراسة الإجابة على سؤال حول المدى الذي تساهم فيه إسرائيل والقوى المناصرة لها داخل الولايات المتحدة الأمريكية في صياغة سياستها الخارجية، خاصة تجاه الشرق الأوسط. ويرى الكاتبان اللذان يعتمدان في بحثهما على عمل باحثين وصحافيين إسرائيليين، وعلى أدلة قدمتها منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والدولية، (يريان) منذ البداية أن "مزيج الدعم الثابت الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل (الذي زاد عن 140 مليار دولار، فضلاً عن الدعم العسكري والدبلوماسي)، وجهودها المتعلقة بنشر الديموقراطية في كافة أرجاء المنطقة قد هيّج الرأي العام العربي والإسلامي وعرّض أمن الولايات المتحدة للخطر".ص7 وأن الدعم غير المشروط الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل "يسهل الأمور على متطرفين أمثال ابن لادن لحشد التأييد الشعبي وجذب المتطوعين".ص22 وكذلك يضعف التأييد اللامحدود لإسرائيل "مكانة الولايات المتحدة خارج الشرق الأوسط".ص25

ويورد الكاتبان الحجج التي تجعل إسرائيل تستح تأييداً أمريكيا، وهي

1 ـ دولة ضعيفة محاطة بالأعداء، مبينين أنها ليست ضعيفة بل وبفضل المساعدة الأمريكية تتفوق قدراتها على جيرانها، وتمتلك السلاح النووي 2 ـ دولة "ديموقراطية"؛ مبينين أنّ ديموقراطيتها عنصرية، لا تنسجم مع المثل الديموقراطية التي تدعي الولايات المتحدة نشرها، 3 ـ معاناة الشعب اليهودي من الجرائم في الماضي، مبينين بالأرقام أن معاناة الشعب العربي الفلسطيني من البطش الإسرائيلي لا تقل عن معاناة الشعب اليهودي، 4 ـ لا إخلاقية تصرف إسرائيل...

ويتضمن الكتاب وثائق حول دور اللوبي اليهودي عبر التلاعب بالإعلام، واستخدام "كاتم الصوت الكبير" ـ ألا وهو مزاعم معاداة السامية، ومحاصرة المؤسسات الأكاديمية، وتفعيل دور التنظيمات المختلفة وخاصة "أيباك" في التأثير على صانعي القرار في المجالس التنفيذية والتشريعية، واستخدام المال (60% من التبرعات للمرشحين الديموقراطيين للرئاسة الولايات المتحدة تقدمها هذه التنظيمات) لنشر واعتماد السياسة المؤيدة لإسرائيل...

بعد الاطلاع على هذا الكتاب الهام يتبادر إلى الذهن رأي مفاده: كم هو ضروري أن تقوم مراكز أبحاث عربية بطباعة هذا الكتاب باللغة الإنكليزية، وبمختلف لغات العالم وتوزيعه مجاناً داخل الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا ومختلف بلدان العالم... وكم هو ضروري تعميق الحجج التي ترد في هذا الكتاب، والبحث في أبعادها لمخاطبة الشعب الأمريكي بلغته، ولغة أبنائه الذين يرون أن إسرائيل بسياستها العدوانية أصبحت عبئاً ليس عليهم وحدهم، بل وعلى أمن العالم أجمع، ومن الضروري وضع حدود لغطرستها، وعدوانيتها...

لقد كان الأستاذ عماد شيحة موفقاً كعادته في ترجمة هذا الكتاب الهام الذي يقع في 174 صفحة من القطع المتوسط، وهو يستحق التقدير على جهوده الوطنية الغيورة خدمة لقضايا الشعوب العادلة. ولن ننسى دور القيمين على دار المركز الثقافي بدمشق في تبني ونشر هذا الكتاب، والذي تقوم بتوزيعه كل من دار الحصاد ودار السوسن بدمشق.

الصفصافة 5/3/2007 شاهر أحمد نصر

#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات