|
الأبارتهايد يشبه هذا –إهانات صغيرة على حاجز اسرائيلي 1
فضيلة يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1846 - 2007 / 3 / 6 - 11:48
المحور:
القضية الفلسطينية
Jonathan Cook –zmag.com المشهد: حاجز إسرائيلي مسلح في أعماق مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية ، عجوز فلسطيني طويل القامة يحمل عصا يتكئ عليها في يده مرّ عن صف طويل من الفلسطينيين معظمهم من الشباب ينتظرون خلف حواجز إسمنتية ليسمح لهم جندي إسرائيلي بالمرور من منطقة فلسطينية (مدينة نابلس ) إلى منطقة فلسطينية مجاورة ( قرية حوارة ) . الصف الطويل يتحرك ببطء ، يأخذ الجندي وقته في فحص الأوراق الثبوتية لكل شخص. مرّ العجوز في مسلك مخصص للسيارات ،أمره الجندي على الحاجز بالعودة ، وقف العجوز ورمق الجندي بنظرة حادّة رافضة ،نظر الجندي له بعدم ارتياح لهذا التحدي المفاجئ وأخبر العجوز بلطف ضرورة عودته إلى الصف ،بقي العجوز واقفاً في مكانه وبعد عدة محاولات سمح الجندي له بالمرور . هل يعكس هذا إنسانية ذلك الجندي ، لا أو هكذا يشعر الفلسطينيون الذين تابعوا هذا المشهد خلف الحاجز بصمت.العجوز لن يتم ضربه واعتقاله على الحاجز بحجة مهاجمة الجندي أو تهديد حياته أو مقاومة الاعتقال أو حمل عبوة ناسفة ، ويعرف الشباب الفلسطينيون أن اعتقالهم أو إصابتهم بجراح سيكون خبراً عابراً في الصفحات الداخلية لصحيفة إسرائيلية وأن التحقيق سيتم في هذا الحادث. وتبدو على الحواجز قوة الأجداد الفلسطينيين مقابل عجز أولادهم وأحفادهم . لقد شاهدت هذه الإهانة الصغيرة ( الإذلال شيء ثابت في حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية ) خلال مرافقتي للسيدة نعومي لالو عضو جمعية ( Machsom Watch ) وقد اسّست الجمعية عام 2001 لمراقبة سلوك الجنود الإسرائيليين على دزينات من الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية. تهيمن الحواجز على حياة الفلسطينيين في الضفة( وكانت كذلك في غزة قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي منها ) منذ مدة طويلة وقبل بدء الانتفاضة الثانية في أواخر عام 2000 وحتى قبل العمليات التفجيرية فقد كانت استجابة لاتفاق اوسلو الذي أنشأ السلطة الفلسطينية على جزء محدود من المناطق المحتلة حيث بدأت إسرائيل بتحديد عدد العمال الفلسطينيين الذين يسمح لهم بالعمل في إسرائيل بعد حصولهم على اذونات خاصة وهذا النظام أوجد العديد من الحواجز الإسمنتية العسكرية ثم أصبحت هذه الحواجز تقيّد الحركة داخل الأراضي الفلسطينية لحماية المستوطنات المبنية هناك. وفي نهاية العام الماضي وتبعاً لتقرير مكتب الأمم المتحدة للخدمات الإنسانية فإنه يوجد 528 حاجزاً في الضفة الغربية تقطع الطرق كل بضعة أميال وقد أعطت صحيفة هآرتس أرقاماً أكبر، في كانون ثاني كان هناك 75 حاجزاً ثابتاً و150 حاجزاً متحركاً واكثر من 400 مكان تم إغلاقها بمعيقات ،جميع هذه التحديدات في الحركة في منطقة لا تتعدى مساحتها مساحة ولاية كولورادو الأمريكية الصغيرة.ونتيجة لذلك أصبح تنقل السكان والبضائع من مكان لآخر كابوساً لوجستياً وتاخيراً مكلفاً. على هذه الحواجز :يموت المرضى ويمنع الأطفال من الوصول إلى مدارسهم وتتلف الأغذية . وقد اتهم البنك الدولي هذه الحواجز بتدمير الاقتصاد الفلسطيني . وعد ايهود اولمرت الرئيس عباس في اجتماع في كانون اول الماضي بتسهيل الحركة في الضفة الغربية وأعلن الجيش الإسرائيلي إزالة 44 حاجزاً بناء على ذلك لكن تبين بعد ذلك ان هذه الحواجز التي اعلن عن إزالتها لم تكن موجودة اصلاً . وعلى العكس من الانطباع عند إغلبية المراقبين أن هذه الحواجز تقع على امتداد الخط الأخضر ( الفاصل بين اسرائيل والضفة الغربية وغزة ) غير ان بعض هذه الحواجز يقع في أعماق الأراضي الفلسطينية ولذلك تم منع جمعية مراقبة الحواجز من زيارتها" ولا أحد يعلم ما هي الانتهاكات التي تتم على هذه الحواجز ولا يراها أحد "قالت السيدة نعومي. وعلى حاجز حوارة حيث رفض العجوز الامتثال لأوامر الجندي يعلم الجندي أن هناك مراقبين من الجمعية في معظم الوقت وأن سلوكهم يتم تسجيله شهرياً .وقد عرضت الجمعية صوراً وأفلام فيديو عن أفعال الجنود ففي عام 2004 أجبر الجنود على حاجز بيت ايبا شاباً فلسطينياً على العزف على الكمان هذه القصة التي أخذت بعداً عالمياً لأنها تحاكي الإهانات التي تعرض لها اليهود على أيدي النازيين. وينتسب إلى هذه الجمعية 500 عضو من بينهم دانا ابنة اولمرت اليسارية ويشارك 200 منهم في مراقبة الحواجز العسكرية وينظر لها الاسرائيليون كمنظمة متطرفة تدعم أعداء اسرائيل . نعومي عضوة الجمعية من كفار سابا وهي أم لثلاثة أطفال يخدم اثنين منهم في الجيش الآن بينما الصغير وعمره 17 سنة فسينضم للجيش في نهاية العام ، " لقد اطلّع ابني الصغير على تجربتي وتعاطف مع وجهة نظري لكن ابني الأكبر معاد لنشاطاتي ويعمل هذا على حدوث مشاكل عائلية ". معظم النساء يذهبن إلى حاجز واحد أثناء نوبتهن لكن نعومي تتحرك بين دزينات من الحواجز غرب نابلس وقد بدأت بتعريفي على الشوارع المخصصة للفلسطينيين في الضفة الغربية مقابل الشوارع عالية الجودة قربها للمستوطنين اليهود الذين يعيشون في المناطق المحتلة بطرق غير شرعية بينما يجبر الفلسطينيون على سلوك طرق صعبة وطويلة عبر الجبال والوديان . تطلق الجمعية على ذلك اسم الابارتهايد وهو حكم شاطرته فيها جريدة هآرتس التي قالت في افتتاحية سابقة لها إن على الآباء الإسرائيليين أن يقلقوا بشدة حول دولتهم التي ترسل أولادهم وبناتهم إلى هدف ابارتهيدي ( تحديد حركة السكان الفلسطينيين من أجل السماح لليهود بالحركة بحرّية ). لقد تحركنا من القرية الفلسطينية الصغيرة عزون قرب قلقيلية باتجاه مدينة طولكرم في الشمال واستغرقت الرحلة 15 دقيقة أما بالنسبة للفلسطينيين فإن هذه الرحلة مستحيلة .وهذا الطريق خال فعلياً رغم انه الطريق الرئيس بين مدينتين من كبريات مدن الضفة الغربية وفد أشارت نعومي إلى الطريق :" إنه خال لأنه لا يسمح لمعظم الفلسطينيين بالمرور عليه أنهم يحتاجون الى إذن خاص وبدون هذا الإذن فإما ان يبقوا في قراهم أو يبحثوا عن طرق خارجية وخطرة بعيداً عن الشوارع الرئيسة . وصلنا إلى أحد هذه الحواجز التي تحدثت عنها نعومي حيث يجلس جنديان في غرفة محصنة اسمنتية في مركز لتقاطع الطرق بين نابلس وطولكرم يقتلان الوقت في انتظار السيارة القادمة والسائق الذي يحمل الأوراق المطلوبة . يقف شاب فلسطيني يلبس جاكيتاً صوفياً يقيه من البرد بجانب مكتب للبريد قرب الحاجز ،أخبرنا بلال (26 سنة ) أنه موقوف منذ 3 ساعات لأنه يحاول الوصول إلى طولكرم لزيارة والده المريض في المستشفى . تحدثت نعومي مع الجنود وأجرت اتصالات خلوية مع قيادتهم وأصبح عندها صورة واضحة . كان بلال يعمل في اسرائيل دون إذن وعاد إلى قريته في الضفة الغربية إنهم يوقفونه هنا لمعاقبته وقال الجنود لها إنهم يستطيعون سجنه لكن ونظراً للوضع الاقتصادي السيئ في الضفة فإن السجون الاسرائيلية ستمتلئ بالباحثين عن عمل ولذلك سيتم إيقافه هنا طول اليوم ليتألم ، كان دخوله إلى اسرائيل غير شرعي لكن لو لم تمر نعومي من كان يدري؟ كيف تحدث القادة العسكريين مع نعومي ؟ لأنهم يعلمون أن نشاطاتهم في الضفة الغربية تحت الضوء ولا يريدون ان تكون صورتهم سيئة أمام الرأي العام ولكنني دائماً اذكر نفسي إنهم يحاولون تجميل صورة الاحتلال قالت نعومي . إن حالات مثل بلال تبرهن أنه لا الحواجز العسكرية ولا الاسمنتية ولا الجدار قادرة على منع الفلسطينيين من الوصول الى اسرائيل والقيام بعمليات كما تدّعي اسرائيل . اولاً الجدار بني على اراض فلسطينية وليس داخل الخط الأخضر ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى مزارعهم وأماكن عملهم لقد أجبرهم على محاولة الوصول إلى اسرائيل إنه الدفاع عن النفس. وثانياً يصل آلاف الفلسطينيين مثل بلال إلى اسرائيل من الضفة الغربية كل يوم للبحث عن عمل أي واحد منهم قد يقوم بعملية تفجيرية إذن لم يستطع الجدار وقفهم وإذا استطاع الفلسطينيون الراغبون في العمل الالتفاف على الجدار والحواجز فالراغبون بالقيام بالعمليات التفجيرية يستطيعون ذلك ايضاً . لا أحد يحمل حزاماً ناسفاً ويستعرض نفسه أمام حاجز عسكري إن من يعاني هم الفلسطينيون العاديون فقط . في اليوم السابق وجدت على نفس الحاجز بروفيسور من جامعة بير زيت موقوفاً مثل بلال تماماً لقد حاول الخروج من طولكرم خلال منع التجول للتدريس في الجامعة قرب مدينة رام الله واستطاعت نعومي بتداخلاتها أن يتم الافراج عنه لكنه أعيد الى طولكرم لقد شكرني بحرارة ولكن ماذا استطعت أن أعمل له او لطلابه لا شيء فلم يسمح له بالذهاب إلى الجامعة . بعد عدة مكالمات من نعومي نادى الجندي على بلال باشارة من اصبعه وأعطاه محاضرة لدقائق قبل السماح له بالمرور إلى قريته ثم دفعه بيده :أنه نوع آخر من الإهانات الصغيرة.
#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأبارتهايد يشبه هذا –إهانات صغيرة على حاجز إسرائيلي 2
-
ضحايا الجدار
-
لونا العراق : اغتصبت ولم تظهر على الفضائيات
-
العراق : عملية إعادة البناء بالتجربة والخطأ
-
أشباح أبو غريب
-
اليورانيوم المنضّب ( القاتل الخبيث يواصل القتل )
-
النساء في الهند :أمّهات للبيع- امّهات للحظات
-
غزة :حلقات الجحيم
-
العراق : أطفال الحرب
-
النساء في أفغانستان - لا توجد مساواة
-
ألأطفال العراقيون ذوي الاحتياجات الخاصة يفتقدون الدعم
-
اللاجئون العراقيون المنسيون
-
إعادة بناء أفغانستان 2
-
إعادة بناء أفغانستان 1
-
هل كانت الحرب على العراق كارثة؟(2
-
هل كانت الحرب على العراق كارثة؟
-
في العراق رعاية صحية هاي - تك ناقص الرعاية الصحية 4
-
في العراق رعاية صحية هاي – تك ناقص الرعاية الصحية (3)
-
في العراق –رعاية صحية هاي –تك ناقص رعاية صحية
-
يا يسار الشرق الأوسط صلّ على محمد وآل محمد - الى سالم جبران
المزيد.....
-
السجن النافذ لمن يلقي التحية النازية.. أستراليا تقر قوانين ج
...
-
بث للمرة الأولى من كاميرتي مراقبة.. فيديو متداول في لبنان يظ
...
-
بعثة ليبيا الأممية تشكل لجنة استشارية
-
المدعية العامة الأمريكية الجديدة تحل مجموعة نشطت في ملاحقة ا
...
-
الأزهر يرفض تهجير الفلسطينيين: خدع القرن الماضي لن تتكرر
-
مدعون عامون من 12 ولاية أمريكية يطالبون بتقييد وصول وزارة إي
...
-
النيجر .. الجيش يعلن مقتل 10 جنود على الأقل في كمين
-
-نافذة من دمشق- تتناول تداعيات كشف -قيصر- عن هويته
-
تحرير عنصرين من القوات السورية خُطفا خلال حملة أمنية قرب الح
...
-
أمريكا تصادر طائرة ثانية لرئيس فنزويلا.. ومسؤول: كنز من المع
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|