أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2007 شباط : مستلزمات بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي في العراق - كامل عباس - الجرح العراقي والملح الأمريكي















المزيد.....

الجرح العراقي والملح الأمريكي


كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1845 - 2007 / 3 / 5 - 11:44
المحور: الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2007 شباط : مستلزمات بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي في العراق
    


يروى ان أحد قادة حركة التحرر العربية قال لكبار مساعديه ( عندما نصحوه بالتخلي عن سلطته المترنحة تحت ضربات خصومه الإسلاميين تجنبا لحرب أهلية لاتبقي ولا تذر )
– التاريخ صراع على السلطة – وفعلا - يبدو مع كل أسف - ان أي مؤرخ محايد سيجد ان تلك المقولة تلخص تاريخ البلدان ذات الحضارة العربية الاسلامية , منذ القرن العاشر الميلادي وحتى الآن – أي منذ ألف عام وحكومات هذه البلدان تستمد شرعيتها عبر أجهزتها المفروضة على المجتمع بقوة السلاح , ومن يكسب ولاء تلك الأجهزة تستتب له السلطة , ومن السلطة يمر الحكام وبطانتهم ومؤيديهم ومحازبيهم وفقهائهم باتجاه الثروة والجاه والنفوذ’ أي ان هذه البلدان لم تعرف حكومات جاءت نتيجة العبور من الثروة الى السلطة , وكانت فيها الحكومات نتيجة عقد اجتماعي بين الحكام والشعب , ربما تجسد العقد الاجتماعي الوحيد في التاريخ العربي في عهد الرسول العربي محمد ودولته الأولى , ولكن الصراع على السلطة بدأ بعد وفاته مباشرة ,- لكنهم لم يتمكنوا من تجاوز الدعوة الاسلامية وما فيها من مضمون اجتماعي واضح وصريح في القرآن الكريم والسنة, والتي تحض على التسامح واحترام الرأي الآخر حتى مجيء الخليفة العباسي القادر الذي نشر عقيدته القادرية في جوامع بغداد عام 1029 م التي تبيح دم المعتزلة وكل من يقول معهم بان القرآن مخلوق , وفرض عقيدته على الأمة عن طريق القوة المسلحة لا عن طريق المناظرة والاستشارة التي يمكن ان تجري بين مختلف العلماء المنتمين الى مذاهب اسلامية مختلفة , واذا كان علم الكلام المعتزلي المعتمد على العقل قد أفسح لفكر جاد في الاسلام رغم الخليفة القادر ومن تلاه من الخلفاء , فشهدنا قامة علماء وفقهاء مسلمين أكبر من سلطاتها مثل - فخر الدين الرازي والآمدي والشاطبي وبن تيمية وبن رشد وبن خلدون - فان عصور الانحطاط تلت بعد ذلك ليصبح فقهاء الاسلام جميعا هم فقهاء السلطة واجتهادهم في الاسلام من اجل دعمها .
المأساة أن من ُسموا في التاريخ العربي الحديث بحركة التحرر العربة واعتبروا أنفسهم امتدادا لرسالة محمد كانوا استمرارا لعصور لانحطاط بكل ما تحمل من صراع دموي على السلطة وابلغ من رآهم على حقيقتهم هو الفيلسوف العربي محمد اراغون حيث قال عنهم حرفيا في احد مقابلاته الصحفية (( من يقرا خطابات جمال عبد الناصر او ميشيل عفلق او علال الفاسي او بو رقيبة او بو مدين او صدام حسين سيجد انها عبارة عن خليط غير متماسك تتميز بمقدرة كبيرة على تجييش الجماهير , لكنه خليط مضلل وخطر , فيه أفكار مستعارة من عصر التنوير الأوروبي , مخلوطة بالنداءات الهائجة والعاطفية التي تدعو الى إعادة الشخصية العربية الاسلامية بكل مجدها ’ ولكن المشكلة هي ان هذه الشخصية المطلوبة ليست هي الشخصية التاريخية الحقيقية , وانما الشخصية المهلوسة والمتشظية واللاتاريخية , أي الأسطورية في الواقع ))
أما معارضي حركات التحرر من الحركات الاسلامية المعاصرة فلم يكونوا أفضل منهم, وهم مثلهم امتدادا لعصور الانحطاط الاسلامية , همهم الوصول الى السلطة بأي ثمن , والمشهد واضح الآن على الأقل في ثلاث ساحات عربية تستخدم معارضتها الاسلام كوسيلة في الصراع من اجل السلطة , ولقطع الطريق على أي تحديث وتطوير محتمل في تلك الساحات لإنتاج سلطات تقوم على عقد اجتماعي مكتوب في ساحاتها .
يهمنا في حدود هذه المقالة الصراع على السلطة في العراق وهو الأعنف فيها جميعا , ولا غرابة في ذلك , فتاريخ العراق يجسد الصراع الدموي على السلطة بين الحركات الاسلامية , ففي كربلاء العراق ’ قطعت راس الحسين بن علي ووضعت على طبق بين يد المنتصر يزيد بن معاوية, وفي العراق خطب الحجاج بن يوسف الثقفي قائلا لأهل العراق – انني أرى رؤوسا أينعت وحان قطافها , وفي العراق سلخ جلد الحسين بن منصور الحلاج وحشي بالتبن وعلق على جسر بغداد – الحلاج الذي رفع الانسان العادي الى مرتبة الإله ورأى فيه صورة للتجلي الالهي على الأرض, وأفتى له بالحج في الدوران حول بيته اذا لم يكن قادرا على تامين مصاريف الحج الى كعبة رسول الله .
هكذا كان الصراع في العراق يتم على حساب السواد الأعظم من شعبه , وقد عكس فلوكلور العراق الشعبي تلك المعاناة الفظيعة بنغمة حزينة متميزة عن فلكلور كل شعوب لأرض .
صفحة جديدة من معاناة شعب العراق كتبها صدام حسين , وقد اثبت بجدارة انه وريث الحلاج ولا يقل دموية عنه من اجل تثبيت أركان سلطته , فقد فسخ جثث معارضيه ودفعها للكلاب ’ ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه التفكير في السلطة , ولم يسلم من شره أحد لا من اليسار ولا من اليمين ,لا الشيوعيون ولا الشيعة ’ لا الأكراد ولا البعثيون المعارضون لحكمه , وكان الأكثر ديماغوجية أيضا ومزايدة على الحركات الاسلامية , فهو الذي فكر في بناء أكبر جامع على وجه الآرض , وهو الرئيس المؤمن أكثر من السادات , والدليل على ذلك علمه الجديد الذي يحوي عبارة - لا اله الاالله - وهكذا تحول العراق في أواخر عهده الى صندوق مغلق محشو بكل أنواع المشاكل والمتفجرات الطائفية والمذهبية والعرقية والاثنية والقومية , ولايحتاج الصندوق الا لمن يفتح غطاؤه حتى تنفجر بوجه الفاتح كل تلك المفرقعات المكبوتة .
....................................................................................

سقط النظام العالمي الذي كان قائما على توازن الرعب بن جبارين وحل محله نظام جديد أكثر انسجاما مع تطور العلم ومنجزاته التكنولوجية وفي مقدمتها ثورة المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة التي أحالت العالم الى قرية فيها سوق واحدة , تتنافس على استثمارات السوق الشركات فوق القومية ,وكان لابد من إعادة تشكيل العالم بما يتلاءم مع النظام الجديد وبشكل خاص منطقة الشرق الأوسط , ولما كانت امريكا هي حارس النظام الجديد وزعيمته بمفردها , فقد اجتهدت إدارتها وقررت ان يكون العراق بوابة الشرق الأوسط الجديد
جاء الأمريكان الى العراق وفتحوا الصندوق بطريقتهم وما فيها من حماقات وجهل بتاريخ العراق فوضعوا الملح على الجرح , وبدا الأمر وكأن شعب العراق عليه ان يدفع فاتورة العولمة كما دفع في السابق فواتير عديدة من اجل التطور لاجتماعي في المنطقة .
اجتمعت عوامل عديدة لكي تتضاعف محنة الشعب العراقي على يد القوات المتعددة الجنسيات بقيادة أمريكا وبريطانيا نذكر منها في هذه العجالة .
1- الصراع الجديد بين أمريكا والحركات الأصولية الاسلامية , واستهتار امريكا بهذا الصراع بعد انتصارها السهل على عدو تعده أكثر تماسكا منها بالمعنى الأيديولجي والعسكري والسياسي والاقتصادي , وانتقال ذلك الصراع الى العراق بعد احتلاله من قبل امريكا . والعراق ساحة يعرف الاسلاميون مداخلها ومخارجها وماضيها وحاضرها وتاريخها وجغرافيتها أكثر بكثير من قوات الاحتلال الأمريكية .
2- انتصار أمريكا في العراق يعني انتصار العقل والحداثة والتنوير. مما يخلص المتاجرين بقيم الاسلام من راسمالهم فيصبحوا مكشوفين في أعين جماهيرهم . ولذلك دعم الكثير منهم الحركات الأصولية وأنتجوا فقهاء الإرهاب , هؤلاء يفتون بنزول الجماهير الاسلامية الى الشارع لتتظاهر ضد أمريكا والغرب , بحجة الإساءة للإسلام كما جرى بعد نشر صور كاركاتيرية في احد الجرائد الغربية , او بعد تفوه البابا بعبارات تنم عن جهل بالدين الاسلامي , ولكنهم يسكتون عن قتل الأطفال والنساء وتفجير السيارات في الأسواق الشعبية والجامعات ودور العبادة وفي تجمعات الأفراح والأحزان – المآتم والأعراس- لم نسمع بفتوى واحدة تطالب بالنزول الى الشارع استنكارا لتلك الأعمال الإرهابية!!
3- خوف الدول العربية من نموذج جديد في العراق يحرمها من توريث السلطة لابنائها , الدول الملكية والجمهورية لافرق . هؤلاء جميعا كان يهمهم ان تصل الجماهير العربية الى المقولة التالية . من يريد الديمقراطية على الطريقة الغربية فهذا هو نموذجها في العراق التي لن تجعل احدا منكم آمنا في بيته او رزقه او عرضه او ماله .
4- نظرة اهل العراق وكل شعوب الدول المجاورة لتلك القوات التي تمثل حضارة غريبة عنهم وعن تاريخهم . حضارة ذات بعد واحد – حضارة الاستهلاك – حضارة الحصول على مزيد من المال بأي طريقة كانت وباحتقار تام لكل القيم والمعايير الأخلاقية , وتجارة الجنس والحشيش . احد عناوين هذه الحضارة , والشرق شرق الروح والقيم الاسلامية التي تؤكد على البعد الروحي والمادي وتعتبر الانسان مخلوق على صورة الله ومدعو للتشبه بصفاته لدرجة الالتقاء والانصهار فيه .
5- النفاق المكشوف للنظام العالمي الجديد ومتاجرته بحقوق الانسان , وازدواج معاييره هنا على سبيل المثال لا الحصر ( ان حصة المستوطن الاسرائيلي من المياه في الجولان تزيد على عشرين ضعف من حصة أهل المنطقة الحقيقيين , وفوق ذلك تصل للمستوطنين بدون ثمن في حين يدفع أبناء الجولان ثمن المياه التي تستهلك من قبلهم ) والجولان ارض سورية عربية محتلة وهناك قرار دولي يطاب اسرائيل الانسحاب منها قبل احتلال صدام حسين للكويت بسنين عدة , يهرع المجتمع الدولي لنصرة أهل الكويت ويسكت عن نصرة اهل الجولان . لماذا ؟
6- اذا كان العالم يريد مساعدة المنطقة للاندماج بالنظام الجديد فلماذا لم يأتيها من البوابة الأصلية بوابة الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين؟ والتي تجعل دخوله الى شرق أوسط جديد آمنا
...............................

ان المعركة في العراق طويلة ومعقدة ومتشابكة أكثر بكثير مما يتصور منظروا الإدارة الأمريكية الحالية , واذا كنت تلك الادارة ومعها العالم تريد تحديث وتطوير وإصلاح المنطقة لتتلاقى مع استثمارات الراسمال العالمي , فالطريق الى ذلك هو بالتعاون مع القوى التي لها مصلحة في ذلك التحديث , وتفهم تاريخ بلدانها وتعرف أن الإصلاح الديني يجب ان يكون في مقدمة كل اصطلاح .
وحده الاصلاح الديني الذي ينطلق من قيم الإسلام ويراعي عادات وتقاليد وتراث الشعوب العربية الاسلامية , هو الكفيل بفك اسر الجماهير من الحركات الاسلامية السلفية الطامحة بالسلطة .
الاصلاح الديني الذي ينتج فقهاء همهم الاجتهاد الاسلامي كما كان في السابق , وفتاوى تأخذ بتعاليم الاسلام السمحة وتحترم الرأي الأخر, وتساعد على حل مشكلات الجماهير الاسلامية ولا تنتج فتاوى لمصلحة الحكام وبطانتهم .
كامل عباس - اللاذقية



#كامل_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصيام الأكبر
- من أجل يسار لبرالي عربي جديد
- اللبرالية والوضع الراهن في سوريا
- اللبرالية في التاريخ السوري - خالد العظم نموذجٌ
- اللبرالية في التاريخ السوري - الكواكبي رائداً
- اللبرالية والعلمانية
- اللبرالية وعلاقتها بالديمقراطية
- اللبرالية ومسيرة التطور الاجتماعي
- نجيب محفوظ في ذمة التاريخ
- عماد شيحا في روايته الثانية - غبار الطلع -
- شرق أوسط جديد بفوضاه !!
- تعريف برابطة العمل الشيوعي في سوريا
- اليسار السوري والتحرر الجنسي
- الطريقة السورية في تكريم المثقفين عند بلوغهم سن الستين
- الخف الوطني
- إذا كان بيتك من زجاج فلا ترجم بيوت الناس بالحجارة
- متى يصبح مناضلونا موضوعيين تجاه المفكرين الأمريكيين أمثال هن ...
- احتراف ثوري على طريقة ما العمل في مدينة حماه عام 1977
- اليسار السوري وتحرر المرأة
- أين تكمن مصلحتنا ؟


المزيد.....




- هيومن رايتس ووتش: ضربة إسرائيلية على لبنان بأسلحة أمريكية تم ...
- الأمم المتحدة: من بين كل ثلاث نسوة.. سيدة واحدة تتعرض للعنف ...
- وزير الخارجية الإيطالي: مذكرة اعتقال نتنياهو لا تقرب السلام ...
- تصيبهم وتمنع إسعافهم.. هكذا تتعمد إسرائيل إعدام أطفال الضفة ...
- الجامعة العربية تبحث مع مجموعة مديري الطوارئ في الأمم المتحد ...
- هذا حال المحكمة الجنائية مع أمريكا فما حال وكالة الطاقة الذر ...
- عراقجي: على المجتمع الدولي ابداء الجدية بتنفيذ قرار اعتقال ن ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطن -قصاصًا- وتكشف اسمه وجر ...
- خيام غارقة ومعاناة بلا نهاية.. القصف والمطر يلاحقان النازحين ...
- عراقجي يصل لشبونة للمشاركة في منتدى تحالف الامم المتحدة للحض ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2007 شباط : مستلزمات بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي في العراق - كامل عباس - الجرح العراقي والملح الأمريكي