حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 1845 - 2007 / 3 / 5 - 11:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لماذا يكتب لك أدونيس!؟
السؤال الاستنكاري لصديقي الذي يشكك بكتاباتي وأفكاري , دفعني وعلى غير العادة, إلى التريث في الإجابة. وتابع على غير عادته( ينتظرون أن ابدأ بالكلام لتحديد نقطة الهجوم الأنسب)....مقلب فعله احد الخبثاء وأنت شربته, خلال نشوتك بوهم رسالة من ادونيس.
فرحك وسعادتك_ أضاف الصديق في حديثه المتدفق وعلى غير العادة_ أفقداك التبصر والروية, لقد استعجلت يا حسين, في الرد على رسالة, بطبيعة الحال لم يترك احتمال( أن يتواضع أدونيس ويكتب لشاعر وكاتب هامشي لم يحصل ولا يسعى إلى اعتراف مؤسسة ما)...أو أن يتخيل إمكانية كتابة رسالة مفترضة, هي في الأول والأخير جزء من نص أدبي جناحاه الخيال والانتباه وجسده الحاضر المفقود...ثرثرة من الداخل.
ردّ الصديق الثاني كان أكثر فظاظة وسافر في عدوانيته واستفزازه, أدونيس ليس لديه إميل ولا يستخدم الأنترنيت ولا الموبايل_ الصديق الذي يقوم فخر حياته على قربه من أدونيس ويعتبر نفسه قارئه الأعمق وربما الوحيد...
اتفق الأصدقاء في اللاذقية العجيبة على سوء فعلتي, وضرورة الاعتذار ...للقراء( مع هزّ الأكتاف وبروز ملامح التشفّي_ من الشقي الذي يتلاعب بأسماء الكبار ولا يحترم القامات),
وانتقل النقد من,نقص المصداقية وحتى ضربها من جذورها, إلى الادّعاء....نعم كلمة مناسبة.
بصراحة وجدتها فرصة نادرة لرؤية جوانب مخفية في نفسي وفي شخصيات أصدقائي.
في مستوى الوعي والشعور,عدّة رسائل أردت توجيهها وبشكل غير مباشر,توقفوا عن الفخر بعلاقة أو رابط شخصي بأدونيس أو غيره,ومن جهة مقابلة احترام الكاتب يقوم على نقد نصوصه_ واحترام المبدع يقوم أساسا على الاعتراف بضعفه الإنساني وتعبيراته المختلفة في الحياة والثقافة وليس بأسطرته. أردت الإشارة المواربة أيضا لأصدقائي في جبلة واللاذقية, إلى سوء الفهم الطاغي في حياتنا وكلامنا وأوضّح بأكثر العبارات أدونيسيّة( لماذا كلما ازددت وضوحا أتهمني الآخرون بالغموض), كل ما ورد في الرسالة حقيقي أكثر من الرسالة نفسها.
ورسالتي إلى حسين عجيب الكاتب, كانت بقصد الحفاظ على بقية من احترام أدونيس.... بنفس القدر كان الجزء الثاني والخاص بالدكتورة وفاء سلطان.
*
قرأت عن تبنّي سارتر ورفيقته سيمون دي بوفوار مادّيا ومعنويا,لكاتب شاب لا تربطه بهما علاقات دم, وقرأت عن كثر من مشاهير الثقافات الأخرى, واحترامهم ومساعدتهم المباشرة لآخرين يختلفون عنهم, وليسوا مجرد أتباع في جوقة الكاتب الكبير....ولأوضّح بخشونة: اقترحت في مهرجان جبلة الثقافي(الوقوف على الرأس....), تغيير المنظور والعلاقة بين طبقات الكتاب في بلادنا(الموبوءة بالتراتبيات الموروثة والمستحدثة), على العكس من جناية أدونيس على الشعر السوري والعربي, بتقديمه لتجارب متواضعة جماليا ومعرفيا, وإهمال التجارب المتميّزة حتى في اللاذقية أمثال هنادي زرقة ومحمد دريوس.....من نفس الجيل!
وإن يكن الإنكار سمة الحياة العربية في السياسة والحقوق, يبقى الأمرّ والأسوأ, أن تستمر في الثقافة والإبداع_ الممارسة الواعية والقصدية في طمس الأجيال اللاحقة_ ربما أوضح مثال في سوريا ومصر اليوم. ومن غير اللائق القفز فوق ما يقوم به الشاعر قاسم حداد(كنموذج رائد في العربية) من احتفاء وتقديم للأصوات الجديدة والهامشية,بمصداقية ونزاهة نادرتين. ولأتجنب التعميم, لست على إطلاع يكفي لصياغة رأي خارج سوريا, إنما هنا ما يزيد المرارة وخيبة الأمل, أن يترفّع شاعر وكاتب مثل الماغوط وفي آخر أيامه عن ذكر اسم سوري واحد, هو الذي قدّمه أدونيس يوما, وفي سابقة جديرة بالاحترام ثقافيا وأخلاقيا, ربما ندم بعدها!
*
في قوانين الوراثة تتركّز دناءة ودونية الجنس البشري.وحتى في الجينات ما يعيدنا مع الفأر إلى أصل واحد! تلك حقيقة علمية وكم أتمنى أن تكون خاطئة,لكنها اليوم تشترك مع بقية كوارث السلف في تقييد الحرية والإبداع, وتمدّ غباء جنسنا بمصادر لا تستنفذ....مع الأسف. ذلك شاهد وسلاح ذو حدّين, يمكن استخدامه لتبرير التفاهة, بنفس الدرجة والشدة التي يمكن معها استخدامه للتعالي فوق أسباب المعاناة وديمومتها!
الادّعاء المضمر والصريح_ في رسالتي الأدبية لأدونيس_ قد يفسّره ولا يبرره, شعوري المزمن بالدونية وليس الإقرار بالإعاقة فقط, تجاه رواد الحياة الحديثة بأفكارها ووسائلها ونظم أخلاقها الحقوقية والمعرفية, وشعور الغبن المرافق, بحصري مع أمثالي داخل توابيت الوطن, وبتواطؤ من أعلام العربية ولا يمكن احتماله,فكيف بقبوله والتهليل لمرّوجيه ومهرّجيه!
لم يكترث الأصدقاء_من دفعوني إلى هذه الكتابة_ بما ورد في الرسالتين من أفكار وأسلوب وشكل المعالجة...اقتصرت الأسئلة على صيغة تحقيق جافّ وفجّ:
هل أدونيس فعلا من كتب الرسالة, هل تستطيع إثبات ذلك؟
ماذا تريد أن تقول؟ وهي تذكّر بالسؤال الفظيع(معظمكم يعرفه) أجب على قدر السؤال....
ما دوافعك للتمسّح بأدونيس(الصيغة الفعلية لسؤال): كيف تفسّر ادّعائك بتلقي الرسالة؟
_بدوري سألت الأصدقاء: هل يحتاج نص أدبي إلى شهادة براءة, خارج شرطه الأدبي!؟
....بين السطور سمعت أو فهمت: هل تجرؤ على تسمية ما تكتبه أدبا بدون شهادة.....
إجابتي واعترافي لأصدقائي ومن تصلهم ثرثرتي: لا أعرف وأكرر لا أعرف.
*
حاولت وما أزال أحاول وباستماتة ترميم الثقة...رفع سوية التقدير الذاتي. في حالات ضعفي وانحطاطي تكون الأخلاق أو المصداقية أو القوانين والحدود المشتركة آخر ما أفكر به.
حدث بالأمس ويحدث اليوم وسيحدث غدا. هذا ما اعرفه أكثر من اسمي.
هل أدونيس من كتب الرسالة يا حسين؟
_لا أعرف....وآخر همومي هكذا أسئلة تافهة جملة وتفصيلا.
بقينا تحت سقف واطئ
نمضغ الألم جيلا بعد جيل
.
.
.
هل تكتب
_ لا احفظ
هل تريد أن تقول شيئا
_ صوتي صدى معلوك في الهواء
من أنت..؟!
قسوة الآباء والأجداد
كسل فوق القشور
_ماذا يهم في هذه الثرثرة....
عيش فقير منهوب
نكاد نتّفق
قبور متلاصقة يمشي فوقها الصمت
.
عنف
اللاذقية
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟