أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - علاء اللامي - الحكم الاتحادي - الفيدرالي - القسري يتناقض وجوهر الديموقراطية ولن يكون حلا لمشكلة أكراد العراق















المزيد.....

الحكم الاتحادي - الفيدرالي - القسري يتناقض وجوهر الديموقراطية ولن يكون حلا لمشكلة أكراد العراق


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 554 - 2003 / 8 / 5 - 04:18
المحور: القضية الكردية
    


                                                                       
  التطورات الأخيرة على صعيد القضية الكردية في العراق بلغت درجة منذرة بخطر شديد لم تبلغه في يوم ما . فقد وطدت الأحزاب القومية الكردية تحالفها مع إدارة الاحتلال الإنجلوأمريكي ، و صعدت من خطابها السياسي وشعاراتها وممارساتها  القصوية ومنها  رفع العلم القومي الكردي على جميع المدن والبلدات الكردية وذات الأغلبية الكردية  و رفضها اعتبار مدينة كركوك " النفطية " مدينة متعددة القوميات كما هي في الواقع بل أعلنتها عاصمة مستقبلية لإقليم كردستان ، إضافة إلى إنشاد نشيد قومي  كردي في المناسبات الرسمية  وبحضور قيادات من قوات الاحتلال  كما يخبرنا الصحافي الكردي شيرزاد شيخاني في جريدة الشرق الأوسط 30/7/ الذي يخبرنا أن  الذروة التي بلغها هذا التصعيد تمثلت في تصريحات قادر عزيز الأمين العام لحزب كادحي كردستان وهو من الأحزاب القومية الرديكالية  والذي يدعوا إلى إجراء استفتاء حول استقلال إقليم كردستان عن العراق ، ويعرب عزيز عن قناعته بأن ثمانية وتسعين بالمائة من الأكراد  سيؤيدون الاستقلال .
   لا جدال في أن حق الشعب ،أي شعب كان ، في تقرير مصيره بنفسه يشكل الجوهر الأعمق لمنظومة المثل والمبادئ الديموقراطية السائدة في عصرنا الحاضر .و هكذا ، وكنتاج لحركة هذه الفكرة على المستويات النظرية والعملية ، يغدو كلُّ عمل قسري و مفروض من قبل طرف واحد  من الأطراف المكونة للنسيج الإثني لمجتمع ما  بهدف تجسيد هذا الحق ،  عملا منافيا للديموقراطية بل هو نقيضها التام .
إن المطالبة السائدة اليوم في أوساط القوى السياسية الكردية العراقية بتطبيق شكل معين لنظام الحكم والدولة العراقية هو النظام الاتحادي " الفيدرالي " لهي مطالبة تتساوق وتنسجم مع مبدأ حق تقرير المصير من حيث المبدأ  مع إنها أقل طموحا من صيغ أخرى تشترط الاعتراف بالحق الأساسي للشعب المعني في قيام كيانه السياسي والحقوقي المستقل أي دولته القومية ، ولكنها تظل صيغة أكثر طموحا من الصيغة التي راجت في الستينات والسبعينات وحتى إلى منتصف الثمانينات من القرن الماضي ألا وهي صيغة " الحكم الذاتي " التي كافح من أجلها الأكراد ومن آمن بحقهم ذاك من العراقيين العرب لعقود طويلة ووافقت الدولة العراقية على الأخذ بها وتطبيقها تطبيقا اتضح فيما بعد أنه ليس إلا تغليفا لمنهج الاضطهاد القومي بقفازات من حرير الوثائق والبيانات السياسية المبهرجة  .
  واليوم ومع بروز وترسخ حقائق جيوسياسية على الأرض العراقية  لعل من أبرزها الإطاحة بالنظام الشمولي الاستبدادي الذي عانى الأكراد وغيرهم من مكونات المجتمع العراقي الكثير من الظلم والاضطهاد على يديه ، ومع تحول العراق إلى بلد محتل ودولة مدمرة وفي طور التحلل والتفكك ، تتخذ المشكلات العرقية والطائفية في هذا البلد بعدا آخر ، وإيقاعا سوسيولوجيا مختلفا تماما عما مضى ينذر بالكثير من الانتكاسات والصدمات والتشوهات المجتمعية  .
  من هذه المشكلات قضية نوع نظام الحكم والدولة والعلاقة بين المكونات الإثنية للمجتمع العراقي . لقد أفلحت القوى الحزبية الكردية التي انحازت مبكرا إلى خيار التغيير عن طريق الحرب في تحويل تصورها الخاص للحكم الاتحادي "الفيدرالي " إلى تصور سائد وموافق عليه من أغلب الأطراف السياسية العراقية بل وحتى من أطراف سياسية لم يعرف عنها تجاوبا مع هذا النمط من التصور السياسي ونعني بشكل خاص بعض الأحزاب الإسلامية التي تحدثت برامجها طويلا ومفصلا عن حل آخر يقوم على مفهوم دولة " الأخوة الإسلامية " . وقد ظل عدد من الأطراف السياسية وبخاصة من القوميين واللبراليين  يتحفظون على صيغة الحكم الاتحادي " الفيدرالي " على  اعتبار أن شكل الحكم والدولة العراقية هي من مشمولات عموم الشعب العراقي الذي سوف يقرر عبر الممارسة الديموقراطية الرأي الفصل وليس قضية يقررها هذا الحزب الكردي أو ذاك . وبهذا المعنى قال آخرون إن الموضوع ليس موافقة مسبقة أو مشروطة على الدولة الاتحادية والعلاقة الفيدرالية بل هو الاحتكام إلى الشعب عبر الديموقراطية لتقرير هذا الشكل أو ذاك .وكان البعض أكثر وضوحا حين أكد بأنه لا يرفض الشكل الاتحادي / الفيدرالي ولكنه يرفض شكل وآليات تطبيقه وفرضه على أغلبية الشعب ودون العودة لهذا الشعب نفسه بوصفه مصدر السلطات .
و يمكن القول على سبيل المثال أن كاتب هذه السطور لا يرى في نظام الحكم الاتحادي الفيدرالي  الحل الأمثل الذي يلبي طموحات الشعب الكردي لأنه أدنى من ذلك بكثير بل هو يرى وجوب  أن يكون ذلك عبر حل شامل يستند إلى الشرعية الدولية وقراراتها المشابهة في خصوص حقوق الشعوب في تقرير المصير بهدف  حل مشكلة الأمة الكردية حلا شاملا وعادلا  ليس في العراق فقط بل في جميع الأقطار التي تعيش فيها تلك الأمة الأمر الذي يستوجب حلا عالميا وآليات وتصورات يهتم ويشرف عليها المجتمع الدولي ومؤسساته الكبرى وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة إضافة إلى الدول الأربع في الشرق الأوسط والتي  للكرد وجود مليوني فيها . غير أن هذا القول ينبغي أن لا يخرج من إطار القناعة والرأي الشخصي ، مثله مثل رأي المقتنعين بالحل الاتحادي ، أو الحل المركزي " نظام المحافظات "  ، أو  الحكم الذاتي  وبهذا يمكن الحفاظ على الجوهر الديموقراطي لحق تقرير المصير والمساواة في المواطنة الحديثة بالرجوع إلى  رأي الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في هذا الحل أو ذاك .
  ما يحدث اليوم للأسف خرج من هذا النطاق  الديموقراطي الشفاف ، وتحول إلى موقف أيديولوجي  مسبق  لا يخلو من  التشنج  والقسر السياسي . إنه أقرب إلى الشرط ومحاولة فرض الأمر الواقع من قبل من يتحدث باسم الأقلية الكردية على الأغلبية العربية في العراق وعلى الأقليات  العراقية  الأخرى  أيضا، و خصوصا اليوم و بعد أن أفلحت الأحزاب الكردية في فرض الشكل الاتحادي كأمر واقع وأدخلت مفردة "الفيدرالية " في البيان السياسي العام  لمجلس الحكم الانتقالي بدعم من حليفها السياسي الإدارة الأمريكية والتي هي في الوقت عينه سلطة الاحتلال بموجب قرار خاص للأمم المتحدة . إن سلطة الاحتلال والهيئات والوثائق السياسية وغير السياسية  التي تنتج عنها أو برعايتها لا تعتبر قانونيا صحيحة أو شرعية بل ستكون محكومة بوجود واقع الاحتلال وهي تزول قانونا بزواله كما يؤكد القانون الدولي ،  وعلى هذا فإن  ما قد تعتبره الأحزاب الكردية نجاحا  نهائيا هو في الحقيقة نتاج سياسي مشروط بظرفه الخاص والاستثنائي . هذا من جهة ومن أخرى فإن فرض صيغة الحكم الاتحادي " الفيدرالي على الشعب العراقي دون أخذ رأيه في الاعتبار عن طريق استفتاء ديموقراطي سوف يسجل كانتكاسة حقيقية للمسار الديموقراطي المنشود في العراق ويترك جرحا جديدا في الذاكرة الجماعية إن لم يكن قد أصبح مصدرا  لتوترات جديدة وخطيرة ذات طبيعة إثنية و نزوع  شوفيني .
 لقد بالغ بعض المدافعين عن " الفدرالية " كشرط وخيار ناجز  إلى درجة التصريح بأن الفدرالية يجب أن تكون ( وفق ما يريده الأكراد لا وفق ما تريده الدولة المركزية وأحزابها وتجمعاتها السياسية والثقافية ) كما كتب الأستاذ سامي شورش في جريدة "الحياة " عدد 15/تموز /2003 . وبما أن الدولة المركزية لم يعد لها وجود بل هي تحولت إلى هدف منشود ، وبما أن شكل الدولة قد حسم سلفا وبقوة التحالف مع سلطة الاحتلال ، فإن خروجا واضحا و  ذا آثار سلبية قد تم على ما دعوناه الجوهر الديموقراطي لحق تقرير المصير . الأمر هنا لا يتعلق فقط بالكرد كمكون ثان في المجتمع العراقي بل أيضا وبذات الدرجة من القوة بالأغلبية العربية العراقية و بالأقليات العراقية الأخرى .
  إن التخلي عن منهجية القسر وفرض الأمر الواقع عبر الاستقواء بالمحتل الأجنبي الاستعماري والعودة إلى التمسك بالثوابت الديموقراطية والاستقلالية  واعتبار  الديموقراطية  هي البوابة الحقيقية لحل المشاكل العالقة والمزمنة ومنها المشكلة الكردية في العراق وليس العكس إي اعتبار نمط الحكم الفدرالي المفروض فرضا هو بوابة الديموقراطية ! إن استفتاء الشعب العراقي بكافة مكوناته الإثنية والطائفية والعودة إليه في الأمور الحاسمة كطبيعة الدولة القادمة وشكل الحكم والعلاقة بين تلك المكونات والأخذ  بمبادئ المواطنة الحديثة ورفض التصنيفات والتدرجات الطائفية والعنصرية هو  الضمان الفعلي للتقدم في  المسار الديموقراطي  للتغيير  وتفادي توترات وتشنجات مجتمعية لن تكون في مصلحة أحد  بل هي ستجعل من " الحل الاتحادي / الفيدرالي " القسري والمفروض بقوة الاحتلال الأجنبي هو الوجه الآخر للعملة التي كانت سياسة التعريب الشوفينية والاضطهاد القومي في عهد نظام صدام وجهها الأول .

 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بضائع جيل السقوط : معاداة الصحافة والفضائيات والجامعة العربي ...
- ما هذا العهر السياسي يا فاضل الربيعي !
- مجلس الحكم الانتقالي حل تلفيقي لمأزق الاحتلال ومصدر لكوارث ج ...
- الجلف الكويتي أحمد البغدادي وهمجية الإنسان العراقي !!
- انتخابات بلدية وهمية ومطرقة خشبية وغوار بريمر وطرائف أمريكية ...
- المقاومة العراقية تتصاعد والجميع في انتظار الفتوى الذهبية
- شهر العسل الأمريكي الكردي ، لماذا انتهى سريعا ؟
- والاحتلال يأكل أبناءه أيضا : مأزق الاحتلال الأمريكي وحلفائه ...
- بين عرب صدام وعراقيي بوش ، هل تضيع دماء الأبرياء ؟
- العراق المحتل : مأزق مركّب وظواهرُ خطيرةٌ تتفاقم!
- رابطة الدفاع اليهودي تفضح حلفاءها: الجلبي ومكية وعبد الرزاق ...
- هلوسات الكبيسي الطائفية : ملك سني ولا رئيس شيعي !
- حول الظاهرة الفاشية : 2- هل كان نظام صدام فاشيا أم بونابرتيا ...
- البعثيون يواصلون إهانة الشعب العراقي : الجنابي يرفض إدانة جر ...
- حول الظاهرة الفاشية : 1- حكم البعث فاشية من طراز خاص ، نعم و ...
- رابع المستحيلات الممكن : حوار ومتمدن وعراقي ويساري !
- حول الصمت العربي إزاء مأساة المقابر الجماعية في العراق
- تعقيبا على اتهامات خالد صبيح : الفاشية لا وجود لها في العراق ...
- فلنتضامن مع جذور العراق .. فلنتضامن مع مواطنينا الكلدوآشوريي ...
- محاولات -تبعيث- المقاومة و رفض الاحتلال خدمة رخيصة للمحتلين ...


المزيد.....




- السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق ...
- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4 ...
- فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز ...
- عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان ...
- أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت.. تباين غربي وترحيب عربي
- سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد ...
- ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت ...
- الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
- بيتي هولر أصغر قاضية في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية
- بايدن: مذكرات الاعتقال بحث نتانياهو وغالانت مشينة


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - علاء اللامي - الحكم الاتحادي - الفيدرالي - القسري يتناقض وجوهر الديموقراطية ولن يكون حلا لمشكلة أكراد العراق