محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 1843 - 2007 / 3 / 3 - 10:17
المحور:
حقوق الانسان
العدل أساس الملك !!
هذا هو الشعار الذي تجده مكتوباً في كل محكمة من المحاكم المصرية وفوق رأس كل قاضي جالس علي منصة الحكم ومكتوب أيضاً آية قرآنية : وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل :
والذي كان يؤرقنا ويشغل بالنا هو أن يكون هناك وزيراً للعدل في مصر يتم تعيينه من رأس السلطة التنفيذية الذي يشغل منصب رئيس الجمهورية وفي نفس الوقت يشغل منصب رئيس الحزب الحاكم المؤبد في الحكم والسلطة حتي ينقضي الأجلين , الموت أو الإغتيال أما التنحي أو الإستقالة أو ترك الحكم حتي في أشد حالات المرض فهو ضرب من ضروب المستحيلات !!
فوزير العدل المفترض فيه أن لايكون وزيراً للعدل وإنما وزيراً لشؤون المحاكم فقط لاغير , أما في مصر فهو الذي يمثل رأس الهرم في السلطة القضائية في مصر وهي التي تمثل واحدة من سلطات ثلاث منها السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية , والدستور المصري يقر بمبدأ الفصل بين السلطات في مواده ومنها المادة 165 التي جري نصها علي أن :
السلطة القضائية مستقلة , وتتولاها الماحكم علي إختلاف أنواعها ودرجاتها , وتصدر أحكامها وفقاً للقانون .
وكذا نص المادة 166 التي جري منطوق نصها علي أن :
القضاة مستقلون , لاسلطان عليهم في قضائهم لغير القانون , ولايجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة .
وهذان نصان رائعان من ضمن النصوص الدستورية التي يتم تعطيلها بموجب نصوص دستورية أخري بل ونصوص قانونية مفصلة علي مقاس بقاء إستمرار وجود الحاكم في خانة إله أو علي أقل تقدير في خانة نصف إله !!
ولكن هناك مواد أخري دستورية تنتهك هذا المبدأ الدستوري وتعطي رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة وتهدر ضمانات المادة 165 و المادة 166 وباقي مواد الدستور وهي المادة 173 التي تعطي الحق لرئيس الجمهورية الذي هو رئيس الحزب الحاكم , تعطيه رئاسة المجلس الأعلي للهيئات القضائية , وجاء نصها ليقول :
يقوم علي شئون الهيئات القضائية مجلس أعلي يرأسه رئيس الجمهورية , ويبين القانون طريقة تشكيله وإختصاصاته وقواعد سير العمل فيه , ويؤخذ رأيه في مشروعات القوانين التي تنظم شئون الهيئات القضائية .
ومن ثم فإن وزير العدل يحمل حقيبة وزارية من حقائب حكومة الحزب الوطني الحاكم في مصر ويتم تعيينه من رئيس الحزب الذي هو رئيس الجمهورية الذي هو رئيس المجلس الأعلي للهيئات القضائية بنص المادة 173 من الدستور المصري !!
وكان علي إثر ذلك لابد وأن يصر القضاة علي مشروع قانون السلطة القضائية المقترح والمقدم من ناديهم , هذا هو الإصرار الذي يفجر القضية والتمسك بهذا الإصرار والسير علي طريق إستقلال السلطة القضائية يمثل القنبلة التي ستنفجر بسلطة الفساد أو علي النقيض يجعل من سلطة الفساد في حالة جهوزية عالية للتجهيز لمذبحة حقيقية للقضاة لتصادم نصوص تبغي هيمنة السلطة التنفيذية علي السلطة القضائية المفترض حسب نصوص الدستور أنها سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية , وكل سلطة لها الإختصاص المنوط بها حسب نصوص الدستور .
ولما كانت السلطة التنفيذية هي صاحبة اليد العليا الآمرة والناهية لكلاٌ من السلطتين التشريعية والقضائية وهي التي تمنع وتمنح , وترفع وتخفض , وتحب وتكره , وترضي وتسخط , ولما كان القضاء أرفع وأسمي من كل ماسبق فالقاضي لايقبل أن يرضي عنه أحد أو يسخط عليه أحد , والقاضي يرفض المنح ولايقبل بالعطاء أوالمنح , والقاضي يمقت أسلوب المنح والمنع , فهو أشرف وأنزه وأعز من أن ينتظر كل هذا , القاضي يحقق العدل الذي هو غايته ورسالته فلا يستطع أحد أن يكرهه ولابمكنة أحد أن يرفض حب عدالته , والسلطة التنفيذية جعلت من القضاة ولسنوات طويلة خاضعين لها يأتمرون بأمرها وينتهون بنهيها , وكان من المفترض أن تكون السلطة التنفيذية هي التي تنفذ مايأمربه القضاة من أوامر في صورة أحكام قضائية واجبة النفاذ , ولكن كانت الصورة المقلوبة هي الحاكمة للموقف السياسي الحاكم للحزب الوطني الحاكم طوال سنوات حكمه فكان أن سيطر القرار السياسي علي القضاة حتي في أحكامهم وهذا ليس علي كل القضاة فهناك العديد والعديد ممن رفضوا الإنصياع لأوامر السلطة التنفيذية الحاكمة , ولكن هناك العديد ممن شاركوا في تزوير الإنتخابات بجميع أنواعها ومراحلها , وكذا تزوير الإستفتاءات , وتزوير إرادة الأمة طوال هذه السنوات وما نهي الزيني ببعيدة عن إقرار فضيحة التزويروتوثيقها , وما القائمة السوداء للقضاة المشاركين في جريمة التزوير ببعيدة عن المتابعين للشأن العام , وما وثقه أحد أمناء اللجنة العامة للإنتخابات في إحدي الدوائر الإنتخابية في محافظة الغربية والذي يقر ويشهد بتزوير الإنتخابات لصالح مرشح الحزب الوطني حزب السلطة التنفيذية وذلك بعد نوبة صحوة ضمير والمنشورة بجريدة صوت الأمة في 12_6_2006 وشواهد التزوير الذي شارك فيه قضاة أو لم يشارك فيها عديدة ولاتحصي ولاتعد , ولما كان القضاة الشرفاء رفضوا نسبة أي تزوير لهم فقد طالبوا بالإشراف القضائي الكامل علي الإنتخابات من تسلم الجداول وتنقيتها وتلقي طلبات الترشيح ومتابعة العملية الإنتخابية والإشراف عليها داخل اللجان وخارجها حتي إعلان النتيجة , ومن هنا بدأت بوادر الأزمة , وكان وجود ممدوح مرعي وزيراً للعدل أمراً وجوبياً للعمل علي تنفيذ أوامر السلطة التنفيذية التي ينتمي إليها ويحمل حقيبة وزارية في حكومة الحزب الحاكم التي يتوجب عليه أن يفعل قراراتها حتي ولو كانت ضد إرادة القضاة !!
ولما كانت هناك خلافات بين نادي قضاة مصر وبين السلطة التنفيذية الممثلة في رأس الدولة ورأس النظام الحاكم في مصر وهو رئيس الجمهورية ومن ثم وزير العدل في الحكومة التي يترأس حزبها الحاكم رئيس الجمهورية وذلك بسبب الإستفتاء علي تعديل المادة 76 من الدستور المصري وماجري من تعديل معيب لها وماتم من خروقات أثناء العملية الإستفتائية علي تعديل المادة المعيبة من الدستور المصري والتي يجري العمل الأن علي تعديل التعديل للمادة 76 من الدستور المصري , وما جري من خروقات أثناء العملية الإنتخابية في إنتخابات مجلس الشعب المصري عام 2005 من بلطجة وتزوير وأعمال قتل وسحل وإعتقالات وهتك عرض بل ووصل الأمر بالتعدي علي القضاة بالضرب والتهديد والوعيد من خلال إعدادهم لبيان إشتمل علي لائحة سوداء بها أسماء القضاة الذين شاركوا في تزوير الإستفتاء علي تعديل المادة 76 من الدستور , وكذا إنتخابات مجلس الشعب المصري للعام 2005 , وماحدث من شهادة المستشار/ نهي الزيني من فضح التزوير والبلطجة الأمنية , وتعدي الأمن المصري بضرب وجرح وإصابة المستشار محمود حمزة أمام نادي القضاة , وإلتفاف الجماهير حول المستشار مكي والمستشارالبسطويسي أثناء تقديمهم للمحاكمة وحصول أحدهما علي براءة والآخر علي اللوم , وهذا ماسبب أزمة للسلطة الحاكمة في مصر وكان لابد من وجود المستشار ممدوح مرعي وزيراً للعدل ليكون الإرادة النافذة للسلطة التنفيذية الممثلة في صفة رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الوطني الحاكم , ورئيس المجلس الأعلي للهيئات القضائية الذي هو مبارك الأب حتي يتم ما أراد مبارك الأب من توريث مبارك الإبن حكم وكأن مصر الأب والإبن تمثل معاوية ويزيد في السلطة والحكم , وكان ممدوح مرعي لابد أن يكون وزيراً للعدل ليتحدي إرادة القضاة والضغط عليهم إنتصاراً لإرادة السلطة الحاكمة في مصر وماكان منه حسبما سطرت صحيفة المصري اليوم في عددها 987 إلا أن يطالب في دعوي أقامها : بوقف تنفيذ الحكم النهائي لصالح القاضي محمد جاد المنزلاوي «٢٦ سنة» والمريض بورم في المخ ، حيث ألزم الوزارة بتغطية جميع تكاليف سفره وعلاجه في ألمانيا .
ولكن ترافع قاضي عن قاضي ليؤكد أحقية القاضي في إلزام الوزارة وهي وزارة العدل بتغطية جميع تكاليف سفره وعلاجه في ألمانيا .
وجاء دفاع القاضي الذي دافع عن القاضي المريض بورم في المخ ليؤكد أحقيته في ذلك السفر للخارج وتحميل الوزارة تكاليف العلاج بخلاف أن القاضي الذي هو وزير العدل يترافع في صحيفة دعواه ليمنع القاضي المريض من أحقيته في العلاج والسفر للخارج حتي يموت أو يعيش بعاهة مستديمة , فالأمر وكأنه لايهم وزير العدل بالرغم من أن حق العلاج مكفول لجميع المواطنين المصريين سواء بالداخل أو بالخارج .
وجاء دفاع القاضي المدافع عن أحقية القاضي المريض ليقول بعد أن : شرح للمحكمة استحالة قبول دعوي الوزير، باعتبار أن الحكم الصادر يتضمن الرد علي دفوعه، كما أن دعوي البطلان لا يجوز رفعها إلا إذا تجرد الحكم من أركانه الرئيسية أو شابه خطأ جسيم ، كأن يكون صدر من غير قضاة ، مشيرا إلي أن الواضح أن مرعي لم يقرأ الحكم ، وهدفه فقط هو تعطيل تنفيذه .
بل: وأكدت المحكمة في حكمها أنه إذا كانت إساءة استخدام حق التقاضي بدعاوي غير صحيحة أو استئنافها أمام محاكم غير مختصة أفعالا مذمومة من «أحاد الناس»، فإنها أشد من الوزارة التي يفترض فيها أنها خصم شريف لا يعطل الأحكام ، بل تكون المصيبة أعظم عندما تصدر هذه الأفعال من سدنة العدالة وشيوخ القضاء .
وأشار المستشار يحيي دكروري رئيس النادي إلي أن الوزير تصرف بغرابة مع حكم واجب النفاذ من الإدارية العليا، خصوصا أنه أنشأ إدارة خاصة لتنفيذ الأحكام، وقال: تعطيل تنفيذ الأحكام مجرم بحكم الدستور مثل الامتناع عن التنفيذ.
فهل سيتم تعطيل تنفيذ أحكام القضاء واجبة النفاذ من جانب وزير العدل حتي إذا كان الصادر لصالحه الحكم قاضي ؟!!
فما بالنا إذا كان الحكم القضائي الواجب النفاذ صادراً لصالح غير القضاة من المواطنين المصريين ؟!!
وما ظننا إذا كان القائم بتعطيل أحكام القضاء هو وزير العدل ذاته ؟!!
فهل سيستمر الوزير في تعطيل تنفيذ الحكم بعد أن : قضت المحكمة الإدارية العليا أمس ، برفض دعوي البطلان التي أقامها المستشار ممدوح مرعي وزير العدل في الحكم الصادر بإلزام الوزارة بتحمل نفقات العلاج في الداخل والخارج لرجال القضاء وأعضاء الهيئات القضائية .
فهل إذا خضعت السلطة القضائية في مصر للسلطة التنفيذية يمكن أن تنتظر في مصر عدالة ؟!!
أعتقد أن جميع هذه الأفعال هي التي ستقود مصر إلي ساحة التحرر , فكلما زاد الكبت والقهر والضغط الإجتماعي كلما كان الإنفجار الشعبي الجماهيري وشيكاً , وكانت حرية الوطن والمواطن قاب قوسين أو أدني من خوض معركة غمارها التحرر من سلطة الإستبداد والطغيان والفساد !!
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟