أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود حمد - لماذا يطالب الفنان(والمثقف)بما لا يطالب به السياسي؟!















المزيد.....

لماذا يطالب الفنان(والمثقف)بما لا يطالب به السياسي؟!


محمود حمد

الحوار المتمدن-العدد: 1842 - 2007 / 3 / 2 - 12:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفنان العراقي بين مرحلتين4/21
 الفنان بين هموم الناس وهمومه الإبداعية؟
تبدو الهموم الإبداعية للفنان بأنها هموم فردية،لا يشارك الفنان فيها أحدا،باستثناء تلك المتطلبات التنفيذية التي توفر إمكانية تحويل تلك المعاناة الإبداعية التي يتمخض عنها المشروع الفني إلى منتج فني مادي محسوس.
لكن متطلبات إنضاج ذلك الصراع الجدلي بين –الومضة الخارجية المحفزة لموهبة الفنان وتلك الموهبة والمخزون المعرفي في الذاكرة – رغم ذاتيته وخصوصيته ليس منعزلا عن البيئة الاجتماعية المحيطة بالفنان.
فكلاهما يحتاج إلى:
أنفاس الحرية، والمجتمع الأمن،والثراء المعرفي،ولقمة العيش الكريمة.
ومن هنا نجد أن الفنان بطبيعته هو تقدمي النزعة والميل،بغض النظر عن انخراطه في منظمات تشاركه هذا الميل، أم انه يمارس دوره بشكل فردي.وذلك بفعل عوامل موضوعية ترتبط بطبيعة الوظيفة الإبداعية التي ينجزها الفنان..فتلك الوظيفة تهدف إلى:
o تفكيك وتحليل صورة الحاضر.
o تقديم رؤى تتجاوز صورة الواقع السائد ،وخلق الجديد.
o استدعاء الأزمنة واستلهام ما يرتقي بالواقع.
o مراجعة المعايير والقيم الجمالية بشكل متواصل وتقديم قيم ومعايير جمالية أكثر استجابة لحركة التطور المعرفي والذوقي التاريخي.
o وهذه النزعة التقدمية وميولها وقدراتها الذاتية هي نفسها،التي تحكم حركة التطور الاقتصادي والاجتماعي.وبالتالي فان احتياجات الفنان لخلق عمل إبداعي هي ذاتها احتياجات المجتمع للانتقال من طور تاريخي ادنى إلى آخر أكثر رقيا.كما أن الطاقات الإبداعية المختزنة في روح الفنان وعقله هي ذاتها الكامنة في المجتمع والتي تأهله للانتقال إلى نمط أكثر تقدما من العلاقات الاجتماعية والحياة المتمدنة.
o ومن هنا نجد أن هذه العلاقة بين الفنان كانسان مبدع وبين مجتمعه كمجموعة قوى اجتماعية نامية ومتصاعدة،والتي هو جزء منها واحد رواد التجديد فيها، هي الآصرة التي تربط الفنان كانسان (فرد) بمجتمعه.
o إن من بين ما يميز الفنان وجميع المبدعين أنهم يقدمون منتجا إبداعيا يعبر عن واقع جمالي أو معرفي أو اجتماعي متغير،رغم عدم حدوث ذلك التغيير في الواقع أو عدم نضج الظروف الموضوعية للتغيير كما تبدو للسياسيين وغيرهم، في وقت يحس المبدع دون غيره بتهاليل المستقبل وبملامح التغيير المقبل قبل انجلاء ذلك للوعي السائد.فيجسده في أعمال فنية رائدة.
 هل الفنان رائدا؟
إن لم يكن كذلك فكيف يكون فنانا؟
إن أولى خصائص الفنان هي قدرته على قراءة ما حوله وما في ذاكرته بمنهجية مختلفة عن سواه، وفق رؤية تغييرية وتجديدية متقدمة ليس على خصائص الواقع فحسب بل وعلى معايير الرؤية لذلك الواقع..فالفنان المبدع هو ذلك الشخص القادر على استلهام رؤية جديدة للعالم _رؤيته الشخصية_ وتتجلى في - معايير جمالية وفكرية- جريئة ورائدة وقادرة على التزاحم مع المعايير السائدة من خلال منجزات فنية.
فمنحوتة (السجين السياسي )ولوحة (موسيقى في الشارع) للفنان الرائد جواد سليم لم تكونا أعمال فنية جميلة بل رؤية جديدة للجمال ولحركة الواقع وموقفا من مجرياته ،لذلك كانت جزءا من مكونات مدرسة فنية عراقية،ذات قيم جمالية جديدة تختلف عن السائدة وكذلك عن تلك التي جاء بها الفنانون القادمون ومعهم التجارب الفنية من أوربا، بقدر ما كانت موقفا تقدميا من الصراع الاجتماعي القائم آنذاك.
 لماذا يطلب من الفنان ما لا يطلب من السياسي؟
في تجربتنا العراقية مثلما في تجارب العديد من البلدان الضعيفة النمو يوضع الفنان والمثقف في مطحنة أهواء السلطة السياسية.
ونتيجة لطبيعة الأنظمة الشمولية الأحادية الرؤية للثقافة عموما وشيوع ثقافة وسلوك الإذعان للقوي والمتسلط ابتداء بالحاكم وانتهاء بقاطع الطريق، مما يجعل من الفنان احد اضعف الحلقات الاجتماعية (ماديا) بمواجهة القسوة والقمع،فيساق الفنان كالذبيحة إلى مسلخ نزوات السلطة ونواياها غير الثقافية أو الفنية،ويزج في آلة الدعاية الحكومية كـ "عجلة ذات بريق"،لتنفيذ غايات البقاء بالسلطة أو تبرير الخراب والحروب أو طعن الخصوم في الخارج والداخل،(وخلال هذه المطحنة يتساقط الخاوي من الفنانين ويصطف متحمسا كأداة تخريبية بيد سلطة الاستبداد..فيما يتوزع الآخرون بين نزلاء السجون والمعتقلات أو المنافي أو الانزواء القسري أو المراوحة بين المداهنة والانكفاء أو ..)..ويلازم ذلك تشبث السلطة والفئات الاجتماعية التي تمثلها بالقيم الفنية البالية أو التي تجاوزتها قوانين التطور الاجتماعي.
ولم يكن الفنان أو المثقف في أي فترة من ذلك الصراع بالطرف السلبي رغم كونه الطرف (الضحية) في الصراع بوسائل القسوة ،لكنه الأقوى بطاقات الإبداع ووضوح الرؤية وصواب الموقف وصدق الانتماء للوطن وللشعب..فيقاوم الفنان ذلك الطوفان التسفيهي والدموي ، ويظهر اتجاهان بين الفنانين:
الأول..تيار إبداعي يتجه نحو التجديد الصاخب لمعايير الفن وقيمه الجمالية كشكل من أشكال المقاومة ورفض الواقع المتخلف والطاحن..وقد ظهرت أهم التيارات التجديدية في تاريخ الحركة الفنية في العالم ومنها في العراق خلال الفترات التي ترافق أو تعقب النوبات الأكثر قمعا واستبدادا وتخلفا وارتدادا في تاريخ الأنظمة السياسية..فقد شهدت خمسينات القرن الماضي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية نهوضا ثقافيا تنويريا واتجاهات فنية رائدة ومجددة فسطعت أسماء كبيرة كجود سليم وفائق حسن ومحمود صبري وغيرهم ممن أوقدوا شرارة مدارس تجديدية ما تزال تثمر في أعمال أجيال متعاقبة من الفنانين العراقيين..وفي ستينات القرن الماضي بعد الانقلاب الدموي في شباط 63 وخروج العديد من المثقفين والفنانين من السجون والمعتقلات والفصل والإبعاد، وتزامن ذلك مع هزيمة النظام العربي في 1967 ..انبثقت العديد من التجارب الفنية المجددة التي قدمت رؤى جمالية وفنية متحررة من الأنماط التقليدية وظهر جيل كبير من أولئك الفنانين من أمثال ضياء العزاوي وهاشم سمرجي وفائق حسين وشاكر حمد ومهدي مطشر وسالم الدباغ ومحمد مهر الدين وعلي طالب ..وغيرهم (ممن لم أتذكر أسمائهم بفعل تراكم الحطام على روحنا وذاكرتنا لكن مساهماتم لانتشال الذوق والثقافة والوعي من الإحباط والتردي لن تنسى –لهذا اعتذر منهم سلفا).
أما التيار الثاني ..فهو مجموعة الفنانين الذين يعتقدون بان قدرات الفنان المبدع والمنتج الإبداعي في الدولة المستبدة والمجتمع الضعيف النمو والوعي المعرفي ، يحتاج إلى تنظيم ومنهجة التحرك الثقافي والفني لخلق فئات ذات ذائقة فنية متقدمة قادرة على تلقي الثقافة والفن الجديد..وهذا تبلور بظهور تجمعات مهنية فنية أو انخراط العديد من الفنانين بالحركات السياسية ذات الرؤى الاجتماعية التقدمية والمفاهيم الجمالية الحديثة.
وتخرج عدد غير قليل من الفنانين الذين دفعوا أكثر من غيرهم ثمنا غاليا من حياتهم وزمن إبداعهم ومصائرهم ومصائر عوائلهم في مواجهة أنظمة الاستبداد، لأنهم اختاروا الخصومة المعلنة والفصيحة للاستبداد كنظام سياسي واجتماعي وثقافي.وهنا لا أريد أن أبيح لنفسي ذكر أسماء فنانين أعزاء اعرفهم ونعرف جميعا حجم تضحياتهم الكبيرة لأنهم مازالوا هدفا لقسوة وضغائن القتلة.
لكن التيارين على حد سواء يمثلان ميلا تقدميا واحدا للفن والفنان ولكن بأساليب مختلفة، لذلك فان السلطة القمعية لا تفرق بين فنان- يعترض عبر أسلوبه الفني -و- آخر يعترض عبر موقفه الاجتماعي-..
لكن السؤال الذي لابد أن يثار في هذه المرحلة من إعادة بناء الإنسان والوطن..هو:
لماذا يطالب الفنان بمالا يطالب به السياسي؟
فالاستبداد كان قوة قمع ،متعددة الأشكال والأساليب ،فهو لم يكتفي بطغيانه أن جعل الوطن قبرا كبيرا للإنسان والاقتصاد والثقافة والبيئة..بل انه اسقط قطاعات واسعة من المجتمع في حبائله ومغرياته أو تحت التهديد بالموت أو قطع الرزق أو الاعتداء على شرف العوائل وتصفية أبنائهم..وشمل هذا النهج الفاشي جميع الفنانين، والسياسيين والمثقفين ورجال الأعمال وجميع مكونات الشعب..وبعد سقوط الصنم كان لابد من فتح ملفات المصارحة من اجل تحقيق المصالحة وإحالة الملطخة أيديهم وضمائرهم وأقلامهم بدماء العراقيين إلى العدالة..لكن ذلك لم يحصل_ولن يحصل!_ ..ولكي لا نذهب بعيدا عن المكاشفة فان رموزا في السلطة الحالية هم من أجهزة النظام السابق أو المتعاونين معه أو المتعاملين معه أو حتى من قواه التنفيذية بل والقمعية أو التضليلية..وقسم منهم يجاهر من قبة البرلمان أو عرش السلطة بالحنين للنظام المستبد أو دعم الإرهاب..(فتلك هي المصالحة ..رضينا أم أبينا!!؟).
لكن إلى جانب ذلك نسمع أصوات تطالب بجلد الفنانين والمثقفين الذين كانوا يعملون في جهاز السلطة الإعلامي أو الثقافي..ويضع البعض نفسه قاضيا للتشكيك بوطنية أولئك الفنانين والمثقفين..
إن الموقف الوطني الشجاع والمسؤول يتطلب إدراك واحدة من أهم حقائق التاريخ التي تعقب سقوط الأنظمة المستبدة.. وهي إن _ القانون _ وحده الكفيل بإدانة الآخرين أو تبرئتهم ..و_ الشعب _ وحده الكفيل بمسامحة أو معاقبة أي فرد سواء كان فنانا أو مثقفا أو سياسيا..وما ينطبق على السياسيين ينبغي أن يسري على الفنانين والمثقفين كي نؤسس لدولة القانون والمساواة .



#محمود_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تَرانيمُ الحُزنِ
- إقصاء المثقف عن البناء الوطني يخلق فراغا يملأه التخلف والإره ...
- لماذا اغفل الدستور العراقي احتياجات الثقافة والفن؟
- الفنان العراقي بين مرحلتين-الفنان والحرية-2/21
- في ذكرى رحيل الصديق الفنان فائق حسين-رحيل الفنان السومري الح ...
- 1/21 :/الفنان والاستبداد/الفنان العراقي بين مرحلتين/
- التاسع من شباط1963
- الازمنةُ العراقيةُ!
- صِبيانٌ غابوا في مُنتَصفِ الدَربِ إلى-اللُقْمَةِ-!
- بيتٌ -عليٍ- والفانتوم!
- إمّا البيضةُ أوْ بَيتُ الطاعةِ؟!
- و-إذا الايامُ أغسَقَتْ-(1) فَلا تَنسوا -حياة شرارة-!
- لوحةٌ على جُدرانِ غُرفَةِ التَعذيبِ!
- طِفلٌ قُرويٌّ يقرأُ ألواحَ الطينِ
- لا يَصلِحُ لبلادِ النَهرينِ إلاّ السُلطانُ الجائِرُ؟!
- -عمالُ المَسْطَرِ- (1) بضيافةِ -عُقْبَة - (2)
- عبد الرحمنٌ ..كوَةُ ضَوءٍ في الظُلمةِ!
- -شهدي-(1)واحدٌ مِنّا!
- أميرةُ -الحَضَرِ- تبحثُ عن بَطنِ الحوتِ!
- ليلةُ الغدر ب -محجوب-


المزيد.....




- كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
- إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع ...
- أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من ...
- حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي ...
- شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد ...
- اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في ...
- القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة ...
- طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
- الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
- الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود حمد - لماذا يطالب الفنان(والمثقف)بما لا يطالب به السياسي؟!