|
وإذ- يقرفونك- بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان!!
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 1842 - 2007 / 3 / 2 - 12:08
المحور:
حقوق الانسان
يتبارى الغرب والأمريكيون رسميون وغير رسميين ومن معهم من المؤيدين من عرب وعجم ومؤسسات حقوق إنسان منتشرة في مختلف أصقاع العالم، ليحدثوك دوما ويذكروك بحقوق الإنسان الأساسية وبالديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولا ينسون بالطبع أن ينبهوك حول ضرورة وأهمية حق تقرير المصير للشعوب كضرورة لبناء المجتمع وتكريس الديمقراطية فيه ، تخرج علينا أفواجهم وأجيالهم المتلاحقة عبر الإعلام ودوائر صنع القرار وغيرها، ليدينوا ويشجبوا تلك الانتهاكات الفظيعة بحقوق الإنسان ربما هناك ، لكنها بقدرة قادر تصبح ممنوعة هنا ، والسبب للتبرير جاهز ، أما هناك فان الانتهاك قد أصاب دولة الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وأما هنا فالأمر يتعلق بمكافحة ومواجهة الإرهاب والإرهابيين ، هؤلاء الذين لاهم له سوى القضاء على امن العالم واستقراره ، ومنع دول الحضارة والتقدم والديمقراطية من تحقيق مزيد من الإمعان في السيطرة على البشر وعلى ثرواتهم ومقدراتهم وطمس ثقافاتهم وتوجهاتهم الإنسانية الخاصة لمصلحة ثقافة بعينها ، لايكون لهم في ظلها سوى أن يكونوا تابعين خاضعين بل عبيد تافهين تحت مظلة عولمة الاستبداد والاضطهاد ، ولذلك على هؤلاء العبيد أن يلتزموا بفرمانات العولمة الأمريكية وأدواتها المساعدة من غربيين وصهاينة ، ومن يبدي من هؤلاء المضطهدين تململا أو رفضا أو مقاومة، فهو الإرهابي الذي عليه أن يعود إلى بيت الطاعة العبودية، وإلا فان مصيره الموت والفناء .
هذه هي الديمقراطية وحقوق الإنسان في هذا العالم الذي نعيش فيه ، فألف نعم ونعم للديمقراطية وحقوق الإنسان وكل المفاهيم الأخلاقية والإنسانية ،حينما يتعلق الأمر بمصالح الأمريكيين والأوروبيين وحبيبة قلبهم وأداة قمعهم في المنطقة السيدة إسرائيل ، نعم تراهم يستميتون دفاعا عن مصالح، التي هي ليست مصالح في عرف القانون والإنسانية ،بل هي جشع وشره تسير في مركب التهور والاعتداء المسبق على الشعوب ودولها وسيادتها واستقرارها ، لذلك نراهم لامشكلة عندهم بان تحتل بلدان خلق الله ، وأن تنتهك سيادتها ويقتل أبناؤها وأطفالها ورجالها وتغتصب نساؤها كما في العراق وأفغانستان ، طالما أن مشروع التهور والجشع الأمريكي وحلفائه من الغرب وغيرهم يهدفون من هذا الغزو والاحتلال التمكين لقرن جديد تحدث فيها استباحة البلاد والعباد في أقصى درجاتها ، ويصبح فيه النفط واحتياطاته العالمية رهن الاحتكار الأمريكي وشركائه ، ولا مشكلة أيضا عندهم بافتعال الأزمات والحروب الداخلية على مستوى المنطقة بأكملها من خلال مشاريع طائفية ومذهبية تحول شعوب المنطقة إلى قبائل متناحرة يتحقق بموجبها هدف السيطرة عليهم وعلى ثرواتهم نهائيا ، لا مشكلة عندهم برغم أزماتهم أن يقوموا بحروب أخرى ضد إيران وسوريا وحزب الله وحماس في سبيل تحقيق هذا الجشع اللاانساني غير المتناهي ، مشروعهم هذا غير المتوازن والذي حذر منه الرئيس الأمريكي الأسبق" داويت أيزنهاور" في خطبته الوداعية عام 1961 ، حينما أشار إلى مجمع التهور الفكري والمالي والعسكري الذي لايراعي توازنا ما بين الخاص والعام ، وما بين الداخل والخارج . يبدو أن المحافظين الجدد ماضون في غيهم نحو تحقيقه، ليأتي الخراب على الجميع، أمريكيين وأوروبيين والشعوب المستهدفة على حد وصف "أيزنهاور" . في ظل هذه السياسات الأمريكية العدوانية، التي تريد كما يبدو تحقيق "نهاية التاريخ"، بانتصار وإقصاء الحضارة الغربية لكل غيرها من الحضارات الإنسانية الأخرى ، وبالتالي تسويد الأمريكيين والغرب والصهاينة على غيرهم في كل شيء، بحيث لايتبقى للآخر لا كرامة ولا استقلال ولا سيادة ولاما يحزنون .في ظل هذا الوضع المزري يصبح الحديث عن حقوق الإنسان والديمقراطية نوعا من العبث و الترف الذي لا لزوم له لأهل المنطقة العربية والإسلامية ، لطالما أن للديمقراطية شروطا ومقاييس حسب التصنيف الأمريكي والغربي ، هؤلاء الذين لم يتورعوا ولم يخجلوا على أنفسهم في احترام استحقاقات ونتائج الديمقراطية التي مارسها الشعب الفلسطيني، والتي شهد كثيرون على مصداقيتها ونزاهتها ، بل إنهم فرضوا الحصار على الشعب الفلسطيني عقابا له على خياره ، ليس هذا وحسب بل إنهم اليوم يمانعون ويعترضون ويتحفظون على ما اجمع عليه الشعب الفلسطيني في اتفاق مكة الأخير ، الذي كان اتفاقا من اجل منع الفرقة والاقتتال وتحقيق الإجماع على برنامج وطني يحقق الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني. هذه هي الديمقراطية التي "يقرفوننا" بها ليل نهار، والتي يريدون من خلالها تفسيخ نسيج المجتمعات في المنطقة ليكون الاقتتال سيد الموقف ، ويسهل عليهم أمر القضاء على أمالها وطموحاتها أولا وأخيرا ، الديمقراطية الأمريكية والغربية باتت تعني أن على الشعب المحتل أن يقدم الإقرار والاعتراف على شرعية الجرائم المرتكبة بحقه في أرضه وعرضه وكرامته وإنسانيته وسيادته ،دون أن يكون مقابل ذلك أي اعتراف بحقوقه الدنيا ، بل أصبحت ديمقراطيتهم نارا لاتشبع، وحقوقنا هشيما لهكذا نار شعارها الأبدي هل من مزيد ، هم ما يفتئون يطالبون الشعب الفلسطيني بالاعتراف بشروط الرباعية ، أما أن يضغطوا باتجاه أن تعترف إسرائيل بحق الفلسطينيين بدولة كاملة السيادة على أراضي 67 وضمان عودة اللاجئين ، فهذا في نظر أهل الديمقراطية إرهاب عظيم ، نحن فعلا نعيش في عالم الترف الديمقراطي،الذي أصبح بضاعة مستهلكة لاتغني ولاتسمن الشعوب المقهورة من جوع ، بل انه عالم القرف الديمقراطي الذي يريد من الشعب المحتل أن يعترف أولا بالدولة الغاصبة ويعطيها الشرعية على ما سرقت واغتصبت، بينما هي لاتزال سادرة في نهجها هذا حتى لحظة كتابة هذه السطور ، فمن جدار عازل إلى مصادرة لأراضي الفلسطينيين لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس وحولها إلى حفر الأنفاق أسفل المسجد الأقصى ومحاولات هدم طريق باب المغاربة ، إلى استباحة الضفة الغربية في جنين ونابلس عبر الاجتياحات والاغتيالات، إلى غيرها من الفظائع والانتهاكات الإسرائيلية ، ثم بعد كل هذا تأتيك السيدة رايس، لتحدثك انه لايمكن الجمع بين الديمقراطية والإرهاب والعنف ، طبعا هي تقصد المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني ، ولا تقصد بأي حال من الأحوال كل هذه الجرائم والفظائع الإسرائيلية ، فبربكم عن أية حقوق إنسان وديمقراطية تتحدثون!! .
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا كل هذه الهرولة باتجاه اي تفاوض؟؟
-
حين تصبح الحزبية ودرجتها معيارا للكفاءة!!
-
الفرق بين الالتزام والاحترام في خطاب التكليف الرئاسي؟؟
-
تفسير الذي يجري للفلسطينيين في العراق؟؟
-
ما أخشاه من لقاء مكة!!
-
هل من حل لمشكلة الفلسطينيين في العراق؟؟
-
المعالجات الجذرية للخلافات الداخلية الفلسطينية
-
اللجان الفلسطينية الحاضرة الغائبة عن العمل
-
الحالة الراهنة للقارىء والكتاب في الاراضي الفلسطينية
-
جوهر الصراع يكمن في قضية اللاجئين الفلسطينيين
-
المناورة الاخيرة
-
فيم الاختلاف مع حماس؟
-
سيناريو المشهد الاخير في مواجهة حماس
-
تبكير الانتخابات بالدم الفلسطيني!!
-
التآمر على حق العودة يبدأ
-
هل تعلم جماهير فتح بالحل الذي يقبله الرئيس عباس ؟؟
-
الحل الامثل للتوصل الى حكومة الوحدة الفلسطينية
-
هل دعوة الرئيس عباس للانتخابات المبكرة قانونية؟؟
-
في المنطقة مشهدان فقط!!
-
حقوق الانسان لاتشمل الفلسطينيين والعرب!!
المزيد.....
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
-
أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه
...
-
أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|