أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الدين محسن - وفاء سلطان بين علم النفس ، و السوسيوبيولوجي















المزيد.....


وفاء سلطان بين علم النفس ، و السوسيوبيولوجي


صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي

(Salah El Din Mohssein‏)


الحوار المتمدن-العدد: 1842 - 2007 / 3 / 2 - 12:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مقالها الأخير من سلسلة مقالات رائعة - ككل مقالاتها – تحت عنوان " الشيخ محمد وظاهرة اللسان الداشر " ذكرت أختنا العزيزة دكتورة وفاء سلطان تجربة أجراها أحد علماء النفس أثبت بها أن الكائن اذا تعرض لخطر أتاه من اتجاه ما ظل الخوف والحذر يسيطران عليه من ناحية هذا الاتجاه حتي ولو زال الخطر .. ..! اذ تسجل الذاكرة ما حدث وترفع لافتة حظر الاقتراب ، ويبقي العمل باحظر رغم زوال دواعيه .
مثلما يحدث من الموظف البيروقراطي الغبي الذي تأتيه تعليمات جديدة بالغاء لائحة قديمة ولكنه يصر علي استمرار عمله بالقديم لأنه لا يزال خائفا .. فما يسجل في مخه أول مرة من العسير محوه واستبداله بجديد ! ويبقي غير مطمئن وغير مصدق ، خشية من الخطأ ووقوع جزاء عليه – لأن جزاء قد وقع عليه ذات مرة فزرع عنده عقدة خوف لا تريد أن تنفك ! - .. فيعطل العمل ويعطل مصالح أصحاب المصالح التي بين يديه ..!
وعالم النفس الذي حدثتنا عنه دكتورة وفاء ، أجري تجربته علي عدد من البراغيث وضعها بعبوة زجاجية وأغلقها عليهم فراحت البراغيث تثب لأعلي رغبة في الخروج والحرية من ذاك المحبس ولكن بعضها اصطدم بغطاء العبوة الزجاجية فمات ، فما كان من باقي البراغيث سوي أن جعلت وثباتها قبل الغطاء بقليل فقد فهمت أن موت رفاقها في الحبس الزجاجي كان نتيجة اصظدامها بالغطاء ، ورغم أن عالم النفس صاحب التجربة قام برفع غطاء العبوة الزجاجية ..الا أن البراغيث استمرت في الوثب مثلما كانت تثب قبل رفع الغطاء ! أي الي ما قبل مكان الغطاء الذي تم رفعه ..! بدون خروج وبدون تحرر من الحبس الذي هم محبوسون فيه ! أي وثب وجهد ووقت بلا جدوي ..!
وقد ساقت الدكتورة وفاء هذه التجربة من علم النفس لتبين كيف أن المسلمين الذين يعرفون حقيقة الاسلام ويسعون للخروج منه انما يفعلون مثل تلك البراغيث .. ! ينطون من محبسهم بداخل زجاجة الاسلام باتجاه فتحة الخروج .. ولكنها نطاتهم تكون قبل فتحة الخروج بقليل ..! ويستمرون في الوثب بداخل محبس الاسلام ولكن دونما خروج ، تماما مثل البراغيث ..!
وضربت دكتورة وفاء مثلا بكتاب تقرأ لهم فتعجب مما كتبوه و كلما همت بارسال تحية الي أحدهم فاذا به في مقاله التالي يتراجع عما قاله بالأمس !!
وضربت مثلا آخر بمحاضر سألته في احدي الندوات فأجاب اجابة تعتبر وثبة شجاعة نحو خروجه من محبس زجاجة الاسلام ولكن اعجابها لم يدم أكثر من وقت انتهاء المحاضرة اذ أعاد عليه الصحفيون السؤال ليتأكدوا مرة أخري مما قاله ويؤكدونه قبل تسجيله : فنفي وتراجع ! ويا فرحة ما تمت .. !
وفي الحقيقة أن هذا السلوك البراغيثي .. لا يستثني منه سوي قلة قليلة من المفكرين والكتاب الليبراليين الذين يكتبون لتنوير الناس بحقيقة الاسلام لغرض مساعدتهم علي الخروج من حبس الزجاجة الاسلامية .. أما الغالبية العظمي لهؤلاء المفكرين والكتاب فهم مع الأسف يسلكون نفس سلوك البراغيث – كما أوضحته تلك التجربة – وكما نموذج المحاضر والكتاب الذين تكلمت عنهم وفاء سلطان في مقالها .
وآخر من شاهدتهم بتلك الحالة بالقنوات الفضائية – يثبون وثبة البرغوث – فهما اثنان من المفكرين أحدهما أجرت معه قناة الجزيرة مناظرة مع أحد قيادات جماعة الاخوان بمصر ، فكان يثب وثبات رائعة تثير الانبهار ولكنه كان حريصا تماما علي عدم الخروج من فوهة زجاجة الاسلام .. أي كوثبات البرغوث ..! وحاول المحاور الاسلامي أن ينخسه مستفزا اياه ليثب خارج الزجاجة ولكنه كان حريصا حرص البرغوث علي ألا يثب أعلي من ذلك وهذا الحرص هو الحكمة في شريعة البراغيث ..
فبعد أن صور ذاك المفكر ما حدث من اعتداء واستعمار لمصر علي يد العرب بقيادة عمرو بن العاص بأنه لم يكن كما زعم لأجل دين وعقيدة ورسالة ، ولكنه لا يخرج عن كونه عملية استعمارية مغلفة بغلاف دين بينما جوهرها النصب والكذب والاجرام – هكذا يفهم منه وبوضوح – الا أنه يحرص علي الصلاة علي خير الأنام !! - عندما يذكر اسم مؤسس تلك العقيدة الاحتيالية الاجرامية - ! ، ويحرص علي استخدام وصف الكريم للكتاب الأخرق الأخرف الذي جاءت به تلك العقيدة وهو في معمعة تفنيد وتبيان سفاهة وجهالة ما ينص عليه ذاك الكتاب ..! وهكذا ..
وآخر : هو مفكر وداعية شيعي معروف – من احدي دول الخليج - ، شاهدته في لقاء تليفزيوني خليجي يتكلم بلغة ليبرالية بالغة العظمة و الرقي ، ويتكلم عن السلام والحب الذي يجب أن يسود بين كل الشعوب وأتباع كل العقائد و يثب وثبات عالية الجرأة ولا سيما عندما قال مستنكرا بشدة أن تقول عقيدة عن أهل عقائد أخري بأنهم " أحفاد القردة والخنازير " ! و عندما يتابعه المشاهد وهو يتكلم ، سيجد لسان حاله وتعابير وجهه ويديه تقول عما قالته تلك العقيدة ( وان كان بغير كلمات ) : " والله ده عيب وكلام فارغ وقلة أدب "!! ولكن بدون كلمات .. الا أنه يحسب تماما حساب ألا تخرج وثباته به الي خارج زجاجة محبس الاسلام – نفس وثبة البرغوث ! – التي أثبتها عالم النفس الأمريكي (وسوف نتكلم فيما بعد عما يقوله علم السوسيوبيولوجي كما جاء بعنوان المقال )
قد يقول قائل : ولكن في تجربة عالم النفس التي ذكرتها دكتورة وفاء ، كان العالم قد رفع غطاء المحبس الزجاجي – القرطميز – ومع ذلك لم نخرج البراغيث ! بينما محبس الاسلام - المتمثل غطاؤه في معاقبة المرتد بالقتل ، أو السجن بالدول الاسلاماوية المتساهلة - لا يزال غطاؤه الي حد كبير في مكانه ..
ولعل الاجابة هي : أنريد أن يبقي الانسان كما البرغوث .. ؟! سواء فتح باب محبسه أو لم يفتح ؟!
وان سأل سائل : ان ما يفعله المفكرون والكتاب هو علي طريقة وثبة البرغوث غير المجدية .. كيف يكون لما يقولونه جدوي طالما أنهم لا يثبون بفكرهم أمام القاريء ومع القاريء وبالقاريء الي خارج محبس زجاجة الاسلام ؟!!
هنا نجد الغالبية يجيبون : بل له عظيم الجدوي ، فهم يزرعون الوعي في عقول الناس ، وعندما يتم توعية الناس فسوف يكونوا جديرين باحداث التغيير والخروج من عنق المحبس الزجاجي الديني المحبوسين فيه ..
وهنا نأتي لعلم السوسيو بيولوجي ، فنقول :
ان كان علم النفس قد أثبت أن خوف كائن من مصير رفيق هلك أمامه وأمام باقي رفاقه وهو يحاول سلك طريق .. من شأنه أن يزرع عقدة خوف في نفوس باقي رفاقه من أن يلقوا نفس المصير فلا يقربوا ذاك الطريق ..
فان علم السوسيوبيولوجي – كعلم حديث .. نسبيا – يذهب بنا الي ماهو أبعد وأعمق من ذلك وهو :
أن عقدة الخوف تلك يمكن ألا تبقي قاصرة علي من عاش التجربة وشاهدها وفحسب وانما يمكن أن تسجل بالشريط الوراثي للسلوك –ان طال أمد التجربة علي من عاشها - وتنتقل بالوراثة كصفة سلوكية ! ويمكن أن تظل تنتقل من اب لابن لحفيد ومن جيل لجيل ، ربما لمئات من السنين وربما لآلاف !!
ومعني ذلك أن الوعي الذ ي ينقل عبر كتابات وأحاديث كتاب ومفكرين أو مثقفين من هؤلاء الذين يثبون وثبة البرغوث بداخل الزجاجة دونما الخروج منها .. هذا الوعي قابل للانتقال للناس حاملا معه نفس تلك الصفة – صفة الوثب البرغوثي ..! فيعرف الناس الحقيقة ويعرفون معها أنهم ونقلا عن مفكرين ومثقفين – ومع طول ممارسة المفكرين لتلك الوثبة برغوثية أمام القراء او المشاهدين - : أنه يجب عليهم عندما يثبوا بتلك الحقيقة ألا تبرح وثبتهم داخل الزجاجة ، لا يخرجون من سجنها للحرية وانما يبقون بداخل الزجاجة ويثبون بداخلها و لا تتجاوز وثباتهم الي حد الخروج من سجنها !! اقتداء من العامة بحضرات المفكرين والكتاب والمقفين الحكماء العقلاء (!)
وبعيدا عن أحوال المفكرين الليبراليين أوالتنويريين الذين يثبون ثم يتراجعون ! ، يقولون ثم يرجعون عما قالوه ! .. بعيدا عن هؤلاء دعونا نعطيكم نموذجا آخر من خلال عمل فني سينمائي :
هل تتذكرون فيلم " امبراطورية ميم " بطولة : فاتن حمامة .. ؟ باختصار شديد قصة الفيلم تتكلم عن سيدة رحل زوجها وترك لها عددا كبيرا من الأولاد والبنات .. كبروا ودخل منهم من دخل الجامعات والمدارس الثانوية والاعدادية ، و كجيل جديد ، لم تعجبهم ادارة الأم لشئون البيت وميزانية الأسرة فاعترضوا وطالبوا بادارة جماعية للبيت ماليا واجتماعيا بعيدا عن الاحكتار والديكتاتورية الأسرية للأم .. واصروا علي عمل انتخاب سري لاختيار مجلس ادارة منتخب للبيت .. وذلك لأجل يدير
شئونه ادارة جماعية–
وعند فتح أوراق الانتخاب في حضورالأم اتضح بأنهم جميعا قد انتخبوا الأم ! التي لم تقدم برنامجا جديدا للادارة يتفهم مطالبهم ولا وعدت بذلك ..(!)
اذن ماذا كان لزوم كل تلك الضجة والثورة وما صاحبها من اضاعة للوقت والجهد ؟؟؟!!
لقد كانت وثبة برغوثية !!
راحوا يثورون ويمورون غاضبين ثم وثبوا وثبة البرغوث – بحيث تكون وثبتهم قبيل فتحة الخروج من السجن بقليل فيعودوا الي حيث ما كانوا بقاع المحبس !!
و قصة الفيلم ليست في السياسة ولا في الدين وكان يمكن أن تمر أو يمكن تمريرها دون أن تمنعها الرقابة.. ولكنه السلوك الفكري الذي يجري .. والذهن يعمل به تلقائيا والذي يقضي بأن : الفورة و الثورة و الوثبة يجب أن تلتزم بوثبة البرغوث ! - كما في تجربة عالم النفس -، ألا يخرج من فوهة الزجاجة المحبوس بداخلها .. !
فتري من مؤلف قصة هذا الفيلم وصاحب ذاك الفكر الواثب البرغوثي ؟!
انه أجرأ أديب يكتب بالعربية علي الاطلاق : يوسف ادريس !! فكيف حال من هم دون الأجرأ ؟ !
وفي تقديرنا أن تلك الحالة ( الوثبة البرغوثية ) عند يوسف ادريس ، تدخل ضمن عامل الوراثة حسبما يقضي علم السوسيوبيولوجي – وليس عامل الاكتساب ..
ولا يفوتنا أن نذكر لكم وثبة جماعية برغوثية ، وطنية تاريخية (!) حدثت في مصر يومي 18 ، 19 يناير 1977 حيث وثب الشعب بأكمله من أقص مصر لاقصاها ضد السلطة ، وسيطر المواطنون علي الشارع تماما بشكل مخيف أرعب الرئيس السادات ، ووصل الأمر بعنفوان الانتفاضة أو الوثبة الي درجة أن ضباط الشرطة والجيش كانوا يتوارون ويبدلون ملابسهم بملابس مدنية خشية أن يفتك بهم الشعب ..
وكانت السلطة ملقاة علي قارعة الطريق تريد من الشعب أن يلتقطها ، فلم يتقدم أحد من شعب بأكمله ، ولا من قيادات وكوادر المعارضة التي ثورت الشعب هكذا مستغلة فرصة رائعة وقتها .. وكانت النتيجة أن التقطت السلطة المرعوبة أنفاسها وعادت لتمسك بمقاليد الأمور .. لان الانتفاضة كانت انتفاضة مثل وثبة البرغوث الخائف الحذر من أن تبلغ وثبته حد منتهاها نحو الخروج من السجن خشية أن يلقي حتفه كبراغيث غيره لقت حتفها من قبل عندما حاولت ذلك (!)
وفي تقديرنا أيضا أن مثل تلك الحالة البالغة الغرابة ( الوثبة الجماعية – أو الانتفاضة – القاصر ! ، المبتسرة .. انما تنتمي لعامل وراثي بالعقل الجمعي لشعب بأكمله ، وليس عامل مكتسب ( الخوف التاريخي المتراكم بذاكرة أمة من عاقبة الوثبة الكاملة غير المبتسرة .. ) !

و كواحد من المهتمين بالسوسيوبيولوجي ، وصاحب مؤلف صغير عن هذا العلم – صدر عام 1984 - وكمتابع ميداني شغوف به .. أستطيع القول بأن نسبة ليست بالقليلة من حالات الوثب البرغوثي دون الخروج من زجاجة الاسلام عند المثقفين أو عند العامة ممن لديهم وعي فطري : انما هي حالات وراثية وهيهات أن تكون مكتسبة من المجتمع الآن وانما هي موروثة من جدود سابقين من مئات السنين ، ربما عاشوا في عصر محمد وقت أن كان محمد يحكم بالقتل علي كل من يدعو للخروج من زجاجة عقيدته حتي ولو بمجرد وشاية مثلما حدث مع الشاعر كعب بن الزهير الذي أمر محمد رجاله قائلا لهم ك من قابل منكم كعبا بن الزهير فليهدر دمه .. وكاد أن يقتل فعلا لولا أن سارع وتلثم ودخل علي محمد وصحبه ثم جلس ورفع اللثام وراح ينشد شعرا اعتذار لمحمد واعترافا به وطلب صفحه وعفوه ! ، فنجا من القتل بعكس غيره ممن قتلهم محمد بأيادي أصحابه – ملحوظة : القصيدة وحكايتها بالضبط كانت تدرس بالمدارس الثانوية في الستينيات من القرن الماضي بمصر –
وقد تركت قصص قتل محمد لمعارضيه – وهي كثيرة - ، وكذلك قتل خلفائه الذين سموا بالراشدين بمكة والمدينة وعمالهم بباقي الدول المحتلة – كمصر - من العرب واسلامهم ، لمعارضيهم دروسا لكل من يثورون علي جور الحاكم العربي الاسلامي ويحاولوا الانتفاض والوثوب .. فعليهم حساب الوثبة بحيث لا تصل الي حد الخروج من فتحة زجاجة البرغوث .. وانما تكون وثبتهم قبل الفتحة بقليل كي لا يتعرضوا للقتل ..

وعندما تختلف مع شخص اسلامي فيما يخص العقيدة وتري علي الفور ألسنة من لهب الغضب قد اندلعت من وجهه ومنظر سيوف ورايات موت سوداء تلوح في عينيه ، فلا تعجب ان كان هذا الشخص طبيبا أو صحفيا أو مهندسا أو أستاذا جامعيا .. لا تعجب وتقول : ماذا حدث به فجأة فقد كان انسانا عاقلا ؟.. .. لا تعجب لأن مثل تلك الحالة جاءت وراثة عن جد من جدود سابقين له " جد بدوي اسلامي " – أو جد تأسلم وعمل عينا للمستعمر العربي الاسلامي أو جابيا يجبي له الجزية – منذ أن احتل العرب الاسلاماويون البلاد .. وتلك الحالة كانت تعتري ذاك الجد اذا اعترضه ذمي من أهل البلاد المفتوحة بينما هو يحاول أن يفرض عليه تعاليم الاسلام أو ينتزع الجزية أو الخراج من قوته وقوت أولاده ووجد منه ثمة اعتراض .. فكانت تلك الحالة تعتريه – يشتعل نار الغضب بوجهه وتطل سيوف القتل المتوعدة ورايات الموت السوداء مهددة ابن الوطن الذي تحكموا فيه وأسموه ذميا .. وتلك الحالة من الغضب لا تتملك الا قطاع الطرق والبلطجية ..( وهل سلب ونهب ما يسمي جزية وخراج من أهل البلاد علي يد مستعمر باطش غاصب الا بلطجة وقطع طريق ؟!
ان فوجئت بتلك الحالة تعتري شخصا كنت تراه راقيا ومتحضرا ، لمجرد اختلافك معه حول الاسلام .. فاعلم بأنها في الغالب هي حالة ورثها عن جد قديم له من النوع الذي بيناه ، وقد مارس ذاك الجد ذاك العمل لمدة طويلة حتي صار صفة من صفاته السلوكية يحملها جين ، ثم ينقلها بعد ذلك وراثيا للابن فالحفيد ..ومن جيل لجيل . . ومن قرن لقرون من الزمان حتي وصل الميراث البغيض هذا لمن هم في زمننا وينغصوا حياتنا !
وهناك من اذا أحس بأن لك فكرا مخالفا للعقيدة .. جاءك بمودة بالغة وألفة انسانية وبأسلوب راق يستفسر منك بأدب عن حيثيات رأيك في العقيدة لرغبة منه في معرفة ان كانت هناك حقيقة يجهلها.. فتأنس اليه وتحدثه بما تعتقد ، غير باخل عليه .. وبعد أن يتأكد مما عندك اذا به علي الفور ينقلب 180 درجة ! واذا بالالفة قد تحولت الي نظرات متوحشة والعيون قد جحظت والانسان الذي كان أمامك أليفا ودودا قد تحول الي وحش يوشك علي الفتك بك..! لقد كان يستدرجك !.. ! انه نفس حالة النموذج السابق ، والأرجح أن سلوكه وراثي وليس مكتسبا ، بل ورثة عن جد قديم من المحتلين الاسلاميين القدامي الذين كانوا يتسللوا الي دواخل أبناء الوطن الذي احتلوه بعقيدة دينية مزعومة ، ويفتشوا في ضمائرهم ليقمعوهم أولا بأول قبل أن يثوروا عليهم ويقتلعوهم ويطهروا منهم الوطن ويحرروه .. .
ان تاريخ الشعوب المصابة بسرطان الاسلام لا يحفظ أبناؤها في الذاكرة الموروثة وحسب تربص البدو العرب المسلمين بهم ، والتنصت علي من يهمس ضد العقيدة ليقمعوه ويبطشوا به ليكون عبرة لغيره وليدوم احتلالهم واغتصابهم لتلك الشعوب .. ليس هذا وحسب وانما بالتأكيد كان من بين أبناء تلك الشعوب من هم اعين للمستعمر الاسلامي ، بل وأيضا بين الأفراد وبعضهم من اذا فضفض أحدهم وأبدي سخطه ونقده لتلك العقيدة ، التقط قوله هذا واحد يود الكيد له فيسعي بنعومة لاستدراجه في الكلام لكي يكرر ما قاله ببين المجموعة ، ثم يوشي به فيتم قتله علي يد الوالي الاسلامي علي طريقة محمد .. وبالطبع تم حفظ هذا الدرس وتلك التجربة أيضا في الذاكرة الموروثة لأبناء تلك الشعوب ليتم تناقله بين الأجيال .. جين وراثي يعمل تلقائيا كرد فعل علي فعل.. ويعلم الجميع أن البطل والحكيم هو : الذي يمور ويثور ضد العقيدة والاستعمار العقائدي ولكن دون أن يثب خارجا من أوعلي زجاجة البراغيث وانما يظل داخلها !! يثب لأعلي ثم يعود لأسفل كما كان ! ، وان فضفض بما في صدره ونقد العقيدة الاسلامية نقدا واحدا فعليه أن يسارع قبل أن يسجل عليه من قبل خصم يوشي به ، ويبادر بامتداح العقيدة بخمس مدائح لا يقتنع بأحدها ! كي يواري بتلك المدائح الخمس الكاذبة نقدا واحدا زفر به من صدره المزدحم بالزفرات ! ( وهكذا نبقي أسري زجاجة البراغيث الاسلامية الي ماشاء الله ..!!)

ولذلك فان القضايا الاسلامية والمتعلقة بحياتنا ومستقبلنا التي نناقشها دونما حسم في عصرنا هذا هي نفسها التي ظلت تناقش لمئات مضت من السنين ودونما حسم أيضا .. ( صوت المرأة عورة أم لا . .؟ الفائدة علي القروض حلال أم حرام ؟ ، المرتد يقتل أم لا و .. و.. الي آخر تلك القضايا التي يمكن أن نظل نصنع من أنفسنا فيها : مفكرين وفقهاء وعلماء ونبغاء ، وفرسان في الكلام نبلاْء ! .. بدون حلول لها وبدون خلاص كمنها ومن العقيدة الشوهاء التي لطختنا بها وبلا تقدم ولو خطوة واحدة للأمام !! ) .
ويندر أن يخرج من بين أبناء شعوبنا المبتلاة بسرطان الاسلام – ولاسيما الشعوب التي تجمع بين سرطان الاسلام وايدز العروبة – برغوث شجاع بحق ، ثائر بحق ، و قدم نفسه فداء .. ومن هؤلاء القلة .. الشاب الصغير السن والكبير الفكر والارادة " عبد الكريم نبيل سليمان " .. فأين المدعو " محمد عمارة ، وامثاله ، والمتراجعين والمتخاذلين والمتلاعبين بين الرجوع والعودة التي ربما يلحقونها برجوع ثاني ثم عودة أخري ..! .. أين هؤلاء من شجاعة هذا الشاب الصغير الفارس والفدائي الذي ثار ووثب خارجا تماما من فوهة زجاجة محبس البراغيث الاسلامي .. وراح يدعو و يدعو بأعلي صونه للخروج من هذا المحبس اللعين ؟! ..
وكذلك وفاء سلطان .. تلك المرأة السورية الفولاذية التي وثبت وثبة الفوارس بلا تردد ولا تراجع الي خارج زجاجة البراغيث –أو القطرميز – الاسلامية التي تسجن فيها شعوب قدمت من قبل أعرق الحضارات (!) ، ولم تكتفي وفاء سلطان التي هي ليست عاقر ولا هي عانس ليس لديها من تخشي عليهم : كلا .. - وانما هي أم ، وزوجة ، وطبيبة تعمل وتقيم بأمريكا ويمكنها أن تحيا بين أسرتها في رغد وسعادة ، رامية وراء ظهرها هموم أمتها وما تعانيه من جهل وفقر وتخلف - ولكنها وثبت خارجة من قطرميز البراغيث الاسلامي ، سابقة بذلك ومخلفة وراءها بداخل زجاجة ( قطرميز ) البراغيث تلك ، عددا كبيرا ممن يسمون مفكرون وكتاب ( براغيثيون ) ، و لم تكتفي بالخروج وحسب من هذا المحبس الزجاجي وانما تكتب وتتكلم لتعري أصحاب هذا المحبس وتجردهم من ثيابهم كاشفة عوراتهم العقائدية وعاهاتهم القومية وسوءاتهم التاريخية .. ( وللأمانة ولكي لا نكون منحازين لليبراليين والكتاب مثلنا فقط ، لا ننسي ولا ننكر عقائديين ليسوا بكتاب ولا ليبراليين ولكنهم خرجوا بشجاعة وبفروسية من قطرميز الاسلام بوثبة شجاعة الي معتقدات أخري كالبهائية أو المسيحية وبلا تردد أو تراجع ، بعضهم واجه وتحمل السجن منهم من عرفناهم أو سمعنا أو قرأنا عنهم مثل : " هشام سمير عبد اللطيف " ، وناهد متولي "وغيرهما ، وبعضهم واجه وتحمل أشد عذاب مثل " هاشم محمد هاشم " ، " أحمد أباظة " وغيرهما ، وبعضهم لا يزال سجينا – حسبما أعلم - كالشيخ العقاد .. الذي يبدو أن البعض قد نساه - ! هؤلاء منهم من عرفتهم أو سمعت أو قرأت عنهم ، وهناك آخرون ملقون بالسجون ولا نعرف عنهم شيئا .. ، وهناك بهائيون وليبراليون ومسيحيون ولا دينيين ، بل وشيعة أيضا كانوا علي نفس المستوي .. كنا نود لو ذكرنا أسماءهم جميعا .. فمنهم أبطال لديهم شجاعة أدبية وارادة مدهشة علي التحدي والتصدي والصمود أمام ما يلاقونه من اضطهاد في عملهم أو من جيرانهم و منهم من عاني وسجن وصبر زمنهم من بالسجن ومنهم من يلقي اضطهادا يوميا في عمله ومن جيرانه الضالين ربما لسنوات وهو راسخ صامد .. وقصة كل واحد منهم بمفرده هي قصة بطولة حقيقية جديرة بالتسجيل لكونها حالة مدهشة من حالات صمود ارادة الانسان لأجل ما آمن به ، و لا تملك سوي أن تحترمه وتجله حتي وان لم تتفق معه في العقيدة .
والطريف (و الحريف أيضا في نفس الوقت ! ) هو : أن ما يصل لوفاء سلطان من تهديدات علي أيادي أنصار الظلام والجهل والتجهيل هو نفسه وبالضبط ما يصل لمفكرين وكتاب مرتعشين مترددين متراجعين لا يكفون عن لعبة خطوة للأمام وأخري وربما أخريات للخلف ! ، بل أغلب هؤلاء هم علي رأس فائمة المهددين بالقتل وأسماء بعضهم تأتي قبل اسم وفاء سلطان ! فلا نامت أعين الجبناء !
ان التنوير الحقيقي الذي يمكن أن يفضي بشعوبنا المنكوبة الي الخلاص من سرطان الاسلام وعروبته أو ايدز العروبة واسلامه .. يحتاج الي مفكرين فدائيين استشهاديين يفجرون أنفسهم فكريا – لا بأحزمة الديناميت – مثل كريم عامر ، ويتحملوا بشجاعة كل ما يصيبهم فداء لشعوبهم ولأجل مستقبلها ، ولكي يطلع علي تلك الشعوب نهار بعد ليل اسلامي عروبي دامس ، حالك السواد طوله 14 قرن من عمر الزمان ..



#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مباحث قمل الدولة تؤيد التمييز الديني
- !الاخوان ماضون في طريق : طز في مصر
- !أكذب أمة أخرجت علي الناس
- وانقلب العقرب علي الثعبان - مبارك والاخوان
- ماذا يحدث بالعراق؟؟؟؟؟!!!!!!؟؟؟؟؟؟
- لا للمحاكم العسكرية والاسلامية معا .
- المسجد الأقصي: الجهاد هو الحرب
- دعوة للأنانية الاسلامية في عيد الحب
- يسألون لماذا نهاجم مصر !؟
- ......رأفت الهجان والنجمة الراحلة سعاد
- (!) عن اهانة الشعب والتعذيب بالشرطة والأمن
- هويدا طه والتعذيب بالشرطة المصرية 2
- هويدا طه والتعذيب في الشرطة المصرية
- جمعية التحرير الثقافي للشعوب ضحايا العروبة
- القضاء المصري والشاب عبد الكريم نبيل
- محمد عمارة و الشاب عبد الكريم نبيل
- فريدة النقاش
- علي هامش الحديث للتليفزيوني للمؤرخ : دكتور يونان لبيب رزق
- مرة ثانية : دكتور فاروق الباز بين العلم والباذنجان
- هل نعدم عقوبة الاعدام ؟


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الدين محسن - وفاء سلطان بين علم النفس ، و السوسيوبيولوجي