إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 1845 - 2007 / 3 / 5 - 11:43
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
مازال فهم تدبير ملفات الفساد الانتخابي عصيا علي، فوزير العدل صرح أنه كان مقررا اعتماد التنصت على 160 حالة، إلا أنه بفعل التسربات وإخبار جملة من المعنيين بالأمر بعدم استعمال الهواتف في تدبير المساومات الانتخابية وتسويق الأصوات، حد من مفعول ما اصطلح عليه بإدارة التصدي للفساد الانتخابي، وأضحى الواقع هو "التصدي للفساد الانتخابي بعض حالات استعمال الهاتف النقال نموذجا" فقط، وبذلك تقلص العدد المقرر أصلا واتضحت الصورة حتى قبل الشروع في المراقبة، ورغم أن القائمين عليها أصروا على الاستمرار على هذا الدرب، فهل كانت رغبتهم هي ذر الرماد في العيون، كما كان يجري العمل به من قبل منذ فجر السبعينيات بخصوص محاكمة الوزراء والذين بسببهم أحدثت محكمة العدل الخاصة، وخلال التسعينيات مع حملة التطهير وبارونات المخدرات و...و...؟
ما هو مؤكد أن استعمال المال وشراء الأصوات كانت هي القاعدة بامتياز، لكن الأغلبية فلتت وسقط البعض في الفخ، هذا كل ما في الأمر، أراد من أراد وكره من كره، والحالة هذه، هل يمكن القول إنه تم الإقرار بتقديم أكباش فداء للقول نحن فعلنا ما علينا فعله؟
المهم صدرت الأحكام وتباينت تباينا كبيرا من الصعب بمكان أن يقبله عقل سليم، رغم أن النوازل واحدة والنصوص واحدة، وفي نهاية المطاف، برز ملفان: ملف القنيطرة وملف مراكش، علما أن المتهمين الرئيسيين في هذين الملفين أمازيغيان، وهما الوحيدان اللذان لم يستفيدا من ظروف التخفيف، هل مجرد صدفة أم أن في الأمر سر ما؟ والداعي إلى هذا التساؤل هو أن بروز رأي يقول إن مآل هذين الملفين خلافا لباقي الملفات، هو ربما إشارة للأمازيغ إلى العودة لتجارتهم والتخلي عن المشاركة في السياسة.
وإذا كان من الواضح أن التصدي للفساد الانتخابي لا خلاف حوله، فإنه لا يمكن قبول التصدي له عبر الانتقاء لأن هذا الانتقاء في الواقع أشد وأدهى من عدم التصدي، كما أن التعاطي المتباين لملفات نوازل الفساد الانتخابي يعيد طرح إشكالية درجة نزاهة القضاء عبر المملكة، ويصبح من المشروع التساؤل حول درجات نزاهته عبر المدن والأقاليم،وهل هي أقوى حاليا بالقنيطرة وأكادير وأكثر من غيرها في المدن الأخرى؟ وفوق هذا وذاك ماذا سيكون المآل الفعلي والعملي لكل الملفات المعروضة على القضاء؟
وما يهمني في هذا الصدد، ليست حالات بعينها وإنما قضية أخرى أهم وأعم وهي : لماذا ما زلنا بهذا البلد السعيد نعطي الانطلاقة لحملة أو لتصحيح، وفي بداية الطريق أو منتصفه، نجهض العملية أو نفرغها من محتواها، وهذا ما حصل بخصوص التصدي للفساد الانتخابي، كما حصل من قبل في حملة التطهير المنعوتة حاليا بالمهزلة؟
والظاهر الآن للعيان هو أن انتخابات ثلث البرلمان لم تكن نزيهة، فهل كان مخططا مسبقا للبحت عن أكباش فداء للقول إن تلك الانتخابات كانت نزيهة، ومن سولت لهم أنفسهم النيل من هذه النزاهة تم ضبطهم وتقديمهم للعدالة؟ لكن الواقع أنه حيك لمخطط استهدف البعض دون البعض الآخر، وهنا تكمن الطامة. وجاء التباين الكبير في الأحكام لإعادة طرح الإشكال من جديد، وانضاف إليه تساؤل جديد، هل الأحكام الصادرة تكرس فعلا المساواة أمام القانون؟ وبالتالي ما العمل الآن؟ هذا هو السؤال الذي يفرض نفسه حاليا!!
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟