الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين.....18

محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 1842 - 2007 / 3 / 2 - 12:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

إهداء إلى

كل من آمن بوحدة المغرب، والمغاربة، وعمل فكرا، وممارسة، على ترسيخ هذه الوحدة.

كل المغاربة الذين يتمسكون بوحدتهم، في شموليتها.

كل المغاربة من أصل عربي / أمازيغي، الذين امتزجوا في دم واحد، صار يحمل اسم الدم المغربي,

كل المسلمين المغاربة الذين يحترمون الدين الإسلامي، ويرفضون استغلاله في الأمور الإيديولوجية، والسياسية.

كل الذين يتكلمون اللهجات الأمازيغية، ولم يعتبروها، في يوم من الأيام، وسيلة لتقسيم المجتمع المغربي إلى طوائف.

كل الشهداء المغاربة، الذين استشهدوا من أجل المحافظة على وحدة المغرب، ووحدة المغاربة، أنى كان جنسهم، أو لونهم، أو لغتهم، أو دينهم.

من أجل مغرب واحد، بهوياته المتعددة.

من أجل إنسان مغربي قوي، في مواجهة تحديات العولمة.

محمد الحنفي

****************



العلاقـة بين الأمازيغية والأصولية:.....1

ومن خلال العنوان الذي اخترناه لهذه الأرضية "الأمازيغية / الأصولية، أو العملة ذات الوجهين"، يتبين أن العلاقة بين الأمازيغية، والأصولية، قائمة على أرض الواقع. وأن هذه العلاقة يمكن تصنيفها إلى:

1) علاقة التقاء بين الأمازيغية، والأصولية.

2) علاقة اختلاف بين الأمازيغية، والأصولية.


فعلى أي أساس تلتقي الأمازيغية، والأصولية؟

وما هي أوجه الالتقاء؟

وما هي الأهداف التي تتحقق من وراء هذا الالتقاء؟

وما مصير المجتمع المغربي بسبب تلك الأهداف المحتمل تحقيقها؟

وما العمل من أجل تجنب النتائج السلبية لعملية الالتقاء بين الأمازيغية والأصولية؟

وعلى أي أساس تختلف الأمازيغية، والأصولية؟

وما هي أوجه الاختلاف بينهما؟

وما هي الأهداف التي تتحقق من وراء هذا الاختلاف؟

وما مصير المجتمع المغربي بسبب أهداف الاختلاف المحتمل تحقيقها؟

وما العمل من أجل استثمار النتائج الإيجابية لعملية الاختلاف بين الأمازيغية، والأصولية؟

إننا عندما نطرح هذه الأسئلة، التي يمكن أن تقود إلى طرح أسئلة أخرى حول علاقة الالتقاء، والاختلاف بين الأمازيغية، والأصولية، فلأننا نحرص على أن تقف تلك الأسئلة وراء استفزاز الأذهان، رغبة في الارتباط بحركة الواقع، التي تدفع إلى طرح السؤال، الذي يستحث الذهن، من أجل إنتاج المزيد من الأفكار، التي نلتمس من ورائها مقاربة الأجوبة المطروحة على الساحة الفكرية، فيما يخص العلاقة بين الأمازيغية، والأصولية.

وانطلاقا من استفزاز الأذهان، الوارد في أصل حركة الفكر القائمة في الواقع المادي للأمازيغية، والأصولية على السواء، نرى:

1) إن الأمازيغية والأصولية تلتقيان على:

ا ـ أساس طائفي، لأن كلا من الأمازيغية، والأصولية، يسعى إلى بناء مجتمع طائفي: أمازيغي / أصولي، ليصير المجتمع المغربي، المعني بالأمازيغية، والأصولية مجتمعا طائفيا.

ب ـ أساس إيديولوجي، لأن الأمازيغية، والأصولية، في عمقهما، يتحولان إلى مجرد تعبير ين إيديولوجيين، عن مصالح الجهة المؤدلجة للأمازيغية، أو الأصولية.

ج ـ أساس سياسي، لأن مؤدلجي الأمازيغية، والأصولية على السواء، يتخذون مواقف سياسية معينة، ويسعون إلى تأسيس أحزاب سياسية لأجل ذلك، ويهدفون إلى بناء الدولة الطائفية: الأمازيغية، أو الأصولية.

وهذه الأسس التي تلتقي عليها الأمازيغية، والأصولية، هي التي تعتبر منطلقا لعملهما، أو لعمل الأمازيغيين، والأصوليين على السواء، من أجل تحقيق برامجهما المؤدية بالضرورة الى تحقيق أهدافهما.

2) أن أوجه الالتقاء بين الأمازيغية، والأصولية، تتجسد في:

ا ـ أن كلا منهما يسعى إلى قيام التشكل الطائفي، المستقطب إما للأمازيغيين، أو للأصوليين، من أجل الاستقواء في الممارسة اليومية، الساعية إلى تحقيق الأهداف الطائفية المرسومة.

ب ـ أن كلا منهما محكوم إما بهاجس إشاعة الأمازيغية كلهجة، تنحو لأن تتحول إلى لغة، لإقناع الناس بضرورة دسترتها، واتخاذها لغة للتعليم، والإدارة، والقضاء، والتواصل بين الناس في المجتمع، وإما بهاجس إشاعة المرجعية الأصولية، واعتبارها مصدر التشريع، والمسلكية الفردية، والجماعية، والموجهة للتعليم، وللعمل الإداري، وللقضاء، وللحياة العامة، وللأسرة، وللشعائر المختلفة، ومن أجل أن يتحول المجتمع المغربي كله إلى مجتمع أصولي.

ج ـ أن كلا منهما يسعى إلى تنفيذ برنامج في أفق قيام دولة تحكم باسمه، فالأمازيغيون يسعون، ومن خلال العمل على إنشاء أحزابهم الأمازيغية، إلى إقامة الدولة الأمازيغية، انطلاقا من دستور أمازيغي، تشرف على جعل اللغة الأمازيغية هي السائدة في الحياة العامة، وفي التعليم، والإدارة، والقضاء، وتنفيذ جميع البرامج التي تؤدي إلى ذلك التسييد، حتى يحتل الأمازيغيون المكانة التي يرونها مناسبة لهم، ضدا على جميع الطوائف الأخرى، والأصوليون يسعون إلى قيام الدولة الأصولية، التي يعتبرونها دولة دينية، أو دولة إسلامية، وتحت وصايتهم، على أن تقوم تلك الدولة بفرض التشريعات الأصولية، التي يسمونها ب "الشريعة الإسلامية"، والعمل على تنظيم تجييش المجتمع ككل، باسم إقامة الشعائر الدينية، استعداد ليوم القيامة، الذي يصير الشغل الشاغل للأصوليين، ولدولتهم الدينية، فكأنها هي التي تشرف على يوم المحشر، وكأنها تتلقى الوحي من الله تعالى.

د ـ أن كلا منهما عندما يقيم الدولة، يعتبرها وسيلة لتجييش المجتمع ككل، من أجل إعادة صياغته، وفق ما يراه. فالأمازيغيون يوظفون الدولة من أجل فرض تجييش الناس، وراء دعم دسترة الأمازيغية، لفرض استعمالها في التعليم، وفي الإدارة، وفي القضاء، وفي جميع مناحي الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يخضع جميع أفراد المجتمع لإرادة مؤدلجي الأمازيغية، سواء كانوا أمازيغيين، أو غير أمازيغيين، والأصوليون يوظفون الدولة الدينية، أو "الدولة الإسلامية"، لحمل جميع الناس على إقامة الشعائر الدينية، والقبول بتطبيق الشريعة الإسلامية، لتتحول الحياة برمتها، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلى حياة أصولية.

ه ـ أن كلا منهما، عندما يتمكن من السيطرة على أجهزة الدولة، يعمل على نفي الآخر، فالأمازيغيون ينفون كل من يتكلم لهجة غير أمازيغية، وكل من ينتمي إلى عنصر غير أمازيغي، إلى درجة الرغبة في إجراء عملية التهجير الجماعي من المغرب، أو العمل على التصفية الجسدية الجماعية لغير الأمازيغيين، والأصوليون يعملون على إقصاء من يرفض القبول بالتجييش وراءهم، ويمارسون التصفية الجسدية الجماعية في حق من يعتبرونهم كفارا، وملحدين، حتى يصير المجتمع أصوليا 100/، وحتى يتمكنوا من تجييش جميع أفراد المجتمع، استعدادا ليوم القيامة.

وهذه المسائل التي تلتقي حولها الأمازيغية، والأصولية، هي التي تكشف عن عدم ديمقراطيتهما، وعن الرغبة في العمل إما على تأبيد الاستبداد القائم، أو السعي إلى فرض استبداد بديل، لتكريس سيادة التوجه، أو التوجهات الأمازيغية، أو التوجه، أو التوجهات الأصولية، مما يقطع الطريق أمام إمكانية قيام ممارسة ديمقراطية حقيقية، انطلاقا من قيام دستور ديمقراطي متلائم مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

3) أما الأهداف التي تتحقق من وراء هذا الالتقاء، فتتمثل في:

ا ـ تكريس الاستبداد القائم، أو العمل على فرض استبداد بديل، بقيام الدولة الطائفية الأمازيغية، أو بقيام الدولة الطائفية الأصولية، وهذا الهدف لا يختلف في الحالتين معا، لكونه في الحالة الأولى استبدادا، وفي الحالة الثانية استبدادا، والمتضرر من الحالتين معا، هو الجماهير الشعبية التي تصير مفتقدة لدستور ديمقراطي متلائم مع المواثيق الدولية ، المتعلقة بحقوق الإنسان.

ب ـ الحرمان من الممارسة الديمقراطية الحقيقية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يؤدي إلى الحرمان من وجود مؤسسات تمثيلية حقيقية، من الشعب، والى الشعب، تنبثق عن أغلبية برلمانها حكومة مسؤولة، أمام نواب الشعب الحقيقيين.

ج ـ الحرمان من العمل على ملاءمة القوانين المحلية، مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، مما ينتج عنه حرمان المواطن العادي من إمكانية التمتع بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، عن طريق أجرأة مضامين المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

د ـ فرض اعتماد الأمازيغية، المفترضة، كلغة رسمية، ولغة للتعليم، والإدارة، والقضاء، والتواصل، وفرض منطق الأصولية كمنهج في الحياة العامة، وفي الحياة الخاصة، حتى يتجيش جميع أفراد المجتمع وراء الأصوليين.

ه ـ إعادة النظر في القوانين المختلفة، حتى تتلاءم مع التوجه الأمازيغي الهادف إلى تسييد الأمازيغية، من خلال القوانين المختلفة، أو تتلاءم مع التوجه الأصولي، الساعي إلى تطبيق "الشريعة الإسلامية"، بصيرورة القوانين "شريعة إسلامية".

و ـ اعتماد القوانين لتقسيم المجتمع إلى مواطنين من الدرجة الأولى، ومواطنين من الدرجة الثانية. فالأمازيغيون يصيرون قانونيا مواطنين من الدرجة الأولى، وغيرهم من المواطنين من الدرجة الثانية، أو الثالثة، ولا يستحق أن يعيش من أجل أن يكون مواطنا.

ز ـ برمجة إحياء التراث ليصير ممارسا في الحياة اليومية، سواء كان ذلك التراث بدائيا، أو عبوديا، أو إقطاعيا، للتدليل على ما يسمونه بالأصالة. فالأمازيغيون يبرمجون إحياء التراث الأمازيغي لإثبات أحقيتهم في الحكم، والأصوليون كذلك يبرمجون إحياء التراث الأصولي، لإثبات أحقيتهم في الحكم. وهو أمر لا يمكن أن يجر إلا الى العداء لما هو حديث، ووافد في نفس الوقت.

وهذه الأهداف التي أتينا على ذكر بعضها فقط، هي التي تحكم ممارسة الأمازيغيين، والأصوليين على السواء، وهي التي تستحثهم على بذل المزيد من المجهود، في إطار الالتزام بالبرامج المسطرة أمازيغيا، أو أصوليا، من أجل تحقيقها في العاجل، أو في الأجل القريب، أو المتوسط، أو البعيد في أسوء الأحوال، ضدا على حركة التاريخ، التي تسير في اتجاه مضاد لمسار الحركة الأمازيغية، أو الحركة الأصولية.

#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات