|
مجتمع مدني في العراق
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 1842 - 2007 / 3 / 2 - 12:21
المحور:
الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2007 شباط : مستلزمات بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي في العراق
كل من يدرس حالة العراق الصعبة ، التي يمر بها هذه الأعوام ، والتي تشتد شراسة ، وتتزايد صعوبتها أمام العراقيين ، فيرغبون بالهروب السريع من تلك الحياة الصعبة ، والتي هي أشبه با لموت العبثي الفظيع ، والذي لا يتوقع احد متى يحل ، لتنقضي حياة حافلة بالنشاط ، زاخرة بالأمنيات الكثيرة ، والتي يتطلع إليها كل إنسان حي في هذه المعمورة فكيف يمكن إنقاذ شعبنا الأبي والعريق ، من هذا الموت المجاني ؟ ، الذي بات خطرا يهدد باقتناص الأرواح ، وإيقاف القلوب النابضة ، بناء المجتمع المدني هو السبيل الناجع للقضاء ، على حالة الرعب التي تجتاح العراقيين اليوم ، فكيف يمكن ان يبنى المجتمع المدني ، في ظل هيمنة السلاح ، وسياسة التفخيخ ، والموت الذي يفغر فاه ، حين يرى الأرواح مطمئنة في الأسواق ، فيرغب بإزهاقها ، والعقول راغبة بالإطلاع على أنواع المعرفة ، فيحب إسكاتها والى الأبد لقد عانى العراقيون من سياسة التسلح عقودا ، طويلة الأمد ، أشعل النظام السابق حربا ، استمرت مدة ثماني سنوات كاملة ، من اجل شط العرب ، وحين أسكتت تلك الحرب ، وأخمدت نارها ، تخلى النظام عن حق العراق ، في ذلك الشط ، ثم اجتاح الكويت بالضد من إرادة المجتمع الدولي ، مما جعل الولايات المتحدة تتعاون مع العديد من الدول ، من اجل إخراج الجيوش العراقية من الكويت ، وفرض على العراق ، نتيجة ذلك الانهزام أشرس حصار اقتصادي ، فعانى الإنسان العراقي ، من فقدان الغذاء والدواء ، مما سبب الكثير من الأمراض ، وموت العديد من الأطفال ، والنساء والشيوخ ، ورغم هذه الهزائم المتكررة ، فان النظام لم يكف عن تسليح الناس ، وتأسيس الجيوش المتعددة ، من فدائيي صدام الى جيش القدس بالإضافة إلى الجيش النظامي ، الذي قيل انه رابع جيش بالعالم ، ايام الاجتياح العراقي للكويت ، لكنه لم يستطع ان يدافع عن الوطن ، لان قيادة الفوات المسلحة كانت بيد أشخاص ، أميين لا يفقهون من العسكرية ،وقوانينها شيئا ، وكانوا يظنون ان البقاء بالحكم ، يمثل الانتصار المبين على أعدائهم ، جاءت أمريكا لتحتل العراق ، وتسرح الجيش النظامي والشرطة والجيوش الأخرى ، مع كافة أسلحتها الثقيلة والخفيفة ، فأصبح هناك فئات عريضة من الناس ، تملك أنواعا من الأسلحة ، بالإضافة الى ان الحدود العراقية مع كل الدول كانت مفتوحة ، أمام كل أنواع الداخلين ، من المتطرفين الذين يظنون ان الجهاد هو تفجير الأبرياء وإرسالهم الى الموت السريع ، ومن عصابات كانت تقتل بناء على مبالغ كبيرة من النقود العراقية المسروقة ، من خزينة الدولة التي تعرضت للنهب والاحتلال ، بالإضافة الى الفئات التي وجدت نفسها متورطة بكل الجرائم التي ارتكبها النظام السابق ، وليس من مصلحتها ان يستقر العراق ، وان يعود الأمن الى ربوعه ، نخلص من هذا الكلام ان العراق كان متسلحا على الدوام وانه لم يعرف المدنية لان العسكر كانوا من يقرر الأمور ، رغم ان رئيس النظام السابق لم يعرف العسكرية ولم يدرس فنونها ، وكانوا يظنون ان التسلح فقط هو الذي يكسب الانتصار ، على الأعداء رغم تفوقهم العسكري علينا ، سقط النظام وكان الكثيرون يعتقدون ، انه بامكانهم ان يتمتعوا بالحياة الحرة الكريمة ، وان الأيام سوف تبتسم في وجوههم ، بعد ان أراهم النظام السابق الوجه الكالح العابس ، مضت الأعوام وأوشك اليأس ان يستبد بالنفوس ،بان الوضع سوف يبقى ثابتا ، وان ليس بالا مكان أكثر مما كان ، وان العراق حلت عليه اللعنة وأصابه الخراب ، ولكن النظرة الواثقة بقدرات الشعب العراقي الأبي ، تثبت ان العراقيين ككل الشعوب الأخرى ، يمكن لهم ان يصنعوا الانتصار على قوى الهمجية والظلام ، التي أخذت تهدد الحياة ، وان بناء المجتمع المدني بالعراق كفيل بتحقيق الاستقرار المنشود ، والمساهمة في صنع حياة باسمة مشرقة ، وان القضاء على معالم التسلح في المجتمع العراقي ، كفيل بجعل هذا الحلم واقعا جميلا ، وهو الإسراع بنزع سلاح المليشيات ، التي تنتمي الى الأحزاب ، لان ذلك السلاح في أيد غير حكيمة ، يسبب الكثير من الاشتعالات المرهقة ، تجعل الناس يئنون منها ، وان الانتماء يجب ان يكون للوطن ، وليس للأحزاب المتصارعة ، وان على الحكومة ان تعلم أنها تمثل كل العراقيين ، وانه لا فرق بين غنيهم وفقيرهم وعربيهم وكرديهم وسنيهم وشيعيهم الا بالتقوى ، وان المواطنين جميعا سواء بالأمان والسلام والعدالة الاجتماعية ، والتعلم واختيار السكن ، وانه ليس من حق احد ان يهجر الآخرين من ديارهم ، وان الفرد العراقي يجب ان يدرك ، ومنذ الصغر ، بواسطة والديه ومعلميه ،ان العراق يتكون من عدة قوميات وان كانت أكبرها العربية ، وان مواطنيه يدينون بعدد من الاديان ، وان كان المؤمنون بالاسلام يشكلون الاغلبية ، وان الإنسان حر في الاعتقاد الديني ، والسياسي والمذهبي ، وانه ليس من حق احد ، مهما كان ان يسلبه هذا الحق ، وان يعرضه للمهانة لأي سبب كان ، بناء المجتمع المدني في العراق ، هو السبيل الناجح لخلق الأمان والاستقرار ، في ربوع جميلة ، عانت من الويلات ، وان لها اليوم ان تشهد الأمان
صبيحة شبر
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يهاجم جميعهم شخصية الرسول ؟
-
الازمة التي يعيشها الاساتذة
-
قراءة في المجموعة القصصية ( لائحة الاتهام تطول)
-
مزاح : قصة قصيرة
-
اندهاش
-
تقدم المجتمع والمدارس
-
الرهان : قصة قصيرة
-
المراة في عام 2007
-
هل لنا ان نتفاءل ؟؟
-
تأنيب : قصة قصيرة
-
الى صديقتي
-
الزائرة
-
حول المواقع الالكترونية والابداع
-
هل الصراع طائفي ؟؟
-
أريد حلا
-
تعدد الزوجات
-
العقاب : قصة قصيرة
-
الابداع النسوي والابداع الرجولي
-
معايير التقدم والتأخر
-
العودة الى الوطن
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
-
الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ
...
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟
...
-
أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه
...
المزيد.....
|