أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 817 - اليمن… حين ينقلب تحالف الحرب إلى صراع نفوذ















المزيد.....

طوفان الأقصى 817 - اليمن… حين ينقلب تحالف الحرب إلى صراع نفوذ


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 23:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

1 يناير 2026


تصعيد سعودي–إماراتي يفتح الباب على مرحلة أكثر تعقيدًا في جنوب الجزيرة العربية

لم يكن القصف السعودي لميناء المكلا في 30 ديسمبر/كانون الأول 2025 حدثًا عسكريًا معزولًا أو مجرد “خطأ تنسيقي” داخل التحالف العربي، بل مثّل لحظة كاشفة لإنفجار تناقضات ظلت لسنوات تُدار خلف الكواليس بين الرياض وأبوظبي، داخل حرب اليمن التي دخلت عامها الحادي عشر. فالضربة الجوية، التي إستهدفت سفنًا قيل إنها محمّلة بأسلحة قادمة من الإمارات لدعم قوات المجلس الإنتقالي الجنوبي، لم تفتح فقط فصلًا جديدًا من التصعيد الميداني، بل دشّنت تحولًا سياسيًا أخطر: إنتقال الصراع من حرب ضد الحوثيين إلى صراع مفتوح بين حلفاء الأمس.

من “تحالف الضرورة” إلى صدام المصالح

منذ انطلاق عملية “عاصفة الحزم” عام 2015، بدت السعودية والإمارات في خندق واحد، تتقاسمان هدفًا معلنًا هو إعادة “الشرعية” اليمنية وإيقاف تمدد الحوثيين المدعومين من إيران. غير أن وحدة الهدف لم تكن يومًا وحدة في الرؤية. فمع مرور الوقت، أخذت أجندتا الدولتين تتباعدان، لا سيما في الجنوب اليمني، حيث ترى أبوظبي في إعادة تشكيل الخريطة السياسية فرصة إستراتيجية طويلة الأمد، بينما تنظر الرياض إلى وحدة اليمن—ولو شكلية—بوصفها خط الدفاع الأول عن أمنها الحدودي.
الهجوم الذي نفذه المجلس الإنتقالي الجنوبي مطلع ديسمبر تحت إسم “المستقبل الواعد”، وسيطرته السريعة على مدن ومناطق إستراتيجية في حضرموت والمهرة، كشف حجم هذا التباعد. فالتقدم شبه السلس لقوات المجلس، المدعومة إماراتيًا، لم يكن ممكنًا لولا وجود بنية عسكرية وأمنية موازية للسلطة المعترف بها دوليًا، بُنيت خلال سنوات تحت رعاية أبوظبي.

المكلا: أكثر من ميناء

لا يمكن فهم دلالة الضربة السعودية على ميناء المكلا دون التوقف عند رمزية حضرموت ذاتها. فالمحافظة، التي تضم ما يقارب 80% من الإحتياطي النفطي اليمني، وتشترك بحدود برية طويلة مع السعودية، تمثل عمقًا إستراتيجيًا حساسًا للرياض. السيطرة عليها من قبل كيان إنفصالي، حتى وإن كان معاديًا للحوثيين، تعني عمليًا تقويض النفوذ السعودي في اليمن الشرقي، وفتح الباب أمام ترتيبات جيوسياسية جديدة على حدود المملكة.
من هنا جاء القصف رسالة مزدوجة: رسالة عسكرية مباشرة إلى المجلس الإنتقالي، ورسالة سياسية حادة إلى أبوظبي مفادها أن “الخطوط الحمراء” قد جرى تجاوزها. ولم يكن مصادفة أن يترافق القصف مع لهجة غير مسبوقة في بيان وزارة الخارجية السعودية، التي تحدثت صراحة عن “تهديد للأمن القومي” وإستعداد لإتخاذ “كل الإجراءات اللازمة”.

إعلان الإنسحاب الإماراتي… خطوة تكتيكية أم إعادة تموضع؟

ردّ أبوظبي جاء سريعًا، لكن بصيغة محسوبة. إعلان وزارة الدفاع الإماراتية سحب “ما تبقى” من قواتها من اليمن، مع التذكير بأن الوجود العسكري الرسمي إنتهى منذ 2019، يوحي ظاهريًا برغبة في التهدئة. غير أن هذا الإنسحاب لا يعني بالضرورة تخلي الإمارات عن نفوذها الفعلي، الذي بات يعتمد بدرجة أقل على الجنود النظاميين، وبدرجة أكبر على قوى محلية موالية، وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي.
في هذا السياق، يبدو الإنسحاب أقرب إلى إعادة تموضع سياسية وإعلامية، تهدف إلى نزع فتيل الإتهام المباشر، دون المساس بجوهر المعادلة الميدانية. فالمجلس الإنتقالي، الذي يسيطر اليوم على أكثر من نصف مساحة اليمن، بات لاعبًا لا يمكن تجاوزه، سواء بقيت القوات الإماراتية على الأرض أم غادرتها رسميًا.

حكومة بلا أرض… وشرعية معلّقة

الأزمة الحالية أعادت إلى الواجهة هشاشة “الشرعية” اليمنية نفسها. فمجلس القيادة الرئاسي، المدعوم سعوديًا، لا يسيطر فعليًا إلا على مساحات محدودة، ويعتمد في بقائه على توازنات خارجية أكثر من إعتماده على قاعدة داخلية صلبة. إعلان حالة الطوارئ لمدة 90 يومًا، وفرض قيود على الحركة في المنافذ والمطارات، يعكس أكثر مما يخفي: سلطة محاصرة داخل معسكرها، تخشى أن يتحول الصراع مع الحوثيين إلى صراع على ما تبقى من الدولة.
إلغاء الإتفاقيات الدفاعية مع الإمارات، والمطالبة بخروج قواتها خلال مهلة زمنية قصيرة، يمثل تصعيدًا سياسيًا عالي السقف، لكنه يفتقر إلى أدوات التنفيذ الواقعية، في ظل موازين قوى مختلة على الأرض.

المستفيد الأكبر: الحوثيون

في خضم هذا الإشتباك داخل المعسكر المناهض لهم، يبرز الحوثيون بوصفهم المستفيد الإستراتيجي الأول. فبينما تنشغل القوات المدعومة سعوديًا وإماراتيًا بصراعات جانبية، يحتفظ الحوثيون بسيطرتهم على الشمال الكثيف سكانيًا، ويواصلون توظيف موقعهم كورقة إقليمية، سواء عبر إستهداف الملاحة في باب المندب، أو عبر ربط عملياتهم بالحرب في غزة.
تفكك الجبهة المقابلة يمنح الحوثيين هامش مناورة أوسع، ويقوض أي إمكانية قريبة لإحياء مسار تفاوضي شامل، كانت الأمم المتحدة وسلطنة عمان تعملان عليه بهدوء خلال العامين الماضيين.

اليمن في سياق إقليمي مضطرب

لا يمكن فصل ما يجري في اليمن عن السياق الأوسع للبحر الأحمر والقرن الإفريقي. فالتوتر السعودي–الإماراتي يجد له أصداءً في السودان، حيث يدعم الطرفان معسكرين متنازعين، وفي القرن الإفريقي، حيث تتقاطع ملفات الملاحة، والقواعد العسكرية، والنفوذ الإسرائيلي المتنامي بعد الاعتراف بأرض الصومال.
اليمن، في هذا المشهد، لم يعد مجرد ساحة حرب أهلية، بل عقدة جيوسياسية تتقاطع فيها مصالح الطاقة، وأمن الممرات البحرية، وصراعات المحاور الإقليمية، من الخليج إلى شرق إفريقيا.

إلى أين يتجه الصراع؟

السيناريوهات المفتوحة متعددة، لكن أكثرها ترجيحًا على المدى القريب هو إستمرار “الصراع المنخفض الحدة” بين الرياض وأبوظبي داخل اليمن، دون إنزلاق إلى مواجهة مباشرة. ستسعى السعودية إلى كبح إندفاعة المجلس الإنتقالي ومنعه من إعلان إنفصال رسمي، فيما ستعمل الإمارات على تثبيت مكاسب حلفائها كأمر واقع تفاوضي.
غير أن هذا التوازن الهش يبقى عرضة للإنهيار في أي لحظة، خاصة إذا ما قرر أحد الأطراف إستخدام ورقة النفط، أو الموانئ، أو تعطيل الملاحة، كأداة ضغط إضافية.

خاتمة

ما جرى في المكلا ليس حادثة عابرة، بل علامة على أن حرب اليمن دخلت طورًا جديدًا، لم تعد فيه خطوط الصراع واضحة كما كانت. فالدولة المنهكة، التي كانت ساحة لتصفية حسابات إقليمية، باتت اليوم مسرحًا لتفكك التحالفات ذاتها. وفي غياب تسوية سياسية شاملة، لا يبدو أن اليمن يتجه نحو سلام قريب، بقدر ما يتجه نحو إعادة إنتاج أزمته في صيغ أكثر تعقيدًا، حيث يتداخل المحلي بالإقليمي، والتحالف بالصراع، والهدنة بالإنفجار المؤجل.

*****

المراجع

1) "ما الذي يجري في اليمن، وكيف تتقاسم السعودية والإمارات النفوذ في الإقليم؟"

موقع موسكوفسكيي نوفوستي
30 ديسمبر/كانون الأول 2025

2) "الإمارات تسحب قواتها من اليمن عقب الغارات الجوية على ميناء المكلا"

موقع فونتانكا.رو
30 ديسمبر/كانون الأول 2025

3) "السعودية في مواجهة الإمارات: ملكيتان تتدخلان علنًا في حرب أهلية ليست حربهما"

أندريه ياشلافسكي
صحيفة موسكوفسكي كومسوموليتس
30 ديسمبر/كانون الأول 2025



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تختنق أوروبا… يُعاد فتح ملف الحرب مع روسيا
- طوفان الأقصى 816 - إعتراف إسرائيل بصومالي لاند
- في ذكرى تأسيس الإتحاد السوفياتي - 7 نوفمبر: ذاكرة الثورة الت ...
- طوفان الأقصى 815 - عام الإنكشاف: ماذا بقي من «محور المقاومة» ...
- طوفان الأقصى 814 - نحو 2026: الإرهاب في سوريا يتبدّل شكله ول ...
- طوفان الأقصى 813 - إيران في قبضة التناقضات الكبرى
- طوفان الأقصى 812 - في بغداد، القلق لا ينتهي: نظرة على إرث ال ...
- طوفان الأقصى 811 - النفط كقدر جيوسياسي: روسيا وترامب وممالك ...
- طوفان الأقصى 810 - المتاهة السورية: بين وهم التسوية وشبح الح ...
- طوفان الأقصى 809 - «ما هي الكلمة المسيحية في مواجهة الإبادة؟ ...
- في ذكرى عيد ميلاده - ستالين بين ذروة القوة وثمنها الفادح
- طوفان الأقصى 808 - إسرائيل على حافة الهاوية - قراءة في أطروح ...
- طوفان الأقصى 807 - الإمارات في مواجهة السعودية: تفكك معسكر “ ...
- طوفان الأقصى 806 - كيف وضعت إسرائيل والولايات المتحدة نفسيهم ...
- ألكسندر دوغين - يجب تدمير الإتحاد الأوروبي (برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 805 - المستوطنون لن يرحلوا: تفكيك الإستعمار لا ...
- طوفان الأقصى 804 - إيران بين تلقي الضربة والرد - كيف أعادت ط ...
- ألكسندر دوغين - الاتحاد الأوروبي إلى مزبلة التاريخ: كيف سيقس ...
- طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل ...
- جيفري ساكس - عداء روسيا: كارثة لأوروبا


المزيد.....




- وتيرة غير مسبوقة.. إسرائيل خطّطت لبناء 28 ألف وحدة استيطانية ...
- -جاسوس- .. خبراء يكتشفون ثغرات أمنية في ساعة ذكية للأطفال
- كأس الأمم الأفريقية: ساحل العاج تفوز بصدارة المجموعة السادسة ...
- روبوتات وحصار شامل.. هكذا تستعد بكين لغزو تايوان
- مقتل عنصر أمن وإصابة آخرين في تفجير وسط حلب
- 243 مستوطنا يقتحمون الأقصى وإبعاد أسير محرر عنه
- أسامة حمدان: إسرائيل تخطط لتهجير الفلسطينيين إلى أرض الصومال ...
- فنلندا تحتجز سفينة قادمة من روسيا للاشتباه بتخريب كابل اتصال ...
- وزير الدفاع التركي: لن نسمح لقسد بفرض أمر واقع بالمنطقة
- الجيش السوداني والدعم السريع يعلنان السيطرة على مناطق بشمال ...


المزيد.....

- صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة / محمد حسين النجفي
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 817 - اليمن… حين ينقلب تحالف الحرب إلى صراع نفوذ