أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهاء الدين الصالحي - الصناعة الثقافية















المزيد.....



الصناعة الثقافية


بهاء الدين الصالحي

الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 20:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جدل الواقع والإبداع
بحث في الصناعات الثقافية المصرية وفعاليات القوى الناعمة
اولا الصناعة الثقافية
مفهوم الصناعة الثقافية مرتبط بعدة مفاهيم رئيسية:
١ التنظيم الاجتماعي المهني والذي لا يهتم بالانتماءات الاوليه لاعطائه ولا ينظر الى التضامن الاولى كعامل أو محدد لهوية الفرد وإن كانت بعض الروابط تنظر الى الانتماء القبلي على أنه عامل مساعد في خلق ظروف تشجع على أداء دور فعال في المجتمع وذلك يؤدي كما يؤكد دكتور أحمد ثابت في كتابه الدور السياسي الثقافي للقطاع
الأهلي الصادر عن سلسلة العلوم الاجتماعية ضمن مشروع القراءة للجميع عام 2009 في صفحه 22: إن نشأة منظمات طبيعيه لا تتبع ما يسمى بمناخ الأزمة في دول القارة الإفريقية وخاصة من زاوية عدم القدرة على إدارة المجتمع والإرادة الشعبية في خلق جماعات جديدة كمحاولة لخلق جماعات جديدة جاءت كمحاولة لسد الفراغ الناجم عن غياب الدولة بالنسبة لقطاعات معينة فيها، خاصة وأن تلك الجماعات قادرة على التعبئة الاجتماعية وتمكين المواطنين البسطاء من المشاركة وخلق نوع من الحركة المجتمعية والثقافة السياسية.
٢ البعد الاجتماعي للصناعات الثقافية حيث ان الطبيعة البشرية تنتج أي نظام معين أو مجموعة معينة من الظواهر الاجتماعية لتحصل من وراء ذلك على ما يرضيها، وذلك التسلسل يطرحه جون ديوي حول فكرة القوة الصانعة للثقافة وذلك في كتابه الحرية والثقافة والذي ترجمه أمين مرسي قنديل والصادر عن مكتبة الأسرة 2010 حيث يسرد في صفحه 25: فالمشكلة هي إيجاد طريقة تتفاعل بها عناصر ثقافة ما بعضها مع بعض والطريقة التي تستطيع أن نجعل بها عناصر الطبيعة البشرية تتفاعل، ويؤكد كمثال ميل الامريكان لثقافة الربح من ما أدي لنجاحهم في صناعة ثقافة المال /الربح ، ولذلك من خلال عدة آليات قادرة على التحكم في حركة المال العالمي. وذلك لأن النفس البشرية على الرغم من إدمانها للتمايز والتغير أنها تنزع إلى الاجتماع لأن الثقافة وفق جون ديوي: حالة تفاعل عوامل كثيرة أهمها القانون والسياسة والصناعة والتجارة والعلوم والتكنولوجيا والأخلاق أي القيم التي يعزها الناس يقدرونه تقديرا عظيما والطرق التي يقدرونها بها( نظام الأفكار العامة التي يلجأ إليها الناس ليبرروا لينقضوا الأحوال الأساسية التي يعيشون في كنفها أي ليبرروا وضعيتهم الإجتماعية والأخلاقية)
٣ الاساس العاطفي المرتبط بفكره او حدث تاريخي تم استثماره تاريخيا من ماده لنوع من التراكم الحدثي وارتباط ذلك بنظام مالي معين ، وبالتالي تتحول الافكار الى مؤسسه اقتصاديه وذلك كما يبدو في حاله الاسلام السياسي الذي سيطر على شريحه في مصر منذ عام 1928 حتى الان هو في هذه الحاله تكون الفكره هي الاساس لصناعه بناء اقتصادي وبذلك تتحقق فكره المؤسسه المترتبه على فكره العقيده ذات البعد السياسي وهو نوع من الالزام المجتمعي والمؤدي في نهايه الى خلق بؤر داخل المجتمع مما يخلق نوعا من حالات التبؤر في المجتمع المصري مما يؤدي لفكره التشظي الذي تخلق حاله من حالات الجزر الاجتماعيه المتباعدة، وكذلك فكره المؤسسه الاقتصاديه القائمه على افكار دينيه والحاله الابرز في هذه المساله هي الازهر الشريف حيث تستند فيها الصناعات ثقافيه على بعد اقتصادي من خلال مساحه الاوقاف المرصوده لتلك الحالات التاريخيه هنا تزدوج وتتدعم عمليه التربيه حيث ان التربيه في النهايه هي جهد منظم لارساء عدد من القيم الصانعه للبهجه داخل جماعه مرجعيه معينه تستند لامتدادات اجتماعيه من خلال فكره القبول النظري بالعقيده او الفكره النظريه المعبره عنها، وان كانت الفكره اشد تطبيقا في حالات الاسلام السياسي الحاليه بينما تحولت في حاله الازهر الى بعد شديد التعقيد من خلال عدد من المؤسسات التعليميه ذات الرسوخ والتي افقدت الفكره الرئيسيه القدره على المناقشه لانها زادت من مسارب الشرعنه التي تاكد البعد عن الفكره الاوليه بحيث اصبحت الاشكال الفرعيه قيمه في حد ذاتها.
تبقى عدة اسئلة: ما هي فكرة الصناعات الثقافية ؟ ومتى تتحول الثقافة إلى صناعة؟
الثقافة من حيث هي مركب معقد من العادات تتجه إلى العمل على الاحتفاظ لكيانها وصيانة نفسها وهي لا تستطيع ان تكرر نفسها الا بعد ايجاد عدة تغيرات معينة متميزه في تكوين اعضائها الأصليين، فكل الثقافه لها طرازها الخاص بها كما أن لها ترتيبها الخاص بقواها المقدمة لها، فهي تستطيع أن تقلد نفسها عن طريق تغيير الطبيعة البشرية الفجة أو الفطرية في الأطفال و كلهم يولدون كما لا يخفى على أحد قبل أن يستكملوا نضجهم، ذلك التقييم الاجرائي لمفهوم الثقافة قد وضعه جون ديوي في كتابه السابق الاشاره اليه وذلك للإشارة لجدلية العملية الثقافية وتاريخيتها وذلك من خلال تطور الفكرة المجردة الصانعه لواقع معين وان مراحل تطورها هي في الواقع رصد للتطور التاريخي لذلك المجتمع الصانع لتلك الحاضنة التي تنمو وتزدهر خلالها تلك الثقافة.
وبالتالي بينما نحاول الإجابة على السؤال الاول لان فكرة الثقافة كصدى اولي لفكرة رئيسية تدافع عن مصلحه مجتمع دونما الاخر وذلك وفقا لحركة التاريخ لان فكره الواقع القبلي وقدرته على خلق فكرة الفردية المنضوية في ظل جماعي وفق تنازل مرحلة عن حقوق الذات لدى الآخر، ولما تنامت فكرة الأديان في الجزيرة العربية وغيرها خلق ذلك رابط اكثر قابليه لخلق نوع من التعاطف والقدرة على احترام الآخر وهي فكرة العقيدة والرابطة القوية الكبرى مع قوة عقلية فوق أنماط التقييم التاريخية ، فقد حل الله محل القبيلة وبالتالي فكرة غياب البيولوجي في العقل وليس الماورائي.
وفي محاولة للإجابة عن السؤال الثاني متى تتحول الثقافة إلى صناعة نحاول ذلك من خلال نشأة القطاع المدني في سبعينيات القرن الماضي في مصر علما بأن ذلك القطاع قد اكتسب قدرة وحيوية في دولة ديمقراطية مثل لبنان قبل ان تصاب بأدران الثقافة العربية، والدليل الأبرز على ذلك جمعية المقاصد الاسلامية التي قامت بدور كبير في خلق الثقافة اللبنانية خلال أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي وقد جاءت كنوع من تأثيرات وجود الجامعه الامريكيه في العقل العربي خاصة وأنها لا تتبع الدوله الامريكيه بل جمعيات أهلية أمريكية تتبع الكنيسة ، و تنبع في شرعيتها القانونية في عالمنا العربي من وزارات الخارجية والتعاون الدولي وليست وزارات المعارف والتعليم وهو أمر خارج سياق البحث ولكنه ورد على سبيل الترادف أو ما يسمى بالقرينة في الدفوع القانونية ، ولعبنا تعريف الثقافة كما أورده الدكتور أحمد أبو زيد في كتابه هويه الثقافه العربيه الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2004 عن عدة ملاحظات إجرائية تؤكد على أهميتها كصناعة وليست جزءا غريزيا داخل الإنسان حيث يذكر في صفحة 18:
١ تمايز الثقافة واستقلالها عن الأفراد الذين يحملونها يمارسونها في حياتهم اليومية لأن عناصر الثقافة ومكوناتها كلها أمور يكتسبها الإنسان بالتعليم ومن خلال عمليات التنشئة الاجتماعية من المجتمع الذي يعيش فيه ، ولذا لا يدخل فيها كل ما هو غريزي أو فطري أو موروث بيولوجيا.
٢ يمكن التمييز في الثقافة بين جانبين او حتى نوعين من الثقافة: المادية واللامادية ، والمقصود بالثقافة المادية كل ما يصنعه الفرد في حياته العامة وما ينتجه من اشياء أي سلع ثقافية محسوسة وما يحصل عليها عن طريق استخدام الفنون التكنولوجية، أما الثقافة اللامادية فهي المظاهر السلوكية من عادات وتقاليد وطقوس وشعائر، وبالتالي جاءت فكرة الجدل حول معنى الصناعه هنا، من يصنع من؟ هو في اطار لذلك التبسيط الذي قدمه دكتور احمد زايد من خلال سرده في كتابه السابق الإشارة إليه في حال المجتمع الإسلامي الأول من خلال استشهاده بسوره النساء التي تدخلت في تنظيم العائلة والقرابة والزواج وما يترتب عليها من حقوق وواجبات ومسؤوليات والتزامات في حالة الموت والحياة وذلك وفق بحثه الذي نشره في مجلة عالم الفكر مج 11 عين واحد صفحه 27.
وليست صناعة الثقافة بالضرورة صناعة دولة أو صناعة جماعية بل تكون احيانا صناعه فرديه من خلال قدرة العقل المبدع على تغيير احدى مفردات التفكير المجتمعي والانساني، تأتي الاختراعات وحركة التطور العلمي وكذلك فكرة الثقافة وتداخل السلطة البيولوجية على فكرة الفردية المفرطة التي تسقط أمام قسوة الاحتياجات البيولوجية والنفسية ، وبالتالي فكرة المطبعة كنمط قياسي قدر على تحقيق تلك الثلاثية التي تربط بين الثقافة كموروث، والتمايز الفرد العقلي ، وفكرة إعادة الصياغة، وذلك في إطار فكرة الجدل الهيجلي التي خلقت مفهوم الصناعة الثقافية. وقد جاءت المطبعة كحدث تاريخي حيث أسست لفكرة تجاوز طبقة النساخ بفعل تميزهم الاجتماعي حيث حققت نوعا من ديمقراطية المعرفة الإنسانية وتحقيق نوعا من التثاقف القادر على إحداث تطور نوعي في الوعي والحياة الاجتماعية وهو أمر قد أفاضت فيه الدراسات السابقة إلا أننا بصدد مثال حديث أورده أنتوني جيدنز في كتابه الطريق الثالث تجديد الديمقراطية الاجتماعية. والتي ترجمة د أحمد زايد ومحمد محي الدين وراجعه د محمد الجوهري والصادر عن مكتبة الأسرة 2010 حيث يسرد في صفحة 67: إن أحداث 1989 في أوروبا الشرقية(سقوط جدار برلين (بالألمانية: Mauerfall)، في 9 نوفمبر 1989، كان حدثا محوريا في تاريخ العالم الذي شهد سقوط الستار الحديدي. فسقطت الحدود الألمانية الداخلية بعد فترة وجيزة. وتم إعلان انتهاء الحرب الباردة في قمة مالطا بعد ثلاثة أسابيع، وتمت إعادة توحيد ألمانيا خلال العام التالي ) لم تكن لتحدث على النحو الذي حدثت به لولا التلفزيون.
كل ذلك في محاولة الإجابة على السؤال المتعلق بفكرة الصناعة الثقافية ليكون السؤال الأبرز: ما هو المنتج الرئيسي الذي تقدمه الصناعة الثقافية ومن يقوم بدور الصانع فيه؟
لنحاول فك طلاسم ذلك المصطلح من خلال نموذج تقريبي وهي صناعة التلفزيون القائمة على فكرة استغلال فكرة الموجات أي علم الطيف ذلك الأمر الذي بدا مع تلغراف ماركوني الذي تطور الراديو ثم للتلفزيون ذلك التكثيف التصويري الذي يعكس نمط حياة الآخرين ، وكذلك يعكس مساحة التقنية التي انعكست على قلقله أنماط التكيف الاجتماعي القائمة على مساحة من الرضا بالحد الادنى المتاح لتحقيق الحاجات البيولوجية وعندما تعكس الافلام التلفزيونيه درجة أعلى من تحقيق الحاجات البيولوجية التي تم وأدها من خلال تخلف ادوات الانتاج المتاحه ولما تقدمت التقنية كان لها سلطة استدعاء الحاجات المكبوتة مما أتاح مساحة من التمرد على الواقع الاجتماعي المتاح وبالتالي جاءت الثقافة المكتسبة كسلطه لانها جاءت من رحم الصناعة هو مفهوم الصناعة هنا مرتبط مع عناصر مغايرة حيث التداعيات الاجتماعية وكذلك ضرورة توظيفها في إطار المشروع الفكري كامتياز لدولة المنشأ لتلك التكنولوجيا وبالتالي تتحول الثقافة بقوة الدفع لسلطة حيث جاء علم الاجتماع الثقافي كمحور رئيسي من خلال طرحه للمحتوى الدرامي العالمي الوارد من خلال الدراما الأمريكية وقدرتها على فرض التصور الأمريكي للعالم على بقية شعوب العالم وبذلك تحولت الثقافة لصناعة بغرض التسلط على الآخر لتمرير مشروع مجتمعي معين.
نعود لمحاولة الاجابة، ان ذلك التداخل عبر الزمن عندما دخلت المطبعة كرمانة ميزان ثقافه المرحلة قد ادى الى نشوء فئة من المثقفين من خلال اطلاعهم على تجارب الآخرين فكانت النتيجة الطبيعية هي مساحة الوعي للمتعلم المصري الذي تحولت فصيلة منه إلى مثقفين حركوا مساحة من التوتر داخل مؤسسة مستقرة فكانت النتيجة ثورة 1882 على يد عرابي هنا جدلية الفكرة هل كان يعي المخترع تلك التأثيرات الاجتماعية ؟ كلا. ولكنها المسألة الإنسانية حيث كانت فكرة التحدي القائمة على فكرة الحاجة البيولوجية وبالتالي نجاح التجربة والقدرة على تكرارها وفق نمط قياسي أدى إلى تطبيعيها اجتماعيا من خلال تكرار تلبية الحاجة البيولوجية وبالتالي تحولت الى صناعة لتجعل ذلك النقص في تحقق الحاجة البيولوجية قديمه بفعل وجود تلك التكنولوجيا الحديثة وتخلق حاجة بيولوجية جديدة بفعل واقع التطلعات الناتجة عن شراهة الحاجات الإنسانية.
هنا يبقى السؤال الأهم في الوقت الحالي في ظل تبلور الدول الوطنية: من يملك تحويل الثقافة إلى صناعة؟ ومأزق ذلك السؤال هنا في أن الثقافة جهد فني مقدم من أفراد يتميزون اجتماعيا ويطرحون أسئلة جدلية مع الواقع عبر مراكز التفكير التي انتشرت والتي أخذت صورا كثيره بدءا من المفكر الفردي الذي كان قديما ، ما قبل سيطرة فكرة الجامعات ومراكز الأبحاث التي تخلق عدد من الفرضيات والتي صارت العقل المفكر للدول الوطنية عبر أوروبا وبعض دول العالم الثالث لان الصناعة الثقافية في النهايه هي فكره قابله للتطبيق على ارض الواقع ولكن من يملك رأس المال القادر على تحويلها إلى فرضية اقتصادية جالبة للربح، ولكن هنا البعد الأهم والمحاذير التالية : أولا القدرة على إنتاج الثقافة القادرة على تغيير الوعي وذلك مرتبط بمراكز التفكير القادرة على طرح حلول مناطق الخلل في المشروعات المجتمعية القائمة وبالتالي طرح البدائل من خلال العلوم الإنسانية لأن العلوم الانسانية هنا تتحول إلى منتج معرفي وليست معرفة مستقلة بذاتها لأنها تحلل أسس الرئيسيه صناعة الأفكار وبالتالي صياغة الفرد القادر على إنتاج تلك الأفكار الجديدة القابلة للتطبيق من عدمها.
ثانيا : الأبعاد الثقافية الخفيه المتضمنة مع الصناعات الثقافية القديمة مع من الآخر خاصة مع سطوة حاله العولمة الثقافية القائمة الآن فعل ذلك المنتج الذي غير التاريخ العالم وهو الشبكه العنكبوتيه تلك الشبكة التي قضت على قدرة الدولة الوطنية على التحكم في مسارات المعرفة فقد كانت تحكم قديما من خلال فكرة التعليم والرقابة على الصحف والمجلات ولكن المعرفه الآن مرتبطة بمساحة السيل القادم من السماء كالامطار والقادر على خلخلة اعتى النظم الثقافية.
ثالثا : نجاعة النظم الفكريه في العالم الثالث وقدرتها على تفادي الصدمات الطبيعيه مع قدره الانظمه الثقافيه القديمه من الخارج وفق صناعه معينه شديده الجاذبيه بحكم التطور العلمي الذي يمتلكه الغرب وبالتالي فان صناعه اللغه جزء من صناعه الثقافه وقدره اللغه على تحقيق المتطلبات او التداعيات الفكريه الخاصه بالعلم الحديث على بلوره تلك المصطلحات لان الامر اذا كنا افترضنا ان الانترنت والشبكه الدوليه صناعه كامله المرافق فانها تحقق نوعا من توحيد انماط الفكر الانساني على الاقل حتى على مستوى المصطلحات على الاقل انتهت فكره المترادفات كمهاره لغويه لان المساحه ما بين الفكره والتطبيق قد ضاقت الى اقصى الدرجات ، وهنا تبرز اهميه المشروع المجتمعي في بعده الثقافي والذي تبدى مع مشروعين شديد الاهميه داخل تاريخ مصر الحديث وهم مشروع الجامعه الشعبيه الذي اسسه احمد امين ومشروع الثقافه الجماهيريه التي اسسها ثروت عكاشه ( وقد تاسست الجماعه الشعبيه عام 1946 بدعم من عبد الرزاق السنهوري باشا دعما لفكره الاستاذ احمد امين وقد رصد لها مبالغ ماديه كبيره وكذلك اعتمد اكثر من مكان يتم فيه تدريس عدد من المحاضرات المتعلقه بالموضوعات العامه وهو امر جلل في التنظيم على مستوى الصناعه ولكن على مستوى المبادره فقد سبقه فيها الاستاذ محمد فريد الزعيم الوطني انشاها مدارس الشعب وكانت تدرس ليلا لكافه طبقات الشعب كافه العلوم وذلك بهدف خلق وعي لتحرير الوطن في المستقبل لان الوطن لا يتحرر الا من خلال العقول الوعيه والقادره على انتاج المعرفه وذلك وفقا لما راى محمد فريد في الخارج هنا فكره التثاقف الرئيسيه ولكن الرافد الغير معلن كان دور الجامعه الامريكيه في مصر حيث قامت باعطاء دروس ليليه لكافه طبقات الشعب في قاعه ديورث الموجوده في شارع الشيخ ريحان حاليا وهنا نمط من انماط الصناعه الثقافيه القادمه الينا من الخارج حيث جاء هؤلاء الامريكان الذين بنوا تلك الجامعه على غرار البناء الكنسي ليقدموا لنا صوره جيده عن فكرهم عن دولتهم الجديده وعن مجموعه القيم التي يحملونها والتي يروجون لها ولا يعتد هنا في فكره السبق بالتاريخ لان الجماعه الامريكيه كان لها فرعا في بيروت منذ عام 1860 وكان يلتحق بها سنويا من مصر من 40 الى 60 طالب من ابناء صفوه المجتمع المصري قبل عام 1920 تاريخ انشاء الجامعه الامريكيه في مصر.) ثم جاءت 19 الدوله المصريه عام 1966 فقررت انشاء الثقافه الجماهيريه أسوة ب فرنسا والمجر وكانت الدنمارك أولى دول العالم التي آمنت نموذج الثقافه الجماهيريه .
وقد ورثت الثقافه الجماهيريه الجامعه الشعبيه وقد كانت في بدايتها مشروعا اهليا حيث افترض المؤسس الاول سعد كامل امكانيه ان تدعم جمعيه اهليه كل بيت ثقافه ثم تجتمع كل بيوت الثقافه لتنتخب مجلسا لاداره الثقافه في المحافظه من خلال قصر الثقافه الوحيد المتوافر ولكن عندما عرض الموضوع على الاتحاد الاشتراكي قراره الغاء فكره الاهليه الصرفه وتم تحويلها الى اشراف الحكومه وبالتالي صارت المساله كلها في تاميم الثقافه القائمه على الاختلاف لصالح الفكره القائمه على التوفيقيه على فكره التحالف قوه الشعب العامل الصائغه اصلا لفكره الاتحاد الاشتراكي ومنبع الخلط هنا ان الاتحاد الاشتراكي وقت ذاك قد خلط ما بين المؤسسات الثقافيه التي انشاها ثروت عكاشه من خلال اكاديميات الفنون وكذلك ما بين الثقافه الشعبيه لان الثقافه الشعبيه لا تستطيع الدوله حمايتها لان الشعب هو الذي ينتج الدوله وليست الدوله هي التي تنتج الشعب وذلك لان المناهج الجديده تحتاج إلى اساتذه جدد ومعامل صنع الثقافه الشعبيه لا يحتاج لكل هذا الدعم وبالتالي مساحه التنوع القائم في مصر من خلال عمق الجذور التاريخيه المتباينه في الامثال الشعبيه وغيرها قادر على صنع ثقافه شعبيه متميزه اذا هنا المساحه الرئيسيه التي كانت متاحه من خلال فكره الثقافه الجماهيريه ريه تم وعدها من خلال التبعيه للدوله على اساس ان تلك التبعيه تفترض نقاء التوجه لديك كثيرين من اعضاء الاتحاد الاشتراكي ولكن وقع الثوره المضاده داخل الاتحاد الاشتراكي ادى في النهايه لفكره خنق مساحه الجماهير في صناعه ثقافتها وذلك بفعل ثقافه المرحله والازمة المرتبطة بها وتلك الازمة التي أدت إلى حرب 67، ونستطيع معالجه الثقافة الجماهيرية من باب الصناعة الثقافية من خلال عده اشياء:
١ استغلال تلك المؤسسة الوليدة والتي ورثت إمكانيات المؤسسة القديمة في الترويج لثقافة استعادة الثقة في النفس ما بعد حرب 1967 وبالتالي قامت الثقافة الجماهيرية بالصناعة الرئيسية لثقافة النصر الجديدة في 1973 وهي أقصى درجات العمل الثقافي حيث استغلت فكرة إنتشار مقراتها عبر الجمهوريه.
٢ ايجاد منفذ آخر للتعبير عن وجهة نظر الثورة خاصة بعدما فقد الاتحاد الاشتراكي مصداقيته أمام جيل الشباب الذي ثار ما بعد 67 وتمخضت تلك الثورة عن وثيقة مارس 1968 تلك الوثيقة التي أسست لفكرة المراجعة القادرة على تلافي أسباب الهزيمة وإعادة إنتاج الظروف المجتمعية المؤدية لفكرة النصر في 73. خاصة وان عدد كبير من المثقفين الثوريين الذين تصدروا مشهد الثقافة قد أصيبوا بدرجة من الإحباط أدت إلى انسحابهم من الحياة الاجتماعية.
٣ الدور الذي قامت به عدد من القيادات الرائدة في الثقافة الجماهيرية والتي ساهمت في حركة الجماهير وقدرتها على التعبير عن نفسها خاصة نموذج عمنا عز الدين نجيب عبر تجربته الرائعه في كفر الشيخ والتي عبر عنها من خلال كتابه الخالد الصامتون يتكلمون. حيث كانت المواجهة ما بينه وما بين الاتحاد الاشتراكي ولكن دعم جمال حماد محافظ كفر الشيخ وقت ذاك ساعده على أداء دوره ولكنه اصطدم بعد ذلك مع إبراهيم بغدادي المحافظ القادم له من المنوفيه مع دوره التاريخي المعروف . خاصة بعد مساحة الانتشار التي حققها الثقافه الجماهيريه على حساب الاتحاد الاشتراكي وقتذاك.
نعود إلى الواقع الحالي ونبحث نظرة الدولة إلى الثقافة وفقا لوثيقة ملكية الدولة والتوجه نحو المزيد من تمكين القطاع الخاص ،في الفصل : تخارج الدولة من الصناعات / القطاعات المشبعة سوقها ولا تحتاج لدعم الدولة ، حيث لم ترد كلمة الثقافة بدءا من ص ٢١ ،حيث أوردت الوثيقة ١٨ فرع أورد منها نصا في بند ٦ :
أنشطة النشر والإنتاج البرامجي والفيديو والأفلام السينمائية و الأصوات المسجلة ، أنشطة البث الإذاعي والتليفزيوني[ وهو قطاع يرتبط بأنشطة داعمة للإعلام القومي الذي يحمل الرسائل المجتمعية الداعمة للهوية الوطنية]
هنا فكرة النشر ليس بعدا ثقافيا ولكن نقاط التماس مع مفاهيم الأمن القومي ،هنا الثقافة ليست حتى مصطلحا ،بل أنشطة النشر هنا بعيدا عن مفهوم الثقافة بل ينحدر الي مفهوم الدعاية الخادمة للتوجه السياسي .
عمومية اللفظ أدت إلى عدم دقة المصطلحات ،هنا العمومية غير الرشيدة تؤدي الي سوء المعالجة ، ثم تأتي الوثيقة إلى البند ١٨ تحت عنوان الطباعة والتغليف :
الطباعة المؤمنة وطباعة الأوراق المالية – طباعة الصحف والمجلات – طباعة الأوفست والطباعة الرقمية – الإعلانات المطبوعة – الدعاية في الإعلام الرسمي .
هنا مبرر الدولة فكرة المصلحة المالية من خلال التخديم على سوق الأوراق المالية ،وكذلك الحرص على الحفاظ على أدوات عمل وسعي تجاوزها الزمن على الرغم من الخسائر الجمة التي تعانيها الصحف القومية وكذلك القدرة على فلترة سوق الإعلانات لصالح الحكومة ،وبذلك يتم خلق ريع خلفي للحكومة .
المهم هنا فكرة المصطلح الغير محدد بغرض الربحية .
هنا نستشف من وثيقة ملكية الدولة عدم وجود لفظة الثقافة وكذلك عدم التعرض لمؤسسات الثقافة الجماهيرية المصرية كجزء من دواعي او مستلزمات الأمن الوطني المصري.
رغبة منا في تدعيم تلك الورقة البحثية ببعد إحصائي لجأنا إلى الكتاب الذي أصدرته وزارة الثقافة بعنوان الثقافة في عهد السادات والذي تناول حركة الثقافة من 1971 حتى 1980 ولكن لماذا هذا الاختيار ولم نلجأ الى اختيارات حديثه؟
١لتكون محاوله الاجابه ان تلك المرحلة المفصلية خاصة في بدايتها منذ عام 1971 حتى النصر في 1973.
٢ محاولة صناعة القوة الناعمة من جديد خاصة بعد هزيمة 1967 وكذلك خلق مناخ جديد يساعد على فكرة الانتصار على العدو.
٣ أهمية الثقافة كبعد اجتماعي في تسكين الوضع الثائر وإعادة حركة المجتمع لطبيعتها خاصة مع المظاهرات التي تطالب بفكرة الحرب خاصة مع قسوة الأحداث والتضحيات التي عانتها البيوت المصريه عبر ابنائهم الذين فقدوهم وكرامتهم التي فقدوها في 1967. وذلك من خلال امتلاك الثقافه الجماهيريه لعدة صناعات اولا صناعة المسرح ثانيا صناعة السينما وهما من أكثر الأشياء القادرة على فكره الإلهاء أو فكره التسكين. وهنا كانت نقطة الخلاف ما بين عز الدين نجيب والقائمين على أمر السينما أو إيراد الأفلام السينمائية لأفرع الثقافة الجماهيرية.
٤ اعادة تهيئة البنية الرئيسية للقوة الناعمة لان هي القوة الناعمة ما هي؟ هي مجموعة التأثيرات المجتمعية التي يمارسها الافراد او منتجاتهم الثقافية نوعا من التأثير المؤدي الى نوع من التعاطف أو الاتباع وبالتالي كيف يمارس المصري دورا تنويريا خاصة بعدما فقد ثقته في نفسه بعد حرب 1967 هنا تأتي أهمية الثقافه الجماهيريه التي اعادت الى المواطن المصري الاصلي الذي سيمارس القوة الناعمة فيما بعد من خلال هجرته لدول الخليج نوع من الثقة أو ترسيخ بنائه العقلي من جديد في صالح المشروع التحرري.
ولعل دلالة الأرقام تؤكد ذلك: فقد كان عدد القراء في دار الكتب إجماليا من 1971 حتى 1980 235, 856، وكذلك إجمالي عدد القراء في المكتبات الفرعية ٢٨٥٢٠٨٣ ، وبالتالي يصير إجمالي القراء في مصر عبر المكتبات٥١٧٦٩٣٩.
وقد بلغت عدد الكتب المعارة من دار الكتب المصرية ٩٢٨٦١٥، وكذلك عدد من الكتب المعارة من المكتبات الفرعية ٤١٨٣٤٤٨ ، علما بأن رصيد الكتب في دار الكتب ٦٣٢١٣٦١ ذلك خلال فترة الدراسة، وكذلك رصيد المكتبات الفرعية من 1971 ل 1980: ٦٦١٦٨٥٣.
والمكتبات الفرعية على الاغلب هي مكتبات الثقافة الجماهيرية المنتشرة عبر الجمهوريه، ولا يكتمل ذلك التعداد إلا بمعرفة تعداد سكان مصر لقياس عدد المستعيرين وعدد المترددين على المكتبات، حيث كان عدد سكان مصر عام 1970 32 مليون و 700000، ثم تطور الأمر لعدد سكان مصر عام 1976 ٣٦مليون و 600000، ثم جاء عام 80 ليكون 43 مليون و950 ألف، وبذلك يكون المتوسط الحسابي لعدد السكان٣٧٧٥٠٠٠٠ ،وبقياسهم بعدد الاستعارات البالغ ٥١١٢٠٦٣ ستصبح نسبة الاستعارة 13% وبالقياس لعدد الكتب الموجوده اي عدد الاصدارات فإنه لكل مواطن ثمانية كتب وهي نسبة ضخمة في فكره الإمداد المكتبي ويسمح بذلك من غزارة الإنتاجات الأدبية التي صدرت خلال فترة الستينيات والتي استمرت حتى 1973.
منشأ القوى الناعمة وعلاقاتها بالصناعات الثقافية
السياق التاريخي لخلق الرياده المصريه حيث ساهمت الكوادر المصريه في صنع النهضه الثقافيه في العالم العربي والدليل الابرز على ذلك نشاه العربي على يد الدكتور احمد زكي ١٩٥٧ ودور الاستاذ رجاء النقاش في تأسيس مجله الدوحه ، علاوه على الرياده في مصر حيث ظهرت الجامعه القاهره 1908 كصدى لدعوى شعبيه اطلقها كل مثقف مصر وقت ذلك ولكن تلك الفكره قد نبعت من صالون نازلي فاضل وهي سليله محمد علي ذلك الصالون الذي عقد في نهايه القرن التاسع عشر حيث جاء عبره اكبر تطور مجتمعي من خلال صناعه قياده مجتمعيه مثل سعد زغلول ومصاهرته لرئيس مجلس النواب عبر صفيه هانم وبالتالي فكره القياده بخلفيه مجتمعيه مختلفه عن طريق بناء تركي قديم تم ترسيخه في عهد اسره محمد علي وقد جمع في ذلك الصالون بقايا المثقفين المحبطين ناتج فشل الثوره العربيه التي شاركوا فيها وبالتالي كان ذلك الصالون كتوجه اجتماعي متمايز بحكم طبيعه شخصيه نازلي هانم كامراه تمردت على طبيعه طبقتها الاجتماعيه وكذلك نشات فكره تحرير المراه التي قادها قاسم امين كاعاده انتاج لنمط نازلي فاضل نفسها وذلك من خلال اعاده مناقشه النظره التقليديه للمراه في ظل المجتمع الراكد المحكوم بتقاليد الحراملك الناتجة عن الفكر الصحراوي الذي حكم مصر منذ فتره الخلافه القادمه من صحراء العرب حتى الخلافه القادمه من صحراء الترك ولم تستوعب الحضارات النهريه التي حكمتها في ظل الاسلام ولكن نشوء الفكر السلفي كمترادف رئيسي لفكره الهزيمه الناتجه عن وضعيه التبعيه التاريخيه والحاليه وقت نشوء ذلك التيار كمشروع فكري في مصر مع بداية القرن العشرين مع كتاب محمد رشيد رضا الوهابيه والاسلام 1912.
وبالتالي اجتمع في صالون نزل هانم عدة مواصفات قياسية: نجاتها من فكره التهميش الاجتماعي بحكم انتماءها لاسره محمد علي علاوه على الطبيعه النوعيه لمرتادي ذلك الصالون ويكفي محمد عبده وحده كمثال لكرامته وكبريائه كمثقف.
ونعود لصالون مي زيادة كنوع من المبادرة الفردية القادرة على التعبير عن المرحلة التي تميزت بالحراك الاجتماعي ولعل من حسن المصادفة ان تنتمي ماري إلياس زيادة (مي) للمسيحيه علاوة على انها شامية و فكرة استضافة الرجال في بيتها وهو أمر لم يكن متاحا لإمرأة مصرية في ظل ازدهار الفكر السلفي المحافظ ولكن نوعية المترددين عندها كانوا قادرين على حماية ذلك الصالون وبذلك اتفقت المرحلة مع طبيعة الحراك الاجتماعي وبذلك حدث تحول نوعي في دور المرأة كصانعه للثقافة وبالتالي جاء ذلك التواتر الذي صنعه صالون نازلي هانم مع تنامي دور المرأة الشامية في تحريك وتطبيق صدق الدعوة التي أطلقها قاسم أمين عبر كتابيه الخالدين والذين لم يقرأها أحد ممن يهاجمونه وكذلك حملة التشويه الاجتماعي باصطناع لفظة سيئة السمعة السفور وهي للابتذال اقرب وبذلك خلق مهاجمه نصوصا لها سلطه يتم تداولها حتى الآن.
ولا يمنع التعرض لهذين النموذجين من الصالونات الثقافية وجود عدد كبير لم يتم دراسته بشكل منهجي حتى الآن نسر جمعيه خريجي الجامعات المؤسسة 1942 وقد أنشأها عدد من خريجي الجامعات المصرية لنشر الثقافة وساهمت في نشر الثقافة في مرحلة هامة ، وذلك لا يقلل من قيمة صالون العقاد الذي تحول لمؤسسة ثقافية ولكنه اكتسب حمايته من جزئية تاريخية هامة وهي انتماءه للوفد في شعبيته وكذلك صلابته كمحارب رئيسي من أجل الثقافة وكذلك معاركه الصحفية التي اكسبته شرعية مجتمعية لدى الواقع الثقافي وبالتالي صار من كبار صناع الثقافة في مصر.
تلك المبادرات التي تلاشت بعد ثورة 1952 وقد حلت الدولة محل المثقف من خلال القدرة على اصطناع مؤسسات ثقافية قادرة على تحويل ركام الاحلام التي امتلأت بها الصحف المصرية قبل 52 ولكن عيوب الدولة الوطنية قد أدى لمحاولة سحب البساط من تحت أقدام المثقف وأضعفت فكرة المبادرة وذلك من خلال المركزية الثقافية لتصبح فكرة صنع الثقافة من أعلى بعدما كانت تصنع التيارات الثقافية من قاع المجتمع بفعل سيولة الحركة الاجتماعي ولكن ذلك لم يمنع عدد من الإرهاصات التي لم تتحول لحركة شعبية ما بين المثقفين وان كان تركيزها الأكبر على البعد الأدبي بعيدا عن فكرة مناقشة الأحداث السياسية كما كان سلفا وذلك بحكم سيطرة التمثيل الشعبي على فكرة الرقابة الشعبية.
ولكن الجديد في الأمر أن السياق التاريخي لخلق فكرة التداخل ما بين الأهلي والرسمي في الصناعة الثقافية نابع من مفهوم دولة الاستثمار الاجتماعي وهو مصطلح ظهر في كتاب سياسات الطريق الثالث وهو كتاب يدعو الى توازي البنى فلا تسيطر بنية القطاع الأهلي على بنية الدولة ولا تسيطر بنية الدولة على القطاع الخاص وكلاهما يتعاون باستخدام آلية السوق وينطوي ذلك على توازن ما بين السيطرة واللا سيطره ذلك التصور الذي ورد في كتاب انتوني جيدنز في كتابه السابق الاشارة اليه.
العوامل التاريخية التي ساهمت في صنع القوى الناعمة المصرية هي مساحة الهجرة القوية ما بعد 1974 لكافة الكفاءات المصرية التي كانت مخزونه في القوات المسلحه المصريه الى الدول العربية وبذلك تمكنت من خلق نهضة قوية هناك أثبتت ما تعلمته خلال فترة التحدي ولكن ذلك كان تكمله على الدور التاريخي الذي تقوم به مصر من خلال حركة المدرسين التي صاغت وعي كثير من قادة دول الخليج الحالين.
عناصر تراجع بنية القوة الناعمة المصرية
١ عدم ملائمة الجامعات المصريه كمعمل اولي لتفريخ عناصر القوة الناعمة لطبيعة التحديات الوقت المعاصر حيث تم صياغة جامعات الخليج على نمط الساعات المعتمده من خلال استيراد المناهج القديمة من الغرب وبذلك اصبح الخريج من دول الخليج يلائم السوق الدولي أكثر من المصري حاليا وهذا بالفعل ليس عيبا في بنية المثقف المصري ولا أستاذا بالجامعة المصرية بدليل نجاحهم في الدول الأخرى ولكن عملية التعليم المصدرة أو الصانع للقوة الناعمة في البداية تحتاج إلى مساحة من الإمكانيات خاصة وأن مساحة الاعتمادات التي تقدمها الدوله المصريه للجامعات وكذلك خلق الاطباء الاكفاء كما كان منذ فترة ماضية لم يعد متوفرا، وذلك بفعل أزمات العجز الدورية في الموازنة المصرية بحكم تبعية الاقتصاد المصري لمنطقة الدولار ما بعد 1974.
٢ فترة الابتعاد التاريخية للدراما المصرية والدورى المصرى عن الواقع العربي خلال فترة مقاطعة الدول العربية لمصر حتى عام 1986 مما يعلى قوى اخرى تدخل إلى السوق الخليجي والعربي مما أدى لدخول الدراما السورية إلى الدول الخليجية وبالتالي طبقا لنظرية ملء الفراغ كان علينا دراسة التغيرات المجتمعية التي حدثت في دول الخليج خاصة وأن دول الخليج قد غزتنا من خلال فكره الموزع العربي ولكننا كنا قادرين على خلق دراما مصريه تعبر عن الواقع المصري والواقع العربي في نفس الوقت بحكم ريادة الدولة من خلال مؤسسة السينما في سبعينيات القرن الماضي علاوة على ارتباط الإنتاج الدرامي بمشروع الدولة ولما غاب المشروع مع بداية إجراءات الانفتاح الاقتصادي حيث تم اطلاق العنان لمفهوم رأس المال الخاص وبحكم ان راس المال والبرجوازية المصريه لم تتكون تكونا طبيعيا ولكن من عدة مصادر مولودة ولادة قيصرية فكان إنتاجها للدراما بفعل فكرة الاستهلاك أيضا وبالتالي لم تعد الدراما مع معبرة عن الواقع المصري فلم تعد صادق أو قادرة على إقناع الداخل فما بالك بالخارج.
٣ عدم ربط صناعة الدراما المصرية بالعلم بمعنى عدم ارتباط تلك الصناعة بفكره مراكز التفكير القادرة على فتح نطاقات جديدة للابداع علاوة على عدم التنسيق مع الملحقية الثقافية المصرية في الخارج وذلك من خلال رصد التغيرات المجتمعية في تلك المناطق التي يمثلون مصر فيها وبالتالي يتم تكييف الإنتاج الدرامي في كل مراحله وفق تلك الطبيعة حيث يخلق ذلك نوعا من التسويق الاجتماعي، لان تسويق القوى الناعمة مسؤولية الدولة وليس مسؤولية الأفراد حيث تقوم القوة الناعمة بدور دبلوماسي معين حيث تهيئه تقبل النمط حيث نستطيع أن نجزم بأن القبول الأمريكي في العالم العربي هو نتيجة طبيعية الدراما الأمريكية الهوليودية التي سيطرت على العالم العربي منذ بدايته ولا ننسى ان كل الدراما المصرية قامت على فكرة تمصير الدراما الغربية ولم تشهد الدراما المصرية نموذجا مصريا للإبداع سوى في مرحلة المشروع المصري في ستينيات القرن الماضي ولا يعتبر الانزلاق الرائع تجاه أعمال نجيب محفوظ الا بعد مساحة الانتشار التي قامت قدمتها له جائزه نوبل.
التوصيات
١ ضروري طرح مفهوم جديد للريادة قائم على فكرة التحليل وانت تتحول مصر إلى مركز تفكير عربي وليس منافسا للانتاج العربي وان تكون نماذج الإنتاج الدرامي المصري نماذج قياسية قابلة للقياس وبذلك يجب أن تقوم على فكرة علم النفس الإعلامي وذلك من خلال ضرورة الاستعانة بأساتذة في التخصص بعيدا عن فكرة أن الصناعة هي فقط رأس مال وخاصة وأن رأس المال غير متوفر لنا بحكم مسألة أزمة الدوله المصريه الاقتصادية.
٢ ضرورة إيجاد سوق جديدة للدراما المصرية بعيدا عن البعد العربي الذي تم إشباعه من المتنافسين ولتكن القارة الافريقية في بعدها المتحدث باللغة العربية ولكن ذلك مشروط برشاده صناعة السينما والدراما المصرية عندك وضرورة أن تضمن الدولة من خلال الفائض الائتماني للبنوك المصرية على الاقل مساحه من القروض الميسرة للمنتج القادر على امتلاك رؤية تتضمن مفهوم أن الريادة الثقافية هي جزء من الأمن القومي المصري.
٣ ضرورة الاهتمام بدراما الشباب خاصة وأن الفئة العمرية الحديثة هي القادرة على التعامل مع مفردات الحداثة وكذلك خلق نوع من السردية الدرامية متوافقة مع مفهوم الأمن القومي وتسويقها في مناطق حيوية متوافقة مع الأمن القومي.
المراجع
مذكورة حيث مقاطع الاستشهاد المرجعي



#بهاء_الدين_الصالحي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باب الفتوح
- كيف نسوق الرموز
- صناعة الخطاب الاسلامي اعلاميا
- الضيق / هبة البدهلي
- حامد يوسف
- مصطفي نصر
- حداد ونهضة مابعد النكسة
- فؤاد حداد وبناء المحلمة المصرية
- فؤاد حداد والشعر أمة
- تاريخ بني اسرائيل قراءة د كارم عزيز
- لماذا فؤاد حداد
- الابداع والولادة عند رشا عباده
- أزمة الرأي العام العربي
- الفريضة الغائب للدولة الوطنية
- أزمة الدولة الوطنية
- صناعة القيمة في مقام السيدة : قراءة في رواية في مقام السيدة ...
- محمد محمد مستجاب
- عم حجاج أدول
- نجيب سرور وإعادة الطرح
- ظلال الخوف : قراءة في مجموعة راسبوتين يستمع فيروز سرا


المزيد.....




- وتيرة غير مسبوقة.. إسرائيل خطّطت لبناء 28 ألف وحدة استيطانية ...
- -جاسوس- .. خبراء يكتشفون ثغرات أمنية في ساعة ذكية للأطفال
- كأس الأمم الأفريقية: ساحل العاج تفوز بصدارة المجموعة السادسة ...
- روبوتات وحصار شامل.. هكذا تستعد بكين لغزو تايوان
- مقتل عنصر أمن وإصابة آخرين في تفجير وسط حلب
- 243 مستوطنا يقتحمون الأقصى وإبعاد أسير محرر عنه
- أسامة حمدان: إسرائيل تخطط لتهجير الفلسطينيين إلى أرض الصومال ...
- فنلندا تحتجز سفينة قادمة من روسيا للاشتباه بتخريب كابل اتصال ...
- وزير الدفاع التركي: لن نسمح لقسد بفرض أمر واقع بالمنطقة
- الجيش السوداني والدعم السريع يعلنان السيطرة على مناطق بشمال ...


المزيد.....

- صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة / محمد حسين النجفي
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهاء الدين الصالحي - الصناعة الثقافية