أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مدحت قلادة - حصاد عام 2025 عام انعدام الأمن وغياب العدالة وتكريس القمع




حصاد عام 2025 عام انعدام الأمن وغياب العدالة وتكريس القمع


مدحت قلادة

الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 17:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ينتهي عام 2025، وتدخل مصر عامًا جديدًا مثقلة بإرث ثقيل من الخوف والانقسام وفقدان الثقة. وليس من الطبيعي، ولا من المقبول، أن يمر هذا العام وكأنه مجرد رقم في التقويم. فالأعوام لا تُقاس بطولها، بل بما تتركه من أثر، وعام 2025 ترك جراحًا عميقة في جسد الدولة والمجتمع، جراحًا لم تعد قابلة للإنكار أو التجميل.

كان هذا العام عامًا كاشفًا بامتياز؛ سقطت فيه الشعارات، وانفضحت الادعاءات، وظهر بوضوح أن الأزمة في مصر لم تعد أزمة إدارة أو اقتصاد فقط، بل أزمة عدالة، وأزمة أمن، وأزمة مواطنة.

أولًا: نضج قاسٍ فرضه الواقع

على المستوى الشخصي، خرج كثيرون من عام 2025 أكثر وعيًا ونضجًا، لا لأنهم أرادوا ذلك، بل لأن الواقع كان أقسى من أن يسمح بالأوهام. تراجعت الخصومات الشخصية، وسقطت التحالفات القائمة على المصلحة، وبقيت الأفكار والمواقف وحدها معيار الاحترام.

أدرك الإنسان أن الصراع الحقيقي لم يعد بين أشخاص، بل بين مشروع دولة تحكم بالقانون والمواطنة، ومشروع سلطة تحكم بالخوف والتديين والقمع. وفي هذا السياق، لم يعد الخلاف الشخصي ذا قيمة أمام معركة مصيرية تتعلق بوجود الدولة نفسها.

ثانيًا: الأقباط في 2025 – حين يصبح انعدام الأمن واقعًا يوميًا

كان عام 2025 من أكثر الأعوام قسوة على الأقباط في مصر. لم يعد انعدام الأمان شعورًا تاريخيًا أو خوفًا مبهمًا، بل تحول إلى واقع يومي ملموس.
القبطي بات يشعر أن الدولة التي يُفترض أن تحميه إما عاجزة، أو غائبة، أو تتعامل معه كملف هامشي يمكن التضحية به “حفاظًا على الاستقرار”.

تحول الأمن، عمليًا، من حق متساوٍ إلى امتياز مرتبط بالهوية الدينية.

خطف القبطيات: الجريمة التي تُرتكب تحت الصمت
شهد عام 2025 تصاعدًا خطيرًا في حالات خطف القبطيات والتغرير بهن، خصوصًا في القرى والمناطق الفقيرة أمنيًا. يتكرر المشهد بنمط واحد تقريبًا: فتاة تختفي، بلاغ رسمي، ثم صمت طويل، لتنتهي القصة برواية جاهزة عن “التحول الطوعي”، دون تحقيق مستقل، ودون مساءلة حقيقية، ودون احترام لحق الأسرة في الحقيقة.

غياب العدالة هنا لم يكن تفصيلًا إجرائيًا، بل جوهر المشكلة. فحين يفلت الجناة من العقاب، تتحول الجريمة إلى وسيلة ترهيب جماعي، ويصبح الخوف أداة لكسر مجتمع بأكمله، لا مجرد اعتداء على فرد.

حرق بيوت الأقباط والتهجير القسري
لم تكن الاعتداءات على منازل الأقباط في 2025 أحداثًا فردية أو استثنائية، بل ظاهرة متكررة. تُحرق البيوت، تُنهب الممتلكات، وتُهجَّر الأسر قسرًا، ثم يُفرض ما يُسمى بـ”الصلح العرفي” كبديل عن القانون.

في هذه الجلسات، تُغتال العدالة مرتين:
مرة حين يُفلت الجاني من العقاب،
ومرة حين يُجبر الضحية على التنازل باسم “السلم المجتمعي”.

وهكذا، لم يفقد القبطي بيته فقط، بل فقد ثقته في وجود دولة تحميه أو قانون ينصفه.

الكنائس وحرية العبادة
استمر التضييق على الكنائس ودور العبادة، سواء بالمنع أو الإغلاق أو التعطيل أو التحريض. بات الحق في العبادة ملفًا أمنيًا، لا حقًا دستوريًا، وتحول بناء الكنيسة أو ترميمها إلى مسار طويل من الإذلال والمساومات.

ثالثًا: العدالة الغائبة – حين يصبح الظلم سياسة

في عام 2025، لم تعد العدالة عمياء، بل أصبحت انتقائية.
قضايا الأقباط تُهمل، أو تُفرغ من مضمونها، أو تُدفع قسرًا نحو الأعراف القبلية.
في المقابل، يُستخدم القانون بأقصى درجات القسوة ضد الضعفاء والمعارضين وأصحاب الرأي.

سادت قاعدة غير معلنة لكنها واضحة للجميع:
المتهم بريء… حتى تثبت ديانته.

هذا الغياب للعدالة لم يكن خللًا عابرًا، بل سياسة غير معلنة، أنتجت شعورًا عامًا بأن الدولة لا تطبق القانون على الجميع، وأن الظلم أصبح مؤسسيًا.

رابعًا: تصاعد القمع – الخوف كأداة حكم

شهد عام 2025 تصاعدًا غير مسبوق في القمع. لم يقتصر القمع على المجال السياسي، بل امتد ليشمل الرأي، والفكر، والهوية. أي صوت مختلف أصبح متهمًا:
بالتحريض، أو الفتنة، أو تهديد الأمن القومي.

تم تجفيف المجال العام، وسحق أي معارضة حقيقية، ولم يبقَ في المشهد سوى المنافقين الراقصين مع كل التيارات، الذين يبدلون مواقفهم حسب اتجاه الريح، ويبررون كل فشل باسم الواقعية والاستقرار.

خامسًا: الكنيسة بين الصمت والتدجين

في ظل هذا المناخ، جرى تدجين واسع لقطاعات من القيادات الكنسية في الداخل والخارج. تحول كثيرون من رعاة للشعب إلى دعاة صبر وصمت، يطالبون الضحايا بالتحمل، ويبررون الظلم باسم الحكمة وتجنب الصدام.

لكن هذا الصمت لم يحمِ الأقباط، بل عمّق شعورهم بالعزلة والخذلان، وساهم في تكريس واقع غياب العدالة.

سادسًا: القمع والانهيار الاقتصادي – وجهان لأزمة واحدة

تزامن تصاعد القمع مع انهيار اقتصادي حاد: تضخم متوحش، ديون خانقة، انهيار العملة، واتساع الفجوة الاجتماعية.
ومع كل فشل اقتصادي، كان الرد مزيدًا من القمع، ومزيدًا من الهروب إلى الخطاب الديني، ومزيدًا من تحميل المواطن مسؤولية ما لم يصنعه.

مصر تدخل 2026 بلا عدالة… وبلا أمان

تدخل مصر عام 2026 وهي تعاني من أزمة عدالة حقيقية.
ودون عدالة، لا أمن.
ودون أمن، لا انتماء.
ودون انتماء، لا وطن.

خاتمة: العدالة أولًا… أو لا شيء

ليس المطلوب مع نهاية عام 2025 تجميل الواقع، ولا تخدير الألم بشعارات جوفاء. المطلوب هو مواجهة الحقيقة:
لا أمن للأقباط دون عدالة، ولا استقرار دون مساواة، ولا دولة دون قانون يُطبَّق على الجميع.

الدول لا تنهار حين يُقال الحق، بل حين يُخنق. ولا تسقط حين تُحاسب نفسها، بل حين ترفض الاعتراف بأخطائها.

العدالة ليست مطلبًا فئويًا، بل شرط بقاء الدولة.
والمواطنة ليست منّة، بل حق.
والأمن الحقيقي لا يتحقق بالقمع، بل بإنصاف المظلوم ومحاسبة الجاني، أيًّا كان.

قد تدخل مصر عام 2026 مثقلة بالجراح، لكنها لن تخرج منها إلا إذا امتلكت شجاعة المراجعة، ووضعت العدالة – لا الدين ولا الخوف – في قلب الدولة.

فالتاريخ لا يذكر الصامتين، ولا يخلّد المصفقين، بل ينحاز دائمًا لمن قالوا الحقيقة، وطالبوا بالعدل، ورفضوا أن يتحول الوطن إلى سجن، أو المواطن إلى رهينة.



#مدحت_قلادة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى الثانية لرفيق كفاح
- عهد ظلم الأقباط في مصر: قراءة موثقة لواقع لا يزال يتكرر
- صاحب القضية
- الدولة الساقطة والنظام الفاشي
- الديكتاتور... حين يتجمّل الظلم باسم الوطن
- اشرف قائد عسكري معاصر
- رسالة اخيرة للسيسي
- السيسي والضربة القاضية لمصر
- حرب اسرائيل ايران - اثر الدين على الإدراك -
- العدل في الإسلام
- متي يرحل السيسي ؟
- الاقباط والفهم الخاطىء للمسيحية
- تجارة الآعضاء في مصر
- غياب الصرخة وبقي الأمل
- كلاكيت الاسلام فقط !!!
- و الحافي إذا تقبقب
- التبني في المسيحية
- الاسلام فقط !!!
- مبروك عودة الاسلاموية لسوريا
- مبروك عودة الإسلام لسوريا


المزيد.....




- وتيرة غير مسبوقة.. إسرائيل خطّطت لبناء 28 ألف وحدة استيطانية ...
- -جاسوس- .. خبراء يكتشفون ثغرات أمنية في ساعة ذكية للأطفال
- كأس الأمم الأفريقية: ساحل العاج تفوز بصدارة المجموعة السادسة ...
- روبوتات وحصار شامل.. هكذا تستعد بكين لغزو تايوان
- مقتل عنصر أمن وإصابة آخرين في تفجير وسط حلب
- 243 مستوطنا يقتحمون الأقصى وإبعاد أسير محرر عنه
- أسامة حمدان: إسرائيل تخطط لتهجير الفلسطينيين إلى أرض الصومال ...
- فنلندا تحتجز سفينة قادمة من روسيا للاشتباه بتخريب كابل اتصال ...
- وزير الدفاع التركي: لن نسمح لقسد بفرض أمر واقع بالمنطقة
- الجيش السوداني والدعم السريع يعلنان السيطرة على مناطق بشمال ...


المزيد.....

- صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة / محمد حسين النجفي
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مدحت قلادة - حصاد عام 2025 عام انعدام الأمن وغياب العدالة وتكريس القمع