|
|
حين تختنق أوروبا… يُعاد فتح ملف الحرب مع روسيا
زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 14:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي
31 ديسمبر 2025
قراءة في أطروحة سيرغي فاسيلييف: الإقتصاد كمولّد دائم للصدام مع روسيا
في مقاله الموسوعي المنشور في Aftershock news بتاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر ختم به عام 2025، يقدّم الباحث الروسي سيرغي فاسيلييف أطروحة تبدو، للوهلة الأولى، صادمة في صراحتها، أسميتها في محاضرة لي منذ فترة (الخوف من الغرب المطبوع في العقل الباطن للروس يقابله تبني شعار الزحف نحو الشرق لدى الغرب) لكنها كلما تعمّق القارئ في تفاصيلها التاريخية، بدت أقرب إلى “قانون غير مكتوب” في السلوك الأوروبي: «كل أزمة إقتصادية كبرى في أوروبا إنتهت، عاجلًا أم آجلًا، بمحاولة غزو روسيا أو خنقها أو نهبها». ليست هذه مجرد عبارة رنانة، بل خلاصة تاريخية يمتد سردها خمسة قرون، حيث يربط الباحث الروسي سيرغي فاسيلييف بين أزمات الإقتصاد الأوروبي والحروب التي تلتها، والكساد بالعدوان، والإختناق الداخلي بسعي القوى الكبرى لإفتراس الخارج. وفاسيلييف يفعل ذلك بعين المؤرخ، معتمداً على أرقام وموازنات وأزمات نقدية ومجاعات، بعيداً عن التأويلات الأخلاقية أو الهيمنة الثقافية، كاشفاً هشاشة نماذج النمو التي أعادت رسم مسار التاريخ الأوروبي ووضعت روسيا في قلب الصراع. من خلال دراسة تدفقات الذهب والفضة من أمريكا إلى أوروبا في القرن السادس عشر، إلى أزمات فرنسا وبريطانيا في القرن التاسع عشر، وصولاً إلى الإنهيار الإقتصادي في ثلاثينيات القرن العشرين، يظهر نمط ثابت: كلما واجه الغرب ضغوطاً داخلية، كانت روسيا هدفاً للتدخل المباشر أو المحاولات غير المباشرة لفرض النفوذ. وفي تفاصيل هذه الصراعات، لا يقتصر الأمر على التفسير السياسي أو العسكري، بل يشمل العلاقات الاقتصادية: القيود التجارية، الحصارات، إحتكار المعادن والأسواق، والمنافسة على طرق التجارة الحيوية. وكل هذه المؤشرات تُظهر، وفق فاسيلييف، قاعدة صارمة تتكرر عبر التاريخ: حين يختنق الغرب، تُعاد الحسابات الحربية شرقاً، وروسيا هي الهدف الأول.
«ثورة الأسعار»: عندما أغرق الذهب أوروبا وأشعل أول الحروب
ينطلق فاسيلييف من القرن السادس عشر، من اللحظة التي غيّرت بنية الإقتصاد الأوروبي جذريًا: تدفّق الذهب والفضة من أمريكا اللاتينية. ما بين 1503 و1600، دخل إلى إسبانيا وحدها ما يقارب 200 طن من الذهب و17 ألف طن من الفضة، ناهيك عن التهريب. هذه الكتلة النقدية الضخمة لم تُقابل بزيادة في الإنتاج، فكانت النتيجة ما عُرف تاريخيًا بـ«ثورة الأسعار»: تضخم كارثي، إنهيار الإقتصاد الطبيعي الإقطاعي، وتحوّل النبلاء إلى طبقة غاضبة مفلسة. يكتب فاسيلييف، بلغة لا تخلو من سخرية سوداء: «أوروبا لم تصبح أغنى… بل أصبحت أكثر جوعًا، وأكثر عدوانية». ترافقت الأزمة مع مجاعات (1565–1566) ومع الإنقسام الديني الذي فجّرته الإصلاحات اللوثرية، فدخلت القارة في حالة إحتقان شامل. وعندما تعجز البنية الداخلية عن الإمتصاص، يبدأ البحث عن “الخارج”.
بولندا، السويد، وفرسان ليفونيا: الحصار قبل الحرب
في تلك اللحظة، كانت روسيا لاعبًا تجاريًا صاعدًا، يصدّر الشمع، الفراء، الكتان، القنب، البوتاس، ويستورد المعادن الإستراتيجية والسلاح. هنا يضع فاسيلييف إصبعه على ما يسميه النموذج الغربي الثابت: «لا نبيعك بسعر عادل، لا نسمح لك بالتصنيع، ولا نفتح لك الطريق… ثم نلومك عندما تحاول كسر ذلك بالقوة». فرسان ليفونيا لم يكونوا مجرد تنظيم عسكري، بل أداة حصار إقتصادي شامل: منع المعادن، مصادرة السلاح، إعتقال المهندسين، حظر التقنيات. سياسة يعرفها القارئ المعاصر جيدًا. وعندما أستُنفدت المفاوضات، لم يكن أمام إيفان الرهيب سوى ما يسميه فاسيلييف بتهكم واضح:«العملية العسكرية الخاصة في العصور الوسطى».
وحدة الغرب ضد “البرابرة”: العقيدة قبل الدولة
اللافت في سرد فاسيلييف ليس الحرب بحد ذاتها، بل التحالف الغربي العابر للطوائف. كاثوليك وبروتستانت، يسوعيون ولوثريون، يقاتلون جنبًا إلى جنب عندما يتعلق الأمر بروسيا. يقتبس من كتاب «غطاء الثالوث»: «من أراد خنق موسكو كثيرًا ومن أراد خنقها قليلًا، إختلفوا في الدرجة… لكنهم إتفقوا على الخنق». هنا تظهر روسيا لا كخصم سياسي، بل كـوظيفة إقتصادية في المخيال الغربي: مخزون، مورد، أرض مفتوحة للتفريغ. أو حسب شعار هتلر الذي أشرت إليه في نفس المحاضرة: روسيا تعتبر مجالا حيويا لألمانيا بما تحتويه من موارد وأراض خصبة ومصادر للطاقة.
السويد: الإمبراطورية المفلسة تبحث عن فريسة
ينتقل فاسيلييف إلى القرن السابع عشر، حيث كانت السويد في ذروة مجدها العسكري، لكنها على حافة الإنهيار المالي: ديون هائلة، مجاعات، ميزانية عسكرية تبتلع 70% من الإنفاق، ونظام إقطاعي خانق في البلطيق. الحل؟ إحتكار التجارة الروسية، فرض رسوم العبور، مصادرة أموال التجار، تجويع الإقتصاد الروسي. وعندما لم يكفِ ذلك، أصبحت الحرب الشمالية حتمية. كما يكتب فاسيلييف بوضوح فاضح: «الحروب لا تبدأ بالشعارات… بل بالفواتير غير المدفوعة».
نابليون: الغزو باسم الأخوّة
في القرن التاسع عشر، يعيد التاريخ إنتاج نفسه بلغة جديدة. فرنسا الثورية، الغارقة في التضخم، العجز، والإنهيار الصناعي، تبحث عن مخرج. غزو روسيا 1812 لم يكن جنون عظمة فقط، بل رهانًا إقتصاديًا يائسًا. يعلّق فاسيلييف بسخرية لاذعة: «نابليون كان أول من غلّف السطو المسلح بشعار: حرية، مساواة، أخوّة».
بريطانيا، فرنسا، والقرن الصناعي: روسيا كعائق للسوق
مع منتصف القرن التاسع عشر، تصبح روسيا مشكلة بنيوية للإقتصاد الصناعي الغربي: تعرفات جمركية، إستقلال إقتصادي، تهديد للممرات والأسواق. حرب القرم، كما يوضح فاسيلييف، لم تكن دفاعًا عن الدولة العثمانية، بل حرب سوق بإمتياز.
القرن العشرون: من “الغنيمة” إلى “الضرورة الوجودية”
مع الكساد الكبير، يصبح الأمر أكثر خطورة. بطالة بالملايين، إنهيار بنكي، خوف نخبوي من الثورة.
في هذا السياق، تتحول روسيا من “غنيمة” إلى خطر يجب تدميره. حتى ماركس وإنغلز – كما يذكّر فاسيلييف – قدّما مبررات فكرية لإلغاء روسيا من التاريخ*. وتبلغ الذروة في ثلاثينيات القرن الماضي، حين تصبح الحرب مع الشرق أحد مخارج الغرب من أزمته البنيوية.
الخلاصة: من التاريخ إلى الحاضر
ما يفعله سيرغي فاسيلييف ليس كتابة تاريخ، بل تحذير سياسي. هو يقول للقارئ، دون مواربة: «عندما يختنق الغرب إقتصاديًا، لا يُصلح نفسه… بل يفتش عن روسيا». وفي عالم اليوم، حيث تتراكم الديون، تتآكل الطبقات الوسطى، وتفقد أوروبا مركزها الصناعي، تبدو هذه القاعدة – كما يختم فاسيلييف – أكثر أهمية من أي وقت مضى. ليس لأن روسيا “تستفز”، بل لأنها – ببساطة – الهدف التاريخي الجاهز.
***** هوامش
1) سيرغي فاسيلييف هو باحث وكاتب روسي متخصص في التاريخ العسكري والسياسة الدولية، يُركز على دراسة العلاقات بين روسيا وأوروبا وتحليل الأزمات الاقتصادية وتأثيرها على الصراعات العسكرية. كتب مقالات وتحليلات تتناول التاريخ الروسي الحديث والقديم، مع اهتمام خاص بـ «الدروس التاريخية للصراع مع الغرب».
2) موقع Aftershock News هي منصة إخبارية وتحليلية روسية تنشر تقارير ومقالات حول السياسة الدولية، الاقتصاد، والأمن العالمي، مع تركيز على تفسير الأحداث من منظور روسي. تقدم تحليلات معمقة للسياسات الغربية وعلاقات روسيا بالغرب، وغالبًا بأسلوب سردي وتحليلي يجمع بين التاريخ والواقع السياسي الراهن.
3) المقصود أنّ ماركس وإنغلز، في عدد من مقالاتهما خلال أربعينيات وخمسينيات القرن التاسع عشر، إعتبرا روسيا القيصرية دولة “رجعية تاريخيًا” تعيق تقدّم أوروبا والثورات البرجوازية، ورأيا أنّ تفكيكها أو إضعافها شرط لتقدّم التاريخ. أي أنّهما قدّما تبريرًا فكريًا–تاريخيًا لفكرة أنّ زوال روسيا أو تحطيم دورها ليس عدوانًا، بل «ضرورة تاريخية».
نُشر هذا الكلام أساسًا في مقالات صحفية كتبها ماركس وإنغلز في الصحافة الغربية منتصف القرن التاسع عشر، وأبرزها:
صحيفة New York Daily Tribune (بين 1853–1856)، حيث كتب ماركس وإنغلز عن السياسة الأوروبية وإعتبرا روسيا القيصرية «القوة الرجعية الرئيسية في أوروبا».
ونصوص إنغلز في مجلّة Neue Rheinische Zeitung (1848–1849)، حيث تحدّث صراحة عن «شعوب بلا تاريخ» ورأى أنّ تحطيم النفوذ الروسي شرط لإنتصار التقدّم الأوروبي.
هذه ليست كتبًا نظرية، بل مقالات سياسية مباشرة كُتبت في سياق الصراع الأوروبي مع روسيا القيصرية.
هل علق لينين على ذلك لاحقاً ؟
نعم، عُلِّق على هذه المواقف لاحقًا، وأهم من فعل ذلك هو لينين نفسه، إضافة إلى عدد من الماركسيين اللاحقين.
لينين إنتقد بوضوح نزعة ماركس وإنغلز المبكرة التي رأت في روسيا كيانًا «رجعيًا مطلقًا». وقد ميّز بين روسيا القيصرية كنظام وبين الشعوب الروسية ودورها التاريخي، واعتبر أن إختزال روسيا إلى عائق للتقدّم كان تعميمًا تاريخيًا خاطئًا فرضه سياق الصراع الأوروبي في القرن التاسع عشر. لينين شدّد لاحقًا على أن الثورة قد تأتي من “الحلقة الأضعف” في النظام الرأسمالي العالمي — وروسيا كانت المثال الحي، ما يناقض تصورات ماركس وإنغلز المبكرة.
أما ماركسيون لاحقون (مثل روزا لوكسمبورغ وبعض منظّري الأممية الثانية) فقد أشاروا إلى أن تلك النصوص كانت سياسية ظرفية وليست قانونًا تاريخيًا عامًا، وأنها تأثرت برؤية أوروبية مركزية ترى الشرق مجرد هامش. باختصار: ما كتبه ماركس وإنغلز عن روسيا لم يُعامل داخل الماركسية الكلاسيكية كنص مقدّس، بل جرى تجاوزه ونقده مع تطور التجربة التاريخية، وخصوصًا بعد ثورة 1917.
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوفان الأقصى 816 - إعتراف إسرائيل بصومالي لاند
-
في ذكرى تأسيس الإتحاد السوفياتي - 7 نوفمبر: ذاكرة الثورة الت
...
-
طوفان الأقصى 815 - عام الإنكشاف: ماذا بقي من «محور المقاومة»
...
-
طوفان الأقصى 814 - نحو 2026: الإرهاب في سوريا يتبدّل شكله ول
...
-
طوفان الأقصى 813 - إيران في قبضة التناقضات الكبرى
-
طوفان الأقصى 812 - في بغداد، القلق لا ينتهي: نظرة على إرث ال
...
-
طوفان الأقصى 811 - النفط كقدر جيوسياسي: روسيا وترامب وممالك
...
-
طوفان الأقصى 810 - المتاهة السورية: بين وهم التسوية وشبح الح
...
-
طوفان الأقصى 809 - «ما هي الكلمة المسيحية في مواجهة الإبادة؟
...
-
في ذكرى عيد ميلاده - ستالين بين ذروة القوة وثمنها الفادح
-
طوفان الأقصى 808 - إسرائيل على حافة الهاوية - قراءة في أطروح
...
-
طوفان الأقصى 807 - الإمارات في مواجهة السعودية: تفكك معسكر “
...
-
طوفان الأقصى 806 - كيف وضعت إسرائيل والولايات المتحدة نفسيهم
...
-
ألكسندر دوغين - يجب تدمير الإتحاد الأوروبي (برنامج إيسكالاتس
...
-
طوفان الأقصى 805 - المستوطنون لن يرحلوا: تفكيك الإستعمار لا
...
-
طوفان الأقصى 804 - إيران بين تلقي الضربة والرد - كيف أعادت ط
...
-
ألكسندر دوغين - الاتحاد الأوروبي إلى مزبلة التاريخ: كيف سيقس
...
-
طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل
...
-
جيفري ساكس - عداء روسيا: كارثة لأوروبا
-
طوفان الأقصى 802 - إسرائيل والشرق الأوسط بعد الزلزال: من وهم
...
المزيد.....
-
وتيرة غير مسبوقة.. إسرائيل خطّطت لبناء 28 ألف وحدة استيطانية
...
-
-جاسوس- .. خبراء يكتشفون ثغرات أمنية في ساعة ذكية للأطفال
-
كأس الأمم الأفريقية: ساحل العاج تفوز بصدارة المجموعة السادسة
...
-
روبوتات وحصار شامل.. هكذا تستعد بكين لغزو تايوان
-
مقتل عنصر أمن وإصابة آخرين في تفجير وسط حلب
-
243 مستوطنا يقتحمون الأقصى وإبعاد أسير محرر عنه
-
أسامة حمدان: إسرائيل تخطط لتهجير الفلسطينيين إلى أرض الصومال
...
-
فنلندا تحتجز سفينة قادمة من روسيا للاشتباه بتخريب كابل اتصال
...
-
وزير الدفاع التركي: لن نسمح لقسد بفرض أمر واقع بالمنطقة
-
الجيش السوداني والدعم السريع يعلنان السيطرة على مناطق بشمال
...
المزيد.....
-
صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة
/ محمد حسين النجفي
-
الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح
...
/ علي طبله
-
الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد
...
/ علي طبله
-
الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل
...
/ علي طبله
-
قراءة في تاريخ الاسلام المبكر
/ محمد جعفر ال عيسى
-
اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات،
...
/ رياض الشرايطي
-
رواية
/ رانية مرجية
-
ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان
...
/ غيفارا معو
المزيد.....
|