أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - الاتحاد الأوروبي يُقيم الحواجز في وجه طالبي اللجوء















المزيد.....

الاتحاد الأوروبي يُقيم الحواجز في وجه طالبي اللجوء


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 11:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قليلة هي الدول والأقاليم التي لا تعرف اليوم أو لم تعرف عبر تاريخها ظاهرة الهجرة، والتي كانت الى وقت غير بعيد فعلا محمودا ومرغوبا فيه، تسخّر له بعض الدول الأموال الطائلة لترغيب سكّان بلدان أخرى للانتقال إليها والإقامة بها للمساهمة في بناء نهضتها. كان ذلك حال أوروبا الخارجة من الحرب بكل ما خلفته من دمار، والتي استغلت خزان اليد العاملة المتوفّرة في مستعمراتها والذين تمّ استغلالهم حتى النخاع قبل أن يتحوّلوا الى عبء يُراد التخلص منه.
إلا أن الهجرة التي تحوّلت في أيامنا هذه الى ظاهرة عابرة للأوطان والقارات واتخذت أشكالا مختلفة أصبحت تؤرّق الساسة الذين راحوا يبحثون لها عن كوابح بشتى الطرق، بالقانون طورا وبالطرق القسرية أطوارا. لذلك لم نعد نسمع في السنوات القليلة الماضية إلا بالإجراءات والقوانين الزاجرة والقامعة للمرشحين للهجرة. وفي هذا الإطار جاءت الإجراءات الجديدة للاتحاد الأوروبي لتشديد المراقبة على حدوده وإقامة حواجز إضافية في وجه طالبي الهجرة واللجوء.
فدُول الاتحاد الأوروبي تتوفر أصلا على ترسانة من القوانين تسمح لها بإقامة حواجز مختلفة، منها المادي (كالجدران والأسوار والأسلاك الشائكة، في بلدان مثل المجرّ واليونان وإسبانيا) ومنها ما هو إداري كإجراءات اللجوء المعقدة، والقيود المفروضة على الوصول إلى سوق العمل أمام طالبي اللجوء، إذ غالبًا ما يكون ذلك محدودا أو صعب المنال، مع فترات انتظار وشروط صارمة، حتى عندما يكون الحق معترفًا به نظريًا، مما يُعيق حقهم في اللجوء ويدفعهم إلى سلوك طرق أكثر خطورة، على الرغم من ادّعاء الحكومات الكاذب اتباع نهج قائم على التضامن بين الشعوب، تعمل باستمرار على "تجويد" نصوصها القانونية، مثل "ميثاق الهجرة واللجوء"، لإدارة تدفقات الهجرة، التي لا تنظر لها المنظمات غير الحكومية إلا كإجراءات تقييدية إضافية، من شأنها أن تخلق المزيد من التوترات على الحدود مدارها حقوق الإنسان.
ورغم أن هذه الإجراءات قد أسفرت عن انخفاض في طلبات اللجوء المسجلة (بنسبة 11% تقريبًا في عام 2024 مقارنةً بعام 2023)، إلا أن هذه البلدان الواقعة أكثر فأكثر تحت ضغط أحزاب وتيارات اليمين وأقصى اليمين قد ارتأت تعزيزها لمزيد التحكم في تدفقات المهاجرين وطالبي اللجوء. وهو ما انتقدته منظمات حقوق الإنسان، التي تعتبرها تقويضًا للحق في اللجوء لصالح إدارة الحدود التي تركز على الأمن.
وفي هذا الإطار انعقد في الثامن من الشهر الجاري اجتماع ضم وزراء خارجية الدول الأعضاء للتداول في ثلاث ورقات في الموضوع كانت تقدمت بهم المفوضية الأوروبية.

اجتماع 8 ديسمبر ومخرجاته
في اجتماعهم المنعقد في 8 ديسمبر 2025، أقرّ وزراء الداخلية الأوروبيون نصوصاً وإجراءات جديدة تهدف إلى تشديد قواعد وصول المهاجرين وعودتهم، منها إقرار عقوبات أشد صرامة على المهاجرين الذين يرفضون مغادرة الأراضي الأوروبية وقد يُحرمون من بعض المزايا والبدلات، أو تصاريح العمل، أو يواجهون عقوبات جنائية، بما في ذلك أحكام السجن. ونستعرض فيما يلي أهمّ مخرجات هذا الاجتماع:
"ميثاق الهجرة واللجوء": وقد تمت الموافقة على لائحة تنظم عمليات الوصول والعودة بشكل أكثر صرامة، وتُطبق اعتبارًا من جوان 2026، وتنص على تسريع إجراءات اللجوء وتسهيل العودة.
"توسيع قائمة الدول الآمنة": وقد تمّ الاتفاق على قائمة بالدول التي تُعتبر آمنة لتسريع معالجة طلبات اللجوء. وتتضمن القائمة الأوروبية فئتين، الأولى الدول الآمنة تلقائيا وهي الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي مثل ألبانيا والبوسنة والهرسك، وجورجيا ومقدونيا الشمالية، ومولدوفا والجبل الأسود، وصربيا وتركيا، ثم كوسوفو القابلة للترشيح لعضوية الاتحاد، وتستثنى منها أوكرانيا لأنها في حالة حرب، وأي دولة خاضعة لعقوبات أوروبية، والثانية الدول التي يقل معدل قبول اللجوء فيها عن 20% على المستوى الأوروبي، مثل كولومبيا وبنغلاديش وأفغانستان وتونس ومصر والهند.
وقد أثار اختيار تونس التي اقترحتها وزكّتها إيطاليا، ضمن هذه القائمة، بعض التساؤلات، لأن النظام التونسي يُتهم بارتكاب عمليات الاضطهاد ضد الصحفيين والمعارضين المعتقلين، وهو ما أكدت المفوضية أنها أخذته في الاعتبار في تقييمها، وذكّرت بأن "فئات محددة من الأشخاص" ستكون قادرة دائما على الاستفادة من فحص معمّق.
"نظام العودة الأوروبي": الموافقة على نظام موحد لتبسيط وتسريع عمليات الترحيل، مع أدوات مُحسّنة للدول الأعضاء، بما في ذلك فترات احتجاز أطول.
"مناطق الاحتجاز/العودة: الترخيص بإنشاء مراكز عودة في دول ثالثة (خارج الاتحاد الأوروبي). إذ صادقت هذه الدول على تشريعات أكثر صرامة تجيز طرد المهاجرين غير النظاميين إلى دول ثالثة، حتى وإن لم تكن دولهم الأصلية.
"التعاون ومكافحة الاتجار بالبشر": مناقشات حول تعزيز الحدود، ومكافحة الجريمة المنظمة، والاستخدام المنسق للطائرات المسيّرة.
" المراقبة التكنولوجية والمادية": دخل نظام الدخول/الخروج الجديد حيز التنفيذ في 12 أكتوبر 2025، مما أدى إلى أتمتة مراقبة الحدود الخارجية. وفي الوقت نفسه، يستمر انتشار الحواجز المادية وتعزيز صلاحيات وكالة “فرونتكس” في تحويل حدود الاتحاد الأوروبي إلى عقبات رئيسية أمام الحق في اللجوء.
ولا تصبح هذه الاتفاقات سارية المفعول إلا بعد نقاشها والمصادقة عليها من قبل البرلمان الأوروبي لاعتمادها كنصوص نهائية.
وغداة الاجتماع، لاحظت بعض الصحف مثل لوموند أن مشاريع النصوص التي أقرها المجلس يوم الثامن من ديسمبر تحظى بدعم "اليمين واليمين المتطرف، اللذين شكلا تحالفًا في البرلمان الأوروبي قبل أسبوع ". كما أدان بعض نواب اليسار وجمعيات حماية المهاجرين الإجراءات التي تنتهك حقوق الإنسان"، بحسب ما ذكرته صحيفة ليبراسيون. واعتبر بعض الحقوقيين أن في تبني مثل هذه السياسات تخلّ واضح عن " القيم الأوروبية الأساسية وحقوق الإنسان".
أقصى اليمين يطالب بتطبيق هذه الإجراءات بمفعول رجعي
والأخطر من ذلك، أن بعض الدول تسعى الى إضفاء مفعول رجعي على مثل هذه التقييدات الجديدة، أي تطبيقها على الحاصلين على صفة لاجئ ومقيمين بشكل قانوني في هذا البلد أو ذاك من الاتحاد الأوروبي، كما يحصل اليوم مع اللاجئين السوريين في ألمانيا و الدنمرك وإيطاليا وسويسرا وفرنسا والنمسا واليونان على سبيل المثال. فمنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، تعالت أصوات اليمين في هذه البلدان وفي غيرها للمطالبة بتنظيم هجرة عكسية لهؤلاء نحو بلدهم بدعوى انتفاء أسباب هجرتهم أصلا. فاتخذت عديد البلدان الأوروبية قرارا بتعليق إجراءات اللجوء بالنسبة للسوريين وبداية التفكير في ترحيل المقيميمن منهم على أراضيها، مع العلم أن أكثر من مليون سوري يقيمون في ألمانيا وحدها، كانوا قد غادروا بلادهم في موجات 2015-2016 هربا من الحرب وآثارها المدمّرة، بحثا عن الأمان والاستقرار.
وقد اعتبرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن هذا التغيّر الحاد في سياسة الدول الأوروبية بخصوص الهجرة واللجوء لا تمليه أسباب أمنية أو اقتصادية بل هو انعكاس لتغيّر الأوضاع في أوروبا نفسها التي يكتسح فيها اليمين وأقصى اليمين مساحات متزايدة من الفضاء السياسي، وتعبّر عن تخوفها من انعكاس ذلك أولا وبالذات على المهاجرين.
ترامب يؤجج نار العنصرية ومعاداة الأجانب ويعطي المثل لأشباهها في أوروبا
وقد تطوّر هذا التوجّه منذ عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض والذي أعلن حال وصوله عزمه شنّ “حرب” عن الأجانب المقيمين في أميركا واعتزامه طردهم نحو بلدانهم بمن فيهم المقيمين فيها منذ عقود، والحاصلين عن الجنسية الأمريكية. وإن كان المستهدفون هم أساسا الوافدين من دول الجنوب عموما، فإنه خص بالذكر المكسيكيين الذين حمّلهم كل مساوئ الدنيا واعتبرهم المسؤولين الأول عن العاهات التي تعاني منها أمريكا كالجريمة وانتشار المخدرات وغيرها، عازما “تطهير” أمريكا من عشرة ملايين من مواطنيها ذوي الأصول المكسيكية.
وفي خطاب ألقاه منذ يومين، تباهى ترامب بإنجازاته التي حققها في ظرف وجيز، ومنها حسب ادعائه أن أمريكا تشهد اليوم ولأول مرة منذ خمسين عاما “هجرة عكسية” بفضل سياسات إدارته في ملف الهجرة وعودة أعداد كبيرة من المهاجرين الى أوطانهم، “تاركين وراءهم مساكن ووظائف إضافية للمواطنين الأمريكيين”.
ونحا نحوه في أوروبا الشعبويون والفاشيون الذين تسللوا الى السلطة والى مراكز القرار من خلال الثقوب الذي خلفتها سنوات من تطبيق سياسات نيوليبرالية متوحشة أدّت الى مزيد تفقير شرائح كبيرة من الطبقات الشعبية والمتوسطة التي تقع أعداد منها متزايدة فريسة بين مخالب هذا الخطاب الشعبوي العنصري والمعادي للأجانب، حتى أصبحوا ينظرون الى الشعبوية كحلّ يقيهم شرور النظام الرأسمالي المتعفّن والجائر.



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيطاليا: التحالفات الانتخابية والجبهة الشعبية
- بيان الحزب الشيوعي البينيني بشأن انقلاب 7 ديسمبر 2025: لن تص ...
- حلف الناتو يُلقي بظلاله القاتمة على جائزة نوبل للسلام
- فساد الرأسمالية / ج. روميرو
- الإمبريالية ذات الخصائص الصينية / أ. توريسيلا
- الإمبريالية والفاشية في القرن الحادي والعشرين: قراءة لينينية ...
- في النضال ضد الامبريالية / ج. روميرو (ترجمة)
- قضيّة المرأة من منظور ماركسي لينيني/ ألفونس توريسيلا
- الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني بفنزويلا يدعو العمال وعموم ا ...
- العقدة الغوردية للديمقراطية البرجوازية/ ج. ب. غاليندو
- الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية تعقد دو ...
- لقاء ترامب – تشي جينبيغ في كوريا الجنوبية: عندما تصبح الرسوم ...
- “الدولة الاجتماعية” في تونس بين الشعار والإنجاز
- إرهاب أمريكا يعود إلى الوطن/ إيفان. ر
- ارفعوا أيديكم عن فنزويلا!
- إن حرب الإمبرياليين و-سلامهم- تُشنّ دائمًا ضد البروليتاريا و ...
- قمّة بودابست المُعلنة تفشل قبل انعقادها
- بيان من حزب العمل الأمريكي بشأن العدوان الأمريكي على فنزويلا
- حاربوا الإمبريالية واعزلوا إسرائيل / ج. روميرو
- الحركة الماركسية اللينينيّة تفنّد السردية الصهيونية وتقف الى ...


المزيد.....




- وتيرة غير مسبوقة.. إسرائيل خطّطت لبناء 28 ألف وحدة استيطانية ...
- -جاسوس- .. خبراء يكتشفون ثغرات أمنية في ساعة ذكية للأطفال
- كأس الأمم الأفريقية: ساحل العاج تفوز بصدارة المجموعة السادسة ...
- روبوتات وحصار شامل.. هكذا تستعد بكين لغزو تايوان
- مقتل عنصر أمن وإصابة آخرين في تفجير وسط حلب
- 243 مستوطنا يقتحمون الأقصى وإبعاد أسير محرر عنه
- أسامة حمدان: إسرائيل تخطط لتهجير الفلسطينيين إلى أرض الصومال ...
- فنلندا تحتجز سفينة قادمة من روسيا للاشتباه بتخريب كابل اتصال ...
- وزير الدفاع التركي: لن نسمح لقسد بفرض أمر واقع بالمنطقة
- الجيش السوداني والدعم السريع يعلنان السيطرة على مناطق بشمال ...


المزيد.....

- صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة / محمد حسين النجفي
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - الاتحاد الأوروبي يُقيم الحواجز في وجه طالبي اللجوء