أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 816 - إعتراف إسرائيل بصومالي لاند















المزيد.....

طوفان الأقصى 816 - إعتراف إسرائيل بصومالي لاند


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 21:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

31 ديسمبر 2025

لماذا كسرت إسرائيل المحرّم الإفريقي وإعترفت بصومالي لاند؟

لم يكن إعتراف إسرائيل بجمهورية صومالي لاند المعلنة من طرف واحد حدثًا دبلوماسيًا عابرًا، ولا خطوة رمزية بلا كلفة. فالقرار، الذي أُعلن رسميًا في 26 كانون الأول/ديسمبر 2025، سرعان ما فجّر موجة إعتراضات إفريقية وعربية، وأعاد إلى الواجهة أسئلة قديمة جديدة حول إزدواجية المعايير الدولية، وحدود الشرعية، ومعنى السيادة في عالم يتغيّر.
اللافت أن تل أبيب لم تكتفِ بالإعتراف، بل ذهبت بعيدًا في تحويله إلى مشروع سياسي–أمني–جيوسياسي متكامل، في منطقة شديدة الحساسية عند مدخل البحر الأحمر وبوابة خليج عدن. وبينما حاول الخطاب الرسمي الإسرائيلي تغليف الخطوة بلغة “التعاون الإقتصادي” و“روح إتفاقيات أبراهام”، كشفت التحليلات الروسية والغربية على السواء أن ما يجري أبعد من ذلك بكثير.

أولًا: خطوة غير مسبوقة… لكنها محسوبة

تجمع المقالات الثلاثة، رغم إختلاف نبرتها، على حقيقة واحدة: إسرائيل هي أول دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف رسميًا بصومالي لاند.
تكتب صحيفة إزفيستيا الموسكوفية بوضوح أن تل أبيب “خلقت سابقة خطرة قد تطلق موجة جديدة من النزعات الإنفصالية في إفريقيا”، مشيرة إلى أن معظم دول القارة تعيش أصلًا على حدود رسمتها القوى الإستعمارية دون إعتبار للتاريخ أو الإثنيات.
أما المنصة الإعلامية الروسية المستقلة The Insider، فتقدّم الحدث بصيغة خبرية مباشرة، لكنها لا تخفي دلالته السياسية، حين تذكّر بأن “صومالي لاند، رغم وجودها الفعلي منذ عام 1991، لم تحظَ باعتراف أي دولة عضو في الأمم المتحدة قبل القرار الإسرائيلي”.
غير أن صحيفة برافدا الغنية عن التعريف، في مقالها الذي حمل عنوانًا لافتًا: «هذا مختلف: إسرائيل إعترفت بصومالي لاند بلا خوف»، تضع الإصبع على جوهر المسألة، معتبرة أن إسرائيل تصرّفت “وهي مطمئنة إلى الغطاء الأمريكي، في وقت تُفرض فيه العقوبات على دول أخرى بسبب خطوات مشابهة”.

ثانيًا: الجغرافيا قبل الدبلوماسية

في الخطاب العلني، تحدّث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن “التعاون في الزراعة والصحة والتكنولوجيا والإقتصاد”، وهي عناوين تتكرر في معظم البيانات الرسمية.
لكن إزفيستيا تذهب أبعد من هذا التوصيف، معتبرة أن الموقع الجغرافي لصومالي لاند هو السبب الحقيقي: “الجمهورية غير المعترف بها تقع قبالة جنوب اليمن، وعند مدخل خليج عدن، أي في نقطة إستراتيجية تتيح مراقبة أحد أهم الممرات البحرية لنقل النفط من الخليج إلى أوروبا”.
هذا التوصيف يتقاطع حرفيًا مع ما كتبته برافدا، التي كانت أكثر صراحة، حين ربطت الإعتراف مباشرة باليمن: “السبب الحقيقي للإعتراف ليس إتفاقيات أبراهام، بل موقع صومالي لاند مقابل مناطق سيطرة الحوثيين، الذين شلّوا عمل ميناء إيلات”.
وتضيف الصحيفة الروسية أن الموساد “أنشأ خلال السنوات الأخيرة بنية عملياتية في صومالي لاند”، وأن الإعتراف يمنح سلاح الجو الإسرائيلي حرية حركة أقرب وأرخص وأسرع في أي مواجهة مستقبلية مع الحوثيين.
هنا، يتحول الإعتراف من قرار سياسي إلى أداة عسكرية غير معلنة.

ثالثًا: صومالي لاند… دولة الأمر الواقع

لفهم خطورة الخطوة، لا بد من التوقف عند طبيعة الكيان المعترف به.
تذكّر إزفيستيا بأن صومالي لاند هي وريثة “الصومال البريطاني” الذي نال استقلاله في حزيران/يونيو 1960، وإعترفت به حينها 35 دولة، قبل أن يندمج طوعًا مع الصومال الإيطالي.
وفي عام 1991، ومع إنهيار الدولة الصومالية، أعلنت المنطقة الشمالية إلغاء الإتحاد وإستعادة السيادة.
من جهتها، تذكّر برافدا بأن سكان الإقليم صوّتوا عام 2001 بنسبة 97% لصالح دستور جديد والإستقلال، وأن صومالي لاند تمتلك اليوم “عملة، وجيشًا، ونظامًا إنتخابيًا”، رغم غياب الإعتراف الدولي.
لكن هذا الواقع، كما يشير مراقبون، لم يكن كافيًا طوال 34 عامًا لإقناع المجتمع الدولي. فما الذي تغيّر الآن؟
الجواب، كما توحي المقالات الثلاثة، ليس في هرجيسا… بل في تل أبيب وواشنطن.

رابعًا: غزة في الخلفية… دائمًا

أحد أخطر محاور التحليل يظهر في مقال إزفيستيا، ويتعزز بخبر The Insider: ربط صومالي لاند بملف تهجير الفلسطينيين من غزة.
تشير الصحيفة الروسية إلى أن تل أبيب ناقشت مع عدة أطراف، بينها صومالي لاند، سيناريوهات “إعادة توطين الفلسطينيين”، وأن هذه النقاشات كانت أساس التقارب الذي بدأ في تشرين الأول/أكتوبر 2025.
منصة The Insider تعزّز هذه الفكرة، ناقلة عن وكالة Associated Press أن واشنطن وتل أبيب بحثتا مع دول في المنطقة “إستقبال فلسطينيين مقابل مساعدات مالية وعسكرية”، وهو ما نفته بعض العواصم علنًا.
صحيح أن سلطات صومالي لاند أعلنت رفضها الشعبي لفكرة التوطين، لكن إدخال الإقليم في هذه الحسابات يكشف أن الإعتراف ليس بريئًا ولا معزولًا عن الحرب على غزة.

خامسًا: الغضب الإقليمي… وحدود الرد

جاءت ردود الفعل سريعة:
•الصومال وصف الخطوة بأنها “هجوم متعمد على السيادة”.
•مصر وتركيا وجيبوتي والإتحاد الإفريقي شددوا على وحدة الأراضي الصومالية.
•السعودية، وفق إزفيستيا وبرافدا، عبّرت عن إمتعاض واضح، وإعتبرت القرار عائقًا أمام أي تطبيع مستقبلي.
لكن برافدا تذهب أبعد من توصيف الغضب، منتقدة ما تسميه “غياب الفعل العربي”، وتطرح سؤالًا ساخرًا: “كيف كان نتنياهو سيتصرف لو دعمت السعودية حركات فلسطينية ولبنانية كما تدعم إسرائيل الإنفصال في إفريقيا؟”
السؤال، وإن جاء بصيغة إستفزازية، يكشف فجوة عميقة بين الخطاب السياسي العربي والقدرة الفعلية على التأثير.

سادسًا: إزدواجية المعايير… من القرن الإفريقي إلى دونباس

أكثر المقارنات إثارة للجدل وردت في مقال برافدا، التي قارنت إعتراف إسرائيل بصومالي لاند بإعتراف روسيا بدونباس.
تكتب الصحيفة بوضوح: “حين يتعلق الأمر بإسرائيل، لا عقوبات ولا إدانات. أما حين يتعلق الأمر بروسيا، فالعقوبات تتضاعف”.
وتشير إلى أن الحجج الغربية حول “حدود إستعمارية مصطنعة” تُستخدم لتبرير خطوة إسرائيل، بينما تُرفض بالكامل حين تُطرح في سياقات أخرى.
حتى إزفيستيا، بنبرتها الأكثر تحفظًا، لم تُخفِ أن تل أبيب “وضعت الولايات المتحدة في موقف محرج”، خاصة أن واشنطن حليف رئيسي لمقديشو في الحرب ضد حركة الشباب.

سابعًا: الولايات المتحدة… الصمت المحسوب

رغم الغطاء السياسي العام، إمتنعت واشنطن حتى الآن عن الإعتراف بصومالي لاند.
تنقل The Insider أن الرئيس دونالد ترامب “يريد دراسة حجج إسرائيل”، رغم إغراءات واضحة، بينها عرض هرجيسا إستضافة قاعدة بحرية أمريكية.
أما برافدا، فترى أن ترامب لا يريد “إغضاب العرب”، في وقت تحتاج فيه واشنطن إلى توازن دقيق في الشرق الأوسط وأسواق الطاقة.
الصمت الأمريكي هنا لا يعني الرفض، بل إبقاء الورقة معلّقة.

خاتمة: ما الذي كُسر فعلًا؟

إعتراف إسرائيل بصومالي لاند ليس مجرد قرار دبلوماسي، بل كسر متعمّد لإجماع دولي هش.
هو رسالة إلى إفريقيا بأن الحدود قابلة لإعادة التفاوض.
ورسالة إلى العرب بأن الإعتراض لا يغيّر الوقائع.
ورسالة إلى الغرب بأن القواعد تُطبّق إنتقائيًا.
بين هرجيسا وغزة، وبين خليج عدن ودونباس، يتضح أن العالم لا يُدار بالقانون الدولي، بل بميزان القوة والإصطفاف.
وفي هذا الميزان، قررت إسرائيل أن تتحرك أولًا… وتترك الآخرين يناقشون العواقب.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى تأسيس الإتحاد السوفياتي - 7 نوفمبر: ذاكرة الثورة الت ...
- طوفان الأقصى 815 - عام الإنكشاف: ماذا بقي من «محور المقاومة» ...
- طوفان الأقصى 814 - نحو 2026: الإرهاب في سوريا يتبدّل شكله ول ...
- طوفان الأقصى 813 - إيران في قبضة التناقضات الكبرى
- طوفان الأقصى 812 - في بغداد، القلق لا ينتهي: نظرة على إرث ال ...
- طوفان الأقصى 811 - النفط كقدر جيوسياسي: روسيا وترامب وممالك ...
- طوفان الأقصى 810 - المتاهة السورية: بين وهم التسوية وشبح الح ...
- طوفان الأقصى 809 - «ما هي الكلمة المسيحية في مواجهة الإبادة؟ ...
- في ذكرى عيد ميلاده - ستالين بين ذروة القوة وثمنها الفادح
- طوفان الأقصى 808 - إسرائيل على حافة الهاوية - قراءة في أطروح ...
- طوفان الأقصى 807 - الإمارات في مواجهة السعودية: تفكك معسكر “ ...
- طوفان الأقصى 806 - كيف وضعت إسرائيل والولايات المتحدة نفسيهم ...
- ألكسندر دوغين - يجب تدمير الإتحاد الأوروبي (برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 805 - المستوطنون لن يرحلوا: تفكيك الإستعمار لا ...
- طوفان الأقصى 804 - إيران بين تلقي الضربة والرد - كيف أعادت ط ...
- ألكسندر دوغين - الاتحاد الأوروبي إلى مزبلة التاريخ: كيف سيقس ...
- طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل ...
- جيفري ساكس - عداء روسيا: كارثة لأوروبا
- طوفان الأقصى 802 - إسرائيل والشرق الأوسط بعد الزلزال: من وهم ...
- ألكسندر دوغين - ترامب يدهش العالم مجددًا


المزيد.....




- مذيعا CNN يجربا أسرع أفعوانية في العالم.. شاهد رد فعلهما لحظ ...
- إيران.. الحكومة تعترف بالاحتجاجات رغم وعيد بتصدٍ -حاسم- وبزش ...
- مع استمرار إضرابه عن الطعام.. المبادرة المصرية تطالب بالبت ف ...
- السودان تسعى للوصافة بعد حسم التأهل، والجزائر أمام الاختبار ...
- -لن تهزمنا في إيران أبداً أيها الرئيس ترامب- – مقال رأي في ا ...
- اليمن: كيف يرى الجنوبيون المستقبل بعد التصعيد الأخير؟
- الجيش الإسرائيلي يسجل 21 حالة انتحار هذا العام و39% من الجنو ...
- إسرائيل تهدد بتعليق عمل 37 منظمة إنسانية في غزة
- -ثورة- ذكاء اصطناعي عربي صممه لاجئان يتمرد على عمالقة وادي ا ...
- رقم قياسي.. 28 ألف وحدة استيطانية جديدة بالضفة في 2025


المزيد.....

- صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة / محمد حسين النجفي
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 816 - إعتراف إسرائيل بصومالي لاند