أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - اتهام بلا تقادم: المغرب ومحاكمة الرأي في زمن الواجهة الحقوقية














المزيد.....

اتهام بلا تقادم: المغرب ومحاكمة الرأي في زمن الواجهة الحقوقية


فريد بوكاس
(Farid Boukas)


الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 22:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألمانيا: فريد بوكاس، صحفي باحث و ناشط سياسي


نكتب هذا النص لا بوصفه رأيًا، ولا موقفًا عابرًا، بل بوصفه شهادة اتهام موجّهة إلى التاريخ، الذي لا يُصفّق، ولا ينسى، ولا يقبل الروايات الرسمية كحقائق نهائية. نكتبه لأن الصمت صار مشاركة، ولأن التكرار المستمر للاعتقال السياسي لم يعد قابلاً للتأويل أو التبرير.


إن الدولة المغربية، بمؤسساتها التنفيذية والقضائية والأمنية، تتحمّل مسؤولية تاريخية مباشرة عن ترسيخ نظام يعاقب الرأي، ويُجرّم التعبير، ويحوّل الخلاف السياسي إلى ملف جنائي.


أولًا: في نية الحكم لا في أخطائه

ما يجري في المغرب ليس سلسلة أخطاء، ولا انزلاقات عرضية، بل سياسة قائمة بذاتها. الاعتقال السياسي لم يكن يومًا نتيجة فراغ قانوني، بل نتيجة قرار سيادي واضح: ضبط المجال العام بالقوة، وتجفيف السياسة، وتحويل الدولة من فضاء مشترك إلى جهاز ضبط ومراقبة.
منذ ما سُمّي بمرحلة “الإنصاف والمصالحة”، لم تُفكك بنية القمع، بل جرى تحصينها قانونيًا ومؤسساتيًا. لم تتم محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، ولم تُقدَّم ضمانات حقيقية لعدم التكرار. بذلك، تكون الدولة قد اختارت الاستمرارية بدل القطيعة، والإدارة الأمنية بدل التحول الديمقراطي.


ثانيًا: في تجريم المجتمع حين يطالب بحقوقه

تُدين هذه الشهادة الدولة المغربية بسبب تعاملها العدائي مع المجتمع كلما طالب بحقوقه. حراك 20 فبراير، حراك الريف، احتجاجات جرادة وزاكورة ومناطق الهامش، لم تكن مؤامرات ولا تهديدات للوطن، بل تعبيرات سلمية عن أزمة اجتماعية وسياسية عميقة.
لكن ردّ الدولة كان ثابتًا ومتكررًا:
التشكيك → التشويه → الاعتقال → الأحكام القاسية.
إن الأحكام الثقيلة في حق نشطاء اجتماعيين، وعلى رأسهم ناصر الزفزافي ورفاقه، تُشكّل دليل إدانة تاريخي على أن السلطة اختارت العقاب بدل الإصلاح، والردع بدل الحل، والسجن بدل السياسة.


ثالثًا: في تحويل الكلمة إلى خطر أمني

تُدين هذه الوثيقة الدولة المغربية لأنها حوّلت الرأي إلى جريمة. فالمدونون، والصحفيون، وكتاب الرأي، لم يُلاحَقوا بسبب أفعال عنيفة، بل بسبب كلمات مكتوبة أو مواقف معلنة.
قضية سعيدة العلمي ليست حالة فردية، بل نموذجًا مكثفًا: مواطنة تُسجن بسبب تعبيرها عن رأي سياسي، تُفرج عنها بعد قضاء العقوبة، ثم تُعاد إلى السجن لأنها واصلت الكلام. هذا السلوك لا يمكن تفسيره بالقانون، بل فقط بالانتقام السياسي.
إن الدولة التي تعاقب مواطنيها لأنهم لم يصمتوا، تُعلن عمليًا أن الصمت شرط للمواطنة.


رابعًا: في إفساد القضاء وتحويله إلى أداة

تُحمِّل هذه الشهادة الدولة مسؤولية إفراغ القضاء من جوهره في القضايا السياسية. فالقضاء، بدل أن يكون ضمانة، صار وسيلة. بدل أن يحمي الحقوق، بات يُستعمل لتجريمها.
المحاكمات السياسية في المغرب لا تُبنى على البحث عن الحقيقة، بل على إنتاج الإدانة. والتهم تُفصّل بما يخدم النتيجة المطلوبة. هذا لا يُسيء فقط إلى المتابعين، بل إلى فكرة العدالة نفسها.


خامسًا: في السجن كفضاء إذلال

تُدين هذه الوثيقة الدولة بسبب الانتهاكات داخل السجون، وبسبب غياب المحاسبة عن سوء المعاملة، والإهانات، والعنف النفسي والجسدي. فالدولة مسؤولة، قانونيًا وأخلاقيًا، عن كل ما يجري داخل مؤسساتها.
السجن في المغرب، في القضايا السياسية، ليس عقوبة فقط، بل أداة كسر وإخضاع. وهذه الممارسة، مهما أُخفيت، ستبقى وصمة في السجل التاريخي للدولة.


سادسًا: في ازدواجية الخطاب والخداع الدولي

تُسجَّل على الدولة المغربية ازدواجية ممنهجة: خطاب حقوقي في الخارج، وقمعي في الداخل. توقيع على المواثيق الدولية، يقابله انتهاك يومي لها. هذا السلوك لا يُعدّ دبلوماسية، بل خداعًا سياسيًا منظمًا.
تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى، وبناء صورة “الاستقرار”، لا يُلغي حقيقة وجود معتقلين سياسيين، ولا يمحو مسؤولية الدولة عن خنق الحريات.


حكم التاريخ لا يسقط بالتقادم

إن هذه الشهادة تُوجَّه إلى التاريخ، لا إلى المحاكم الخاضعة، ولا إلى الإعلام الرسمي. والتاريخ لا يقبل التبريرات، ولا يُخدَع بالواجهات.
ـ الدولة التي تُجرّم الرأي،
ـ والسلطة التي تخاف من الكلمة،
ـ والنظام الذي يعاقب الاختلاف.

. تُدان، لا سياسيًا فقط، بل أخلاقيًا وتاريخيًا.
. قد تربح السلطة معركة الصمت مؤقتًا، لكنها تخسر حكم التاريخ دائمًا.
. والدول لا تُقاس بما تقوله عن نفسها، بل بما فعلته بمواطنيها.
وهذا الاتهام باقٍ، إلى أن يُفتح الأرشيف، وتُستعاد الذاكرة، ويُسمّى القمع باسمه الحقيقي.



#فريد_بوكاس (هاشتاغ)       Farid_Boukas#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الفيضانات والملاعب البراقة: المغرب يدفن شعبه في صمت
- المغرب: صرخة الشعب بين الظلم والانكسار
- قصيدة سياسية مغربية : بياعوني أبيعكم
- كأس إفريقيا في المغرب بين الفرجة والمعاناة: الملك المسؤول ال ...
- المغرب: حين تُدار الدولة بمنطق الامتياز… ويُترك المواطن خارج ...
- ملحمة كأس العرب والمواطن المغربي المغلوب
- الهوية العربية بين اللغة والسياسة والدين: قراءة تحليلية في ش ...
- ذهب المغرب… ثروة تُستخرج من تحت الأرض لتدفن فوقها: من يجرؤ ع ...
- تقرير أكاديمي: توظيف خطاب الإرهاب في المغرب سياسياً
- الحكم الذاتي في الصحراء الغربية: مناورة سياسية أم إصلاح حقيق ...
- الحكم الذاتي في الصحراء الغربية بين الشرعية الدولية وموازين ...
- التحول المفاهيمي في مقاربة مجلس الأمن لقضية الصحراء الغربية: ...
- المغرب بين الديكتاتورية والاعتقالات السياسية
- تجريم انتقاد الانتخابات في المغرب: خصوصية قانونية أم انتكاسة ...
- الملكية في المغرب بين الاعتقالات السياسية والاستحواذ على الح ...
- الحق في الحكم الذاتي بين جمهورية الريف (1921) والجمهورية الص ...
- الشركات الملكية في المغرب تحصد الأرباح.. والمشاريع العمومية ...
- المغرب: كرة القدم أولاً أم الصحة والتعليم والشغل؟
- المغرب: حين يتخَتَّن الثراء في القصور ويُصلَب الفقر في الأزق ...
- «جيل زد 212… احتجاج أم وعي جديد؟ أم هو جيل الملك القادم ؟ قر ...


المزيد.....




- الصومال ردا على اعتراف إسرائيل بـ-صومالي لاند-: -لن نقبل أبد ...
- إصابة ثلاث نساء بجروح في عمليات طعن في مترو باريس وتوقيف مشت ...
- فنزويلا تُفرج عن 99 محتجزًا شاركوا في احتجاجات ضد إعادة انتخ ...
- إسرائيل تعترف بأرض الصومال.. وعاصفة رفض عربية تهدد التوازن ف ...
- كأس الأمم الأفريقية: التعادل السلبي يحسم مباراة زامبيا وجزر ...
- تركيا تعلن نجاح أول اختبار لطقم توجيه مجنح محلي الصنع
- إنقاذ نحو 400 مهاجر قبالة سواحل جزيرة يونانية
- 2025 في غزة.. شهداء ومجاعة ونزوح وانتظار الانفراجة
- عائلة أميركية تقاضي شركتي طيران بعد إصابتها ببقّ الفراش على ...
- محاولة تسميم بقرة في المغرب.. محاكمة مواطن بالسجن لمدة سنة م ...


المزيد.....

- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - اتهام بلا تقادم: المغرب ومحاكمة الرأي في زمن الواجهة الحقوقية