|
|
تصحيحا لمغالطات تاريخية سياسية
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 18:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مقالة منشورة بتاريخ – ٢٢١٢ - ٢٠٢٥ ، بالعربي الجديد ، تدعو السيدة – سميرة المسالمة – الى ( مجتمع من المواطنين ) ، ( يتحررون من الإرث الثقيل الذي خلفه النظام الاسدي باستعادة دورهم ذواتا فاعلة وبناء الثقة المتبادلة فيما بينهم ، من خلال تعريف انفسهم شعبا واحدا لا مكونات ، ولا أقليات متفرقة هويتهم مواطنين لا رعايا ،، ) وتضيف : ( فالجماعات الاثنية ، والطائفية لايمكنها ان تصبح شعبا في دولة موحدة ..) ( هذا يعني ان الارتهان الى خطاب المكونات او الأقليات ..يفضي الى تكريس الجماعات الهوياتية على حساب مفهوم المواطنة ..) ( عمل نظام الأسد الى التعامل معهم – المكونات القومية والطائفية – بتنميطهم وفق هويات اثنية وطائفية وتاليا وضع كل جماعة في مواجهة أخرى ) ( التحدي امام القيادة السورية الحالية بناء مجتمع المواطنين السوريين الاحرار والمتساوين والمستقلين عن الانتماءات القبلية والطائفية والاثنية والمناطقية والعشائرية ...) . قبل كل شيئ من الضرورة بمكان التمييز " الوجودي التاريخي " ، و" الحقوقي " بين القومية وهي في حالتنا السورية تتعلق بالكرد ، وغيرهم من القوميات الأخرى مثل التركمان ، والآشوريين – الكلدان – السريان ، والارمن ، والأثنيات مثل الشركس ، وغيرهم من جهة ، وبين أتباع المذاهب والطوائف مثل – العلويين - ، والدروز ، او الاسماعيليين ، والشيعة ، وهؤلاء ليست لديهم قضية قومية لانهم ينتمون الى القومية العربية السائدة ، ولكوني امارس نضالي السياسي ، والفكري ، والثقافي في اطار الحركة الوطنية الكردية السورية منذ ستة عقود مطالبا بانتزاع حقوق شعبي القومية ، والثقافية ، والاجتماعية وتثبيتها بالدستور ، والاعتراف به وجودا ، وحقوقا ، معارضا لنظام البعث ، وتعرضت للسجن ، والملاحقات لعقود متتالية ، ومثلت امام ( محكمة امن الدولة العليا ) مع رفاقي ، فمن واجبي وحقي ان اتصدى للموضوع الكردي تاركا مسائل القوميات الأخرى لاصحابها ، في حين ان الجميع لهم نصيب من المظلومية الا ان مسالة المذاهب تختلف عن القضية الكردية ، وتحل بالعدالة الاجتماعية ، واحترام العقائد ، وبكل اسف فقد خلطت الكاتبة الجميع في سلة واحدة ، ثم بنت على أساس تلك الهفوة المنهجية حكمها السياسي الخاطئ في الجوانب التالية : أولا – حسب حكم الكاتبة فان أصحاب المظلومية وفي مقدمتهم الكرد يجب ان يحاسبوا ، ويدفعوا الثمن مرة أخرى وان يتخلصوا من الإرث الثقيل وذلك بإعادة تعريف انفسهم شعبا سوريا لامكونات ؟! ، يعني على الكردي ان يتطهر بالتجرد من قوميته ، وتحوله الى سوري مفيد ، وانه لايمكن ان تكون كرديا ووطنيا في آن واحد بل يجب ان يتحول الكردي الى عربي لينال شرف المواطنة او علويا ، ودرزيا ووطنيا في الوقت ذاته ، بل ان التحول سنيا هو الطريق الى الوطنية . ثانيا – المواطنة الحقة المتساوية امر مطلوب وحيوي ، ولكنها لم تتحقق مثلا في أوروبا الا بعد قيام الكيانات الدولتية التي نظمت العلاقات الاجتماعية ، ومنحت الحرية للجميع ، واعترفت بالتعددية القومية ، واحترمت الخصوصيات الثقافية ، ورسخت العدالة والمساواة بين جميع بني البشر على مختلف اطيافهم ، والوانهم ، ثم ضمنت كل ذلك بالدساتير ، والقوانين . ثالثا – الحق ليس على الكرد وغيرهم بسوريا ، بل الحق كل الحق على انكار تعددية سوريا القومية ، والثقافية ، والاجتماعية واعتبارها دولة بسيطة وليست مركبة منذ وضع الدستور الأول للبلاد وانتهاء بآخر دساتير نظام البعث ، وما فعلته الأنظمة والحكومات المتعاقبة لم تكن مخالفة للدستور فيما يتعلق بنفي وجود الكرد كشعب ، وتجاهل حقوقهم القومية المشروعة ، وما ابتكره نظام البعث خلال اكثر من نصف قرن هو المضي بإلغاء الوجود الكردي عمليا وبالممارسة على ضوء الدستور ، وذلك عبر التهجير ، وتغيير التركيب الديموغرافي لمناطقهم ، وحرمانهم من حقوق المواطنة كل ذلك وغيره تضمنه تقرير – محمد طلب هلال – مدير شعبة الامن السياسي بالقامشلي في الستينات ، ثم عضو القيادة القطرية لحزب البعث ، ووزيرا ، وسفيرا ، واغلب الظن ان الكاتبة بحكم عملها باعلام النظام المقبور على اطلاع على ذلك التقرير . رابعا – هناك على الكرة الأرضية ( أوروبا ، آسيا – أمريكا اللاتينية ، افريقيا ، استراليا ) دولا عديدة ومتقدمة متعددة القومات والشعوب والأديان والمذاهب اتفقت فيما بينها على العيش المشترك ، والمشاركة الديموقراطية في السلطة والثروة ، كل مكون يحتفظ بخصوصياته دون اكراه ، ويتشارك الجميع بعد ذلك في الخضوع لدستور الوطن الواحد ، والعيش معا كمواطنين لتلك الدولة الجامعة وفي هذه الحالة فقط تظهر المواطنة باجلى صورها ، واقدس مظاهرها ، اما ماتطالب به الكاتبة فبالعكس تماما والنتيجة ستكون المواطنة المشوهة . خامسا – ليس بالضرورة ان تظهر المواطنة الحقة في الامبراطوريات الكبرى بالتاريخ فقط مثل الايوبية والنمساوية ، والعثمانية ، والسوفيتية على قاعدة الاعتراف بالتنوع القومي واحترام الخصوصية حسب ظروف تلك الأزمنة بل يمكن تحقيق ذلك في الدول الوطنية او القومية التي ظهرت مابعد الحربين العالميتين ، وهناك قول مأثور ل ( اوتو باور عام ١٨٦٧ ) ) بخصوص النمسا ( ، اعتبر باور الإطار الإمبريالي متعدد القوميات- الذي تنوجد فيه قوميات مختلفة إلى جانب بعضها البعض- قاعدة سياسية لتحقيق النضال الطبقيّ. ووفق باور، لا يمكن تحويل النضال الطبقي إلى نضال كوني عام من خلال إلغاء المجموعة القومية، بل من خلال الإجراء العكسي، أي عندما تقوم الدولة بتوفير الشروط الماديّة لمجمل المجموعات القومية داخلها، على هذا النحو تستطيع هذه تحقيق وجودها الجماعي دون الحاجة للصراع على الهيمنة والسيادة داخل الدول). سادسا – وكما تقول " حنة ارناديت " (فإنّ تقسيم شرق أوروبا العشوائي إلى دول قومية أودع بيد شعوب معيّنة (تحولت بين ليلة وضحاها إلى "شعوب دولة") مفاتيح الحكم، بينما تحولت شعوب أخرى في تلك اللحظة إلى مكانة "أقلية". ) وهذا ماحصل للعديد من شعوب منطقتنا مثل الكرد والفلسطينيين ، والامازيغ . سابعا – مااحوجنا اليوم في سوريا الى وطنيين ومفكرين صادقين من أمثال القومي العربي – جمال الاتاسي – الذي كان يؤيد الحقوق المشروعة للكرد السوريين ، ويعلن دوما ان القضية الكردية السورية هي قضية عربية أيضا يجب معالجتها بنفس وطني مسؤول ، وعلى قاعدة الشراكة ، والاعتراف بالوجود والحقوق . خلقنا اكرادا أولا قبل ظهور ( الجمهورية السورية ) ومازلنا كردا في ( الجمهورية العربية السورية ) وسنبقى كردا سوريين ، ونحن شركاء التاريخ ، والمصير ، ساهمنا بتحرير سوريا من الاستعمار ، وكذلك في بناء الوطن رغم التميز ، والاضطهاد ، والتجاهل ، حركتنا الوطنية الكردية العريقة كانت دائما وابدا في وجه الاستبداد ومن اجل التغيير الديموقراطي ، وكانت معارضة منذ العهد العثماني ، مرورا بمرحلة الانتداب ، وحقبة نظام البعث المستبد ، وشاركت في الثورة السورية . رحبنا بالعهد الجديد مابعد الاستبداد ونعتبره امتدادا لكفاح الوطنيين السوريين ونحن من ضمنهم ، وتحقيقا لاحد اهداف الثورة السورية ، وننتظر الخطوات اللاحقة في تحقيق الشراكة ، وتسريع العملية السياسية الديموقراطية ، ومايتعلق بالحالة الكردية السورية نقف الى جانب الحل السلمي في مسالة اندماج قوات – قسد – المتواجدة بمناطقنا في هيكلية مؤسسات الدولة ، وإعادة إدارة الدولة الى مختلف المناطق ، والاتفاق على عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع بالعاصمة دمشق ، لاقرار المشروع الكردي للسلام ، وانتخاب الممثلين الشرعيين للكرد وحركتهم للبدء بالحوار مع الإدارة الانتقالية لايجاد الحل التوافقي للقضية الكردية ، في سوريا الجديدة ، التعددية الموحدة .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من المسؤول عن ربط الملف الكردي السوري بالصراع ما
...
-
عام على سقوط نظام الاستبداد السوري المشهد
...
-
عام على سقوط نظام الاستبداد السوري المشهد العام
...
-
التقرير السياسي الثاني بعد المائة
-
بحثا عن جذور الكراهية
-
من دفتر يومياتي مشروع – علي دوبا – في ايجاد حزب كردي سوري ب
...
-
الكردي الجيد لن يكون الا سوريا جيدا
-
الكرد أمة تاريخية قيد التشكل
-
من تجليات ازمة الحركة الكردية السورية
-
هل تعلم حماس واشباهها ان لاعودة الى الوراء
-
اللقاء الواحد بعد المائة للجان تنسيق - بزاف -
-
عندما يصادر – ب ك ك – القرار الكردي السوري
-
شرق أوسط خالي من العنصرية ، والإسلام السياس !
-
مبادرة ترامب للسلام : نتائج وآفاق
-
محاولة في تعريف الحركة الكردية السورية
-
ثورة مغدورة وأخرى موهومة وثالثة قيد الاختبار
-
جدلية الداخل والخارج في - الحكاية - السورية
-
دولة فلسطين
-
التقرير السياسي لحراك - بزاف -
-
من دفتر يومياتي لقاء لم يكتمل بين ( معارضين سوريين اضداد )
...
المزيد.....
-
الصومال ردا على اعتراف إسرائيل بـ-صومالي لاند-: -لن نقبل أبد
...
-
إصابة ثلاث نساء بجروح في عمليات طعن في مترو باريس وتوقيف مشت
...
-
فنزويلا تُفرج عن 99 محتجزًا شاركوا في احتجاجات ضد إعادة انتخ
...
-
إسرائيل تعترف بأرض الصومال.. وعاصفة رفض عربية تهدد التوازن ف
...
-
كأس الأمم الأفريقية: التعادل السلبي يحسم مباراة زامبيا وجزر
...
-
تركيا تعلن نجاح أول اختبار لطقم توجيه مجنح محلي الصنع
-
إنقاذ نحو 400 مهاجر قبالة سواحل جزيرة يونانية
-
2025 في غزة.. شهداء ومجاعة ونزوح وانتظار الانفراجة
-
عائلة أميركية تقاضي شركتي طيران بعد إصابتها ببقّ الفراش على
...
-
محاولة تسميم بقرة في المغرب.. محاكمة مواطن بالسجن لمدة سنة م
...
المزيد.....
-
الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح
...
/ علي طبله
-
الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد
...
/ علي طبله
-
الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل
...
/ علي طبله
-
قراءة في تاريخ الاسلام المبكر
/ محمد جعفر ال عيسى
-
اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات،
...
/ رياض الشرايطي
-
رواية
/ رانية مرجية
-
ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان
...
/ غيفارا معو
-
حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش
/ د. خالد زغريت
المزيد.....
|