أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد رمصيص - قراءة في مجموعة’’بيت لا تفتح نوافذه…’’لهشام بن الشاوي*















المزيد.....


قراءة في مجموعة’’بيت لا تفتح نوافذه…’’لهشام بن الشاوي*


محمد رمصيص

الحوار المتمدن-العدد: 1840 - 2007 / 2 / 28 - 12:09
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


كتابة الإخفاق وجحيم الوعي
تستمد مجمل قصص هذه المجموعة نسغها من تجربة احباط الذوات المتخيلة وانكسارها جراء الاصطدام بتناقضات الواقع واكراهاته المتعددة.. ذوات متصفة بكونها دائمة الصدام والرفض للواقع.. حاملة وعيا شقيا بسبب تمثلها لقضية التهميش والغبن الاجتماعي ومشكلة الجنس وأزمة المثقف وباقي مظاهر الصراع وإشكالات الواقع المعقد والعنيف. وبالتالي يمكن القول أن الفشل والإخفاق والخيبة ببعدهم الفردي والجماعي شكلوا حوافز قوية للكتابة عند هشام بن الشاوي.. وان كان أبطال القصص غير فاعلين أحيانا فذلك يرجع لأن خلفية الصراع أكبر منهم . وهذا يدفع بهم للاكتفاء بالتأمل من الخلف للمشاكل الكبرى.. ويتحول الأبطال إلى ذوات مهددة لا تملك للدفاع عن نفسها سوى وعيها الأصيل بمواجهة الوعي الزائف..

1-كتابة الإخفاق:

تقف شخوص هذه المجموعة على حافة الانفجار في وجه المجتمع.. تمارس التمرد والرفض دون تحويلهما لفعل جماعي منظم وذو أثر واضح على مسار حياة مجتمع القصة.. صحيح أنها ترفض التغير السلبي للعلاقات الاجتماعية والأخلاقية التي لحقت المجتمع. وتحتج على جملة من الأمراض التي أفسدت مذاق الحياة ، ومن ثمة فهي تعكس قلقا أصيلا يهدد استقرارها الوجودي لكنها تقف عند حدود التنديد والتبرم.. تحاول الانعتاق من قسوة مفارقة الضغوط المعيشة ووطأة التحولات دون جدوى . يقول بطل قصة ’’عندما يحب الشعراء’’:’’حين غادرت العمارة تبعتها، لم أكن أتوقع أن تصدني هذه الجميلة الصغيرة بكل هذه القسوة كأنها امرأة بلا قلب .. فلم أسمع منها كلمة واحدة،وأنا أسير إلى جانبها،كتفا إلى كتف.. توقفت بمحاذاتنا سيارة مرسديس فتح الباب ركبت إلى جانب العجوز الأصلع بلا تردد. كان ينظر إلي كما لو كنت حشرة، فتمنيت أن أبصق في وجهه’’، وعند عتبة التمني يقف غضب الشخوص ويخصى الفعل ويتحول الصراع الى جوف الأفراد وباطنهم .. فالبطل يكره خصمه ولا يسعى لتوفير وسائل هزمه.. ويترك الوقت ينساب من بين يديه دون أن يحقق ذاته ومن ثمة يعذبه التناقض بين الرغبة في الفعل وعدم القدرة عليه. بل

انه يتحالف أحيانا مع خصمه الطبقي في الحلم لولا طلقات الرصاص الحاكمة عليه بالإعدام و التي ترجعه عن خيانته.. إن هذا الاضطهاد الجنسي الذي عانى منه بطل هذه القصة وغيره يحيل على اضطهاد اقتصادي ضمني يتوفق في إصابة الأفراد بحالة احباط تفقدهم القدرة على النقد دون الحديث عن التغيير،ومن ثمة سقوطهم في حالة اغتراب واستلاب حادين. وبقوة الأشياء تتحول المرأة المباحة والرخيصة لدى المهزوم لاسفنجة تمتص تمزقاته وتشنجاته.. وهنا خطورة الجنس كتعويض للإخفاق الاجتماعي لأشخاص وان كانوا غائبين عن سطح الحكي فهم حاضرين في قلب الأزمة. يقول السارد في ص12:’’لم أكن أكره جارتي لذاتها،لكنني أمقت أن تتنقل من فراش إلى آخر، حتى لو لم تكن أختي.. تقول لي بصوت مبلل بالدموع :هذا الصباح اقترضت عشرين درهما.. لأذهب إلى السوق لأن الكلب الذي... البارحة لم يعطني سنتيما. الخبز’’مرورعاية ثلاثة إخوة ’’ أمر’’ ...!’’ .إن هؤلاء الشخوص النمطيين ليسو سوى تعبيرا عن الاختلال الذي أصاب الحياة الاجتماعية وضمنها الحياة الجنسية وبالتالي فقدانهم لليقين تجاه الذات والمجتمع وانضمامهم الى أجيال مغتربة ترى خلاصها في التنسك الجنسي. أفراد مكبوتين جنسيا ومدجنين سياسيا بل وممزقين بين نداء الرغبة واملاءات المجتمع. يقول السارد في قصة ’’بيت لا تفح نوافذه...’’ص39:’’تصطدم عيني بزوجة جارنا الملتحي الصارخ جسدها فتنة وأنوثة.. تحاصرني بنظرات مخدرة تمطر دهشة واشتهاء .. تختفي توارب النافدة ،تلتفت خلفها، تستعيد لذة التلصص..الخفي بطرف عينها..وأقل من سنتمتر واحد،يفصل انغلاق النافدة عن انفتاحها من خلفها يلوح منديلها الوردي فاضحا كل شيء.’’وتبقى أبرز تجليات إخفاق شخوص هذه العوالم السردية هي بحثهم عن واقع مواز للواقع العنيد إما بواسطة السكر أو الجنس الرخيص أو أحلام اليقظة حيث يتم التخلص من ثقل المعيش المأزوم ومعاناة الخوف من الآتي والمجهول. حالات وسمت بالتوتر حد اقتراف الجريمة أو التشجيع عليها حيث يقوم’’جمال’’في قصة ’’الضحايا ’’ بالقتل الرمزي للأب من خلال خيانته مع زوجته الثانية. يحكي السارد عن عودة الأب من العمل في وقت متأخر من الليل:’’هو جسدها بالتأكيد تلك تفاصيله وهذه رقدته.. كانت تغمر جسده الصغير بدفئها الشبق.. ودون أدنى تفكير،امتدت يده إلى مسدسه، وسدد فوهته نحوها .. لم تطاوعه أبوته أن يطلق الرصاصة الثانية على ابنه.. فصوب الفوهة نحو رأسه. وتهاوى جسد الأب غارقا في دمائه.’’ولعل أغرب الصدف أن هذا الابن الذي كان يحلم دوما برجولة مبكرة عبر وسيط القتل الرمزي للأب لن يحقق رجولته البيولوجية مدى الحياة بسبب فقدان الأب تحديدا ليعيش تمزقا انطولوجيا عاصفا. يقول في ص79/80:’’يخبر جمال رفيقته فطومة أنه لم يتمكن من مضاجعة زوجته.. أحس أنه مثلها،وجرب مع نساء أخريات.. نفس المعضلة.. منهن من استهزأت به بكلام جارح:’’هل جئت بي لتصلي بي؟’’ثم تزفر في غضب،وتغادر البيت حزينة كسيرة كما يليق بامرأة مطعونة في أنوثتها.’’

2-جحيم الوعي:

يحمل مجمل أبطال هذه المجموعة وعيا دقيقا بخلفية لعبة الحياة.. يدركون أكاذيب الساسة وصناع الفقر والجهل.. يهجون المدنية الزائفة ويعلنون موت كرامة الإنسان. لكن وعيهم هذا يقف عند عتبة الوعي ولا يتم تصريفه لسلوك يومي.. لأن ميزان الصراع في صف خصمهم الطبقي. لنصغي لهذه القرينة النصية في قصة ’’فيلسوف صغير.. و لكن’’.ص70:’’لقد حولنا هذا الزمان إلى عبيد وجواري في بلاط الشهوة.. كيف تترجم عواطف ملائكية إلى علاقة حيوانية.. هل الحب والشبق وجهان لعملة واحدة؟’’ ، وتحت سطح هذا الصراع المر يرقد تضاد مبدأ اللذة ومبدأ الواقع. صراع على خلفية الجنس.. هذه القارة الغامضة والمجهولة في أعماق الإنسان.. صراع يربك زعم الحضارة المدعية تخليص الفرد من ميوله وغرائزه العدوانية كلما تقدم بنا الزمن إلى الأمام ..غير أننا نصادف الرغبة في أبشع صورها. رغبة ادلال الآخر من خلال علاقة تضمر الكره وترفع شعار العشق والصبابة.تقول بطلة قصة ’’امرأة فوق كل الشبهات’’ص48 :’’المشرف زير النساء،والعجوز المراهق.. صارا مثل خاتمين بين يدي.. كل واحد منهما يظنني له وحده! والأنكى أن الكلب العجوز لا يجد متعة إلا في أن يرضع شيءه؟؟الرجال، كلهم أولاد ال)...( عن إذنك أريد أن أسكر ..حتى لا أموت كمدا.’’إن هذا الصراع الضمني بين غريزة الموت وغريزة الحياة يفضي إلى فشل الإنسان المعاصر الذر يع في إرضاء رغباته المكبوتة ومن ثم نشوء ميولاته العدوانية في التدمير وبالتالي انجلاء وهم الحضارة الإنسانية المتشحة بوشاح العقل والخير والحق كأوهام شبه مستحيلة. وهذه النتيجة تشدد على استحالة التوازن والسقوط في جحيم الوعي ببؤس الواقع الشيء الذي يدفع البعض لوسائط مزيفة قصد تطليق الواقع. وان كانت وسائط تقوي من امتيازات السائد وتضعف من موقف المسود كالجنس ،الخمر والتنسك وما شابهه ، يقول السارد في ص4 :’’يدخن سيجارة محشوة بمخدر، بغية أن ينسى أو يتناسى .. ينتابه شعور كاسح بارتياح وابتهاج عميق.. يغرق في بحر أحلام وردية لعله كان في جولة مع ليلاه في المريخ، وربما عينه دخان الحشيش سفيرا لبلده في كوكب مجهول.’’غير أن قصة ’’أسعدت حزنا أيها القلب’’تبقى تتويجا لجحيم الوعي واستحالة تغيير الواقع مع رفضه ! الشيء الذي يمنح الزمن مرارة لا تطاق. يقول السارد في ص14/15:’’ليتني مت قبل أن تصلني رسالتك يا قاسم. بكيت بحرقة، بلا دموع.. غب قراءتي رسالتك التي أطفأت لهفتي وشوقي إلى بضعة دولارات مجلتكم النفطية لأرمم بعض أطلالي الجوانية..آه، لو تعرف أن الأستاذ المحترم بناء!!؟؟
لم يكن بكائي الجاف من أجل المال المفقود، وإنما من أجل هذه الصفة الكريهة التي التصقت بي كالجرب..
إهانة أن تكون بناء، وكل الأحلام المزهرة تنبت في حديقة قلبك.’’وتبقى التساؤلات المربكة قائمة : ترى هل يترجم العمل غير المرغوب فيه عنف العالم والطبيعة وشقاء الذات أم أنه فرصة لإثبات فعالية الفرد؟وهل حقا يقتل العمل في الفرد بعده الطبيعي ويرمي به في متاهة الاستلاب وطاحونة الرتابة والتكرار أم أنه شرط وجوده ووسيط للخلق ومصدر إضفاء المعنى والنظام على الوجود؟؟ نترك هذه الأسئلة مشرعة تماما كما هي جراح شخوص هذه المجموعة....
إحالة:
*مجمل نصوص هذه المجموعة نشرت على موقع دروب ولم تطبع مستقلة بعد.



#محمد_رمصيص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فرمت سيارته.. الداخلية القطرية تتحرك ضد -مُفحط-
- المفوضية الأوروبية تعلن تحويل دفعة بقيمة 4.1 مليار يورو لنظا ...
- خنازير معدلة وراثيا..خطوة جديدة في زراعة الأعضاء
- موسيالا -يُحبط- جماهير بايرن ميونيخ!
- نتنياهو يؤكد بقاء إسرائيل في جبل الشيخ بسوريا
- فون دير لاين: الاتحاد الأوروبي يعد الحزمة الـ16 من العقوبات ...
- الدفاع الروسية: أوكرانيا فقدت 210 جنود في محور كورسك خلال يو ...
- رئيس حكومة الإئتلاف السورية: ما قامت به -هيئة تحرير الشام- م ...
- سوريا: المبعوث الأممي يدعو من دمشق إلى انتخابات -حرة ونزيهة- ...
- الجيش الإسرائيلي يعترف بتسلل مستوطنين إلى لبنان


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد رمصيص - قراءة في مجموعة’’بيت لا تفتح نوافذه…’’لهشام بن الشاوي*