أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - بين الفيضانات والملاعب البراقة: المغرب يدفن شعبه في صمت















المزيد.....

بين الفيضانات والملاعب البراقة: المغرب يدفن شعبه في صمت


فريد بوكاس
(Farid Boukas)


الحوار المتمدن-العدد: 8567 - 2025 / 12 / 25 - 09:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألمانيا: فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي

المغرب يغرق في الإهمال: صمت السلطة وغفلة الشعب وكوارث بلا نهاية

حين تضرب الكوارث المغرب، تتكشف الحقيقة المرة: الدولة غائبة، والملك لا يتحرك إلا للمظاهر، والشعب منشغل بتفاهات تبدو أولوية له على حياته وحياة إخوته. الفيضانات الأخيرة في آسفي لم تكن حادثة عابرة، بل تجسيدًا صارخًا لسياسة الإهمال المزمن، التي أصبحت منهجًا رسميًا في التعاطي مع معاناة المواطنين. آلاف الأسر فقدت منازلها وممتلكاتها، ووجدت نفسها بلا مأوى، بلا كهرباء، بلا مياه صالحة للشرب، وبلا أي تدخل حكومي حقيقي. احتجاجات المواطنين السلمية وُوجهت بالقمع والاعتقالات التعسفية، لتتحول مطالبهم المشروعة إلى مشاهد قمع يومي، فيما الدولة تتفرج.


آسفي: مدينة تغرق بلا سند

آسفي، المدينة التي يفترض أنها ميناء حيوي، تحولت إلى مسرح لمأساة إنسانية غير مسبوقة. المدارس انهارت، الطرق اختفت تحت المياه، المحلات التجارية دمرت، والمواطنون يعيشون في خيام تحت المطر والثلوج. الأطفال والنساء وكبار السن يواجهون مخاطر جسيمة، فيما المسؤولون يتغاضون عن الواقع، متذرعين بالبيروقراطية.

الأسئلة البديهية التي يطرحها الواقع صادمة: هل المواطن المغربي يستحق هذه الحياة الممزقة؟ أم أن هناك قيمًا أقل أهمية من حياته؟ إن الصمت الرسمي هنا ليس غفلة، بل سياسة واضحة للتهميش وإخفاء المأساة.


الحوز: الثلوج والبرد لا يقتل المواطن وحده، بل الدولة أيضًا

في الحوز، تتضاعف المعاناة في الشتاء. الثلوج تغلق الطرق على القرى النائية، والسكان يعيشون في خيام بلا تدفئة أو غذاء كافٍ، معرضين للأمراض وسوء التغذية. السلطات لم تحرك ساكنًا، تاركة المواطنين في مواجهة الطبيعة. هنا يظهر بوضوح فشل الدولة في توزيع الموارد، بينما الأموال والمشاريع تذهب إلى مشاريع رمزية بلا أي أثر على الواقع اليومي للسكان.


الريف، الشاوية، عبدة، الجنوب: تكرار الإهمال سنويًا

الريف يعاني البطالة والفقر المزمن، ونقص الخدمات الأساسية. الشاوية تتعرض لنفس المعاناة: مدارس بلا معلمين، طرق مدمرة، ومستشفيات غير مجهزة. عبدة والجنوب محرومان من أبسط الحقوق: الماء والكهرباء والتعليم. كل هذا يحدث بينما وسائل الإعلام تركز على أمور ثانوية، والشعب منشغل بالمراهنات الرياضية وكأن كأس إفريقيا والملاعب البراقة ستعوضه عن الجوع والبطالة والحرمان المزمن.

هنا يظهر أحد أبرز أساليب السلطة: تخدير الشعب بالرياضة والمباريات الكبيرة، وتحويل اهتمامه إلى ما يستهلك الوقت والطاقة، بينما تُترك المدن والقرى منكوبة بلا أي تدخل حقيقي. الملاعب اللامعة أصبحت أداة لإلهاء المجتمع، لصرف الانتباه عن الخيام تحت الثلوج، وعن مياه الشرب الملوثة، وعن الطرق المدمرة والمستشفيات غير الجاهزة. الشعب يناقش المباريات وكأنها الحل الوحيد لمشكلاته، بينما السلطة تمارس الإهمال بحق المواطنين بلا أي محاسبة.


فاس، ميدلت، جبال الأطلس، الشرق: مناطق منكوبة بلا استثناء

• فاس: فيضانات دمرت المنازل القديمة والأسواق التقليدية، السكان بلا حماية حقيقية من الدولة.
• ميدلت: موجات برد شديدة وسط نقص في التدفئة والخدمات الأساسية.
• جبال الأطلس: القرى معزولة، الطرق مدمرة، والساكنة تعيش معاناة يومية تحت الثلوج.
• الشرق المغربي: قرى بلا مياه، بلا كهرباء، المدارس شبه معدومة، والصحة غير موجودة إلا في المدن الكبرى.
هذه مناطق لم تعد مجرد مناطق منكوبة، بل شهادات حيّة على فشل الدولة المزمن والإهمال المتعمد، بينما الشعب منشغل بالمباريات وكؤوس تلمع في الشاشات.


الملك والنظام: القدرة والمسؤولية المفقودة

الملك يمتلك سلطة مباشرة للتدخل في الأزمات الطارئة، كما أثبت عندما أرسل فرقًا ومعدات إلى إسبانيا لمواجهة الفيضانات هناك. لكن داخل المغرب، لم يُستثمر نفس القدر لإنقاذ المواطنين في آسفي أو الحوز أو غيرها من المناطق المنكوبة. هذا الغياب لا يمكن تبريره: الملك والنظام مسؤولان عن الإهمال المزمن، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. السؤال الصادم هنا: هل حياة المواطن المغربي أقل قيمة من صورة الدولة، من الملاعب البراقة، ومن كأس إفريقيا التي تُعرض على الشاشات؟


الشعب بين الغفلة والانشغال الترفيهي

المواطن المغربي جزء من هذه المأساة. الانشغال بالمراهنات الرياضية والمباريات الفاخرة والانغماس في الترفيه السطحي يغطي على الإهمال المتكرر. هل هو غفلة طوعية؟ أم سياسة واعية لتشتيت الانتباه؟ الواقع يشير إلى أنه مزيج من الاثنين. المواطن أصبح جزءًا من منظومة الإهمال بلا وعي، بينما يعيش إخوته في خيام تحت الثلوج والمطر، محرومين من أبسط حقوقهم.


أثر الإهمال على الحياة اليومية

الإهمال المزمن يترك آثارًا كارثية على حياة المواطنين اليومية:
• البطالة والفقر يتزايدان بلا توقف.
• الحرمان الاجتماعي يتسع، والعنف الأسري يزداد بسبب الضغوط الاقتصادية.
• الصحة النفسية والجسدية تتدهور، والمدارس شبه معدومة في المناطق النائية.
• المواطن يعيش في حلقة مفرغة من المعاناة، بلا تدخل فعلي من الدولة، وتزداد الفجوة بين الوعود والواقع.


المغرب بين الكوارث الطبيعية والسياسية والاجتماعية

المغرب اليوم يواجه أزمة مزدوجة:
1. أزمة سياسية: غياب الإرادة الحقيقية للدولة في حماية المواطنين.
2. أزمة اجتماعية وأخلاقية: صمت المجتمع وانشغاله بالمراهنات والملاعب بدل المطالبة بحقوقه الأساسية.
استمرار هذا الصمت يغذي الإهمال، ويجعل المواطنين شركاء بلا قصد في استمرار الوضع الكارثي، بينما يُستهلك اهتمامهم بما يلمع على الشاشات بدل مواجهة الواقع.
دعوة للصحوة الجماعية والإصلاح
المغرب بحاجة إلى صحوة جماعية:
• شعب يطالب بحقوقه الأساسية.
• ملك يضع المواطنين قبل الرمزية والسياسة والمباريات البراقة.
• نظام ينهي الإهمال ويضع خطة واضحة لمعالجة الكوارث.

المستقبل لن ينتظر أحدًا، والمواطنة لا تُستبدل بمباريات رياضية أو وعود جوفاء. إذا استمر الصمت، فإن الكوارث لن تكون وحدها التي تغرق المغرب، بل الغفلة الجماعية ستغرق المجتمع بأكمله، تاركة آثارًا لا تُمحى على أجيال قادمة.


الكارثة الحقيقية لم تعد الطبيعة، بل الغفلة واللامبالاة والملاعب البراقة

المغرب اليوم يغرق في كارثة مزدوجة: الطبيعة تضرب بلا رحمة، والدولة والمجتمع يغيبان عن المشهد. الملك يمتلك القدرة على التدخل، لكن الإهمال مستمر. الشعب منشغل بالمراهنات والمباريات، غافل عن الواقع الذي يعيشه إخوته في القرى والمدن المنكوبة. إذا استمر الوضع، فإن الكوارث لن تُقاس بالمطر والثلوج فقط، بل بصمت مجتمع كامل يتحول إلى شاهد على انهيار العدالة الاجتماعية والإنسانية، بينما الملاعب تلمع على الشاشات وكأن كل شيء على ما يرام.



#فريد_بوكاس (هاشتاغ)       Farid_Boukas#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب: صرخة الشعب بين الظلم والانكسار
- قصيدة سياسية مغربية : بياعوني أبيعكم
- كأس إفريقيا في المغرب بين الفرجة والمعاناة: الملك المسؤول ال ...
- المغرب: حين تُدار الدولة بمنطق الامتياز… ويُترك المواطن خارج ...
- ملحمة كأس العرب والمواطن المغربي المغلوب
- الهوية العربية بين اللغة والسياسة والدين: قراءة تحليلية في ش ...
- ذهب المغرب… ثروة تُستخرج من تحت الأرض لتدفن فوقها: من يجرؤ ع ...
- تقرير أكاديمي: توظيف خطاب الإرهاب في المغرب سياسياً
- الحكم الذاتي في الصحراء الغربية: مناورة سياسية أم إصلاح حقيق ...
- الحكم الذاتي في الصحراء الغربية بين الشرعية الدولية وموازين ...
- التحول المفاهيمي في مقاربة مجلس الأمن لقضية الصحراء الغربية: ...
- المغرب بين الديكتاتورية والاعتقالات السياسية
- تجريم انتقاد الانتخابات في المغرب: خصوصية قانونية أم انتكاسة ...
- الملكية في المغرب بين الاعتقالات السياسية والاستحواذ على الح ...
- الحق في الحكم الذاتي بين جمهورية الريف (1921) والجمهورية الص ...
- الشركات الملكية في المغرب تحصد الأرباح.. والمشاريع العمومية ...
- المغرب: كرة القدم أولاً أم الصحة والتعليم والشغل؟
- المغرب: حين يتخَتَّن الثراء في القصور ويُصلَب الفقر في الأزق ...
- «جيل زد 212… احتجاج أم وعي جديد؟ أم هو جيل الملك القادم ؟ قر ...
- المغرب: خطابات التنويم الملكية... حين يصبح الكلام بديلاً عن ...


المزيد.....




- سوريا تُعلن رسمياً إطلاق عملة جديدة في يناير 2026 لمعالجة ان ...
- الصوماليون يدلون بأصواتهم بمقديشو في أول انتخابات محلية منذ ...
- عون يؤكد أن -شبح الحرب تم إبعاده عن لبنان-: تفاؤل واقعي أم ...
- هل يشكّل تنظيم داعش تهديدا وجوديا للسلطات السورية الجديدة؟
- الرئيس التركي يعد قائد الجيش السوداني بـ-تعزيز- التعاون بين ...
- هل حظرت الجزائر كعكة عيد الميلاد؟
- خطة حصر السلاح تدخل اختبارها الأخير.. وبيروت تحبس أنفاسها
- مقرر أممي: تهديدات إسرائيل بالاستيطان في غزة انتهاك للقانون ...
- عاجل | الجيش الإسرائيلي: قتلنا شخصين اقتربا من الخط الأصفر ف ...
- -شبكات- تتناول خطة تسلح إسرائيلية ضخمة وتجريم الاستعمار الفر ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - بين الفيضانات والملاعب البراقة: المغرب يدفن شعبه في صمت