أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد هجرس - حرية العقيدة.. يا ناس!














المزيد.....

حرية العقيدة.. يا ناس!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1840 - 2007 / 2 / 28 - 12:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يجب أن نصارح أنفسنا بالحقيقة ، وان نعترف بان حرية العقيدة لدينا تعانى من مشاكل يجب مناقشتها بشفافية .
ولا يحل هذه المشاكل القول بان الدستور يكفل حرية العقيدة،فرغم وجود هذا النص الدستورى تتم مصادرة هذه الحرية بين الحين والآخر.
والأخطر انه غالبا ما يتم تبرير هذا الانتهاك الذى يصل إلى إلقاء شخص ما فى غياهب السجون أحياناً ، او مصادرة آرائه.
وفى ظل ذلك استشرت ظاهرة " التكفير"، وبعد ان كان التكفير يتم على أيدي جماعات توصف بانها " متطرفة "، انتقل الى قلب المؤسسة الدينية الرسمية ذاتها.
ولا فرق فى ذلك بين المؤسسة الدينية الرسمية الإسلامية ، ممثلة فى الأزهر، وبين المؤسسة الدينية الرسمية المسيحية ، ممثلة فى الكنيسة القبطية . حيث اصبح من السهل ، والمعتاد، أن يتهم فريق الفريق الآخر بالكفر أو الإلحاد أو الهرطقة أو الزندقة والخروج من الملة، او إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة .
وبطبيعة الحال فان الفريق المتهم فى عقيدته لا يتقبل هذا الاتهام بـ " روح رياضية " ، وانما يرد الصاع صاعين، وهكذا تستمر دائرة التكفير الجهنمية بلا نهاية .
حتى الدولة التى هى بطبيعتها " دنيوية " ولا علاقة لها بالأديان دخلت هى الأخرى على الخط وانتقلت إليها عدوى التكفير واستخدام الدين فى المعارك السياسية .
فنجدها – مثلا- تهرول للطعن فى حكم صادر من محكمة القضاء الإداري خاص بالطائفة البهائية، ولا يهدأ لها بال الا بعد ان يتم إلغاء هذا الحكم، وتشعر بالانتصار والنشوة بعد صدور الحكم الجديد الذى يجبر "البهائى" على ان يكتب فى خانة الديانة ببطاقته الشخصية انه " مسلم" .
والأعجب ان يجد هذا الموقف استحساناً من الغالبية فى المجتمع، بمن فى ذلك بعض أولئك الذين يرفعون شعارات الدفاع عن حرية العقيدة.
ونجد الدولة كذلك تسارع إلى إلقاء القبض على شاب فى العشرينيات من عمره، ومحاكمته ، لأنه انشأ لنفسه موقعا على الإنترنت ، عبر من خلاله عن آراء فى الدين والسياسة، اعتبرتها الحكومة ازدراء للأديان وإساءة إلى الرئيس.
ووصل الحال الى قيام سلطات التحقيق بالاستجابة إلى طلب أحد المحامين – الذى تخصص فى ملاحقة وتعقب المثقفين والمبدعين – لفتح ملفات الدكتورة نوال السعداوى ، البالغة من العمر خمسة وسبعين عاماً ، والتى أثرت المكتبة المصرية والعربية بالعديد من الكتب والدراسات المهمة ، فضلا عن الأعمال الأدبية الإبداعية .
ومن المخجل ان هذه الكاتبة والمفكرة- التى يمكن الاتفاق او الاختلاف مع أفكارها كلياً أو جزئياً والتى تمت ترجمة بعض كتاباتها الى تسع عشرة لغة - تتعرض فى هذه السن وفى هذا الوقت إلى ما يشبه محاكم التفتيش والمساءلة عن آرائها فى الحجاب وغيره.. وبعد ذلك نتحدث عن حرية العقيدة!!
والعجيب ان الدكتورة نوال السعداوى لا تتوقف عن التأكيد على أنها مسلمة، وان اجتهاداتها المتعلقة بالحجاب ، وغيره، تنطلق من فهم الجوهر المستنير للإسلام الحنيف . وترى بالعكس ان كثيراً من السلوكيات والتفسيرات المتزمتة والمتخلفة التى يجرى لصقها بالإسلام – زوراً وبهتاناً – لا علاقة لها بهذا الجوهر المستنير للدين الإسلامي.
والأعجب ان اجتهادات نوال السعداوى، وغيرها من أمثال نصر حامد أبو زيد، لم تكن تخلق مشكلة فى البلاد الإسلامية من قبل ، حيث كان المناخ الفكرى اكثر تسامحاً ، واكثر احترماً لحرية العقيدة وحرية التعبير ، لدرجة أننا رأينا مناظرات بين مفكر يؤلف كتابا بعنوان " لماذا أنا مؤمن " وبين مفكر آخر يؤلف كتابا بعنوان " لماذا ان ملحد"؟!
وليس هذا بالأمر المستغرب لان القرآن الكريم نفسه يقول " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " والإسلام ذاته يؤكد انه "لا إكراه فى الدين".
فمن اين جاء هؤلاء الذين يفرضون وصايتهم على خلق الله بهذه السلطة التى تخول لهم تكفير هذا ومنح صكوك الغفران لذاك؟
ومن ذا الذى يمتلك احتكار التفسير الوحيد الصحيح لاى عقيدة.
ومن الذى يقرر مدى ارتفاع أو انخفاض سقف حرية العقيدة وحرية التعبير؟!
من الذى يمتلك هذه السلطة "التقديرية" ومن منحها له؟!
هذه التساؤلات تحتاج إلى إجابة صريحة وأمينة، على خلفية حقيقة جوهرية ، هى ان حرية العقيدة وحرية التعبير تم تبنيهما لحماية الآراء المخالفة، بل التى تبدو مستهجنة أيضاً حتى لو كان معتنقوها اقل من عدد أصابع اليد الواحدة.
ولا ننسى بهذا الصدد أن العقائد والآراء المستقرة حالياً، والتى تحظى بقبول واسع لم تكن كذلك فى بداية الأمر، بل كانت مخالفة لواقع مجتمعاتهم فى ذلك الحين، وكانت موضع "ازدراء" الغالبية فضلاً عن كراهية وعداء "السلطات" الروحية والسياسية على حد سواء.
وهذا يحيلنا إلى مسألتين أظن أنهما مهمتان:
المسألة الأولى: هى التناقض فى الدستور الحالى الذى يدافع عن حرية العقيدة من ناحية، ويحيل التصرف فى وضع معايير ممارسة هذه الحرية إلى قوانين مناهضة لحرية العقيدة.
المسألة الثانية: هى ثقافة التكفير السائدة فى المجتمع، وليس فى أروقة السلطات الدينية فقط.
وهذه المسألة الأخيرة هى الأخطر، لأنه استمرارها يقلل من أهمية أى تشريعات مهما كان الطابع الديموقراطى لهذه التعديلات التشريعية (إذا حدثت).
لذلك .. أظن أن الدفاع عن حرية العقيدة، معركة شاقة وتحتاج إلى نفس طويل وإلى النضال على جبهات متعددة، ويبدأ بالاعتراف بأن هناك مشكلة بالفعل، وأن حرية العقيدة لدينا مازالت منقوصة، وأن الجماعة الثقافية يجب أن تتحلى بالنزاهة فى الاعتراف بالمشكلة واقتراح الحلول الجادة لها.
فهل نفعل؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماجدة شاهين.. الدبلوماسية الأكاديمية
- صدق أولا تصدق: نقد رئيس مصر مباح .. وعتاب أمير عربى ممنوع!
- »الوفاق« الوطني و»النفاق الحزبي«
- ما رأيك يا وزير التنمية الإدارية
- هل يتمتع كلاب الأمراء العرب ب -الحصانة- فى مصر؟
- تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية يفسر تراجع ترتيب مصر
- اقتصاد يغدق فقراً
- بدلاً من تضييع الوقت والجهد في الرد علي الفتاوي الهزلية: تعا ...
- كأن العمر .. ما كانا!
- حتى فى السودان
- التعليم..غارق فى بحر من الفساد
- الذكرى السنوية الأولى للكارثة
- ثقافة الإضراب
- التعذيب.. يا حفيظ 1-2
- جلال الغزالى
- ذيول جريمة بنى مزار
- التعذيب.. يا حفيظ 3
- راحت السكرة وجاءت الفكرة
- لبنان .. فى مفترق الطرق
- -الحمار- يهزم -البروفيسور- .. في جامعة المنصورة!


المزيد.....




- مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا.. مهامه وأبرز أعضائه
- الرئيس بزشكيان: نرغب في تعزيز العلاقات مع الدول الاسلامية ود ...
- ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني
- المتطرف الصهيوني بن غفير يقتحم المسجد الأقصى
- اكتشافات مثيرة في موقع دفن المسيح تعيد كتابة الفهم التاريخي ...
- سياسات الترحيل في الولايات المتحدة تهدد المجتمعات المسيحية
- مفتي البراميل والإعدامات.. قصة أحمد حسون من الإفتاء إلى السج ...
- إسرائيل تكثف غاراتها على غزة وتقصف المسجد الإندونيسي
- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة TOYOUR EL-J ...
- منظمة: 4 من كل 5 مهاجرين مهددين بالترحيل من أميركا مسيحيون


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد هجرس - حرية العقيدة.. يا ناس!