صدق أولا تصدق: نقد رئيس مصر مباح .. وعتاب أمير عربى ممنوع!

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1842 - 2007 / 3 / 2 - 12:19
المحور: الصحافة والاعلام
    

تحت عنوان "هل تتمتع كلاب الأمراء العرب بالحصانة فى مصر؟"، كتبت فى هذا المكان يوم الخميس الماضى، عن حكاية "حبيبة" و"كلب الأمير" العربى الذى هاجم الطفلة البريئة أثناء تواجدها مع أسرتها فى أحد فنادق 6 اكتوبر.
وفى نفس الوقت تقريباً كتب الزميل الأستاذ محمد فوده مقالاً جميلاً فى "المساء" عن الموضوع ذاته.
ورغم أن الحادث يكشف عن أمور سلبية كثيرة، فضلاً عن مأساة الطفلة المسكينة التى هاجمها كلب الأمير الخليجى، فإننى لم أكن أتوقع أن يحظى بهذا الاهتمام الشعبى الكبير، خاصة بعد أن قام برنامج "90 دقيقة" بقناة "المحور" الفضائية، الذى يقدمه معتز الدمرداش ومى الشربينى، باستضافة الشاعر أحمد فؤاد نجم والأستاذ محمد فوده وكاتب هذه السطور للحديث عن القضية.
وكان سبب استضافتى أنا والزميل محمد فوده هو أننا أثرنا الموضوع على صفحات "الجمهورية" و"المساء". أما استضافة أحمد فؤاد نجم فقد كان لها سببان: الأول أنه قام بالتعليق كتابة على مقال الزميل محمد فوده، والسبب الثانى أن له قصيدة قديمة بعنوان "كلب الست"، كتبها بعد هجوم كلب كوكب الشرق "الست" أم كلثوم على أحد المارة.
وتطرق الحوار التليفزيونى إلى جوانب كثيرة، أهمها قضية "المواطنة"، التى تعنى أن المواطنين سواسية فى الحقوق والواجبات امام القانون الذى يجب ألا يميز بين "أمير" و"خفير".
لكن الحوار ازداد سخونة بعد أن دخلت على الهواء ابنة الأمير صاحب الكلب، وكانت مداخلتها بالغة الإثارة، لأنها باختصار كادت تحمل "حبيبة" مسئولية ما حدث لها، وان تحمل أسرتها مسئولية ضياع حقوقها.
لماذا؟!
لأن الأسرة أثارت القضية فى وسائل الإعلام!
ليس هذا فقط، بل إن الفتاة، إبنة الأمير، ذهبت أبعد من ذلك لتوجه اتهاما صريحا لأسرة "حبيبة" بـ "الابتزاز".
وحتى عندما أعرب والد "حبيبة" عن استعداده لـ "صلح مشرف" ردت صاحبة الكلب قائلة بفتور مشوب بالعنجهية: "سننقل هذا الطلب إلى المحامين"!
هذا الموقف ينطوى على رسائل متعددة، من بينها ان بعض أشقائنا العرب يضعون أنفسهم فوق قانون مصر، البلد الذى يعيشون فيه، ويستنكفون أن تتحدث عنهم وسائل الإعلام المصرية مهما فعلوا.
والمفارقة أن هذا المنهج يجعلنا أمام وضع غريب، حيث يستطيع أى مواطن مصرى أن ينتقد كل كبار المسئولين المصريين، بما فيهم رئيس جمهورية مصر بجلال قدره، بينما يكون من قبيل المحرمات والمحظورات إنتقاد أمير عربى ليس لأمور يفعلها فى بلده وإنما لسلوكيات مرفوضة له فى بلدنا!!
الرسالة الثانية أنه يمكن تسوية أى خلافات تحت "الترابيزة" وداخل الغرف المغلقة. أما إثارة الخلاف على الملأ وعبر وسائل الإعلام فجزاؤه الحرمان من أى "مكرمة"، مع أن المسألة ليست تفضلاً وإنما هى "حقوق". فلو أن حادثاً مماثلاً وقع فى أوروبا أو غيرها من البلدان التى تميز بين الخيار والفقوس لكان هناك تعويض بالملايين ولا أحد يستطيع أن يسمى ذلك بالابتزاز.
الرسالة الثالثة هى أننا نحن الذين نفرط فى حقوقنا فى كثير من الأحيان، وبالتالى فأننا نستحق ما يحل بنا.
لكن الرسالة الأهم من كل ذلك هى أنه لا يجب النظر إلى الموضوع من زاوية "شوفينية"، أو "تعصب قطرى" لأن جنسية صاحب الكلب ليست هى القضية، فليس من المنطقى تعميم الاتهامات على شعب بأسره لمجرد ارتكاب أحد أفراده مخالفة ما.
والعلاقات بين الشعوب العربية أكبر من الأهواء الشخصية لأمير أو خفير.
كما أن هذه السلوكيات التى ننتقدها ليست لصيقة ببعض "الأفراد" غير المصريين فقط، وإنما نجد بعض "الأمراء المصريين" يمارسونها. وهؤلاء ننتقدهم بلا هوادة، ولا تعفيهم الجنسية المصرية من النقد بل لعلها تجعله أكثر حدة.
وبالتالى لا معنى لخلط الأوراق وإطلاق سحب دخان للتهرب من مسئولية الخطأ.
ولعل الأمير صاحب الكلب يدرك كيف أن الحادث وملابساته قد هز وجدان المصريين من اهتمامهم الكبير بالموضوع الذى وصل إلى درجة أن المهندسة هالة طلعت كتبت عنه قصيدة تقول فيها:
إيه يعنى وش حبيبه
إيه يعنى وش برئ
كلب الأمير إتسعر
أكله فى لحظة ضيق
إيه يعنى جاتكو مصيبة
أيه يعنى وش حبيبه
إيه يعنى قلب حبيبه
إيه يعنى جاتكو القرف
كلب الأمير ده شرف
كلب الأمير ده عظيم
وطعامه من مكسيم
يفطر سيمون فيميه
يتغدى فرخه بانيه
ويوم ما يأكل عيالكو
يبقى البعيد جاله قرف
إيه يعنى وش حبيبه
إيه يعنى وش البراءه
ما دام هيطلع براءه
إيه يعنى وش حبيبه
ايه يعنى قلب حبيبه
هذه الصرخة الممزوجة باللوعة والغضب لا تعبر عن صاحبتها المهندسة هالة طلعت فقط وإنما تعبر عن ملايين المصريين .. فلعلكم تتدبرون.

#سعد_هجرس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات