أنيس محمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 1841 - 2007 / 3 / 1 - 12:13
المحور:
الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2 : المصالحة والتعايش في مجتمعات الصراع العراق نموذجا
قد يظهر العنوان بريئا !!! وعاطفيا إلى درجة إن الإنسان يبتسم وهو يرى بوادر الأمل ظاهريا من المصالحة والتعايش ؟؟؟ وهُنا حفرنا وهُنا دفننا !!! وعفى الله عما سلف !!! وننسى الجراحات والقتل والتعذيب والسجون والإذلال والتشريد والمهانة وحياة الضنك ومنذ أكثر 1200 عام وهي لا زالت مستمرة حتى اليوم !!! ونأتي بعصى سحرية لنقول هياااا ... خلاص ندخل المصالحة ولنتعايش سلميا ؟؟؟ ونبدأ صفحة جديدة تقوم أساساتها على الدين الحق ... دين الأخلاق والقيم والمُثل والمبادئ وبقيمة حقيقية للإنسان وبحقوق طبيعية والعيش الكريم وتغليب العلم على الجهل !!! وتُطلق عنان العقل والفكر الإنساني والقيود المفروضة عليهما ... وتفعيل جميع مؤسسات المجتمع المدني !!! وبهذا نتحول من مجتمع موقعه في أسفل السافلين وفي الحضيض بين الاُمم إلى مجتمع يغزو بالعلم الفضاء الخارجي !!! وفي علوم الإنسانية !!! ونشر الخير والعدل بين الناس والحب والتسامح والعفو والمغفرة !!! ويكون الحاكم قائما على مبدأ الشورى بين الناس, وببيعة هذا الشعب للحاكم الشرعي وبقيمة حقيقية لهذا الإنسان العربي ؟؟؟ ويكفي معاناة وجهل وتخلُف وفقر ومرض وتسوُل ؟؟؟ وبدلا من عيشة القش والطين والصفيح ؟؟؟ وسيعترف الحاكم غير الشرعي بأكله لأموال الناس بالباطل وفجأة سيقيم العدل والإنصاف بين الناس !!! ولا صوت يعلو فوق صوت العدالة والقانون ولا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى؟؟؟ أنتهت المذهبية والطائفية والشيع والأحزاب والجماعات والتي تُقصي وتكفر الناس وتقتل بعضها بعضا !!! وأنتهى وخرج الإحتلال ومافيش مظالم وقهر ؟؟؟ وخلاص الناس كلها تصالحت وتسامحت وتعايشت مع بعضها سلميا ؟؟؟
ياسلام ... ما أجمل هذا الكلام الجميل والمُعسل !!! خلاص تصالحنا وتعايشنا وبنينا مجتمع مدني معاصر في العراق وفي السودان وفي فلسطين ولبنان !!! وفي الجزائر والمغرب !!! وفي اليمن وموريتانيا ؟؟؟ ونفتح صفحة جديدة !!! وأصبحنا بني آدميين بشريين وننسى إننا وحوش ضارية وكواسر ونقتل الإنسانية والبشرية بدم بارد !!! وأننا بهذه الشهادة وصكوك الغفران قد تخلصنا من أديان الملوك ( أديان المذاهب ) !!! وإننا بقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن خلال سفك دماء الأبرياء سندخل الجنة ؟؟؟ من خلال العدوان على الله وأوامره ونواهيه !!! ومن خلال العدوان على كتابه الكريم !!! وتأليه الرسول وآل بيت الرسول وجعلهم ينطقون بعد موتهم بمئات السنين !!! وإشراكهم وإقرانهم مع الله كآلهة أخرى تُشرع وتصدر الأحكام والفتاوى على غير ما أنزل الله به من سلطان ؟؟؟؟
هذا الكلام أعلاه هو كلام جميل يغلب عليه الحقيقة والواقع وإرتباطها بالوهم والتمني, ويختلط فيها الحابل بالنابل ؟؟؟ وهو لا يعدو كونه على الورق !! ولكنه في الواقع وعلى الأرض هو ليس موجودا ولن يكون !!! إلا بضرورة تحقيق شرط واحد لا يمكن الغنى عنه , وبدون هذا الشرط لن نستطيع أن نتحرك خطوة واحده إلى الأمام, وهو العودة بنية صادقة إلى الله جل جلاله ومن خلال ماأمرنا الله فيه ونهانا عنه!!! كتشريع ودستور إلهي ومنهاج حياة, لا يمكن بدونه .. أو بدون أن ننصر الله جل جلاله ونستعين ونتوكل عليه وحده لا شريك له... أن نحقق شيئا.
لقوله تعالى:
إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160 ) آل عمران
وقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7 ) محمد
وقوله تعالى:
أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) المُلك
وقوله تعالى:
وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125 )
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) طه
وقوله تعالى:
قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) الأنعام
أنظروا هو شرط واحد يتيم لا ثاني له !!! متى ماتحقق هذا الشرط ... تحققت للإنسان القيمة والمُثل والأخلاق والمبادئ والقيم والتعايش السلمي والمصالحة ويعم الأمن والأمان بين الناس وبين البشرية في الكرة الأرضية جمعاء.
أنظروا :
هو شرط واحد يتيم تقوم عليه كل ما تصبوا إليه النفس البشرية, فهل بالإمكان تحقيق هذا الشرط الواحد اليتيم ؟؟؟ شرط واحد فقط !!! فهل بالإمكان تحقيقه بعصى سحرية ؟؟؟ وهذا السؤال يعود إلى نفس السؤال في أعلى الصفحة ( ما الحلول والمخارج للمصالحة والتعايش بين دول الصراع العراق نموذجا ؟؟؟ ) وهو نفس السؤال إنما بطريقة أخرى !!!
وحتى لا اُتهم بأنني أغلقت كل المخارج, وبأن هذا الشرط الواحد لا يمكن تحقيقه !!! صحيح إنه شرط واحد, ولكنه صعب للغاية في الوقت الراهن !!! ولهذا مطلوب مننا أن نبحث وندرس ونراقب ونحلل بدقة ... للوصول لتحقيق هذا الشرط , وحتى تكون الصورة أقرب الى تحقيق الواقع.
دعونا نرجع إلى الوراء قليلا ونعود إلى التاريخ, ونستقرئ كيف كانت تعيش أوربا القديمة وكيف وصلت إلى ماهي عليه الآن ... ونستفيد من تجارب الشعوب والمجتمعات الإنسانية !!!
نأخذ مثلا آخر ... أمريكا ... وهي تمثل أكبر قوة ضاربة في الأرض اليوم تقريبا, والبعض الآخر من هم دائما مُعترضون ( وفاقد الشئ لا يعطيه, ممن مهمتهم فقط كيل الأحكام والإتهامات )!!! وممن يقولون بأن أمريكا وأوروبا هي دول علمانية نقيض مباشر وضد الدين ؟؟؟ وهذا الرأي وهذا الكلام هو كلام مُجرد ولا يمت للحقيقة بصلة , قد نقول بأن رسالاتهم السماويتين غير علمانيتين وهما قد نزلتا عليهما فقط, وهذا لا ينطبق مع القرآن الكريم كرسالة عالمية قائمة أساسا على العلم , فالقرآن الكريم هو الرسالة العلمانية الجامعة الشاملة الوحيدة بين باقي الرسالات السماوية جميعها, وديننا ( دين السماوات والأرض ) هو الوحيد والذي ينطبق عليه دين العلمانية والعلم والكرامات والمُثل والمبادئ والحقوق والشورى بين الناس والطمأنينة والتراحم والقيَم الإنسانية والعزة والرحمة والمغفرة.
وتعالوا نتكلم عن الشأن الداخلي الأمريكي وكيف هي الحقوق والواجبات, وكيف إن الإنسان عندهم محكوم بتشريعات وقوانين ودساتير تحفظ الكرامات وتقيم التكافل الإجتماعي والعدالات الإجنماعية بين الناس جميعهم, وبقوة القانون والذي يسري على كبيرهم قبل فقيرهم , وكيف هو الغنى والتكافل الإجتماعي وبقيمة حقيقية للإنسان عندهم,,
ويكفي أن نعلم إن الدولار الأمريكي كأقوى عملة وإقتصاد في العالم اليوم ... والذي يحوم حول الكرة الأرضية , ماذا مكتوب فيه ؟؟؟ مكتوب فيه هذه الجملة باللغة الإنجليزية : IN GOD WE TRUST وتعني ( بالله نثق ), هل هذه الدولة العظمى ضد الدين ؟؟؟ وقوانينها وتشريعاتها الدستورية الداخلية قائمة على نُصرة الله والحقوق والكرامات للإنسان الأمريكي ؟؟؟ أي دولة هذه توصف بأنها غير دينية وهي حريصة كل الحرص على تحقيق كل الشروط والأهداف والقيَم والكرامات والحقوق ؟؟ وضد الجهل والتخلف وقد وصلوا إلى علوم الله جل جلاله في السماوات والأرض وفي علم الإنسان وخلقه الإعجازي , وبشورى حقيقية وعدالات إجتماعية و تكافل إجتماعي وبقيمة حقيقية وحقوق مكفولة للإنسان عندهم وكل تلك السلوكات هي موجودة أصلا في الكتاب ومن وحي الرسالة السماوية ( القرآن الكريم )؟؟؟
وفي رأيي الشخصي بدون تحقيق الشرط الوحيد واليتيم أعلاه, فلسوف نظل نحوم في دائرة مُفرغة!!! وسنظل نعطي للناس جرعات مُخدرة ومُسكنة للألم ومداها قصير, ولكن لو أستخدمت كثيرا وعلى المدى الطويل فلسوف يكون تأثيرها عكسي وضار !!! مايؤدي إلى الشلل التام وفقدان لجهاز المناعة في جسم الإنسان ؟؟؟ أكثر مما هو مفقود أصلا ؟؟؟
#أنيس_محمد_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟