|
لست معك يا وفاء والى الأبد
سميرة الوردي
الحوار المتمدن-العدد: 1840 - 2007 / 2 / 28 - 12:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما إن بدأت قراءة مقالك حتى صدمني أسلوبك المتهاوي في أحضان أمريكا ، بالرغم من أني أحب كل شعوب الأرض بما فيهم إمريكا ويعجبني برنامج أوبرا والدكتور فيل، وإني أكن احتراما لكل الأنظمة الليبرالية والعلمانية إن كانت حقا تطبق القانون مع نفسها ومع غيرها، أقدس الإنسان وأحترم ما يعتنق أو لا يعتنق ، ما دام الأمر يقتصر على حدود حياته الشخصية، ولا يتعداها حتى الى أقرب الناس له ، وسيقف كل إنسان شريف مسلم ، مسيحي ، يهودي ، صابئي، أزدي ، بوذي، زرادشتي أو قبطي الخ.. من أديان قد نكون لم نسمع بها لأنها في الجانب الثاني من الكرة الأرضية أو مازالت غير معروفة في مجاهل أفريقيا أو في المنجمد الشمالي، وأي علماني أو ملحد، ضد الإرهاب بشكله القذر وبكل أشكاله الذي تعرضه لنا شاشات التلفاز البريئة منه وغير البريئة. إن ما يتعرض له الأقباط من أذى وتهميش هو ما تعانيه شعوب المنطقة جميعا بكل أديانها وعلمانييها، إنه نتاج السياسات الشمولية التي تنتهجها حكومات المنطقة، ومالدين الا الثوب الأكثر ملاءمة في استخدامه لتجنيد مرتزقتهم وأزلامهم ، وإذا ما خرجوا من جلبابها فستحاربهم أيضا، وهذه المسألة ليست وليدة اليوم بل هي قديمة قدم الحكومات المتعاقبه والمتصارعة على السلطة، وأكبرمثال اليوم ما يحصل في العراق من مذابح تخجل منهاالضمائر الحية، إذ أصبح الدين ستارا لكل الممارسات القذرة التي تمارس ضد أبرياء وأطفال تحاول قطع شرايين الحياة عنهم ، تحرمهم من أبسط حق ، تزرع مدارسهم بالمتفجرات أو تختطف العشرات ، وتلقي جثثهم أينما تشاء، هل الدين الإسلامي أفتى بقتل شيعي لسني أو سني لشيعي، هل كان وجود لهذه التسميات في زمن ( النبي ) ليست مهمتي أن أتحدث عن صواب الدين أو خطأه ، وإن رغبت بالإستماع فإنني أحب النقاش الهادئ المنطقي في الإقناع وليس اسلوب القدح والذم والشتيمة فهي لا تخدم البشرية مطلقا بل تُزيد من حمامات الدم التي تروعنا كل يوم . في كل يوم تصرخين وتنادين (وآمريكايَ )، إنها لن تلبي طلبك لأنك بحاجة اليه إنها تلبي حاجتها ، ففي أفغانستان وسأُعيد عليك ثانية ما قلته سابقأ ، أوعزت لعملائها أن يدفعوا لشراذمهم أموال البترول ويرحلوا ليخلقوا طالبان ، ضد ماكان سابقاً الإتحاد السوفياتي ، وعندما خلت الساحة من الدولة الحديدية التي كانت وحدها القادرة على الوقوف أمامها في الوصول للعالم ولأسواقه وبتروله ومياهه الباردة والدافئة ، نمت طالبان وترعرعت اللحى المحناة ولوسألت أى واحد منهم عن مستواه العلمي لما استطاع فهمك ، فوُلد ابن لادن والظواهري وأنجبت الأمة العربيه فحولها الميامين ولم تختتمهم بالزرقاوي والمصري وأبو دلامة وأبو خنجر، بل ستكون حكومات وليست شعوبا ولادة (وليست ولادّة بنت المستكفي الشاعرة الأندلسية العظيمة ) أعود وأقول ستكون ولادة لهذه الأجيال والأحفادالمملوءة بالحقد واللؤم والغل والجهل والتخلف والموت مادامت الديمقراطية الحقة في الوصول الى الحكم معدومة . هل يستطيع الجاهل أن يدرك جهله ! ؟ يدرك الجاهل جهله إذ ما عاش في مجتمع يسوده القانون وليست الفرمانات البابوية(نسبة الى الباب العالي السلاطين في الدولة العثمانية وليست الى البابا في الفاتيكان ) فيكون القانون فوق البابا والبابوية يشعر الجاهل بجهله، إذا ما أُلزم بالتعليم لمرحلة علمية متفق عليها وفق مناهج تربوية سليمة خالية من لغة العنف والغرور والحط من قيمة الآخركقول أحدهم أنا أبن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني ، يشعر الجاهل بجهله أذا ما عاش فوق حزام الفقر وليس تحته كي لا يحمل حزاما ناسفا من أجل حفنة دولارات سرعان ماتضيع ويضيع هو معها ليترك أما وأختا تندب حظها العاثر وقد تتوارى خجلا وخوفا من مجتمعها . أعود وأقول يدرك الجاهل جهله لو ُوظفت طاقته وفق برامج تنموية مخطط لها، يدرك الجاهل جهله إذا ماعاش مكرما مدركا لقيمة حياته وحياة غيره فلا يبتذلهما تحت شعارات مريضة حشو دماغه بها منذ نعومة أظفاره ونأتي اليوم بمقالة لا يقرأها هو وإن قرأ فسيقرأ ما يكتبه له قرظاويه وشيوخه وأأمته الأطهار الا من دنس الجنس والرذيلة وإباحة كل المحرمات إن لم تكن في الدنيا ففي جنته الموعودة، ومن تصلك رسائل منهم لا يميزون بين عالم وجاهل ولا صغير ولا كبير لأنهم جهلة ومجرمين وقتلة مدفوعي الأجر مقدماً ، وأنت لست وحدك المستهدفة فالمستهدفون كُثر وأبسط الأمثلة قتل عشرات الطلاب الأذكياء في الجامعة المستنصرية وغيرها فالموت يتربص الصبيان والصبايا في عمر الورود كي تغتالهم عيونٌ يفقؤها الحرف وعقل تدمره الحضارة . إن المجرميين والقتلة من كل القاعديين العاطلين عن العلم والدين والأخلاق والعمل والصداميين أصحاب المجازر البشرية سراق أموال الشعب ليغذوا بها الإرهاب ، فيزيدوا متفجراته في الناس الأبرياء، وليس البعثيين الذين انتموا اعتقادا منهم بالبناء كما أوهموهم أم انتموا إكراها في زمن طاغيتهم، ولم تُلطخ أياديهم بالدماء ، وكل المجرميين الذين أطلقهم الطاغية عندما أحس بحبل الأمريكان قريبا من وريده كما فعل شاوسسكو في رومانيا ، أطلق شهوة الدم والعبث في هؤلاء المجرميين، وكما فعلوا بالمرحوم نجيب محفوظ وغيره من الأبرياء التي طالتهم سكاكين الغدر والجريمة، سيفعلون وسيواصلون مادامت حكوماتنا مستمدة حقا إلاهيا اخترعته وفصلته على مقاساتها، كما كانت الملكية في أوربا في عصورها المظلمة وما دام هناك عدم وعي وتمييز بين مانحن فيه وما يجب أن نكون عليه ـ فنحن نستورد كل شيئ وحتى عندما تنمو صناعة فهي عبارة عن تجميع منتجات دول أخرى وتُطرح في الأسواق تحت المسميات الوطنية والقومية ـ يستخدمون كل التكنولوجيا الغربية ويوظفوها لتمرير إرهابهم وقد ساعدهم الطفرات العلمية التقنية في نشر وخلق وإيقاظ خلاياهم الناعسة والغافية ، فليس غريبا أن تُهدد كل امرأة ورجل وطفل لا يخضع لهم ويحاورهم، فهم لا يعرفون سوى لغة واحدة هي لغة الموت والدماء ، ت هددوا شابة صغيرة لم تتجاوز السابعة عشر عاما بالقتل لأنها تحدثت ضد صدام وأبلغوها أنهم سينالون منها حتى لو كانت في أقصى الأرض ،متناسين ما فعلوه بأبيها وأخيها، هؤلاء هم من يحلم أن ُيقيم دولة من الخليج الى المحيط على الجماجم والدماء ، هل هم مسلمون حقاً إنهم في مفهوم كل الدساتير والقيم والأديان لا يخرجون عن كونهم جزاريين بشريين لا رحمة تدخل قلوبهم ولاحلم يمس عقولهم ولا حب يلامس أفئدتهم، فأين هم من الناس بكل أديانهم . لم أقرأ لك أي إنتقاد لما يجري في دولنا العربية من كم أفواه الكتاب والصحفيين والأدباء وتحريم الحياة عليهم وقتلهم وزجهم في السجون، إنك تمجدين أمريكا وتنتخيها بما لا تستحق وستبقين تؤيديها لأنك تتحدثين من برج عاجي قلما يصل اليه أي مغترب سواء في أمريكا أو إستراليا أو السويد وتطول القائمة، متناسيةعشرات العلماء والأُدباء والفنانين الذين أُحبطوا ومازالوا محبطين من سكنة الملاجئ والبدرومات ، وعلى الرغم من مشاهدتك لآلاف صور انتهاكاتها للأبرياء قديما وحديثا . أعيد وأقول لك لا تكوني أمريكية أكثر من الأمريكان فهم لا يحتاجون الى من يشجعهم، وهم يعرفون الإرهاب والإرهابيين ، فثلاثة الآف إنسان التي هزت وجدان الإنسانية، وأيقظت حربين دمويتين في مطلع قرن كنا نأمل فيه أن يسود السلام بمساندة كل دول العالم وعلى رأسها أمريكا وأن تقدم العون الخلاق لشعوبها كي تغير نهج حكوماتها وإذا بها تقود حروبا لا أول لها ولا نعرف خاتمتها فأصبح العراق بفضل حربها يقدم أكثر منها بكثيرمن الضحايا في كل شهر، وليس هناك من يحتج من الحكام العرب والجامعة العربية، وهيئة الأمم المتحدة ، وأبسط مثل على هذا المحكمة الدولية قبل يوم، لم تدن صربيا على جرائم الإبادة الجماعية التي انتهكتها ضد المسلمين هناك ، هل الجيش الصربي مسلم ويطبق القرآن أم هذه المحكمة التي تعول عليها الشعوب المنتهكة دماءها، مسلمة ، وحتى الدول محط إعجابك، اين موقفها المساند للشعوب، وكأن الدم العراقي سائل من الضروري التخلص منه، وفي الختام نحن بحاجة الى من يداوي الجراح ويشفيها لا بتدميرها، واشعال الفتن فيها بل بجمع الصدع وبرئ الجروح . ولنتضامن ضد الإرهاب والإرهابيين بخلق شعوب محبة تسعى الى دول ديمقراطية وحكومات منتخبة لمدد محدودة لا لمدى الحياة كما يفعل بعض حكامنا العرب في تزيفهم للديمقراطية ، فلا نرمي جهل الجهال وظلامية المجرميين عبر التاريخ على ( قرآن) ظهر قبل مايزيد على ألف وكذا سنة، وعمل فيه الفقهاء وصناع الكلام والمفسريين من كل الملل والنحل وتصارعوا عليه وهنا لا يسعني سوى تذكر مسرحية برشت وهي في الأساس مأخوذة من المأثور العربي أن هناك أمرأتين اختصمتا حول طفل كل تدعيه لنفسها ، وعندما حضرتا أمام القاضي وحكم بينهما طلب منهما أن يُعمل بالطفل كلعبة جرالحبل فكل واحدة منهما تسحبه بقوة ومن تحصل عليه أولا يكن لها ، صرخت الأم الحقيقية وتركت يد الطفل خوفاعليه فحكم لها القاضي بالطفل لانها صادقة في دعواها، هذه النتيجة في الموروث العربي ، أما برشت فقد عكس الآية أو البينة وجعل مربية الطفل تصرخ وليست أمه ومنحها الحق في احتضانها الطفل لأنها أحرص على حياته وصحته من امه الحقيقية . فكوني المربية .
#سميرة_الوردي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة والحجاب و آذار
-
ماهذا الضجيج - بين راني خوري ووفاء سلطان وآخرين
-
أفكار أود قولها
-
وفاء سلطان والذباب
-
الى متى نبكي شهداءنا !!!؟
-
الى مريم نجمة مع التحية
-
العراق وأميركا
-
حذار من الاستمرارب 8 شباط.
-
الى وفاء سلطان ثانية
-
قصة النسبة المئوية واللحظة المقروءة
-
قولٌ لا بد منه - تعقيب على الدكتورة وفاء سلطان
-
صرخة لا بد منها
-
الخليلان
-
وحدها النجوم ترى
-
لاحياة لمن تنادي
-
تداعيات عام مضى وآخر قادم
-
اللهب
-
وأزهر الشجر
-
من أشعل النار فيها
-
الندم الثاني
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|