محمود عباس
الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 23:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تسريباتٌ من أروقة البيت الأبيض تفيد بأن ما أُملي على أحمد الشرع ووزيره الشيباني، يوم دُعيا من الباب الخلفي، لم يكن بروتوكولًا دبلوماسيًا عابرًا، بل صفقةً مكتملة الأركان، تضمّنت موافقةً ضمنية على بيع جزء من الجولان. وكما تخلّى الشرع عن لقب “أبو محمد الجولاني”، تخلّى عن الجغرافيا أيضًا؛ لا بالصمت عمّا باعه بشار الأسد المجرم ووالده المقبور فحسب، بل بالانخراط في مسارٍ مكمّل، يمتدّ إلى مشروع محاربة حزب الله اللبناني، لا بدافع الثأر أو الخصومة العقائدية، بل ربما في سياق خدمة إسرائيل، وبالتوازي مع ما يُسوَّق له بوصفه دعمًا لاستقرار الحكومة اللبنانية.
لم تكن “قناني العطر” المنسوبة إلى دونالد ترامب سوى استعارة ساذجة؛ فالثمن كان أعلى بكثير، إلغاء قانون قيصر، وإدماج النظام الجديد ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وإخراجه من لوائح التصنيف، ومنحه شرعية المواجهة بدل صفة الاتهام. وبهذا، ضُمِن له أمانٌ سياسي وتمديدٌ غير معلن لعمر السلطة، أطول مما كان مرسومًا في الكواليس.
في المقابل، فُتح الباب لصدام داخلي مع القوى المتطرفة التي كانت جزءًا من الحاضنة السابقة، وبدأت تعلن اعتراضها على مسار الشرع بعد ابتعاده عن نهج “الجولاني”. وحادثة قتل الجنود الأمريكيين في منطقة تدمر من قبل أحد عناصر قوى الأمن الوطنية، مثل الجانب المعارض للجولاني. نحن، عمليًا، أمام بداية تصدّع داخل المكوّن السنّي نفسه، بين تطرفٍ يتآكل وليبراليةٍ تتقدّم بحذر، وربما بين مرجعيات دينية متباينة، انقسامات لم تعد خافية، بل باتت تتعرّى على منابر دمشق وحلب.
ومن هنا، يصبح ضروريًا مطالبة المطبّلين الجدد بالكفّ عن تسويق وطنياتٍ زائفة، وعن شيطنة قوات قسد والإدارة الذاتية باتهامات الاستقواء أو “التعامل مع إسرائيل”. فهذه الاتهامات ليست سوى ستارٍ أخلاقي رخيص يُخفي تنازلاتٍ أعمق وأخطر تُرتكب في العتمة.
ولتكن الكلمات واضحة بلا مواربة، لا أرى في أي تحالف مع إسرائيل إشكاليةً مبدئية، ولا أتعامل مع هذا الطرح بوصفه استثناءً أخلاقيًا، مثلما تتعامل معها معظم الدول العربية والإسلامية اليوم، وفي كل المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، من دون هذا القدر من النفاق الخطابي. فبميزان الواقع لا الشعارات، تُعدّ إسرائيل دولة أكثر ديمقراطية، وأرقى مؤسسيًا، وأنقى في بنيتها السياسية من تركيا وإيران، بل ومن معظم دول الشرق الأوسط التي لم تُنتج سوى الاستبداد، والتكفير، واحتقار الإنسان.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
21/12/2025م
#محمود_عباس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟