أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد الحباسي - السجون التونسية بين المعايير والقواعد النموجذية الدولية والواقع: مؤسسات للايواء والاصلاح ام فضاءات لإعادة إنتاج الجريمة؟















المزيد.....

السجون التونسية بين المعايير والقواعد النموجذية الدولية والواقع: مؤسسات للايواء والاصلاح ام فضاءات لإعادة إنتاج الجريمة؟


محمد الحباسي

الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 12:54
المحور: حقوق الانسان
    


السجون التونسية بين المعايير والقواعد النموجذية الدولية والواقع: مؤسسات للايواء والاصلاح ام فضاءات لإعادة إنتاج الجريمة؟
مقدمة: السجون وفلسفة العقوبات
يُعدّ نظام السجون أحد أهم مؤشرات مدى احترام دولة ما لحقوق الإنسان، ليس فقط بالنظر إلى طبيعة الفضاء السجني، بل لأن معاملة السجين تمثّل اختبارًا حقيقيًا لمدى إيمان المجتمع بقيم الكرامة الإنسانية والعدالة. فالسجن — في فلسفته الحديثة — لم يعد عقوبة انتقامية أو أداة إذلال، بل تحوّل إلى تدبير اجتماعي وقانوني هدفه الأساسي الإصلاح وإعادة الإدماج. إن الهدف من العقوبة السجنية، وفق المعايير الدولية، يتمثل في تأهيل الفرد ليعود إلى المجتمع شخصًا قادرًا على احترام القانون والمساهمة في الحياة العامة، وهو ما يجعل احترام حقوقه داخل السجن جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات الأمن والعدالة، وجزءا اصيلا من احترام حقوق الانسان في كونيتها وشموليتها وترابطها وهي خصاىص تتأسس على فكرة جوهرية مفادها ان كرامة الانسان هي محور التنظيم السياسي واولويتة التي يجب ضمانها واحترامها في كل الظروف ومهما كانت التحديات.
وقد شهدت المنظومة الدولية لحقوق الإنسان تطورًا نوعيًا في هذا المجال، تُوّج باعتماد الأمم المتحدة سنة 2015 لقواعد نيلسون مانديلا، وهي النسخة المحدَّثة من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي وُضعت للمرة الأولى سنة 1955. وتمثل هذه القواعد اليوم الإطار المرجعي الأكثر شمولًا في تنظيم الحياة السجنية، وتقوم على فلسفة مركزية مفادها أنّ السجين يظلّ إنسانًا كاملاً في حقوقه، وأنّ فقدانه للحرية لا يعني فقدانه للكرامة ولا انتقاصًا من شخصه.
وتستند قواعد مانديلا إلى جملة من المبادئ الأساسية، أبرزها:
1. احترام الكرامة الإنسانية للسجين وعدم تعريضه لأي شكل من أشكال التعذيب أو المعاملة القاسية أو المهينة
2. ضمان الحق في الرعاية الصحية بمعايير مماثلة لتلك المتاحة في المجتمع خارج السجن.
3. الفصل بين الفئات لضمان الحماية وملاءمة البرامج الإصلاحية، مع عزل الموقوفين احتياطيًا عن المحكومين.
4. توفير ظروف عيش لائقة تشمل النظافة، التغذية، الإيواء، التهوئة، ومساحة كافية للحركة.
5. الحق في التواصل مع العالم الخارجي بما في ذلك الزيارات العائلية والاتصال بالمحامين والمنظمات الحقوقية.
6. منع العزلة الانفرادية المطوّلة لخطورتها النفسية، واقتصارها على حالات استثنائية وبضوابط صارمة.
7. اعتبار موظفي السجون طرفًا أساسيًا في الإصلاح من خلال التكوين والتأهيل المهني والأخلاقي.
8. تعزيز برامج التأهيل والتعلم والعمل لتمكين السجين من إعادة الاندماج بعد الإفراج.
تقوم هذه الفلسفة على قناعة راسخة مفادها أن تحسين أوضاع السجناء ليس امتيازًا ممنوحًا، بل حق أصيل، وأن المجتمعات التي تفشل في ضمان كرامة السجين إنما تُعيد إنتاج أسباب الجريمة والتهميش.
وأظهرت المداخلتان أن الاهتمام الدولي بالسجون وحقوق السجناء واسع، من خلال نصوص عدة مثل قواعد نيلسون مانديلا التي تحدد الحد الأدنى لمعاملة السجناء، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يجعل إعادة التأهيل غاية العقوبة، إضافة إلى الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.
إلى جانب ذلك، يحدد القانون التونسي – وعلى رأسه القانون عدد 52 لسنة 2001 المنظم للسجون، ومجلة الإجراءات الجزائية، والقوانين المتعلقة بالعقوبات البديلة – إطارًا قانونيًا يُفترض أن يحمي السجناء ويضمن حقوقهم. لكن الواقع على الأرض يكشف فجوة واسعة بين النصوص القانونية والظروف الفعلية، حيث تُدار السجون كفضاءات مكتظة وفقيرة في الخدمات، فتتحوّل العقوبة إلى وسيلة لإعادة إنتاج الجريمة وتعميق التفاوت الاجتماعي.
الفصل الأول: أرقام صادم… تونس سجناً كبيراً قبل أن تكون دولة قانون
تكشف الإحصائيات الرسمية والتقارير الميدانية أن السجون التونسية تتحوّل إلى فضاءات مكتظة تفوق طاقتها الاستيعابية بمعدلات صادمة.
تعدّ تونس 30 مؤسّسة سجنية موزّعة على اثنين وعشرين ولاية، منها 9 سجون تضمّ وحدات منفصلة مخصصة للنساء وسجن وحيد مخصص بالكامل للنساء (سجن منوبة)، بالإضافة إلى 7 مراكز إصلاح للأطفال الجانحين الذين واللواتي تتراوح أعمارهم بين 13 و 18 سنة. وتدير الهيئة العامة للسجون والإصلاح هذه الوحدات، وهي راجعة بالنظر إلى وزارة العدل.
في عام 2025، بلغ عدد المساجين أكثر من 32 ألف سجين، بزيادة تقارب 10 آلاف مقارنة بالفترة 2018–2021، بينما الطاقة الاستيعابية الرسمية لا تتجاوز 18 ألف مكان. هذا يعني وجود أكثر من 14 ألف سجين فوق الطاقة الاستيعابية، ما يعكس أزمة حقيقية تهدد كرامة السجناء وحياتهم اليومية.
الأرقام المتعلقة بالاكتظاظ أكثر صدمة: في سجن المرناقية، يقيم 6308 سجينًا في حين أن الطاقة الاستيعابية لا تتجاوز 5021، أي بنسبة اكتظاظ بلغت 25,6%. وفي سجن سوسة، تصل نسبة الاكتظاظ بسحن المسعدين أيضًا إلى115,6ود % وفي سجن جندوبة أبلغ نسبة الاكتداظ 44䀲 وفي القيروان تصل إلى 138䀰 وهي في حدود 150 بالمائة في سجن القصرين.
أما الغرف، التي تتراوح مساحاتها بين 100 و200 متر مربع، فتضم ما بين 20 و50 سجينًا، فيما تصل نسب الاكتظاظ في بعض الزنازين إلى 300%.
ويبلغ معدل الاعتقال الوطني 267 سجينًا لكل 100 ألف ساكن، وهو من أعلى المعدلات في المنطقة (مقارنة: مصر 116، الجزائر 217، الأردن 185).
ويمثل الشباب نسبة هامة من النزلاؤء، إذ تتراوح أعمار 41% من المساجين بين 18 و29 سنة، بينما النساء يشكلن 3.13% فقط من مجموع السجناء. هذا يعني أن عشرات الآلاف من الشباب يُزج بهم في فضاءات لا تُصلح، بل تكرّس العنف والبؤس، وهو ما يشكل خطراً على المجتمع بأكمله.
الواقع اليوم يخرق بشكل صارخ قواعد مانديلا التي تشترط حدًا أدنى لمساحة كل سجين (4 م²)، وتهوئة جيدة، وضوء كاف، ونظافة مستمرة. في مقابل ذلك، نجد زنازين مظلمة مكتظة، أسرة على ثلاثة طوابق، وظروف معيشية لا تراعي الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.
الفصل الثاني: نقص فادح في التأطير يفاقم خطورة الوضع
تشير الملاحظات الميدانية إلى نقص حاد في عدد أعوان السجون مقارنة بعدد السجناء، ما يفاقم أزمة الاكتظاظ ويزيد من صعوبة إدارة المؤسسات السجنية. ففي ظل وجود أكثر من 32 ألف سجين في 2025، بينما لا تتجاوز الطاقة البشرية المؤهلة لمراقبتهم حدودًا ضيقة، تتقلص القدرة على ضمان الأمن الداخلي والتأهيل الفعّال.
عدد الأعوان المؤهلين لكل 100 سجين منخفض جدًا، وهو ما يجعلهم يعملون تحت الضغط المستمر ويجعل النزلاء معرضين للتوتر والعنف الداخلي، ويحد من قدرة الإدارة على الفصل بين الفئات وفق السن، خطورة الجريمة، أو الوضع القانوني (محكومون/موقوفون).
نقص الأعوان يؤثر أيضًا على تقديم الخدمات الأساسية: متابعة الصحة، توزيع الغذاء، إشراف على البرامج التأهيلية والتكوين المهني، وتنظيم الزيارات العائلية. وهذا الضعف البشري يضاعف من انتهاك حقوق النزلاء ويزيد من احتمالات العود إلى الجريمة بعد الإفراج، ويجعل بيئة السجن بيئة عدائية وغير مؤهلة للإصلاح الاجتماعي.
في حين توجب القاعدة النموذجية أن لا يتجاوز عدد السجناء 16 سجينا بالنسبة لكل عون، فإن بعض التقارير الميدانية تشير إلى أن كل عون يتولى الإشراف على أكثر من 50 إلى 60 نزيلاً في الغرف المكتظة، مما يفوق قدراته الإدارية والأمنية ويخلق فجوة خطيرة بين النصوص القانونية والمعايير الدولية وبين الواقع اليومي للسجون.
مثال عملي يبرز ضعف الموارد البشرية:
سجن الكاف المدني: العدد الجملي للأعوان: 181، من بينهم في اتصال مباشر مع السجناء: 7 فقط. العدد الجملي للسجناء: حوالي 76 سجينا لكل عون واحد، وهو رقم مرتفع وخطير.
سجن صفاقس المدني: عدد الأعوان الذين لهم اتصال مباشر بالسجناء: 36، العدد الجملي للسجناء: 1776 اي بمعدل 49 سجينًا لكل عون. في بعض التقديرات يصل المعدل إلى 100 سجين لكل عون، حسب الفترة والضغط
الفصل الثالث: غذاء ضعيف، صحة هشة… وخدمات أساسية منهارة
التغذية: من الحق القانوني إلى وجبات باردة
ينص القانون التونسي على حق السجين في غذاء متوازن، إلا أن الوقائع تكشف مأساة يومية. تقدم السجون وجبتين يوميًا فقط، وغالبًا ما تصل هذه الوجبات باردة بسبب اعتماد مراكز طهي خارجية. هذا يدفع 35 إلى 40% من العائلات إلى تزويد أبنائها بالطعام لتعويض الرداءة، في ظاهرة تُعرف باسم "الفقلة"، حيث يُسجّل نقص أو غياب مكونات الوجبة مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا.
صرخة سجينة خلال زيارة رقابية تلخص المأساة:
>"نحب نهبط لكرشي حاجة سخونة" ففي الشتاء كما في كل الفصول تقدم الوجبات الهزيلة والمحدودة باردة ودون تسخين.
الصحة: هشاشة تهدد الحياة
الوضع الصحي في السجون هش للغاية، إذ تنتشر الأمراض الجلدية والتنفسية بسبب الاكتظاظ، كما يوجد نقص حاد في الأدوية وندرة في زيارات الأطباء. غياب إجراءات العزل المناسبة يفاقم انتشار الأمراض. ورغم أن القانون يُلزم بإعلام العائلات في حال المرض الخطير أو الوفاة، إلا أن هذا الحق كثيرًا ما يُهمل.
الفصل الرابع: التشغيل والتكوين وإعادة الإدماج… آليات شبه غائبة داخل السجون
العمل المتاح للسجناء محدود بين المطبخ والحلاقة والفلاحة والحرف اليدوية، ونسب التشغيل منخفضة جدًّا: 18% في سجن الكاف، 26% في برج الرومي، و0.66% في صفاقس. أما الأجور فهي زهيدة جدًا، تتراوح بين 800 مليم و1.2 دينار يوميًا في المطبخ والحلاقة، وحوالي 6 دنانير شهريًا في الأعمال الفلاحية، مع حالات استثنائية تصل فيها الأجور إلى 20 دينارًا يوميًا في ورش النجارة.
يتم احتساب الأجور يدويًا، مما يفتح المجال للأخطاء والاختلاس. أما التكوين المهني، فرغم تنوعه بين النجارة، والخياطة، والفلاحة، والإعلامية، فإنه شبه غائب، ويستفيد منه أقل من 1% من السجناء بسبب نقص التمويل والموارد.
تُظهر المعطيات أن السجون التونسية بعيدة بشكل واضح عن تحقيق معيار تعزيز التأهيل والتعلّم والعمل كركائز أساسية لإعادة إدماج السجين بعد الإفراج. نسبة السجناء المنتفعين ببرامج العمل أو التكوين لا تتجاوز 1% من مجموع السجناء، في ظل غياب أي اعتمادات مالية مخصّصة للتأهيل ونقص حاد في المعدات، مما يجعل العمل التكويني ذا طابع رمزي.
ارتفاع نسبة العود، المقدّرة بـ 60% تقريبًا، دليل مباشر على محدودية البرامج الإصلاحية الحالية وعجزها عن تمكين السجون من أداء دورها التأهيلي. الضغط الهيكلي، خاصة الاكتظاظ ونقص الأعوان، يجعل تنفيذ برامج جدية ومستدامة للتكوين والتأهيل أمرًا شبه مستحيل.
الفصل الخامس: العزلة الاجتماعية… قوانين غير مفعّلة وزيارات مقيدة
على الرغم من أهمية الزيارات العائلية في إعادة إدماج السجناء، إلا أن تونس تفتقر إلى إطار قانوني واضح ينظم الزيارات الخاصة. الاكتظاظ يمنع تخصيص فضاءات مناسبة، والنظام المعلوماتي ضعيف ولا يسمح ببرمجة زيارات منظمة، مما يؤدي إلى فقدان السجناء روابطهم الأسرية، أحد أهم عوامل إعادة الاندماج.
الزيارات الخاصة لتحقيق الحقوق الجنسية: مقاربة مقارنة بين بعض الدول وتونس
الزيارات الخاصة أو الزيارات الزوجية (Conjugal Visits) هي نظام يسمح للسجين بالالتقاء بزوجته أو شريكه في فضاء خاص داخل السجن لمدة تتراوح عادة بين ساعتين إلى 72 ساعة، بهدف الحفاظ على الروابط الأسرية وحماية الحياة الزوجية وضمان حدّ أدنى من الحقوق الجنسية والخصوصية ودعم إعادة الإدماج وحماية الصحة النفسية.
كندا: تمنح السجين 2–3 أيام زيارة زوجية كل شهرين تقريبًا.
الولايات المتحدة: موجود في عدد من الولايات مثل كاليفورنيا، نيويورك، واشنطن، بشرط الزواج القانوني وحسن السلوك وعدم وجود خطر أمني.
فرنسا: بدأت تجربة "الغرف الحميمة"، تسمح للسجين بالالتقاء زوجته/أسرته لمدة 6–72 ساعة.
إسبانيا: الزيارات الخاصة تمتد 1–3 ساعات داخل غرف مخصّصة، مع شروط السلوك الجيد والفحص الطبي.
أمريكا اللاتينية: يُنظر إليها كحق أساسي لحماية الروابط العاطفية والنفسية.
الوضع في تونس: لا يوجد إطار قانوني ينص على الزيارات الخاصة، وتتم الزيارات دائمًا في فضاءات مراقبة، ولا تشمل أي شكل من الخصوصية، بسبب الاكتظاظ وضعف البنية التحتية ونقص الأعوان، إضافة إلى غياب الإرادة المؤسساتية لاعتماد هذا النظام.
الفصل السادس: نسب العود… الدليل الأقوى على فشل المؤسسة السجنية
تشير الإحصائيات إلى فشل منظومة السجون في تحقيق هدفها الإصلاحي، إذ بلغت نسب العود إلى الجريمة: 45% سنة 2013، و36.4% سنة 2021، و40% سنة 2024، أي أن أربعة من كل عشرة سجناء يعودون إلى السجن. هذا يثبت أن السجون الحالية لا تعالج الجريمة، بل تساهم في إنتاجها.
الفصل السابع: أسباب الأزمة… بين القضائي، الإداري، والاجتماعي
أسباب الأزمة متعددة ومتداخلة، أبرزها:
1. ارتفاع أوامر الإيقاف وتزايد الإيقاف التحفظي.
2. بطء الإجراءات القضائية.
3. غياب تصنيف السجناء حسب خطورتهم.
4. ضعف تطبيق العقوبات البديلة رغم توفر آلياتها القانونية.
تضاف إلى ذلك النقص في الموارد، والاكتظاظ المستمر، والافتقار إلى برامج التأهيل والتكوين الفعّالة، مما يجعل السجون بيئة غير مناسبة لإعادة إدماج السجناء
الفصل الثامن: التراجع عن مكسب زيارة السجون ومنع الرقابة الحقوقية
شهدت الأيام الأخيرة تراجعًا واضحًا في مكسب زيارة السجون، إذ منعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من زيارة عدد من المؤسسات السجنية، على غرار سجن الناظور وسجن قفصة والمهدية. هذا المنع جاء بالرغم من وجود مذكرات تفاهم مبرمة مع وزارتي العدل والداخلية، والتي كان من المفترض أن تتيح للمنظمات الحقوقية إمكانية زيارة السجون ومراقبة الظروف الايوائية للنزلاء دون قيود.
ويؤكد هذا التطور على رغبة واضحة في تحويل السجون إلى فضاءات مغلقة، غير خاضعة لأي رقابة مستقلة، بما يهدد الشفافية ويعطل تطبيق المعايير الدولية وقواعد نيلسون مانديلا، ويترتب على ذلك عدة مخاطر:
1. غياب الرقابة المستقلة → زيادة احتمالات الانتهاكات والتعذيب وسوء المعاملة.
2. انعدام الشفافية → صعوبة تقييم البرامج الإصلاحية ومدى فاعليتها في إعادة الإدماج.
3. تأثير سلبي على حقوق السجين → حرمان النزلاء من ضمانات قانونية أساسية تضمن سلامتهم الجسدية والنفسية.
الخاتمة والتوصيات
تؤكد كل البيانات أن السجون التونسية اليوم تتميز ببيئة مكتظة تصل إلى 150% بالسجون و300 بالماىة بالغرف، وظروف تغذية وصحة منهارة، وغياب شبه كامل للتكوين المهني، وعزلة اجتماعية حادة، ونسب عود مرتفعة إلى الجريمة. هذا الواقع يجعل السجون مؤسسات لا تصلح، بل تعيد إنتاج الجريمة والتفاوت الاجتماعي.
وبناءً عليه، أصبحت إصلاح السجون ضرورة حقوقية وأمنية واجتماعية، ويجب أن يشمل الإصلاح الجوانب التالية وفق توصيات الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان:
1. الحد من الاكتظاظ:
مراجعة السياسة الحزائية في اتجاه تطوير النصوص القانوية المتعلقة بالتجريم والعقوبات بما يتماشى والخيارات الجزاىية الحديثة
مراجعة التشريعات الاجراىية لضمان محاكمات عادلة وسريعة، وتقليص مدة الإيقاف التحفظي.
تفعيل العقوبات البديلة للسجن، خاصة لمن ليست لديهم سوابق.
التدرج في تطبيق عقوبة السجن لمخالفات المخدرات، مع مراعاة الطلاب والعاملين بدون سوابق.
2. البنية التحتية للسجون:
إنشاء مبانٍ جديدة مصممة خصيصًا كمراكز إصلاح وتأهيل، مع مراعاة الفصل بين النزلاء حسب الجنس، السن، وخطورة الجريمة.
3. الرعاية الصحية:
توفير عيادات وأطباء مقيمين ومتخصصين في كل مركز.
الاهتمام بالنزلاء المرضى وكبار السن، وضمان النقل الآمن للمستشفيات عند الحاجة.
تطبيق إجراءات صارمة لمنع التعذيب وسوء المعاملة وإبلاغ السلطات القضائية فورًا.
4. الإدماج والتأهيل:
تطوير برامج التكوين المهني والتأهيل، وربطها بالمجتمع المحلي لدعم إعادة الإدماج.
تمكين النزلاء الملتزمين من زيارات خاصة وإجازات قصيرة.
تكثيف الرقابة القضائية على مراكز الإصلاح والتأهيل.
زيادة عدد الأعوان المختصين والمؤهلين وتدريبهم على حقوق الإنسان.
دعم الجمعيات المعنية بالإدماج الاجتماعي بعد الخروج من السجن.
5. الوقاية من التعذيب:
تنفيذ الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب.
إجراء فحص طبي أولي لجميع النزلاء عند الإيداع.
متابعة جميع حالات التعذيب وضمان مساءلة الجناة قانونيًا.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضد الفاشية الشعبوية الهاجمة...ضد الفاشيات اليمينية الرابضة، ...
- شعار الدولة الاجتماعية بين المقتضيات الموضوعية وزيف الدعاية ...
- شعار الدولة الاجتماعية بين المقتضيات الموضوعية و زيف الدعاية ...
- ثقافة ثورية : النسوية، الجندر الطبقة والتنظيم
- كيف يحدد الاقتصاد أخلاق الطبقات والفئات الاجتماعية الأساسية ...
- محمود عباس ، رجل فقد ظله.
- هل يتعرض راشد الغنوشى لمحاكمة سياسية ؟
- أزمة الرأسمالية وراهنية البديل الاشتراكي
- فشل الرأسمالية وراهنية البديل الاشتراكي
- في الذكرى العاشرة للثورة التونسية : حول راهنية شعار الشعب ير ...
- في الذّكرى العاشرة للثّورة: في راهنيّة شعار “الشّعب يريد إسق ...
- كورونا والشعبوية كماشتا الرأسمالية اللتان تعصران الشعوب
- تونس ، هذه التجاعيد السياسية
- حول حقيقة حملة الاعتقالات الاخيرة لبعض رموز الفساد في تونس: ...
- الى الرفيقات والرفاق بمناسبة 8 مارس
- تهنئة الى رفيقاتي ورفاقي بمناسبة 8 مارس
- الماركسية والدين
- أكثر من عام على حكومة الائتلاف اليميني: الشعب التونسي بين مط ...
- هل تقبل ممارسة الجنس مع مسيحية ؟
- لقد قتلته يا سيد صحبى عتيق ، لقد قتلته.


المزيد.....




- استمرار تدفق النازحين من منطقة هجليج إلى مدينة كوستي في السو ...
- الأونروا تكشف عن حملة تضليل غير مسبوقة تستهدف تفكيكها
- الأمم المتحدة: تفكيك الإنتاج الضخم للكبتاغون في سوريا
- الأونروا: حملة تضليل إعلامي منسقة لتفكيكنا بلغت مستويات غير ...
- تفاقم المجاعة في غزة ومئات الآلاف مهددون بسوء التغذية
- إعدام ريان أبو معلا.. جريمة إسرائيلية جديدة بحق الطفولة الفل ...
- محمود عباس: إنكار حق الفلسطينيين في تقرير المصير لن يحقق الس ...
- منظمات حقوقية تدين العدد القياسي الجديد لعمليات الإعدام في ا ...
- ترامب يستعد لتوسيع حملته على المهاجرين في 2026
- مراكز اعتقال و170 مليار دولار.. ترامب يستجمع قواه لتعقب وطرد ...


المزيد.....

- اتفاقية جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة وانعكاسا ... / محسن العربي
- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد الحباسي - السجون التونسية بين المعايير والقواعد النموجذية الدولية والواقع: مؤسسات للايواء والاصلاح ام فضاءات لإعادة إنتاج الجريمة؟