أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور رفاعي اوغلو - السوريون في تركيا ،،، ضيوف ام رهائن














المزيد.....

السوريون في تركيا ،،، ضيوف ام رهائن


منصور رفاعي اوغلو

الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 03:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، تحولت تركيا إلى الوجهة الأولى لملايين السوريين الفارين من الحرب، حتى بات عددهم اليوم يتجاوز ثلاثة ملايين شخص. هذا الوجود الكبير فتح بابًا واسعًا للنقاش والسجال، ليس فقط داخل المجتمع التركي، بل أيضًا بين السوريين أنفسهم: هل هم ضيوف مؤقتون كما تصفهم الخطابات الرسمية؟ أم رهائن لظروف سياسية واقتصادية واجتماعية معقدة؟
في الخطاب الرسمي التركي، يُشار إلى السوريين غالبًا بوصفهم “ضيوفًا”. هذا الوصف يحمل في ظاهره بُعدًا إنسانيًا وأخلاقيًا، ويعكس موقفًا مرحّبًا مقارنة بما واجهه اللاجئون في دول أخرى. فقد فتحت تركيا حدودها في السنوات الأولى، وقدمت خدمات التعليم والصحة، ومنحت الحماية المؤقتة بدل صفة اللجوء الكاملة. غير أن مفهوم “الضيف” بطبيعته مؤقت، ومشروط بحسن السلوك، ولا يمنح حقوقًا مستقرة أو واضحة على المدى الطويل.
ومع مرور أكثر من عقد على وجود السوريين في تركيا، أصبح من الصعب الاستمرار في التعامل مع هذا الوجود على أنه حالة طارئة. أجيال جديدة وُلدت على الأراضي التركية، وتعلمت اللغة التركية، ودخلت المدارس والجامعات، بينما اندمج جزء من السوريين في سوق العمل، سواء بشكل رسمي أو غير رسمي. هنا يبرز التناقض: كيف يمكن لإنسان عاش عشر سنوات أو أكثر في بلد ما أن يبقى “ضيفًا” بلا أفق قانوني واضح؟
من جهة أخرى، يشعر كثير من السوريين بأنهم عالقون بين خيارات محدودة، ما يدفع البعض إلى وصف وضعهم بـ”الرهينة”. فحماية مؤقتة قابلة للإلغاء، وتصاعد خطاب الكراهية في فترات الأزمات الاقتصادية أو السياسية، واستخدام ملف اللاجئين كورقة ضغط في السياسة الداخلية والخارجية، كلها عوامل تعزز هذا الشعور. السوري في تركيا غالبًا لا يستطيع العودة إلى بلده بسبب الخطر، ولا يملك فرصة حقيقية للانتقال إلى بلد ثالث، فيبقى محاصرًا بواقع لا يختاره بالكامل.
كما أن القيود المفروضة على العمل والتنقل، وصعوبة الحصول على الجنسية إلا لفئات محدودة، تزيد من الإحساس بعدم الاستقرار. فالرهينة ليست فقط من يُحتجز بالقوة، بل أيضًا من يُسلب حقه في التخطيط لمستقبله. وعندما يعيش الإنسان سنوات طويلة دون شعور بالأمان القانوني أو الاجتماعي، يصبح السؤال عن “الضيافة” سؤالًا شكليًا لا يلامس جوهر المشكلة.
في المقابل، لا يمكن تجاهل التحديات التي تواجهها تركيا نفسها. استضافة هذا العدد الضخم من اللاجئين فرض أعباء اقتصادية وخدمية، وأثار مخاوف اجتماعية حقيقية لدى شريحة من المواطنين الأتراك. كما أن الدولة التركية تتحرك ضمن توازنات داخلية وضغوط خارجية معقدة، ما يجعل ملف السوريين ملفًا شديد الحساسية.
بين مفهوم “الضيف” وإحساس “الرهينة”، تقف حقيقة أكثر تعقيدًا: السوريون في تركيا بشر يبحثون عن حياة كريمة، لا عن شفقة ولا عن صراع سياسي. الحل لا يكمن في الشعارات، بل في سياسات واضحة تضمن الحقوق والواجبات، وتفتح باب الاندماج القانوني والاجتماعي لمن يرغب، وتوفر في الوقت ذاته عودة آمنة وكريمة لمن يستطيع.
في النهاية، سيبقى السؤال مفتوحًا ما لم يتحول السوري من رقم في الإحصاءات وخطاب السياسة إلى إنسان كامل الحقوق، قادر على أن يكون شريكًا في المجتمع، لا ضيفًا دائمًا ولا رهينة لظروف لا تنتهي.



#منصور_رفاعي_اوغلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ساهمت تركيا في صناعة تنظيم داعش؟ ولماذا لم تتأثر تركيا بص ...
- هل كان عقد الستينات من القرن العشرين هو الأفضل على الإطلاق؟
- لماذا يعشق بعض العرب حكّامهم الديكتاتوريين؟
- ما هو النموذج الاقتصادي الأفضل للدولة السورية الجديدة؟
- الأشعرية والسلفية في سوريا: من سينتصر؟ وما هي تكلفة الصراع ب ...
- القس الأمريكي وبداية انهيار الاقتصاد التركي… هل دفع الشعب ثم ...
- لماذا ينهار التدين التركي أمام النزعة القومية؟
- السلفية الجهادية في سوريا: هل هي ظاهرة طارئة أم أصيلة في الم ...
- كيف ترى سوريا والعراق أن تركيا تسرق حصتهما من مياه دجلة والف ...
- صراع الهوية في تركيا: هل يشبه الأتراك شعوب المنطقة؟
- لماذا تتبنّى بعض الحركات السلفية الجهادية خطابًا يحضّ على قت ...
- اكراد تركيا ... متى سيحصلون على حقوقهم
- لواء إسكندرون… الأرض السورية التي ابتلعها الجيران
- انهيار الدولة التركية… هل هو حلم أوروبا أم كابوسها؟
- الدولة العميقة في تركيا… خطر يهدد المنطقة
- القضاء التركي أعمى عندما يتعلق الأمر بالسوريين
- سوريا بين مطرقة تركيا وسندان اسرائيل
- الدولة العثمانية… لعنة أصابت العالم لسبعمئة عام
- هل يقبل الأتراك برئيس كردي يأتي عبر صناديق الاقتراع؟
- وزارة الخارجية التركية تسرق السوريين باسم الفيزا


المزيد.....




- هل تتبع الأسلوب الأمريكي أم القاري عند تناول الطعام؟ خبراء آ ...
- جدل واتهامات بشأن وثائق إبستين: وزارة العدل الأميركية تنفي - ...
- مقتل جنرال روسي رفيع في تفجير سيارة مفخخة في موسكو
- هل تستطيع المنظومة الروسية -إس-500- تحييد مقاتلات -إف-35-؟
- إدارة ترامب تنشر صورة له في ملفات إبستين وتنفي محاولة التستر ...
- صحف عالمية: لقاء ترامب ونتنياهو مرهون بمحادثات الوسطاء في مي ...
- فيديو.. إسرائيل تخنق بيت لحم في أعياد الميلاد
- -يحتجزون الشباب ويطلبون الفدية-.. نازح من الفاشر يروي قصة نج ...
- ليبراسيون: أوكرانيا تتعقب الأسطول الشبح الروسي حتى البحر الم ...
- الجزيرة ترصد تدهور القطاع الصحي في غزة مع تحذيرات من انهياره ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور رفاعي اوغلو - السوريون في تركيا ،،، ضيوف ام رهائن