أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - هنا عمدة يكنس… وببغداد سياسي ينهب ولا يخجل














المزيد.....

هنا عمدة يكنس… وببغداد سياسي ينهب ولا يخجل


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 8562 - 2025 / 12 / 20 - 20:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد عيد رأس السنة الميلادية، وفي الساحة الرئيسية لمدينة نيستفيذ الدنماركية الهادئة التي أعيش فيها هربا من جنّات ديموقراطيات الشرق الأوسط منذ ما يقارب الأربعة عقود، سيقف عمدة المدينة كاستين راسموسين (54 عام) الذي خسر منصبه بعد الأنتخابات البلدية الأخيرة الشهر الماضي ممسكًا مكنسة، لا لأنه أُجبر على العمل، ولا لأنه يمثل دورًا كما يفعل غالبية ساسة العراق، بل لأنه ببساطة عاد إلى عمله. انتهت السياسة بعد خسارته منصبه، فبدأ العمل. انتهى المنصب فبقي الشرف، هذه الكلمة اللعينة الغائبة عن قاموس الغالبية العظمى من ساسة العراق. شخصيا قابلت هذا الرجل مرات كثيرة في الشوارع والاسواق والندوات، علما من انني لم اصوت له وحزبه مطلقا، قابلته بلا حمايات ولا قوافل من السيارات المصفحة ولا خوف من الناس، لماذا!؟ لأنّه يعرف جيدا من أنّه ليس سوى موظفّا عند ناخبيه وغيرهم، ولم يقل يوما من انه جاء ليبقى أو لن يعطي منصبه لأحد مطلقا. أنا أعيش في هذه المدينة، قابلته مرارًا في الشوارع والأسواق. بلا حرس، بلا أسوار، بلا خوف من الناس. كان يعرف أنه موظف عند المجتمع لا مالك له.



أمّا في العراق، فالسياسي لا يعرف المكنسة إلا إذا كانت تكنس خلفه الأدلة التي تثبت فساده وسرقاته ونهبه. لا يعود إلى الناس، لأن الناس بالنسبة له خطر بعد أن كذّب عليهم لمدة اربع سنوات عجاف. كما لا يعود الى عمله لأنّه لم يكن يعمل الا كرجل أعمال كدّس ثروته من الفساد والنهب بعد ان تقاسم كعكة ثروات الشعب مع لصوص آخرين وفق مبدأ لنغطّي عن سرقات بعضنا بعض وترجمتها السياسية هي المحاصصة الطائفية القومية.

في العراق، السياسي لا يعرف معنى الخسارة، لأنّه سيعود الى منصب آخر مستفيدا من حصانة قانونية وحزبية وطائفية وقومية وراتب تقاعدي خيالي، كما وأنه يعود كرجل اعمال ليفتتح مستشفيات ومدارس وجامعات اهلية، يعود بوجه لا يختلف كثيرا عن سابقه ليخرّب ما فشل في تخريبه سابقا.

العمدة الدنماركي يخاف من القانون، أمّا ساسة العراق فانهم فوق القانون، لأنهم يكتبون القانون بانفسهم وعلى مقاس سرقاتهم وفسادهم ونهبهم، بل وحتى خياناتهم بحق البلد وشعبه. أنّ المقارنة هنا ليست بين أشخاص بل بين نظامين سياسيين أحدهما شريف والثاني ساقط فقط، بل مقارنة بين ضمائر "ملحدة" تحترم شعوبها وتعمل على رفاهيتها وتقدمها، وضمائر مؤمنة بالله تسرق شعوبها وتعمل على افقارها وتخلفها. هنا في الدنمارك يعتبر المنصب اختبارا اخلاقيا، وفي العراق حيث القيم الاسلامية وتراث آل البيت فالمنصب جريمة متكاملة وهذا ما نشاهده منذ الأحتلال لليوم.

مأساتنا لا تكمن في سرقات الساسة ومن حولهم من رجال دين ورجال عصابات، بل في إعادة انتخابهم كل مرّة، وفضيحتنا ليست بفشلهم والعياذ بالله، بل بمكافأتهم على فشلهم بحضور مضايفهم العشائرية والهتاف خلفهم بـ (علي وياك علي). في الدنمارك يرحل المسؤول والدولة باقية، في العراق تسقط الدولة والقيم والأخلاق والتاريخ وحتى الدين غير الطائفي، ويبقى المسؤول! المكنسة هنا اداة عمل، وفي العراق وهي تكنس خزائن البلد ليست سوى نظام حكم.

هذا الأمر ليس قدرا ولا لعنة جغرافيا، بل تجذّر وعي وغيابه، تجذّر وعي لأنتخاب الصالح، وغياب وعي في أنتخاب الطالح من طبقة سياسية تحكم بلا خجل وتسرق بلا خوف من قانون أو ضمير، مطالبة الناس بإحترامها لأنّ سرقاتها مغلفّة بقدسية الدين وعمائمه. وحينما يستعيد العراقي وعيه الغائب، لن تنفع لصوص المال العام الحصانات ولا المواكب والحمايات، ولا العمائم والدين والشعارات..

الدول لا تُدمَّر بالحروب فقط، بل تُدمَّر عندما يتحول السياسي إلى سارق، والسرقة إلى نظام حكم.



#زكي_رضا (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثية الخراب
- أسباب فشل القوى اليسارية والعلمانية والمدنية الديموقراطية في ...
- حين خسر الحلم
- العيد الوطني العراقي بين حقيقة تموز وكذبة تشرين
- العراق ... وطن يُدار بالفساد
- العمائم بين القداسة والدمار ..مشاريع إمبراطورية العمائم الأق ...
- اكبر قاعدة امريكية تحمي كل شيء ... الا مضيفها
- على أبواب الانتخابات العراقية ... البرامج الانتخابية حدوتة م ...
- كامل شياع مثقف عضوي
- إنتخابات عراقيّة بآليّات إيرانيّة
- لتكن بان زياد... مهسا أميني العراق
- العراق ... سلطة عصابة أم عصابة سلطة؟
- الشبيبة العراقية ودورها في التغيير
- ظاهرة الرِقْ في العراق
- لا ديموقراطيّة في ظلّ تبعية الدولة في العراق
- عالية إنصيّف من رفيقة في حزب البعث الى علويّة في حزب الدعوة
- كلّنا يا موفق نهيئ للربّ عتاباً
- قمّة بغداد لا تغيّر من الواقع العربي المأزوم شيئا
- البعث الفاشي هو الحزب الذي ساد ثمّ باد
- العملاق الكويتي والقزم العراقي وتعديل قانون الأحوال الشخصية


المزيد.....




- -إرهاب نفسي-.. مادورو منتقدًا أمريكا بعد مصادرتها ناقلات نفط ...
- تفاؤل أميركي أوكراني بشأن محادثات ميامي وروسيا ترفض تعديل خط ...
- نيويورك تايمز: ترامب يرتقي بـ-الرئاسة الإمبراطورية- لمستوى ج ...
- بزعم -إلقائه حجرًا-.. مقتل مراهق برصاص الجيش الإسرائيلي في ا ...
- وزارة العدل الأميركية: سننشر كل المواد المتعلقة بترامب في مل ...
- افتتاح مبهر لكأس أفريقيا والمغرب يبدأ بانتصار على جزر القمر ...
- محادثات إنهاء الحرب الأوكرانية.. إشارات إيجابية من واشنطن
- حذف صور من أرشيف إبستين.. ووزارة العدل: لا علاقة لها بترامب ...
- قبل لقائه ترامب.. نتنياهو يجري مشاورات أمنية بشأن إيران
- نجاة مسؤول يمني من محاولة اغتيال في شبوة


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - هنا عمدة يكنس… وببغداد سياسي ينهب ولا يخجل