سعد محمد رحيم
الحوار المتمدن-العدد: 1839 - 2007 / 2 / 27 - 12:49
المحور:
سيرة ذاتية
أحياناً أفكر أن اكتب عن شيء آخر غير الوضع الأمني والسياسي، أن أختار موضوعة لا تمت بصلة إلى هذين الحقلين اللذين تتجلى فيهما أعراض تسمم حياتنا، وما تخلّفه حالة التسمم تلك من وهن في نفوسنا وكآبة ومرارة.
أفكر أن أكتب عن الربيع الذي حلّ بزيّه الملوّن البديع حيث الرنين الخفي والخلاب لتبرعم أوراق الأشجار وتفتح الأزهار والذي لم نعد نحس به، وفرح العصافير وهي تضج بالزقزقة والتي لم نعد نلحظها، وندف الغيوم البيض وهي تشكل لوحات في غاية الجمال والفتنة لا نكاد نراها. والسبب هو ما يشغلنا من همّ وغمّ وقلق.
أفكر أن أكتب عن الموسيقى التي نحتاجها بقدر حاجتنا إلى الغذاء والدواء، ولكن من يستطيع أن يترك روحه تحلّق، اليوم، في فضاء من الرهافة والأحاسيس البهيجة مع بتهوفن وشوبان وتشايكوفسكي والسنباطي من غير أن يرده إلى أرض الواقع صوت رصاص ودوي انفجار.
أفكر أن أكتب عن قراءة الكتب، أن أقترح مشروع حملة على مستوى البلاد تشترك في وضعه وتنفيذه وزارات الثقافة والتربية والتعليم العالي وأجهزة الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني ورجال العلم والأدب والفن لإعادة الاعتبار للكتاب والتثقيف الذاتي، لاقتناعي بأن خللاً في ثقافتنا هو، إلى حد بعيد، وراء تردي حالنا، مع التأكيد أن جزءاً مهماً من العلاج يكمن في تقويم رؤيتنا إلى أنفسنا والعالم، وأن يكون لنا مشروعنا الحضاري السليم والذي لابد أن يستند إلى أرضية ثقافية صلبة ورصينة وفعالة. لكن خبراً سيئاً ينتزعني من تأملي وأحلامي فأتخيل القارئ وهو يسخر من بطري ويقول؛ ( احنا وين، وانت وين ).
هكذا كلما فكرت في موضوعة أخرى ترددت، وحتى حين أشرع بالكتابة في موضوعات مثل تلك التي ذكرتها أجدني محاصراً بإفرازات الوضع الأمني والسياسي. وكما رأيتم فإن إشارة بسيطة وعابرة إلى موضوعات الربيع والموسيقى وقراءة الكتب خيّم عليها الهم والغم والقلق وصوت الرصاص ودوي الانفجارات والخبر السيء. أي باختصار إشكالية وضعنا الأمني والسياسي.
#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟