عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يومي 24 و 25 تموز 2003 ، اجتماعا اعتياديا.
وحيا الاجتماع في مفتتحه كواكب شهداء الحزب والشعب ، الذين كشف النقاب في الاسابيع والاشهر الاخيرة، غداة انهيار النظام الدكتاتوري، عن استشهادهم، ووقف المجتمعون صامتين اجلالا لذكراهم.
وتدارست اللجنة المركزية التطورات والتغيرات غير العادية ، التي شهدتها البلاد منذ ربيع السنة الحالية، والتي ادت الى نشوء وضع جديد تماما ، بالغ التعقيد ، ومحمل بالكثير من المخاطر من جانب ، وبامكانات واقعية للخروج بالبلاد من المحنة المديدة وتحقيق هدف شعبنا في اقامة البديل الديمقراطي من جانب ثان.
لقد استقبل الشعب انهيار الدكتاتورية العاتية وانزياح عبئها الساحق بابتهاج منقطع النظير.
غير ان البهجة العامة ظلت لاسابيع مشوبة بالارتياب والخوف من انقلاب الامور ثانية، بالنظر الى تجارب مؤلمة سابقة مع كل من النظام المنهار والطرف الامريكي. وبقيت هذه البهجة حتى الان ناقصة، بل وراح بعض بريقها يخبو، بسبب عدم ظهور البديل الديمقراطي المنشود، ونشوء فراغ سياسي وامني خطير بدلا عنه. وما زال بعض مظاهر الفراغ وذيوله قائما الى اليوم، ومازالت جماهير الشعب تعاني منه الامرّين، وتبقى معالجته في رأس الاولويات في الوقت الحالي.
ولاريب ان السبيل الراجح لمواجهة وتجاوز الازمة الناشئة في اعقاب انهيار الدكتاتورية، هو سبيل تشكيل الحكومة الوطنية العراقية المؤقتة واسعة التمثيل وذات الصلاحيات، والتي تنبثق عن مؤتمر وطني عام تشارك فيه اطياف الشعب العراقي السياسية والقومية والدينية والطوائف كافة.
فحكومة كهذه، تنبثق عن مثل هذا المؤتمر،هي وحدها القادرة على انجاز المهمات الصعبة والملحة الكثيرة التي تواجه البلاد، وبضمنها اعداد مشروع الدستور ومشروع القانون الانتخابي، ومباشرة الحوار مع الطرف الامريكي حول انهاء الاحتلال.
غير ان فكرة عقد المؤتمر الواسع وتشكيل الحكومة الموقتة، التي بدا واضحاً انها تحظى بتأييد داخلي وعربي ودولي وحتى امريكي ومن داخل ادارة بوش ذاتها، اصطدمت بعراقيل جمّة، حالت دون تحقيقها في الوقت المناسب.
وكان في مقدمة تلك العراقيل تبدل الموقف الامريكي- البريطاني من عقد المؤتمر المذكور وتشكيل الحكومة الموقتة، وسعي الطرفين بدلا من ذلك الى استصدار قرار من مجلس الامن ( صدر في ما بعد فعلاً ، وبعد مساومات مع الدول الاعضاء في المجلس ، بالرقم 1483) يكرس سلطة الاحتلال في العراق ويشرّع وجودها.
اما المعرقل الثاني فتجلى في سلوك الاطراف السياسية العراقية ذاتها. فبعضها انغلق على نفسه وسعى الى الانفراد في تمثيل العراقيين، وبعض آخر انطلق من مواقع حزبية ضيقة وغلـّب مصالحه على مصالح الشعب العامة، وهناك بعض ثالث لم يتخلص من نزعة الهيمنة والزعامة.. وادى هذا وذاك وعوامل أخرى الى الحيلولة دون اقامة التحالف الواسع للقوى السياسية العراقية، المسنود داخلياً وخارجياً، والقادر على الضغط على الطرف الامريكي وحتى على الامم المتحدة.
ولم يحدث ذلك بمعزل عن سلوك بعض القوى السياسية من خارج اطار قوى المعارضة السابقة المعروفة، وهو سلوك ينسجم مع رغبة الجهات الامريكية في تحجيم وتهميش الاحزاب العراقية الاساسية وسلبها حقوقها.
الا انه، في ما يخص القرار 1483، لا يصح القول ان صدوره اغلق السبيل امام مسعى العراقيين لعقد المؤتمر وتشكيل الحكومة. فذلك مازال ممكنا، وتستطيع الاحزاب والقوى السياسية ، في حال دخولها في مشاورات متبادلة جادة وتوصلها الى اتفاق، ان تطالب باعادة النظر في القرار 1483، الذي لا جدال في كونه ذا جوانب ضعف وثغرات، اهمها انه اتخذ من وراء ظهر الشعب العراقي، المعنيّ بالامر قبل اية جهة اخرى!
وفي مسعى لاخراج البلاد من المأزق الذي انتهت اليه، عبر صيغة توفق بين الرغبة في تنفيذ القرار 1483 ورغبة اغلبية العراقيين في تشكيل الحكومة الوطنية الموقتة، بذلت في الاسابيع الماضية جهود حثيثة من جانب سلطة الاحتلال والممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة ومجموعة السبعة والاطراف السياسية العراقية الاخرى، تكللت اخيراً بتشكيل "مجلس الحكم".
وقد شارك حزبنا في المرحلة الاخيرة من المداولات مع الجانبين الامريكي والبريطاني، وبطلب منهما.
وجاء ذلك بعد اشواط من مداولات الجانبين مع الاطراف السياسية العراقية ، بدأت بالمشاركين في مؤتمر لندن واجتماع صلاح الدين، ثم توسعت تدريجياً لتشمل سائر الاحزاب والجهات الاخرى الرئيسية (او التي يراد لها ان تكون رئيسية)، باستثناء حزبنا.
ولم يكن هذا الموقف المستبعد لحزبنا، والمنطلق بجلاء من منظور ايديولوجي، مستغرباً. ويدل التمسك به حتى اللحظة الاخيرة عملياً، على ان التراجع عنه جاء تحت ضغط الواقع السياسي في البلاد، وموقع حزبنا فيه، وميزان القوى القائم اليوم.
وتجلت حصيلة ذلك قبل كل شيء وبصورة ملموسة في العرض الذي تلقاه حزبنا بضم سكرتيره الى "مجلس الحكم".
وكانت صيغة "مجلس الحكم" قد تبلورت في هذه الاثناء، كبديل لصيغة "المجلس السياسي" عديم الصلاحيات وذي الطابع الاستشاري البحت. وكان ذلك تطوراً طبيعياً بالنظر الى الرفض الواسع الذي اصطدم به مشروع "المجلس السياسي" في اوساط شعبنا، مقابل التأييد الواسع لمطلب تشكيل الحكومة الوطنية الموقتة واسعة التمثيل وذات الصلاحيات.
فكان لا بد من العثور على صيغة وسط.
ومن الواضح في ضوء دلائل عدة، ان هذه الصيغة الوسط التي سميت "مجلس الحكم"، لا تختلف بالاسم فقط عن الصيغة الاصلية. مثلما ان الصلاحيات الممنوحة لها، وهي محدودة دون جدال ،لا ترقى بها الى مصاف الحكومة الوطنية الموقتة المنشودة.
غير ان قبول الجانب الامريكي في النهاية المطلب العام لشعبنا، بان يكون أي جهاز حكم يجري تشكيله ذا صلاحيات، يشير الى امكانيات كامنة للحصول على المزيد من هذه الصلاحيات في مجرى عمل "مجلس الحكم" لاحقاً وصراعه الطبيعي مع "السلطة الائتلافية الموقتة".
وقد شكلت هذه الحقيقة - حقيقة ان "مجلس الحكم" سيكون "ميدان صراع" اكثر منه صيغة سلطة محددة ثابتة ونهائية، احد منطلقات دعوتنا في الاسابيع الاخيرة الى عقد لقاء عاجل للاحزاب والقوى السياسية، تبحث فيه الاوضاع في البلاد، المتوترة سياسياً والمتدهورة خدمياً والسيئة معيشياً، وسبل الانطلاق بها في اتجاه التطبيع والتطور، بما يشيع الامل والثقة في نفوس الملايين من ابناء الشعب..مثلما تتيح لحزبنا التحرك المبادر والنشيط في اتجاه تد اول ذلك كله ومعالجته.
والى جانب ذلك وضعت اللجنة المركزية في اعتبارها حقيقة ان جميع الاحزاب والقوى السياسية الاخرى والجماعات القومية والدينية والطوائف في البلاد ، وافقت على الانضمام الى المجلس. واذا كان بعضها قد غاب في النهاية عن عضويته, فلانه استبعد بالضد من رغبته.
واسست اللجنة المركزية قرارها ايضاً على الرغبة العامة التي يمكن تلمسها في منظمات حزبنا وفي اوساط جماهير اصدقائه ومناصريه، في ان يتحلى بالتعامل الايجابي في المرحلة الحساسة والمعقدة الراهنة التي تمرّ بها بلادنا، والا يوفر أي ذريعة لمن يريدون الايقاع به وعزله وحتى اضطهاده من جديد.
على ان القبول بـ "مجلس الحكم" في صيغته الراهنة، والمشاركة فيه، لا يعنيان بحال اعتباره بديلاً عن الحكومة الوطنية الائتلافية الموقتة المرتجاة.
بل انه، باعتباره حلاً وسطاً كما سبق القول، يمكن ويجب النظر اليه كخطوة في اتجاه اقامة الحكومة العراقية الوطنية المستقلة، وجزء من التهيئة لاخراجها الى حيز الواقع على اساس برنامج وطني ديمقراطي، يخلص البلاد مما هي فيه ويضعها على طريق اقامة العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد.
وعالجت اللجنة المركزية في سياق مداولاتها عددا من القضايا ذات الصلة الوثيقة بالتطورات الجارية في البلاد ، والتي تزداد الحاجة الى القاء الاضواء عليها ، وخلصت الى انه:
* على رغم تطلع ابناء الشعب، الذي يصعب وصفه، الى الخلاص من صدام حسين ونظامه، فانهم لم ينثروا الورود ابتهاجا بدخول القوات الاجنبية ولم يستقبلوها بالاحضان.
اما اليوم فموقفهم معارض للاحتلال في الغالب ومتطلع الى انهائه عاجلا.
* في شأن الموقف من الاحتلال: يكفل ميثاق الامم المتحدة للشعوب الخاضعة للاحتلال الحق في المقاومة. وبناء على ذلك فللشعب العراقي الواقع تحت سلطة الاحتلال وفقا لقرار مجلس الأمن الرقم 1483، حق مشروع في ممارسة أشكال النضال المختلفة ، للإسراع في إنهاء الاحتلال واستعادة السيادة الوطنية. لكن مقاومة الاحتلال، خلافاً لما يجري الترويج له في بعض وسائل الاعلام، لا تقتصر على اعتماد الأساليب العنفية في النضال ،وإنما تشمل الأشكال المتنوعة للنضال السياسي السلمي. وتعلمنا تجارب التاريخ، ان الشعوب لا تلجأ إلى الكفاح المسلح إلاٌ حين تضطر الى ذلك بعد استنفاد الوسائل السلمية جميعا.
وتنفتح أمام شعبنا اليوم خيارات وإمكانيات متنوعة لممارسة النضال السياسي ، حيث تظهر إلى الوجود عشرات الأحزاب والمنظمات السياسية والنقابية والمهنية وغيرها من مؤسسات ما اصطلح على تسميته بالمجتمع المدني. وفي ظل أجواء الحريات المتوفرة، تكاد تجمع القوى الوطنية العراقية بكل أطيافها، ومنها حزبنا، على أن الأساليب العنفية ليست الأنسب والأجدى ، طالما لم تستنفد الصيغ السلمية.
بل أن من شأن العمليات المسلحة في ظروف بلادنا الراهنة ان تلحق الضرر بالهدف المتوخى ، والمتمثل في الخلاص من الاحتلال في اسرع وقت ممكن. فهذه العمليات، على العكس تماماً، توفر المبرر لقوات الاحتلال لإطالة أمد بقائها في بلادنا. كما أنها تديم أجواء التوتر والقلق والخوف في أوساط شعبنا، وتضر بالجهود الرامية إلى تهيئة شروط التفاوض لاحقاً مع سلطة الاحتلال حول إنهائه ووضع جدول زمني لجلاء القوات المحتلة.
ويحق هنا كذلك التساؤل : اين التوجه المباشر إلى التخريب ، الذي يستهدف شبكات الكهرباء وإمدادات الغاز والنفط … الخ ، ويفاقم بالتالي المعاناة والمحنة الحياتية القاسية لملايين العراقيين .. اين ذلك من المقاومة ؟ هذا فضلاً عن استغلال الاعمال المسلحة من جانب بعض بقايا قوى النظام المقبور لتحقيق مآربها ومطامحها في العودة للسلطة.
ولكن ليس غريباً في المقابل أن تستثير بعض تجاوزات قوات الاحتلال وممارساتها العنفية ردود فعل عنيفة تأخذ شكل عمليات مسلحة عفوية.
وإذ يجب التمييز بين الجماعات والقوى التي تقوم بالعمليات المسلحة، فان من الخطأ الجسيم الاعتقاد بأن العنف المضاد والأساليب القسرية وحدها تستطيع القضاء عليها. انما السبيل الى ذلك يكمن قبل كل شيء في تهيئة مستلزمات الاسراع في تسليم السلطة الى العراقيين انفسهم وبناء النظام الديمقراطي في البلاد .
* حول القرار 1483: سبق لحزبنا ان بيّن بصراحة وجلاء موقفه من القرار 1483، الذي اتخذه مجلس الامن الدولي في 22 ايار الماضي بالاجماع.
واشار حزبنا على وجه الخصوص الى ان القرار اظفى الشرعية على الاحتلال و "سلطة الاحتلال"، وان المجلس لم يستشر الشعب العراقي بأية صورة، ولم يستمع الى رأي ممثليه في هذا الشأن ولا في ايّ من الشؤون الاخرى التي يعالجها القرار.
لكن القرار جاء، من جانب آخر، بتعديل ايجابي في شأن تعويض المتضررين من غزو الكويت، حيث خفض نسبة المستقطع لهذا الغرض من العائدات النفطية من 25 في المئة الى 5 في المئة فقط. سوى ان استفادة الاقتصاد العراقي من هذا التعديل تبقى غير اكيدة وغير محسوسة، اذا لم تتخذ تدابير لتأجيل تسديد العراق الديون المترتبة عليه وفوائدها. علما ان نادي باريس للدائنين، الذي اجتمع في شهر ايار نفسه لبحث هذا الموضوع، لم يتخذ قرارا في شأن الغاء قسم من الديون واعادة جدولة القسم الآخر، وعمد الى تأجيل الامر كله حتى نهاية السنة الجارية.
لكن حزبنا اكد في الوقت نفسه ان قرار مجلس الامن المذكور ليس كتابا مقدسا او كلمة نهائية، وان من الواجب السعي الى تعديله بما ينسجم مع مطامح شعبنا ومطالبه المشروعة، مضيفا ان ذلك من مهمات الاحزاب والقوى الوطنية العراقية قبل غيرها، والتي يجدر بها ان تبادر الى طرح الامر وان تسعى الى كسب الدعم الدولي له.
* في ما يخص الموقف العربي المؤلم، الشعبي والرسمي على حد سواء: يجب الا ننسى ان هناك اصواتاً عربية خيرّة وقفت الى جانب شعبنا في محنته السابقة، وتقف معه في معاناته وآماله وكفاحه اليوم. وان هذه الاصوات في ازدياد، وان تكاثرها واتساع تأثيرها مرهون كذلك بحسن تعاملنا مع هذه المسألة برمتها، وتحلينا بالواقعية السياسية، وتجاوزنا المنطلقات العاطفية الصرف.
اننا اليوم في حاجة ماسة الى التضامن العربي ، الذي يعيننا على تحقيق اهدافنا الملحة. لذا يتوجب ان نفيد من المطالبة العربية (بغض النظر عن دوافعها) بتمكين شعبنا من ادارة شؤونه بنفسه، وانتخاب الحكومة المعبرة عن ارادته، واستعادة السيادة والاستقلال الوطنيين.
وان ادامة هذه المطالبة وتشديدها، يفرضان علينا الابتعاد تماماً عن الصيغ المتشنجة في مخاطبة الاطراف العربية المعنية، والتطلع الى الحاضر والمستقبل بدل التشبث بالماضي ، واعتماد اساليب الحوار البناء والاقناع، فضلاً عن ابداء وتأكيد التضامن مع القضايا العادلة للشعوب العربية، وفي رأسها قضية الشعب الفلسطيني.
* حول دور الامم المتحدة: يشير تطور الأوضاع في بلادنا منذ انهيار النظام الديكتاتوري ، وما يظهر من مصاعب جدية تواجهها جهود سلطة الائتلاف المؤقتة لاعادة الأمن والاستقرار للبلاد ، والشروع فعلياً في عمليات إعادة الأعمار من دون مشاركة دولية واسعة، الى أن تفعيل دور الأمم المتحدة وتوسيع نطاق مشاركتها المباشرة في دعم وتسيير العملية السياسية الجارية في العراق ، بجانب دورها في عمليات الإغاثة وميادين إعادة الأعمار، بات أمراً يطرح نفسه بالحاح متزايد.
فالأمم المتحدة تمتلك خبرة متراكمة ، تؤهلها للاضطلاع بدور نشيط وبنٌاء في التهيئة العاجلة لشروط وممهدات انبثاق حكومة وطنية مستقلة وإنهاء احتلال بلادنا. علما أن الارتقاء بمشاركتها يوفر شرعية دولية مفقودة حاليا، مما يحول دون مساهمة أطراف دولية عديدة في عملية إعادة الأعمار، ودون عودة الأوضاع في البلاد إلى حالتها الطبيعية.
* في ما يتعلق بالتضامن الدولي : استحوذت القضية العراقية خلال الفترة الماضية على اهتمام العالم ، وانطلقت حركات جماهيرية جبارة في أوروبا وأمريكا وبلدان شتى في القارات الأخرى تناهض الحرب . وكان منطلق أغلب المشاركين فيها التضامن مع الشعب العراقي وتجنيبه المزيد من المآسي ، وليس مساندة النظام المقبور كما حاول إعلامه المضلل تصويرها. وكان لحزبنا ونشاطه الدؤوب مع الأحزاب والقوى والحركات التقدمية والديمقراطية والشيوعية دور مؤثر، رغم تعقد الامر، في حمل أقسام واسعة منها على التمييز في نشاطها التضامني بين النظام والشعب.
وفي الأوضاع المستجدة البالغة التعقيد والتشابك التي تعيشها بلادنا، اصبح نضال شعبنا وحزبنا والقوى الوطنية والديمقراطية الاخرى بحاجة إلى مزيد من التضامن والإسناد، لتمكين الشعب العراقي من تقرير مستقبله السياسي بحرية واستعادة سيادته الوطنية الكاملة.
ومع أن العديد من الأحزاب والحركات الشيوعية والاشتراكية واليسارية الديمقراطية وقفت بثبات إلى جانب شعبنا وعبرت عن تضامنها معه في محافل ومنابر سياسية دولية متعددة، إلاٌ أن أوساطاً أخرى غير قليلة لا تزال تقف موقف المترقب والمتردد والمشكك. وواضح أن تعقد اللوحة السياسية ، والملامح غير المألوفة للأوضاع التي نشأت في أعقاب الحرب والانهيار المدوي لنظام حسين .. كل ذلك جعل من غير اليسير على من ينظر إليها من الخارج فهم أبعادها وملابساتها.
إن المهام الجسام التي تواجه شعبنا وبلادنا للخلاص من التركة الثقيلة للديكتاتورية المقبورة وبناء العراق الحر المزدهر ، تقتضي العمل الحثيث لحشد التضامن الأممي مع قضايانا، والتحرك النشيط لتوضيح صواب وعدالة نضالنا الوطني التحرري الديمقراطي.
* في شأن الفيدرالية يتوجب التأكيد ان حزبنا لا يعارض اللامركزية اوالفيدرالية الادارية ، اللتين تؤمّـنان لوحدات البلاد الادارية صلاحيات محلية على حساب السلطة المركزية . لكن الامر مختلف بالنسبة الى منطقة كردستان، فقضية الشعب الكردي قضية حقوق قومية لا تلبيها الصلاحيات الادارية المحلية. بل لا بد من معالجتها باعتماد صيغة الفيدرالية القائمة على احترام الخصوصية القومية وتطمين المطالب القومية المشروعة لشعب الاقليم . وهو ما لا يتعارض، من جانب آخر، مع اللامركزية في ادارة عموم المحافظات العراقية.
وبحثت اللجنة المركزية في ختام اجتماعها المهام التى تواجه حزبنا والاحزاب والقوى الوطنية الاخرى وعامة جماهير شعبنا في الوقت الحاضر، ورأت انها تتمثل في :
ضمان الامن والاستقرار واعادة الاوضاع الطبيعية في البلاد.
تصفية بقايا النظام المقبور.
معالجة القضايا المعيشية الملحة: قضية الرواتب، عودة الناس الى اعمالهم، توزيع الحصص التموينية، استئناف مؤسسات الخدمات العامة والبلدية نشاطها الكامل.
تهيئة مستلزمات اجراء انتخابات حرة نزيهة، تحت اشراف الامم المتحدة.
اعداد مشروع دستور يعرض على الاستفتاء الشعبي.
العمل من ثم على التباحث مع الامريكيين والبريطانيين حول انهاء الاحتلال.
هذا وفي ختام اعمالها توجهت اللجنة المركزية بنداء حار وملح الى جماهير شعبنا، دعتهم فيه الى الالتفاف حول الاحزاب والقوى الوطنية، ودعم الجهود الرامية لجمع شملها وللخروج بشعبنا وبلادنا من الحالة المأساوية التي تطحنهما، والمباشرة بتضميد الجراح، واعادة بناء ما خربته الحروب وسياسات وممارسات الدكتاتورية البائدة.
يا ابناء شعبنا المكافحين الصامدين!
خذوا قضيتكم بايديكم، وقرروا مصيركم بانفسكم!
شقوا الطريق متكاتفين، يدا بيد احزابكم وقواكم الوطنية، نحو اقامة العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد!