أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - القواسم المشتركة للحكم التوافقي بين العراق ولبنان مقارنة بالتجارب الأوروبية















المزيد.....

القواسم المشتركة للحكم التوافقي بين العراق ولبنان مقارنة بالتجارب الأوروبية


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 14:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماذا تبقى لدينا من تجارب حكم "الديموقراطية التوافقية" بعد هذا الجرد؟ لم يتبق لدينا إلا التجربة اللبنانية وهي الأقدم زمنيا (جرت أول انتخابات في لبنان بتاريخ 15 نيسان/أبريل 1951 قسمت فيها المقاعد مقدما بين الطوائف إلى مقاعد مارونية وروم كاثوليك وروم أرثوذوكس ومقاعد سنية ومقاعد شيعية ودرزية ...إلخ)؛ ثم التجربة العراقية منذ سنة 2005 بعد أن هُيئت كافة الظروف لتأتي النتائج وفق القوائم المغلقة لمصلحة قوائم المكونات الطائفية والعرقية الأكبر؛ الشيعية والكردية والعربية السنية. وقبل أن نجرد السمات العامة للتجربتين العراقية واللبنانية دعونا نجمع القواسم المشتركة للتجارب التي استعرضناها في سويسرا وبلجيكا وهولندا والسويد:
1-أحزاب هذه الدول قائمة على أسس الهوية الوطنية الرئيسة وأحيانا تكون أحزاب موسمية أو مدينية تنشأ لتحقيق أهداف محددة مكانا وزمانا. وتتشكل ائتلافات بين هذه الأحزاب أحيانا بسبب العددية اللغوية.
2- السلطة التشريعية لسن القوانين وتشكيل الحكومات والرئاسات بيد البرلمانات تشكل غالبا حكومات ائتلافية بين عدة أحزاب والقضاء مستقل عن السلطات وظاهرة الفساد محدودة بسبب القسوة في مكافحتها وخصوصا قضائيا.
3- في مجتمعات هذه الدول هناك انقسامات فئوية سكانية (لغوية أو قومية) شديدة إلى جانب الانقسامات الأيديولوجية والطبقية بين يسار ويمين.
4-لا وجود للحكم المركزي بل هناك صلاحيات واسعة للوحدات الإدارية المحافظات واٌقاليم مع سيادة مطلقة للدولة الاتحادية على أراضيها وسكانها.
5-بعض دساتير هذه الدول لا تشجع التفريق الطائفي والديني واللغوي بين أفراد المجتمع وقد تهمله تماما وتعاقب من يمارس التحريض المكوناتي.
6- جميع هذه الدول مستقلة وذات سيادية ترفض التدخل في شؤونها ولكنها تستقبل المساعدات في إطار التعاون الثاني والجماعي من دول صديقة وقد تدخل في أحلاف دفاعية او تكون محايدة تماما كسويسرا (التي فرطت بحيادها مؤخرا في حرب أوكرانيا).
7- الأحزاب ذات الأيديولوجية والخلفيات الدينية المسيحية لا تمثل طائفة معينة في المسيحية فلا توجد أحزاب كاثوليكية وأخرى بروتستانتية، بل تسمي نفسها مسيحية عامة حتى إذا كانت واقعا تتألف من جمهور تغلب عليه طائفة واحدة. وهذه الأحزاب لا تتبنى مشروع إقامة دولة دينية تطبق تعاليم دينية محددة، بل تحرص وتحافظ على الدولة العلمانية "المدنية" القائمة فعلا. وفي أسماء هذه الأحزاب، تقترن الديموقراطية وتتقدم غالباً على المسيحية كما في هذه الأمثلة:
*الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني والحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا/ ألمانيا. والحزب الديمقراطي المسيحي النرويجي. الحزب الديموقراطي المسيحي الإيطالي. والاتحاد المسيحي في ليتوانيا.
وأحيانا لا يحمل الحزب من هذا النوع كلمة مسيحي في عنوانه ومن أمثلة ذلك: الحزب الشعبي الإسباني، الحزب الوطني في مالطا، والاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية. أما في العراق فقد وجدنا العجب فهناك حزب يجمع الوطنية والطائفية في اسمه!
والآن، بماذا تشترك التجربتان العراقية واللبنانية؟ إنهما تشتركان في الأمور التالية:
1-في لبنان والعراق لا يوجد انقسام قومي شديد؛ ففي لبنان لا يوجد انقسام قومي فجميع اللبنانيين عرب، أما في العراق فغالبية المجتمع عربية وبنسبة 85 بالمئة وأقليات في مقدمتها الأكراد تصل إلى 15 بالمئة. والانقسام الديني في لبنان بين المسيحيين والمسلمين قريب من المناصفة، وبين الشيعة والسنة كذلك (الشيعة 31 % والسنة 31% والباقي مسيحيون وأقليات أخرى). أما الانقسام الديني في العراق فلا يكاد يذكر حيث تصل نسبة المسلمين إلى 97 بالمئة، أما الانقسام الطائفي بين الشيعة والسنة فقريب من المناصفة مع أكثرية بسيطة للشيعة تصل إلى 60%. وفي البلدين لا توجد نسب موثوقة للمواطنين اللادينيين لصعوبة إعلان الأفراد عن إيمانهم الشخصي إذا كان لادينيا. بمعنى أن مبررات التوافقية الطائفية بل وحتى الديموقراطية التوافقية كما في الدول الأوروبية الأربع ليست حاضرة أو ليست ضرورية وملحة في الدولتين حتى إن صح التعريف الذي نتحفظ عليه أساسا.
2-بدأت التجربتان العراقية واللبنانية بتدخل خارجي استعماري احتلالي فرنسي في لبنان وأميركي في العراق. وتحول التنوع والتعددية الطائفية والعرقية السلمية والموروثة منذ قرون إلى ظاهرة عدائية صراعية، ثم تحول التدخل الاحتلالي الأميركي إلى وصاية وحماية أجنبية فتحول البلدان إلى بلدين تابعين بلا سيادة او استقلال. ونشب في العراق اقتتال أهلي شرس ومفتعل تلاه تمرد سلفي تكفيري سيطر على ثلث الأراضي العراقية كرد فعل على الوضع التغلبي الطائفي الجديد. أي أن نظام حكم التوافق الطائفي مفتعل ومفروض على البلدين ويمكن الاستغناء عنه بسهولة لولا تمسك الاقطاع السياسي الشيعي والكردي والعربي السني بهذا النوع من الحكم الفاسد حفاظا على مكاسبه وغنائمه السلطوية.
3-تهيمن في البلدين أحزاب صورية طائفية دينية أو عرقية تقودها عوائل وبيوتات سياسية تقليدية وشلل من السياسيين الطائفيين بلا برامج أو مبادئ ثابتة غير اللغو الإنشائي والعاطفي المهيج لغرائر الحاضنة الطائفية أو العرقية لهذه الأحزاب. أما الأحزاب والقوى اللاطائفية فقد تشرذمت وهُمشت نتيجة أخطائها الكارثية إما في التحالفات أو في الخدمات التي قدمتها للاحتلال الأجنبي ومشروعه السياسي "دولة المكونات". وكل هذه التكوينات السياسية التي تحكم اليوم في العراق او لبنان متخلفة نوعيا لأنها تعود إلى عصر ما قبل الدولة الحديثة وتحبس المجتمع والدولة في حالة من الركود والاستنقاع وعدم الاندماج المجتمعي ستستمر حتى اندثار الدولة الواحدة ونشوء دويلات طائفية صريحة على أنقاضها. وبهذا يتم تحقيق وصية زعماء الحركة الصهيونية المؤسسين والقاضية بإحاطة إسرائيل بدول شيعية وسنية ومارونية وكردية وفرعونية وتكون إسرائيل هي الحامية لها والمحيمة بها من شعوب المنطقة الرافضة لها!
4-انتشار الفساد والإفساد والتزوير الذي بلغ ذروته في لبنان بإفلاس البنوك وفي مقدمتها بنك الدولة المركزي وتراكم الديون على الدولة وانهيار العملة "الليرة" اللبنانية. أما في العراق فبلغ الفساد أرقاما فلكية "سميت إحداها سرقة القرن". وفُقد الاستقلال الوطني وأصبح العراق بلدا مستباحا أرضا وبحرا وسماء، بلا جيش حقيقي قادر على الدفاع عن البلد، وبلا زراعة أو صناعة ووضعت حكومته أنهار العراق تحت الإدارة التركية وتنازلت حتى عن المنفذ البحري الصغير للعراق للكويت في خور عبد الله ورهن ميناء الفاو بالربط السككي للكويت وإيران قبل اكتمال بنائه.
5-يشترك البلدان، العراق ولبنان، باستمرار الحكم التوافقي الطائفي بسبب وجود حماية أجنبية غربية لنظامي الحكم في البلدين، ولكن ليس لصد أي عدوان خارجي عليهما، بل لحماية النظامين الحاكمين من شعبيهما. ففرنسا هي التي أوجدت الدولة اللبنانية وأعلن عن قيامها الجنرال الفرنسي هنري غورو في 1 أيلول 1920، واعتمد نظام حكمها التوافقي الطائفي لحكم ما سمي لبنان الكبير المكون من جمع بيروت مع الجبل وطرابلس في دولة واحدة لأول مرة في التاريخ وتحت الانتداب الفرنسي. وفي العراق أصبحت الولايات المتحدة الأميركية هي الطرف الحامي لنظام الحكم العراقي والذي تأسس في سنوات الاحتلالها الأولى، وكُتب دستوره تحت الإشراف المباشر لجنرالات وخبراء الاحتلال. واستمر التدخل في إدارة البلد عبر جهات أكاديمية وأمنية بمشاركة بعض العملاء المحليين العراقيين عرفت أسماء ستة منهم ضمن مجموعة "مستقبل العراق" التي يقودها السفير الأميركي رايان كروكر، وهم (فالح عبد الجبار، نبراس الكاظمي، سجاد جياد، د. ليث كبه، د. كنعان مكية، ورند رحيم).
*أختم هذا المبحث بما تم تداوله قبل الانتخابات الأخيرة من محاولة لوساطة قام بها رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري لإقناع الساسة الشيعة العراقيين بأن يعلنوا عن تساوي نسب السكان بين شيعة وسنة وأكراد. وحين رفض الساسة الشيعة اقتراحه قال لهم "استعدوا للخراب وسفك الدماء إذن"! في الواقع فإن هذه القصة، ليس لها ما يؤكدها وثائقيا، ولم يؤكدها مصدر مستقل موثوق. ولكنها انتشرت مؤخرا، أي بعد عقدين على كتابة دستور الحكم المكوناتي في العراق. ولكن على افتراض صحتها النسبية مهما كانت ضعيفة، فإنها تكشف عن محاولة لحل أزمة حكم الطائفية السياسية بوسائل طائفية وعلى طريقة "وداوها بالتي كانت هي الداء" وهذا مستحيل فالحل إما أن يكون ديموقراطيا يحظر ويجرم الطائفية السياسية ويعيد الاعتبار إلى الهوية الوطنية العراقية ويضع الهويات الفرعية الأخرى في موضعها المناسب وإلا فلا حل آخر غير استمرار حكم الفساد والنهب والتبعية للأجنبي وتحول الدولة إلى دويلات يحكمها الإقطاع السياسي الطائفي والإثني.
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الفرق بين اليسار المتطرف وأقصى اليسار؟
- ميلونشون يحاكم اليمين الفرنسي المتصهين
- الديموقراطية التوافقية في بلجيكا والسويد وهولندا: مقارنة من ...
- الفرق بين التوافق الطائفي العراقي واللبناني والديموقراطية ال ...
- الطائفية السياسية وآليات مركزة السلطات وإقصاء المختلفين والم ...
- بين العرف والدستور: توزيع الرئاسات الثلاث بين الترويكة الطائ ...
- الاختيار بين المالكي والسوداني: لا خيارات داخل المتاهة الطائ ...
- من هو الشيخ محمد مزوِّر ختم المرجع السيستاني ومنتحل دوره؟
- تحريم الغناء والموسيقى والسكوت على سرقات القرن!
- مداخلة برسم صديقي البغدادي -الأصيل-!
- حول الزبائنية والإقطاع السياسي في منظومة حكم الطائفية السياس ...
- شروط بارزاني على بغداد وشروط التنسيقي على السوداني: مزيدا من ...
- لماذا فشل اليسار العراقي؟ نسخة مخففة من -ردوها عليَّ إنْ است ...
- الانتخابات العراقية: الدوران في الحلقة الطائفية المفرغة مستم ...
- نماذج من نقد شباب اليسار العراقي لأداء مرشحيهم في الانتخابات
- لعبة تزوير الانتخابات تبدأ من تزوير نسبة المشاركة
- تزوير فظ لنسبة المشاركة في الانتخابات رغم مقاطعة أكبر أحزاب ...
- رئيس حكومة أم زعيم معارضة: السوداني يتحدث عن الاتفاقية المائ ...
- هل فرطت الحكومة بنصف عائدات النفط لشركة إكسون موبيل من أجل ا ...
- انتخاب مامداني: ترامب يتراجع: كن لطيفا معي ويوم أسود وحالة ح ...


المزيد.....




- -أب وابنه-.. أستراليا تعلن تفاصيل جديدة عن مشتبه بهما والسلا ...
- وفاة إيمان شقيقة -الزعيم- عادل إمام وأرملة الراحل مصطفى متول ...
- مسلم أعزل ولا يمتلك خبرة في الأسلحة.. من هو الرجل الذي انت ...
- المغرب: قتلى جراء -تدفقات فيضانية استثنائية- في آسفي جنوب ال ...
- نيوزويك: اليابان تكشف عن سلاح ليزر سيغير قواعد الحرب
- مصر.. أسعار السيارات مُرشحة لتراجع جديد في عام 2026
- سوريا تعتقل 5 مشتبه بهم بعد مقتل جنديين أمريكيين ومترجم في ه ...
- السلطات السورية تُعلن توقيف خمسة أشخاص وتكشف خلفية منفّذ هجو ...
- -استيقظت فوجدت ضلعي مكسورًا-.. عشرات المعارضين خارج السجون ا ...
- -غير قانوني-.. حكم قضائي يُبطل قرار الحكومة الإسرائيلية إقال ...


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - القواسم المشتركة للحكم التوافقي بين العراق ولبنان مقارنة بالتجارب الأوروبية