أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد العزيز الراشيدي - من وثائق الحركة الطلابية المغربية















المزيد.....



من وثائق الحركة الطلابية المغربية


عبد العزيز الراشيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1838 - 2007 / 2 / 26 - 11:23
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


وجهة نظر: في التطورات الأخيرة للحركة الطلابية
لقد عرفت الساحة الطلابية سواء قبل أو بعد رفع الحظر عن منظمتنا العتيدة: أ و ط م صراعات كانت في بعض الأحيان تتخذ طابعا عدائيا وتناحريا.هذه الصراعات لم تكن تعكس في الواقع إلا مجموعة تصورات ومفاهيم إيديولوجية وسياسية لم تكن تعكس بدورها إلا التناقضات التي تنخر الحركة الطلابية، والتي لم تكن تنفصل عن مجمل التناقضات التي تنخر مجتمعنا ككل وتحكم سيره وتطوره.
وإذا كانت مسألة الصراع داخل الحركة الطلابية مسألة عادية وطبيعية بل ضرورية لتطور هذه الحركة نفسها. فإن أشكال وأساليب خوض الصراع لم تكن هي كذلك لتنفصل عن هذه المفاهيم والأطروحات.
فما هي المحاور الرئيسية التي احتدم حولها الصراع وما هي أشكال وأساليب خوض هذا الصراع نفسه وما هي خلفياته وجذوره؟
المؤتمر الوطني الثالث عشر:
لقد جاء المؤتمر الوطني الثالث عشر ليحسم الصراع الدائم آنذاك حول مفهوم ومدلول مبادئ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وليثمن تلك المبادئ الأربعة وليعطيها مدلولها الصحيح، وليخرج بعدة خلاصات تعكس مجموعة مواقف تجسد بالفعل المدلول الصحيح لتلك المبادئ، فاعتبر المؤتمر القضية الفلسطينية قضية وطنية بعد صراع محتدم وأعطىتحليلا سياسيا متقدما للوضع في المغرب وأقر المؤتمر مجالس النضال ولجان القسم واليقظة إلى جانب مكاتب التعاضديات محاولا بذلك تجسيد مبدأي الديمقراطية والجماهيرية وذلك بإشراك أوسع الطلبة في توجيه وتسيير الاتحاد، كما أعطى لجنة التنسيق الوطنية دور تهييء وقيادة المعارك النضالية، ويكون بذلك المؤتمر الوطني 13 قد أنجز من خلال مقرراته وتوصياته قفزة نوعية في تاريخ الحركة الطلابية على طريق تجاوز خطط الانتظار والتجميد. وفي أحسن الأحوال خطط الدفاع وردود الفعل العفوية، هذه الخطط التي كانت تتطلب على المستوى التنظيمي أشكالا متحجرة جامدة لا ترقى إلى مستوى الأهداف والمهام المنوطة بالحركة الطلابية، بل تعمق الدور البيروقراطي للأجهزة القيادية وتهمش دور الجماهير في اتخاذ القرارات وفي التوجيه والتسيير، ولم تكن التجمعات الفلكلورية على صعيد المدن الجامعية لتحد من الدور البيروقراطي للأجهزة القيادية أو لتعطي لقراراتها بعدا جماهيريا.
المؤتمر الوطني الرابع عشر:
وقد جاء المؤتمر 14 – وفي ظل شروط سياسية موضوعية وذاتية للحركة الطلابية – لا يتسع المقال لتحليلها – جاء ليحسم الصراع مؤقتا وقسرا، وبأساليب أقل ما يقال عنها أنها غريبة عن تقاليد وأعراف المنظمة، حيث وجهت طعون تعسفية إلى عدد من محاضر الانتخابات نتج عنها رفض مؤتمري المدرسة المحمدية للمهندسين، والمعهد الوطني للإحصاء وكلية الآداب والمدرسة العليا للأساتذة، جاء المؤتمر الوطني 14 ليحسم الصراع على مستوى التوجيه النقابي والسياسي لصالح النهج الانتظاري المهادن، والمتجسد في تحاليل سياسية تطمس الصراع الطبقي "وبرامج نضالية " مائعة تتلاءم وشعارات "التفتح السياسي" "والتصالح الوطني" المرفوعة آنذاك من طرف الحكم , وعلى المستوى التنظيمي لصالح أشكال وأساليب تنظيمية بيروقراطية جامدة تمنع تطوير أشكال التحرك الجماهيري القاعدي وحماية المبادرات المنبثقة عن القاعدة الطلابية، وتكرس بيروقراطية ووصاية القيادة، وهذا ما جسده المقرر التنظيمي للمؤتمر، حيث حذف لأول مرة في تاريخ الاتحاد الفروع وهمش دور مجالس النضال ولجان القسم واليقظة، وأعطى لجنة التنسيق الوطنية دورا استشاريا حيث نصت النقطة 5 من القانون الأساسي المنبثق عن المؤتمر الوطني 14 على ما يلي: "تقوم لجنة التنسيق بدور استشاري في القضايا المعروضة عليها من طرف اللجنة التنفيذية، وليست لها أية صفة تقريرية"، وهذا يشكل تراجعا ليس بالنسبة للمؤتمر الوطني 13 فحسب وإنما حتى بالنسبة للمؤتمر الوطني 9 والذي نص القانون الأساسي المنبثق عنه على ما يلي: "تهتم لجنة التنسيق الوطنية بإذكاء وتحريك نشاط الاتحاد وتنسيق أعماله"، كل هذا بهدف إحكام القبضة والسيطرة على الحركة الطلابية وإعاقة تطورها المنطقي والطبيعي بفعل التحولات السياسية التي عرفتها الساحة الوطنية من جراء احتداد الصراع الطبقي وولوج أعداد من أبناء الجماهير الشعبية إلى الجامعة من جهة، ومن جهة أخرى بفعل التطورات التي عرفتها الساحة العربية خصوصا بعد هزيمة يونيو 67، واحتداد التناقض بين الصهيونية والإمبريالية والأنظمة الرجعية من جهة، والقوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية من جهة أخرى، هاته التحولات لم تكن تنفصل عن مجمل التطورات التي عرفتها الساحة العالمية بفضل الانتصارات التي حققتها حركات التحرر الوطني ضد أنظمة الاستعمار، والاستعمار الجديد والميز العنصري المرتبطة بالإمبريالية العالمية.
وأمام إصرار النهج البيروقراطي الانتظاري على التمسك بالأجهزة القيادية، وحتى بدون أدنى سند جماهيري واستعماله كافة الأساليب والممارسات اللاديمقراطية في الصراع، من اجل فرض تصوراته ومفاهيمه على الحركة الطلابية، لم تتردد القواعد الطلابية والنهج الديمقراطي المجسد لطموحاتها والمعبر عن تطلعاتها ومطامحها، في التنازل مؤقتا عن حقها في تطوير المنظمة بشكل يستجيب لارادتها، وذلك حفاظا على وحدتها النضالية والاعتماد على الصراع الجماهيري الديمقراطي النضالي، والحفاظ على المبادئ الأساسية للمنظمة والاستناد إليها في الممارسة النضالية.
وبحكم كون المقررات المنبثقة عن المؤتمر الوطني 14 لم تكن تعكس في شيء تطلعات وطموحات أوسع القواعد الطلابية، فإن الحركة الطلابية استطاعت وإلى حد كبير تجاوزها في الساحة النضالية، ولم تتقيد بحبالها، ففي الفترة الفاصلة بين المؤتمرين 14 و 15 بادرت القواعد الطلابية بخوض أضخم المعارك التي عرفها تاريخ الاتحاد إلى يومنا هذا، لا من حيث طول نفسها واتساع رقعتها فحسب وإنما كذلك من حيث شعاراتها المتجدرة، وأبدعت القواعد الطلابية وفي الساحة النضالية أشكالا تنظيمية وأساليب نضالية فرضتها طبيعة الظرف والمرحلة وضخامة المعارك وبعدها السياسي من جهة ومن جهة أخرى واقع القمع المسلط عليها.
وهكذا استمر الصراع وفي الساحة النضالية بين نهجين رئيسيين: نهج بيروقراطي نقابي ضيق انتظاري ومهادن يحتقر القواعد ويريد تكبيل طاقاتها وفرض الوصاية عليها مستندا إلى توجيه مقررات فرضت فرضا في المؤتمر 14 بأساليب وممارسات غريبة عن التقاليد النضالية الديمقراطية لمنظمتنا في خوض الصراع وحسمه، ونهج ديمقراطي يربط بين النضال النقابي والنضال السياسي ويعتمد على طاقات وقدرات القواعد الطلابية، ويستهدف إطلاق مبادراتها الخلاقة في خوض المعارك وإبداع الأشكال والأساليب التنظيمية المرنة من أجل تأطير أوسع القواعد وضمان حقها المقدس في التقرير والتوجيه والتسيير معتمدا على الصراع الديمقراطي الجماهيري من أجل تثبيت هذا النهج.
وحتى لا يحسم الصراع لصالح النهج الديمقراطي عمدت القيادة إلى تأخير تاريخ انعقاد المؤتمر سنة كاملة، محاولة بذلك عرقلة النمو الطبيعي للحركة الطلابية ومنعها من إنجاز قفزتها النوعية التي أصبحت كل شروطها الذاتية والموضوعية متوفرة. وجاء المؤتمر الوطني 15 ليشكل منعطفا حاسما في تاريخ الحركة الطلابية المغربية، فكيف كانت نتائجه؟
المؤتمر الوطني الخامس عشر: قفزة نوعية في تاريخ الحركة الطلابية.
لقد شكل المؤتمر الوطني 15 المنعقد في غشت 1971 تعبيرا صارخا عن نمو وتجدر الوعي النقابي والسياسي للحركة الطلابية، وتجاوزا للحدود التي رسمها لها النهج الانعزالي البيروقراطي وهذا ماجسدته بالفعل المقررات والتوصيات التي تمخض عنها المؤتمر 15.
فعلى مستوى التوجه السياسي: عبر المؤتمر عن مواقف تقدمية من مختلف القضايا السياسية الوطنية والعربية والدولية مؤكدا مساندته للثورة الفلسطينية والثورة في ظفار وإريتريا وكل حركات التحرر الوطني، وذلك انطلاقا من تحليل سياسي دقيق ومتقدم للوضع على الصعيد الوطني والعربي والدولي، وانسجاما مع مبادئ وأعراف منظمتنا وتاريخ نضالها المجيد, وطرح برنامجا نضاليا واضح المعالم، مؤكدا استعداد وتصميم الحركة الطلابية على المساندة الفعلية لنضالات الجماهير الشعبية رافعا " لكل حركة جماهيرية صداها في الجامعة " .
على المستوى النقابي: أكد المؤتمر على استعداد المنظمة للنضال من أجل تعليم شعبي عربي ديمقراطي علماني وموحد، موضحا المدلول التقدمي لهذا الشعار وأكد على ضرورة النضال من أجل إعطاء مضمون تقدمي لاستقلال الجامعة الذي فرضت القواعد الطلابية على الحكم الاعتراف بمبدئه، وكذا النضال من أجل احترام حرمة المؤسسات الجامعية، وأكد على الدور الحاسم الذي يجب أن تلعبه القواعد الطلابية في وضع مشروع لتجسيد مبدأ الاستقلال، وذلك اعتمادا على مبادئ عامة حدد المؤتمر معالمها الرئيسية، كما أكد على النضال من أجل حل المشاكل المادية الملموسة على أساس ملفات نقابية واضحة وشاملة دققها المؤتمر.
على المستوى الثقافي: حدد المؤتمر مضمون الثقافة السائدة وطبيعتها الطبقية المعادية لطموحات الجماهير الشعبية وخدمتها لأهداف الرجعية والاستعمار الجديد منتقدا المؤتمر 14 لإهماله هذه الواجهة النضالية ومثمنا التجربة الرائدة للمدرسة المحمدية للمهندسين ولفاس في هذا المجال، مؤكدا تبنيه للثقافة الشعبية الجيدة ومؤكدا ضرورة النضال على الواجهة الثقافية إلى جانب الواجهات النضالية الأخرى تحت شعار: "جامعة موازية من أجل ثقافة شعبية".
على المستوى التنظيمي: أكد المؤتمر على أن التنظيم ليس تقنيات جامدة ومجردة بل تعكس الاختيارات النقابية والسياسية للمنظمة وترتبط ارتباطا وثيقا بطبيعة الظرف والمرحلة وطبيعة المهام المطروحة على الحركة الطلابية، وأكد على ضرورة مسايرتها للنمو الكمي للقاعدة الطلابية ولنمو وتجدر وعيها النقابي والسياسي مما يطرح على المنظمة ضرورة تعميقه وطرح أشكال تنظيمية مرنة وقادرة على استيعابه وفتح آفاق رحبة للطاقات النضالية والقدرات الخلاقة للقواعد الطلابية وهاته الأساليب التي تشكل صمام أمن للمنظمة سواء أمام الانحراف أو القمع، وتضمن سيادة خطها على الصعيد النقابي والسياسي، وتضمن التجسيد الفعلي لمبادئها الأساسية الأربع، والتي أكد المؤتمر على صحتها وحدد من جديد مضمونها منتقدا الخروقات والتجاوزات التي تعرضت لها في ظل القيادة السابقة.
وانطلاقا من تقييم التجارب التنظيمية السابقة وفي ارتباط مع المهام المطروحة عل المنظمة وانسجاما مع أهدافها ومبادئها وتاريخها النضالي، قرر المؤتمر:
1 – إعطاء مجالس المناضلين الصفة الشرعية القانونية بعد أن أبدعتها وفي الساحة النضالية القواعد الطلابية.
2 – إعادة تأسيس مكاتب الفروع بشكل يمنح المنظمة الفعالية اللازمة على صعيد المدن الجامعية.
3 – إعادة تأسيس لجنة التنسيق الوطنية وإعطائها طابع التقرير وفق توجيه المؤتمر وتمكينها من رسم وتقييم وقيادة المعارك النضالية.
وإذا كان المؤتمر الوطني 15 قد شكل قفزة نوعية في تاريخ الحركة الطلابية وهذا ما جسده التوجه النقابي والسياسي التقدمي والطرح التنظيمي الديمقراطي الصادرين عن المؤتمر، فإن ذلك لم يمنعه من السقوط في بعض الأخطاء والمنزلقات والتي لا بد من الوقوف عليها وتناولها بالنقد والتحليل بغية استخلاص الدروس والعبر اللازمة حتى يتسنى تفادي السقوط فيها مجددا.
منزلقات المؤتمر الوطني الخامس عشر:
لقد عكست مقررات المؤتمر 15 رغم تقدميتها وديمقراطيتها مواقف سياسية لم تكن تستند إلى الطبيعة الطبقية للحركة الطلابية ولا على موازين القوى الطبقية الفعلية على الصعيد الوطني، بقدر ما استندت على موازين القوى السياسية داخل الحركة الطلابية وهذا ما جعل المؤتمر يتعامل بشكل خاطئ مع بعض القوى السياسية ذات نفوذ لا يستهان به داخل الحركة الطلابية وذلك رغم تأكيد المؤتمر على أن المنظمة تفتح باب الانضمام إلى كل الطلبة المستعدين للالتزام بمبادئ وأهداف الاتحاد بغض النظر عن انتماءاتهم الإيديولوجية والسياسية والفكرية ورغم تأكيد المؤتمر على ضرورة التمسك والحفاظ على الوحدة النضالية للحركة الطلابية، لم يكن ليعمل من أجل توفير شروطها فلم يراع الحد الأدنى الضروري في بعض القضايا السياسية التي كان الخلاف حولها جوهريا، بل ذهب إلى إسقاط بعض التصورات والمفاهيم حول قضايا ذات طابع استراتيجي، ولا علاقة لها بمنظمة نقابية جماهيرية وديمقراطية. وهذا ناتج عن الخلط الذي ساد في الساحة الطلابية في فترة المؤتمر 15 بين مفهوم العمل النقابي الديمقراطي الجماهيري الذي يستند إلى أهداف ومبادئ تخدم مصلحة فئة أو فئات اجتماعية معينة، ومفهوم العمل السياسي الذي يستند إلى خط إيديولوجي وسياسي وتنظيمي له بعده الطبقي المحدد. إن الربط الجدلي بين العمل النقابي والعمل السياسي لا ينفي التمييز بينهما، كما أن التمييز بينهما لا يعني انعزال المنظمة وانغلاقها في نقابية ضيقة مقيتة بقدر ما يعني الحفاظ على استقلال المنظمة وضمان استقلال مواقفها السياسية وخدمتها لمصلحة أوسع القواعد الطلابية.
وقد أدت مجمل هذه المنزلقات والممارسات التي ارتبطت بها إلى التهميش النسبي للتناقض الرئيسي المتجسد في سياسة الحكم التعليمية النخبوية والطبقية والمرتبطة بدواليب الإمبريالية والاستعمار الجديد والتركيز على التناقضات الثانوية والهامشية والانزلاق في مستنقع الصراعات الحلقية، التي فرضها وغداها النهج البيروقراطي المتجاوز من طرف أوسع القواعد الطلابية، وانزلق معها النهج الديمقراطي التقدمي، مستندا إلى فهم خاطئ لجدلية النقد والوحدة يغلب طابع النقد على طابع الوحدة، في حين أن العمل النقابي الجماهيري يجب أن يستند إلى منظومة وحدة – نقد – وحدة، الوحدة على أساس برنامج نضالي والصراع الديمقراطي المعتمد على النقد البناء وتحكيم الممارسة والاحتكام إلى القواعد الطلابية وذلك بغية العودة من جديد إلى الوحدة إلى وحدة نضالية فعلية من مستوى أرقى وفي مواجهة السياسة اللاشعبية في ميدان التعليم.
وقد أدت مجمل هذه المنزلقات إلى المساس بمبادئ المنظمة وإلى عزلتها النسبية عن بعض القوى الحية في بلادنا، مما سهل على الحكم مهمة قمعها حين أصبحت الظروف الموضوعية مواتية لذلك، خصوصا وأن القيادة المنبثقة عن المؤتمر 15 اضطرت إلى الدخول في معارك نضالية في حين لم تكن بعد قد خلقت هياكل تنظيمية صلبة ومتجدرة داخل القواعد الطلابية وقادرة على مواجهة القمع.
حظر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب:
ويأتي حظر المنظمة في 24 يناير 1973 واعتقال ما تبقى من مسؤوليها والعديد من مناضليها كتتويج لحملة القمع الشرسة التي تعرضت لها مختلف القوى الديمقراطية والتقدمية في البلاد.فيتخذ منه أصحاب النهج البيروقراطي ذريعة للهجوم على المؤتمر والتهجم على قيادة المنظمة محملينها مسؤولية الحظر، في ذات الوقت الذي لم يستطع فيه النهج الديمقراطي تعبئة أوسع القواعد وتوفير شروط صمود الحركة الطلابية، وذلك نظرا للمنزلقات التي سبق ذكرها.
ويتسم الوضع داخل الحركة الطلابية بالركود رغم بعض النضالات التي خاضتها بعض الكليات وأساسا بعض المدارس والمعاهد العليا من اجل مشاكلها المادية والملموسة، وإحياء ذكرى 24 يناير إلى حين طرح "الإصلاح الجامعي" المزعوم والذي واجهته القواعد الطلابية بالرفض البات نصا وروحا، متمسكة بمنظمتها العتيدة: أ و ط م ومؤكدة العزم على الاستمرار في النضال من أجل رفع المنع عنه وإطلاق سراح مسؤوليها. هذا في الوقت الذي انقسم فيه اًصحاب النهج البيروقراطي المسالم بين قبول الإصلاح المزعوم واعتباره خطوة على طريق استرجاع أ و ط م والتأرجح بين الرفض والقبول، ثم الرفض الخجول لمراسيمه التطبيقية.
ويحتد الصراع حول الشكل والأسلوب التنظيمي القادر على تجنيد أوسع الطلبة من اجل استرجاع المنظمة بين النهج البيروقراطي الذي اعتبر التعاضديات الفوقية كفيلة بتأطير نضالات الحركة الطلابية، في حين اعتبرها النهج الديمقراطي القاعدي غير قادرة على استيعاب وتأطير الطاقات النضالية، خصوصا في مرحلة أخذت فيها الحركة الطلابية تسترجع أنفاسها، واعتبر هذه التعاضديات الفوقية ما هي إلا وسيلة لفرض الوصاية والحجر على القواعد الطلابية، إلا أنه لم يرق إلى مستوى طرح بديل متكامل يستند إلى الواقع الموضوعي والذاتي للحركة الطلابية مكتفيا بالإشارة إلى مجالس المناضلين أو مجالس الطلبة.
وتجدر الإشارة هنا إلى الدور البارز الذي لعبه الرئيس ونائب الرئيس اللذان فرضت الحركة الطلابية إطلاق سراحهما بعد أكثر من ثلاث سنوات من الاعتقال، في التصدي للإصلاح المزعوم والدفاع عن مشروعية أ و ط م، وقد كلفت هذه المعارك النضالية الحركة الطلابية تضحيات جسيمة حيث تعرض خيرة مناضليها للاعتقال في ماي 1977 ومن ضمنهم نائب الرئيس، واضطر رئيس المنظمة إلى الاغتراب.
التنسيق الطلابي:
لقد كاد التنسيق بين المعاهد والمدارس العليا، الذي بادرت جمعية طلبة المدرسة المحمدية للمهندسين إلى طرحه، أن يكون خطوة حاسمة على طريق توحيد نضالات الحركة الطلابية وذلك بالتحاق ممثلي المؤسسات الجامعية الأخرى به. إلا أن إرادة الهيمنة والوصاية لدى النهج البيروقراطي جردته من مضمونه الكفاحي والنضالي وأسقطته في فوقية صارخة، إذ لم يكن لأغلبية التعاضديات الملتحقة به أي سند جماهيري وأغرقته في نقاشات حلقية عقيمة بعيدا عن القواعد الطلابية وحرفته عن مساره النضالي في توحيد نضالات الجماهير الطلابية من اجل استرجاع مشروعية أ و ط م فلم يكن النهج البيروقراطي يستهدف من التنسيق سوى ابتزاز بعض المواقف السياسية، يؤكد بها للحكم التزامه بالسلم الاجتماعي وقدرته على جر الحركة الطلابية للالتزام به كذلك. الا أن هذه المحاولات كانت تصطدم من داخل التنسيق نفسه بصمود ممثلي جل الجمعيات المناضلة وخارجه برفض أوسع القواعد لنتائجه، وجاء يوم 26 أبريل الذي أقره التنسيق يوما وطنيا لأ و ط م والذي لم يكن يستهدف منه النهج البيروقراطي سوى تمرير ما عجز عن تمريره في اجتماعات التنسيق، جاء حدا فاصلا أكدت فيه القواعد الطلابية قدرتها على إحباط كل المناورات وعزمها على الاستمرار في النضال على طريق النهج الديمقراطي القاعدي من اجل فرض مشروعية منظمتها العتيدة: أ و ط م.
وإذا كان الصراع قد تمحور حول كيفية تاطير النضال من اجل استرجاع المنظمة: تعاضديات فوقية ليس لها أي سند جماهيري، أم تعاضديات تنفيذية منبثقة عن مجالس الطلبة؟ مجلس تنسيق بيروقراطي فوقي معزول عن الطلبة، أم مجلس تنسيق تمثيلي ديمقراطي قاعدي؟ وحدة طلابية فوقية هشة، أم وحدة طلابية فعلية قاعدية وصلبة تستند إلى برنامج نضالي قاعدي؟ فإن الصراع لم يكن في العمق إلا سياسيا، بين تصور يحتقر الجماهير ويحرمها من حقها في التقرير والتوجيه والتسيير ويعتبرها " متدنية الوعي" ولا يرى الوحدة إلا في الكواليس وفي اقتسام المناصب السياسية وتصور يؤمن بطاقات الجماهير وقدرتها الخلاقة على العطاء والإبداع ولا يرى الوحدة إلا في ساحة النضال على أساس برنامج نضالي واضح خارج إطار" السلم الاجتماعي" ومستلزماته.
رفع الحظر عن أ و ط م انتصار للحركة الطلابية:
لقد شكل رفع الحظر عن أ و ط م مكسبا فعليا للحركة الطلابية حقيقة بفضل نضالاتها المريرة على امتداد سنوات الحظر التعسفي وبفضل مساندة القوى الديمقراطية والتقدمية في الداخل والخارج لهذا
المطلب الديمقراطي .
فأمام تشبث الحركة الطلابية بمنظمتها العتيدة ورفضها " للإصلاح الجامعي" المزعوم ولأي بديل عن ا و ط م وإصرارها على الاستمرار في النضال من أجل انتزاع مشروعيتها واتجاهها إلى إبداع الأشكال والأساليب التنظيمية الكفيلة بتأطير نضالات القواعد الطلابية في ظل الحظر، أمام كل ذلك لم يجد الحكم بدا من رفع المنع عنها محاولا في ذات الوقت إفراغها من محتواها الكفاحي والنضالي وعزلها عن نضالات الجماهير الشعبية، وترويضها بالقدر الذي يستلزمه "السلم الاجتماعي" و "المسلسل الديمقراطي" المزعوم، وهذا ما تجسد في استمرار اعتقال مسؤوليها والعديد من مناضليها، والرهان على إمكانية احتوائها وفرض الوصاية عليها وجرها إلى مستنقع المسالمة والمهادنة من طرف النهج البيروقراطي المسالم.
وفي الوقت الذي لم يفهم فيه البعض هذا التنازل، وفي الوقت الذي بالغ فيه النهج البيروقراطي في تمجيد الخطوة التي أقدم عليها الحكم، في نفس الوقت اعتبرته أوسع القواعد الطلابية مكسبا فعليا وانتصارا للحركة الطلابية ولكل القوى الديمقراطية والتقدمية، موضحة في ذات الوقت الإطار الذي جاء فيه والملابسات المحيطة به، مؤكدة عزمها على إسقاط رهان الحكم، وذلك بالنضال من اجل إعطاء الأ و ط م محتواها النضالي والكفاحي وربط نضالات الحركة الطلابية بنضالات الشعب المغربي وهذا ما يتطلب بناءه بشكل قاعدي وصلب على أساس مبادئه وقانونه الأساسي ومقررات مؤتمره الوطني 15.
من هذا المنطلق ومن هذا التقييم الدقيق لحدث رفع الحظر حددت القواعد الطلابية مهامها في تلك الفترة مؤكدة عزمها على النضال من اجل إطلاق سراح مسؤولي ومناضلي أ و ط م والتهييء النضالي القاعدي للمؤتمر 16 على أساس برنامج نضالي يربط بين النضال من أجل المطالب المادية الملحة وإعادة بناء المنظمة بشكل صلب مما يتطلب تنسيقا فعليا بين الهيآت التمثيلية تشرف عليه القيادة المنبثقة عن المؤتمر الوطني 15 ويستمد مواقفه وقراراته من أوسع القواعد الطلابية مما يتطلب كذلك أشكالا تنظيمية ديمقراطية حقا وقاعدية فعلا، حتى يتسنى للحركة الطلابية إنجاز المهام الجسيمة الملقاة على عاتقها، وهذا ما ادركته القواعد الطلابية حين أبدعت الهيكلة الديمقراطية القاعدية المتمثلة في التعاضديات التنفيذية المنبثقة عن مجالس الطلبة، وذلك انطلاقا من أهداف ومبادئ الاتحاد وروح مقرره التنظيمي الصادر عن المؤتمر الوطني 15.
وقد قطعت الجماهير الطلابية أشواطا على طريق البناء القاعدي للأ و ط م لولا العرقلة المنهجية التي لقيتها من طرف النهج البيروقراطي الذي لم يرقه هذا التوجه، فانطلق يفتعل المعارك الجانبية، والصراعات الهامشية مستعملا كافة الأساليب المشينة من النعوتات والتصنيفات المجانية إلى الإرهاب الفكري والسياسي، مشوها تاريخ الاتحاد متنكرا لشرعية المؤتمر 15 ومعتبرا إياه نقطة سوداء في تاريخ الحركة الطلابية متهما القيادة المنبثقة عنه بالخيانة ومتوجا كل هذا وذاك بمحاولة فرض تنسيق وهمي بين التعاضديات الفوقية، وتنصيبه كممثل للحركة الطلابية في غيبة عن قيادتها الشرعية وبمعزل عن أوسع القواعد الطلابية وهيآتها التمثيلية الفعلية.
ورغم رفض أوسع القواعد الطلابية لهذا النهج وأساليبه وممارساته ورغم رفضها لتعاضدياته الفوقية وتنسيقه الوهمي لم يتردد أصحابه في التمادي في مخططهم ذاهبين إلى حد التنكر لقوانين وأعراف المنظمة، وفرض توقيت قسري للمؤتمر الوطني 16 وخلق لجنة للتحضير له، وإبداع ما أسموه" بلجن أنصار المؤتمر 16" في المؤسسات التي ترفض الحضور في ذلك التنسيق ضاربين عرض الحائط وحدة الحركة الطلابية ملوحين بالانشقاق ومستعملينه كورقة ضغط على القواعد الطلابية.
إلا أنه بفضل صمود وثبات القواعد الطلابية وتبنيها للنهج الديمقراطي واسترشادها بتاريخ الأ و ط م وتراثه النضالي واستنادها إلى مبادئه الأساسية الأربعة وأعرافه وتقاليده استطاعت وإلى حد كبير إسقاط اكبر حلقة من حلقات الرهان وذلك بوضع وحدة الحركة الطلابية فوق كل اعتبار، وفرض شرعية المؤتمر الوطني 15 وفرض تنسيق وحدوي فعلي أكثر ديمقراطية من سابقه، استدعت وأشرفت عليه القيادة وساهمت فيه جل الهيآت التمثيلية. إلا أن إرادة الهيمنة والوصاية لم تشأ من جديد إلا أن تفرغه من محتواه النضالي وتحرفه عن مساره الصحيح في توحيد نضالات الحركة الطلابية على أساس برنامج نضالي واضح يأتي المؤتمر الوطني 16 كتتويج له.
بدل كل هذا ، لجأت القيادة تحت ضغط أصحاب النهج البيروقراطي وفي ظل شروطها الذاتية إلى تحديد شهر شتنبر كتوقيت للمؤتمر، في الوقت الذي لم تكن شروطه قد توفرت بعد بالقدر اللازم، وقد خلف هذا القرار استياء واسعا لدى أوسع القواعد الطلابية لكن ذلك لم يمنعها من الانضباط النضالي له مع تسجيل تحفظها في العديد من المؤسسات.
وإذا كان الصراع قد تمحور طيلة هذه الفترة حول الشكل التنظيمي وشكل التنسيق وتوقيت المؤتمر (صيف 79 أم نهاية 79)، فلم يكن في الجوهر إلا صراعا سياسيا حول التوجيه المجدد الذي سيأخذه الأ و ط م: هل سينحشر في المسلسل الديمقراطي المزعوم وسيتقيد بمستلزماته، مما سيفرغ الأ و ط م من محتواه النضالي وسيحرفه عن أهدافه ومبادئه أم سيبقى الأ و ط م منظمة نقابية مناضلة جماهيرية ديمقراطية تقدمية ومستقلة، وبالتالي من سيكسب الرهان الحكم أم الحركة الطلابية؟ وهذا ما لم يدركه العديد من مناضلي الأ و ط م مما أدى إلى تركيز الصراع حول الشكل التنظيمي دون ربطه بطبيعة الظرف والمرحلة والمهام الجسيمة المطروحة على الحركة الطلابية من جهة، ومن جهة أخرى دون ربط كل شكل بمضمونه السياسي. فالهيكلة البيروقراطية الفوقية تستند إلى تصور يحتقر الجماهير باعتبارها " متدنية الوعي" ولا يؤمن إلا " بالنخبة الواعية " ولا يفهم النضال إلا في الخطب الانتخابية وسرد الأمجاد. في الوقت الذي تستند فيه الهيكلة الديمقراطية القاعدية إلى تصور يعتمد على الجماهير وقدرتها على الخلق والإبداع دون السقوط في تقديس عفويتها.
كما أدى تركيز الصراع حول الشكل التنظيمي إلى القصور النسبي للحركة الطلابية في إنجاز مهامها من أجل حل مشاكلها المادية الملحة وجعل نضالاتها دون ديناميتها وحيويتها المعهودتين وأدى إلى تخلفها عن النضالات العارمة التي عرفتها الساحة الجماهيرية.
المؤتمر الوطني السادس عشر، ملابساته ونتائجه:
رغم بروز بعض النزعات الرفضوية والفوضوية في الساحة الطلابية كرد فعل خاطئ على أطروحات النهج البيروقراطي وأساليبه اللاديمقراطية في خوض الصراع وحسمه من جهة، ومن جهة أخرى رغم فرض توقيت قسري للمؤتمر دون مراعاة الظروف الذاتية والموضوعية للحركة الطلابية، فإن القواعد الطلابية لم تقصر في التعامل بشكل سديد مع المؤتمر والعمل على إنجاحه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على نضج الحركة الطلابية ورغبتها العميقة في الحفاظ على وحدتها وإبعاد شبح الانقسام. إلا أن هذه الرغبة الأكيدة في الوحدة كانت تصطدم وفي كل مرة بروح الهيمنة والوصاية التي تطبع ممارسات وسلوك النهج البيروقراطي، فتقبل عضوية إحدى فدراليتي أوربا الغربية في غياب الفدرالية الأخرى ودون حتى طرح المسألة للمعالجة والحسم في المؤتمر في حين يرفض حضور كتاب مكاتب فروع الفدرالية الأخرى حتى كمجرد ملاحظين في المؤتمر وتفتتح الجلسة الأولى للمؤتمر من طرف رئيس سابق للاتحاد رغم وجود كلمة توجيهية صوتية لرئيس المنظمة وتشكل لجنتي الفرز والرئاسة تحت احتجاج العديد من المؤتمرين، وتكون هذه مجرد مقدمة لتجاوزات وخروقات لم تعرفها قوانين الاتحاد من قبل ابتداء من عدم البث في الطعون إلى الاكتفاء بقراءة التعديلات وطرحها للتصويت دون قراءة النصوص كاملة. وقد خلفت هذه الممارسات والأساليب جوا واسعا من الاستياء لدى العديد من المؤتمرين، ولم تكن هذه الممارسات والأساليب الغريبة عن تقاليد وأعراف الاتحاد إلا مدخلا لتمرير أطروحات متخلفة لا تعكس في شيء واقع الحركة الطلابية، ولا ترقى إلى مستوى طموحاتها وتطلعاتها وإلى مستوى التجسيد الفعلي لأهداف ومبادئ الاتحاد وفق برنامج نضالي يحدد بدقة المهام الجسيمة المطروحة على الحركة الطلابية، ولا تستهدف تلك الأطروحات سوى إعطاء توجيه مجدد لأ و ط م ينسجم وشعارات "السلم الاجتماعي" و "المسلسل الديمقراطي"، هذا في الوقت الذي لا زالت فيه دماء المهدي وعمر وزروال وسعيدة والزايدي وكرينة وغيرهم من الشهداء لا زالت لم تجف بعد وفي الوقت الذي لا زالت فيه السجون تزخر بخيرة مناضلي شعبنا ويسقط الشهداء منهم الواحد تلو الآخر: (جبيهة رحال، احمد أومليل موسى) وفي الوقت الذي لا زالت فيه الجماهير الشعبية ترزخ تحت وطأة النهب والاستغلال، وفي الوقت الذي أصبح فيه مجرد ممارسة الحق النقابي جريمة نكراء يعاقب عليها القانون وما طرد المئات من رجال التعليم والصحة إلا دليل على ذلك. هذا هو التوجه الذي عكسته المقررات والتوصيات التي سطرتها الأغلبية المصنوعة في المؤتمر، فعلى المستوى السياسي: عمل المؤتمر على إخراج بعض القضايا السياسية عن حجمها الطبيعي وإعطائها صبغة المحدد للتعامل سواء داخل أو خارج الاتحاد، في الوقت الذي يجب أن يكون فيه التمسك بأهداف ومبادئ الاتحاد هو أساس التعامل داخل أ و ط م ومناهضة الإمبريالية والصهيونية والرجعية هي أساس تعامله مع المنظمات التقدمية الأخرى الشقيقة والصديقة، كما أن البيان العام ساند ضمنيا "المسلسل الديمقراطي" في الوقت الذي لا يشكل فيه هذا "المسلسل الديمقراطي" المزعوم والقمع المنهجي الذي تتعرض له الجماهير الشعبية ومناضليها المخلصين، إلا وجهين لنفس العملة هذا كما تجنب البيان الحديث عن التدخل في بنين والزايير وزيارة الشاه المغلوع وشخصيات صهيونية رسمية وغير رسمية لبلدنا، وتجاهل كفاح الشعب الإرتري البطل من أجل حقه في تقرير مصيره نزولا عند رغبة بعض من ساهموا في صنع البيان نفسه.
أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فبعد أن اعتبرها المؤتمر الوطني 13 قضية وطنية ودعى إلى تقديم جميع أشكال وأنواع الدعم والمساندة لها، وأوصى بخلق لجان فلسطين لتجسيد ذلك موضحا مضمون الشعار "القضية الفلسطينية قضية وطنية" باعتبار تجسيد هذا الشعار لا يعني سوى فضح الرجعيات المحلية وارتباطاتها بالإمبريالية والصهيونية والدور المكشوف والخفي الذي تلعبه في تصفية القضية الفلسطينية. يأتي المؤتمر الوطني 16 ليرفض اقتراح خلق لجنة فلسطين في المؤتمر، ولجان فلسطين في المؤسسات الجامعية، متجاهلا في ذات الوقت الدور الذي لعبته الرجعيات العربية في تهييء ومساندة زيارة الخزي والعار التي أقدم عليها السادات العميل، ومحاولة إغلاق مكتب منظمة التحرير بالرباط والحد من عدد الطلبة الفلسطينيين الوافدين على المغرب، والدور الهدام الذي تلعبه ما يسمى ب "رابطة اليهود المغاربة" ذات الميول الصهيوني. وهذا يعتبر مسا بالقضية الفلسطينية، وتنكر لشعار منظمتنا "القضية الفلسطينية قضية وطنية". وعلى هذا المستوى ،على مستوى القضية الفلسطينية يكون المؤتمر 16 قد سجل أكبر تراجع ليس بالنسبة لمؤتمر 15 فحسب وإنما حتى بالنسبة للمؤتمرات 14، 13 و 12.
وعلى المستوى التنظيمي: ومن أجل ضمان هذا التوجه النقابي والسياسي المتخلف وترجمته إلى واقع ملموس، وإحكام سيطرة النهج البيروقراطي على أوسع الجماهير الطلابية من خلال الأجهزة المسؤولة، لجأ المؤتمر إلى سن شكل تنظيمي بيروقراطي محاولا تهميش دور القواعد وشل قدرتها على التحرك من اجل تجاوز خطط المهادنة والانتظار. فعلى المستوى الوطني مركز السلطة في يد اللجنة التنفيذية وعلى مستوى المؤسسة مركز السلطة في يد التعاضدية.
ولم يتعرض شيء للتشويه اكثر مما تعرضت له الهيكلة القاعدية فحينما أدرك النهج البيروقراطي أنه لم يعد من الممكن تجاهلها – بعد أن كان يعتبرها بدعة – عهد إلى تشويهها وإفراغها من محتواها الديمقراطي القاعدي، فأعطى المجالس دورا استشاريا هامشيا، وألحقها بالتعاضدية الفوقية وجعلها تأتمر بإمرتها، في حين أن المجالس القاعدية هي التي كان يجب أن تراقب وتحاسب التعاضدية التنفيذية وفق قرار التجمع العام أو التجمعات العامة. وانسجاما مع خط المنظمة النقابي والسياسي وعلى هذا المستوى على مستوى الشكل التنظيمي لم يستطع المؤتمر إقرار أشكال تنظيمية صلبة تطلق القدرات الخلاقة وتأطر مبادرات القواعد وتستوعب بل وتفجر الطاقات النضالية وبعبارة أخرى تساير النمو الكمي والكيفي للحركة الطلابية في ارتباط مع طبيعة المهام الجسيمة المطروحة عليها، أشكال تصلب وتعزز وحدة الحركة الطلابية خارج دائرة "السلم الاجتماعي"، فعلى هذا المستوى، على المستوى التنظيمي يعتبر المؤتمر الوطني 16 مؤتمر تراجع بالنسبة للمؤتمرات السابقة، وما إقرار دورية المؤتمر لمدة ستنين بدل سنة واحدة إلا دليل آخر على رغبة النهج البيروقراطي في تعزيز نفوذه المهزوز.
وإذا كان تمرير مثل هذا التوجه المتخلف قد ارتبط بالعديد من الممارسات الانتهازية واللاديمقراطية ابتداء من الخروقات والتجاوزات التي عرفتها قوانين الاتحاد إلى جو الإرهاب والحلقية اللذان سادا جلسات المؤتمر، إضافة إلى وجود قوات القمع في الكواليس قصد استصدار مقررات "معقولة" في مستوى رهان الحكم مما خلق جوا من الهلع والاستياء لدى العديد من المؤتمرين وإذا كان العديد من مؤتمري المؤتمر الوطني 16 أنصار الهيكلة الديمقراطية القاعدية والنهج الديمقراطي النضالي قد تمسكوا بالوحدة ولم يحاولوا الانسحاب من المؤتمر أو تفجيره فإن ذلك لا يشكل بأي حال من الأحوال مبررا لعدم تسجيلهم لمواقفهم من مختلف القضايا حتى لا تخرج بعض المقررات وكان عليها إجماع المؤتمرين ومن ورائه إجماع الحركة الطلابية.
وإذا كان النهج اللاديمقراطي هو الذي ساد وتحكم في جلسات المؤتمر فإن العديد من المؤتمرين والملاحظين قد عارضوا وبشدة الخروقات والتجاوزات التي تعرضت لها قوانين الاتحاد وخصوصا مسألة أوربا الغربية وذلك رغم عدم اتفاقهم الكلي مع الهيكلة الديمقراطية القاعدية، إلا أنهم لم يرقوا إلى مستوى الانسلاخ على النهج البيروقراطي المسالم والفصل مع اطروحاته.
وخلاصة القول إن المؤتمر الوطني 16 قد شكل سواء من حيث توجهه النقابي والسياسي والتنظيمي أو من حيث الأساليب والممارسات التي سادت فيه مؤتمر تراجع وارتداد ليس بالنسبة للمؤتمر الوطني 15 فحسب وإنما حتى بالنسبة للمؤتمرات السابقة 14، 13 و 12.
الحركة الطلابية ونتائج المؤتمر 16:
إذا كان المؤتمر الوطني 16 في ظل الشروط الذاتية والموضوعية للحركة الطلابية وفي ظل الملابسات التي عرفها، قد حسم الصراع مؤقتا على المستوى النقابي والسياسي لصالح النهج البيروقراطي المسالم، وعلى المستوى التنظيمي لصالح الهيكلة البيروقراطية الفوقية فإن ذلك لم يمنع أوسع القواعد الطلابية من العمل من أجل تجاوز نتائج مؤتمر التراجع والارتداد وذلك ب:
1 – على الصعيد النقابي: تصعيد النضال من اجل تحقيق مطالبها المادية الملحة وما معركة إرجاع المطرودين وإقرار المعادلة وحق التسجيل والتمسك بتعميم المنح، هذه المعركة التي بادرت القواعد بتفجيرها في أوائل السنة الحالية إلا دليل على ذلك.
2 – على الصعيد السياسي: تصعيد النضال من اجل إقرار الحريات الديمقراطية وإطلاق سراح المعتقلين النقابيين والسياسيين وعودة المغتربين والنضال من اجل الإفراج الفوري عن مناضلي أ و ط م ومسؤوليه السابقين وعودة المنفيين منهم وما مبادرة القواعد بجعل يوم 24 يناير يوما للطالب المعتقل والندوات التي أقيمت في كل من كلية العلوم وكلية الآداب لتخليد ذلك إلا دليل آخر.
- التضامن مع نضالات الشعب المغربي من عمال وفلاحين ورجال التعليم وتلاميذ وغيرهم، وما حركة التضامن الواسعة التي عرفتها المؤسسات الجامعية مع نضالات فلاحي تادلة وعمال العطاشة بخريبكة إلا دليل آخر على ذلك.
- المساندة الفعلية للثورة الفلسطينية وفضح خيانة الأنظمة الرجعية العربية لها والتي لا يشكل نظام السادات العميل إلا معبرا عنها وما إضراب يوم 26 يناير بمناسبة تطبيع العلاقة بين نظام العمالة في مصر والكيان الصهيوني والمهرجان الذي دعت له جمعية طلبة المدرسة المحمدية للمهندسين بالمناسبة والذي منعته السلطات، إلا دليل على ذلك. وما الأسابيع والأيام الفلسطينية التي نظمت بمبادرة الهيآت المحلية إلا دليل آخر على ذلك.
3 – على الصعيد الثقافي: فضح المضمون الطبقي والاستعماري للثقافة السائدة والعمل على خلق ثقافة شعبية تقدمية تستند إلى ما هو مشرق في تراثنا الشعبي وما موجة الأسابيع الثقافية والندوات والمحاضرات التي عرفتها أغلبية المؤسسات الجامعية وبمبادرة الهيآت المحلية إلا دليل على ذلك.
- دراسة ومناقشة تاريخ الحركة الطلابية وانتقاد التوجه الذي اتخذه المؤتمر الوطني 16 وفي هذا المجال تندرج ندوة المؤتمرين بكلية العلوم والندوة حول تاريخ الاتحاد الوطني بكلية الآداب وندوة كلية الطب بالبيضاء...الخ.
4 – على الصعيد التنظيمي: ولتجسيد هذا التوجه النضالي والكفاحي الذي بلورته القواعد الطلابية في ساحة النضال بادرت هذه الأخيرة إلى المساهمة في مكاتب التعاضديات رغم محدوديتها، وفي مجالس الطلبة رغم طبيعتها محاولة في نفس الوقت خلق علاقات نضالية ديمقراطية لتجاوز التقنينات البيروقراطية التي فرضها الشكل التنظيمي المنبثق عن المؤتمر 16، وبادرت إلى خلق لجان فلسطين ولجان حقوق الإنسان وذلك رغم تجاهل المؤتمر لهذه اللجان الأساسية في ترجمة شعارات الحركة الطلابية بالنسبة للقضية الفلسطينية وبالنسبة للمعتقلين السياسيين إلى واقع ملموس.
كما بادرت فدرالية أوربا الغربية التي رفضها المؤتمر على حل نفسها معبرة عن مستوى عال في النضج والمسؤولية.
لقد عرفت الحركة الطلابية كيف تتجاوز نتائج المؤتمر الوطني 16 وفي الساحة النضالية بعيدا عن النقاشات الحلقية العقيمة وعرفت كيف تترجم تطلعاتها وطموحاتها إلى واقع ملموس بالنضال بعيدا عن أكذوبة "السلم الاجتماعي" وهذا لم يمنعها من التعامل بشكل مسؤول وسديد مع قيادة المنظمة وأن تنضبط بشكل نضالي لقراراتها وما المعارك الموحدة التي بادرت القواعد بخوضها وتبنيها قيادة المنظمة إلا دليل آخر على نضج الحركة الطلابية ونمو وعيها النقابي والسياسي مما يجعل معزوفة تدني الوعي النقابي والسياسي تفقأ أعين أصحابها.
وقد كلفت هذه المعارك الحركة الطلابية تضحيات جسيمة على طريق النضال من أجل إعطاء أ و ط م طابعه الكفاحي وإسقاط رهان الحكم. ففي 24 يناير تتعرض الحركة الطلابية لاعنف هجمة عرفتها الساحة الطلابية منذ ماي 77 يذهب ضحيتها العديد من مناضلي أ و ط م المخلصين أغلبيتهم مندوبين في المؤتمر الوطني 16 أو مسؤولين في الأجهزة المحلية بالمؤسسات أو كلاهما معا، وتنهض الحركة الطلابية متجاوزة كل الخلافات وموفرة شروط صمودها ومستفيدة من دروس تجربتها الفتية لتصد الهجمة الشرسة التي تعترض لها، وتبدع كل أشكال وأساليب النضال (مقاطعة الامتحانات الإضرابات المحدودة، واللامحدودة، والمتقطعة، البيانات والندوات الدعائية) وتخلق لجان اليقظة لحماية حرمة المؤسسات الجامعية.
وإذا كان لا بد من الإشادة بالدور الذي لعبته القيادة في تبني نضالات القواعد الطلابية من اجل صد الهجمة والاستجابة إلى ندائها بتوجيه النضالات وعقد ندوة صحفية لاطلاع الرأي العام الوطني والعالمي وطلب مساندته، هذا النداء الذي وجهته جل المؤسسات الجامعية والذي استجابت له القيادة رافعة شعار" كلنا في خندق واحد في مواجهة القمع " ، فإن ذلك لم يدم طويلا فلم تلبث أن عادت من جديد إلى نهج أسلوب الانتظار والمهادنة خصوصا بعد صدور القرار الوزاري المشؤوم والقاضي بحذف المنحة لكل طالب يشارك في الإضراب. ولم يرق بيان المجلس الإداري الصادر عقب القرار الوزاري إلى المستوى المطلوب وطرح صيغ المواجهة مكتفيا بتأكيدات شكلية على حق الطالب في المنحة، وحقه في الدفاع عن مصالحه بكافة الأساليب التي يضمنها القانون، ومن ضمنها الإضراب، ويكون هذا البيان بداية انعطاف جديد وعودة سريعة إلى "السلم الاجتماعي" ومستلزماته، فترفض القيادة توحيد النضالات المتفرقة والتي أنهكت القواعد الطلابية. وتماطل في تكوين مجلس الفرع الذي يمنح القواعد الفعالية اللازمة على مستوى المدينة الجامعية، انطلاقا من حسابات انتخابية ضيقة مع العلم أنها كونته في وجدة. وذلك خوفا من أن تفلت زمام الأمور من يدها، وتماطل في تكوين لجنة التنسيق الوطنية لنفس الاعتبارات وتخلق التبريرات لذلك ابتداء من عدم إجراء الانتخابات في بعض المؤسسات إلى التلويح من جديد بحل الجمعيات وهنا لا بد من الوقوف عند هذه المسالة وتناولها بالنقد والتحليل نظرا لأهميتها وخطورتها في نفس الوقت، لا بالنسبة للجمعيات فحسب وإنما بالنسبة للحركة الطلابية ككل.
التلويح بحل الجمعيات محاولة لخلق معارك جانبية:
لقد شكلت الجمعيات رصيدا تاريخيا لأ و ط م وما الدور الذي لعبته جمعية المدرسة المحمدية للمهندسين وجمعية المعهد الزراعي وجمعية المدرسة الفلاحية بمكناس الا دليل على ذلك وحين تم حظر المنظمة في 24 يناير 1973 تمسكت هذه الجمعيات والجماهير الطلابية بالاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ووظفت كل إمكانياتها الذاتية للنضال من أجل حل مشاكلها الخاصة من جهة ومن جهة أخرى النضال من اجل استرجاع أ و ط م وإطلاق سراح مسؤوليه وقد كانت جمعية المدرسة المحمدية للمهندسين أول من رفض الإصلاح الجامعي جملة وتفصيلا. كما كانت أول من استدعى للتنسيق من أجل توحيد النضال في أفق استرجاع أ و ط م ولم تدخر وسعا في الدعاية لأ و ط م والتعريف بتاريخه والنضال من أجل إطلاق سراح مسؤوليه والأسابيع الفلسطينية والثقافية تشهد ومجلة أمفي تشهد والتاريخ يشهد.
ولم تختلف يوما عن التشبث بأهداف ومبادئ الاتحاد وما كان لها أن تلعب ذلك الدور لو لا وضعها الخاص: الاحتكاك المستمر بين مناضليها نظرا لطبيعة الدراسة ووجود الداخلية من جهة ومن جهة أخرى نظرا لتوفرها على قانون تأسيسي خاص بها يمنحها التغطية الشرعية القانونية، إلا أن هذا القانون لا يتنافى مع أهداف ومبادئ الاتحاد، فلماذا إذن يتم التلويح بحل الجمعيات، وتكوين تعاضدية بدل مكاتب الجمعيات؟ أمن أجل تماثل الأجهزة التنظيمية؟ ألكون أ و ط م منظمة نقابية وليس كونفدرالية؟ طبعا لا هذه مجرد تبريرات واهية لا تصمد أمام الواقع والتاريخ إن الجواب يكمن عميقا وعميقا جدا وبالضبط في الدور الذي لعبته جمعية المدرسة المحمدية للمهندسين وجل الجمعيات الأخرى في مواجهة كل الانحرافات والتشويهات التي كانت تتعرض لها مبادئ وأهداف الاتحاد، وتاريخه المشرق ابتداء من فضح مضمون الإصلاح الجامعي وتعرية من صفقوا طويلا إلى التصدي لمختلف مواقف التخاذل التي برزت في الساحة الطلابية سواء قبل رفع الحظر أو بعده.
ولاشك أن هناك من يكن حقدا دفينا لجمعية طلبة م، م، م، نظرا للدور البارز الذي لعبته في التعريف بمبادئ الاتحاد وقوانينه وتاريخه النضالي والدفاع عن الهيكلة الديمقراطية القاعدية والنسيج الديمقراطي النضالي ومن خلال مجلة أمفي نفسها واستمرت الجمعيات قلعات حصينة لمبادئ الاتحاد وأهدافه وتقاليده وأعرافه:
وإذا أردنا جدلا أن نتحدث بلغة القانون فإن المقرر التنظيمي الصادر عن المؤتمر الوطني السادس عشر أعلى هيأة تقريرية لم ينص لا من قريب ولا صراحة ولا ضمنيا على مسالة حل الجمعيات بسحب قوانينها التأسيسية. أما الشروح الفقهية فلم تكن إلا من اجتهادات القيادة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تأويل صيغة: "تشكل في كل كلية أو معهد تعاضدية" إلى أنها تلزم الجمعيات بالحل وسحب القوانين التأسيسية فهذه الصيغ قد وجدت في مقررات تنظيمية سابقة ولم تكن لتمنع الجمعيات من التمتع بنفس الحقوق التي تتمتع بها المؤسسات التي توجد بها تعاضديات.
أما مسألة الانضباط للشرح الفقهي ولاجتهادات القيادة فهي امر غير وارد، ليست من باب المزايدة ولكن نظيرا لكون هذه القيادة نفسها لم تحترم القانون التنظيمي الصادر عن المؤتمر السادس عشر، والذي لا ينص على حل الجمعيات، وهنا يسقط مفهوم الانضباط ويفسح المجال لمفهوم الانبطاح، أما إذا أردنا أن ندخل في المزايدات اللفظية فإن المقرر التنظيمي لم يجب البثة على وضعية الجمعيات، فقد تحدث عن الأحياء الجامعية ولم يتحدث عن الداخليات فالمدارس والمعاهد العليا داخليات، ولا توجد بها أحياء جامعية.
وإذا أصرت القيادة على ضرورة حل الجمعيات رغم تشبث القواعد بها وهذا ماعبرت عنه وبالإجماع العديد من التجمعات التي استدعيت لهذا الغرض. فإن المسألة ستأخذ أبعادا أخرى وستضطر كل مؤسسة إلى تحديد موقفها وستتحمل القيادة وحدها مسؤولية خلق هذه المعارك الجانبية، والجانبية جدا في الوقت الذي يمكنها أن توفر على الحركة الطلابية عناء صراعات هامشية جديدة.
وأن الحل السديد للمسألة يكمن في ترك مجال المبادرة للجمعيات نفسها حتى تغير قوانينها الداخلية وفقا لروح المقرر التنظيمي (تكوين مجالس الطلبة...الخ).
وإذا كانت الحركة الطلابية قد تقدمت خطوات على طريق تجاوز نتائج المؤتمر 16 وإسقاط اكبر حلقة من حلقات الرهان مستندة إلى مبادئ وأهداف الاتحاد وتراثه وتاريخه النضالي مقدمة المزيد من التضحيات والمزيد من المناضلين الذين ذهبوا ضحية للقمع فإنها في ذات الوقت قد حققت العديد من الانتصارات وما إطلاق سراح مناضلي أ و ط م المعتقلين بمكناس ومن ضمنهم نائب رئيس المنظمة الرفيق عبد الواحد بلكبير إلا انتصار جديد على درب النضال من اجل إطلاق سراح ما تبقى من مناضلي أ و ط م ومسؤوليه السابقين وعودة المغتربين منهم، وأن الطريق ما زال شاقا وطويلا وعلى كل مناضلي أ و ط م المخلصين أن يتجندوا ويكثفوا الجهود لتحقيق المزيد من الانتصارات وإعطاء أ و ط م طابعه الكفاحي والنضالي إلى جانب الجماهير الشعبية وخارج دائرة "السلم الاجتماعي" وتعزيز صمود ووحدة الحركة الطلابية على أساس برنامج نضالي ديمقراطي قاعدي يمكن أن تشكل النقط التالية محاوره الرئيسية:
1 – النضال من اجل تحقيق المطالب النقابية الملحة للحركة الطلابية ومن اجل تعليم شعبي عربي ديمقراطي علماني موحد.
2 – النضال من اجل الحفاظ على مبادئ أ و ط م وأهدافه والتصدي لكل محاولة المس بها أو تحريفها أو تشويهها.
3 – النضال من أجل تهييء مؤتمر 17 تقدمي ديمقراطي سواء من حيث توجهه النقابي والسياسي أو من حيث هياكله التنظيمية: الهيكلة الديمقراطية القاعدية.
4 – التضامن العملي مع حركة التلاميذ ورجال التعليم والعمال والفلاحين وجميع نضالات الشعب المغربي.
5 – النضال من اجل انتزاع الحريات الديمقراطية وعلى رأسها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والنقابيين وعودة المغتربين والإفراج الفوري عن مناضلي ا و ط م ومسؤوليه السابقين ورفع المتابعات عن المفرج عنهم.
6 – مناهضة الهيمنة الإمبريالية العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية على بلدنا.
7 – مساندة كفاح الشعب الفلسطيني وحركة التحرر العربية والتضامن مع جميع القوى التقدمية في العالم.
على أساس هذه المحاور الأساسية يمكن بلورة برنامج دقيق يوحد نضالات القواعد الطلابية من أجل توجه مجدد لأ و ط م ديمقراطي قاعدي.
ورفعا لكل لبس أو التباس وتفاديا لكل تغليط أو مغالطة فإن تناول مقررات الاتحاد بالنقد والتحليل لا يعني التشكيك في شرعيتها كما أن انتقاد ممارسات بعض أعضاء القيادات السابقة أو الحالية لايعني كذلك التشكيك في شرعيتها، كما أن تناول التناقضات، التي عرفتها الحركة الطلابية في الساحة النضالية بالنقد والتحليل لا يعني التضخيم من طابعها فهي مهما احتدت تبقى تناقضات ثانوية وثانوية جدا أمام التناقض الرئيسي لأ و ط م بل هي مصدر تحوله وتقدمه وتصليبه.
وإذا كانت مسالة الصراع مسالة طبيعية داخل وحدته فإن أساليب حوض الصراع يجب أن ترقى إلى مستوى الصراع الديمقراطي الجماهيري، وتحكيم الممارسة العملية والاحتكام إلى القواعد الطلابية في الحسم استنادا إلى منظومة: وحدة – نقد – وحدة.
انتهى
10 – 4 - 1980




#عبد_العزيز_الراشيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعاً عن المفهوم الماركسي للسلطة
- سقطت الأقنعة، فلنفتح الطريق الثوري من وتائق منظمة إلى الأمام ...
- متى تعودين - إلى روح الشهيدة سعيدة المنبهي
- بلاغ إستنكاري إلى كل أحرار العالم
- من وثائق منظمة إلى الأمام الماركسية اللنينية المغربية
- التوسير و تجديد مفهوم الإستلاب
- إريك فروم ومفهوم الإنسان المستلب
- - ماركيوز والمفهوم المعاصر للإستلاب
- الإستلاب و صناعة الإنسان دو البعد الواحد في المجتمع الصناعي ...
- الإستلاب وصناعة الأجسام الطيعة من أجل مجتمع بلا معارضة
- مفهوم الإستلاب في النسق الهيجلي
- ماركس ومفهوم الإستلاب
- هكذا تولد الحياة
- حول فكرة موت الله عند نيتشه
- زاكورة الأرض التي تحترق
- دفاعا عن المفهوم الماركسي للسلطة - ردعلى فلسفة ميشل فوكو
- ]دفاعا عن المفهوم الماركسي للسلطة
- أي تشجيع لشعبة الفلسفة في مغرب اليوم؟


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2 / عبد الرحمان النوضة
- اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض ... / سعيد العليمى
- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - عبد العزيز الراشيدي - من وثائق الحركة الطلابية المغربية