صفوان محمد زكريا الحريرى
الحوار المتمدن-العدد: 1838 - 2007 / 2 / 26 - 07:58
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لكنه دين أردت صلاحه أحاذر أن تقضى عليه العمائم
الإمام محمد عبده
"إن الدين في أسوأ حالاته كان مسئولا عن إبادات جماعية واستبداد وإرهاب، لكن ذلك لم يحدث إلا عند اختلاط الدين بالسلطة - لا أستطيع أن أتصور شيئا أسوأ من حكم رجال الدين، وهو أمر أنأى بنفسي تماما عنه "
رئيس حاخامات بريطانيا، الدكتور جوناثان ساكس
The definition of insanity is doing the same thing over and over and expecting different results
تعريف الجنون هي ان تفعل نفس الشيء مرات ومرات وتتوقع نتائج مختلفة
بنجامين فرانكلين
الساحة الثقافية فى مصر المحروسة مشغولة هذه ا لأيام بمقالات الأستاذ الدكتور جابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة في مصر في جريدة الأهرام , ورد الأستاذ الدكتور الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر عليه .
وظاهريا يبدوا ان الكثيرين طنبوا وطربوا لرد شيخ الأزهر علي جابر عصفور فأعادوا نشر مقالة الأهرام في مواقع دينية كثيرة منها :
موقع "العربية" http://www.alarabiya.net/Articles/2007/02/21/31904.htm
وفي موقع جريدة الرأي http://www.arraee.com
وفي موقع الخليج فى الاعلام http://www.gulfinthemedia.com
وفى موقع الهدايا نت http://news.hedayah.net/
وبالطبع لم يكن الأمر إعجاب ولا طرب بل كانت حملة منظمة ومنسقة ، وهى ليست حملة علي الدكتور جابر عصفور ، بقدر ما هى حملة ضد كل من تسول له نفسه الأمارة بالحرية والفهم أن ينبري لمكافحة الماء الآسن الذي يروى العقل العربي منذ قرون . ورغم أنني ممن يختلفون مع الرجل الا أنني أكن له احترام عميق لأنه غير مزيف ويقول ما يؤمن به ، وهو مثقف رفيع الثقافة قبل ان يكون موظف رفيع المقام فى وزارة الثقافة المصرية .
وأما الأستاذ الدكتور الشيخ محمد سيد طنطاوي فهو موظف رفيع المقام بدرجة" رئيس وزراء " ،
ورغم ان الحوار بين اثنين من كبار موظفي الدولة لكن إياكم ان تظنوا انه حوار منه فيه (بلغة المصريين ) او هو مجرد توزيع ادوار لمسرحية الديمقراطية في مصر كما يظن المرضي بداء التوجس المجاني ، لكن الأمر كما أظن هو من أعراض التفاعل الديمقراطي فى مصر وبداية انكشاف التناقض في بنية العقل الجمعي المصري ، وللأمانة العلمية لا أنكر إعجابي بشيخ الأزهر وانا اعتبر نفسي من مريديه فالأستاذ له له شعبية هادرة عند المصريين ؟ ، وله في الكلام نغمة هادئة ناعمة على وتيرة واحدة لا تتغير حتى فى أحلك الأوقات والأزمات ، دمث الخلق حتى اني ما را يته غاضبا او منفعلا ابدأ حتى مع وقائع العالم العربي والإسلامي التى تزلزل البسطاء من أمثالنا ، فهو تنطبق عليه مقولة الزعيم السيد ياسر عرفات يا جبل ما يهزك ريح ؟؟.
وسأحاول ان اتحرر من حبي وتقديري الجم له حتى استطيع أن أتناول حواره بموضوعية وليس بهدوء الأفاعي او ألموتي.
فرضية المقال الأولي ان ما يحدث هو حملة مخططة على جابر عصفور بدأت من الإخوان المسلمين التى استدعت فيها الازهر صراحا
فكتب د/ سيد نزيلي مقاله في موقع الإخوان المسلمين
لقد ضاقت صدرونا في الفترة الأخيرة بما شنَّه الكتاب- وعلى رأسهم كل من د. جابر عصفور والأستاذ عبدالمعطي حجازي.. ود. طارق حجي.. وغيرهم.. وحمل الجميع معاول الهدم لكل ما فيه مصلحة الأمة.
ولكم تمنينا أن تتحرك المؤسسة الدينية المتمثلة في الأزهر الشريف ودار الإفتاء والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ليقولوا كلمةَ الفصل في كل ما يُثار من دعاوى وافتراءاتٍ على الإسلام وشريعته الغراء.. ولا يتركوا المعركة للإخوان المسلمين وحدهم يصارعون المهاجمين"
لمن يرد الاطلاع على المقال المشار اليها فى موقع الاخوان المسلمين
http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ID=26310&SectionID=0&Searching=1
وبالفعل او بالمصادفة تحرك الشيخ د. نصر فريد واصل ثم تحر ك شيخ الأزهر للرد على الدكتور جابر عصفور
وبالطبع انا لا أتصور أن هناك ثم تنسيق بين مؤسسات الدولة الرسمية والإخوان المسلمين ولكنها ربما كانت
مصادفة تبعث علي الحيرة والشك أن يطلب مفكري الإخوان تدخل الأزهر ومؤسسات الدولة الدينية فتتدخل وهذا الامر الاكثر خطورة حتى من المقال نفسه .
ونأتي ألان لمقال شيخ الأزهر
كتب شيخ الازهر فى مقالة في رده علي مقالات جابر عصفور " والخلاصة أن المقالات تدور حول التنفير الشديد من قيام ما سماه الدولة الدينية, كما يتصورها سيادته لأنها الدولة التي تقوم علي احتكار السلطة, وعلي كبت الحريات, وعلي عدم الوضوح, وعلي التعصب الأعمي.. كما تدور هذه المقالات حول تشجيع الدولة المدنية.. وإني أرجو من الأستاذ الدكتور جابر عصفور, أن يتسع صدره لمناقشته في أمور من أهمها:
أولا: ما مقصوده بالدولة الدينية؟
إن كان مقصوده بالدولة الدينية, الدولة التي ينادي بها من ذكرهم من المتعصبين, ومن المتطرفين, ومن المحتكرين لتفسير الدين علي حسب أهوائهم, ومن المفسدين في الأرض..إن كان هذا هو مقصود سيادته, فالعنوان الذي وضعه لمقالاته, تنقصه الدقة, ويشوبه الخطأ, لأن كثيرا من القراء يتوهمون أن صاحب هذه المقالات يحارب كل دولة لها صلة بالدين, وهذا التوهم شيء منكر وباطل وخطير"
ونرد علي الشيخ المبجل بنفس أسلوبه والخوف كل الخوف ان الكثير من القراء يتوهمون ان صاحب الرد ينصب نفسه امير لجماعات التفتيش الدينية لمحاكمة الضمائر والنوايا وهذا التوهم منكر وباطل وخطير ...ونصب نفسه أستاذا للتصويب اللغوي وكان الشيخ يقول لنا ان الدكتور جابر وهو الاكاديمي المتخصص فى اللغة وفى النقد والذى ينادى "بالناقد الاول" ،و الذى ترجم مجموعة من الكتب الهامة للغة العربية ، واشرف على عشرات الرسائل فى اللغة ، وحاضر في جامعة هارفرد وفي السويد ، يخطئ في كتابة العنوان ، وهذا شئ محتل فالعصمة لله وحده ، ولكن فان حقنا ان نقول لك وانت تخطئ كثيرا لتخطئ الآخرين بدون بينة منطقية ـ وربما تخطئ فى أشياء كثيرة ، لان العصمة لله وحده المنزه عن كل خطأ
ثم يقول الشيخ ," وإذا كان مقصود سيادته بهذا العنوان وهو: مخاطر الدولة الدينية: التنفير والتحذير والمحاربة لكل دولة تأخذ أحكامها وآدابها وتشريعاتها من هدايات الدين, فالأمر يكون أشد إنكارا وبطلانا وخطرا.."
ونرد بنفس اسلوب شيخ الأزهر : والخوف كل الخوف ان الكثير من القراء سيتوهمون ان شيخ الازهر يقول ان الدكتور جابر ضد الدين والتدين والهدايات المباركات وكأنها دعوة للتفسيق او للتكفير للرجل ،وهذا التوهم منكر وباطل وخطير ، فشيخ الازهر عالم جليل ومتين . لا ينزلق لمثل هذا الدرك
ويقول لنا شيخ الازهر فى رده "أن العقلاء في كل زمان ومكان متفقون علي أن الدين هدايات ربانية, أنزلها الله ـ تعالي ـ علي جميع أنبيائه", وهذه العبارة تسمي فى مبادئ البحث العلمي تعميم خاطئ ـ فعلي مدى تاريخ البشرية كان هناك ملاحدة وهناك مؤمنين والحمد الله ان من آيات القران الكريم "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"(الكهف29)
ثم يكتب الاستاذ الشيخ" ومن الخطأ البين أن نظن أن في نشر العلوم والثقافات وحدها ضمانا للسلام والرخاء, وعوضا عن التربية والتهذيب الديني والخلقي, ذلك أن العلم سلاح ذو حدين: يصلح للهدم والتدمير, كما يصلح للبناء والتعمير, ولابد في حسن استخدامه من رقيب أخلاقي يوجهه لخير الإنسانية, وعمارة الأرض, لا إلي نشر الشر والفساد, ذلكم الرقيب هو الدين.. هو العقيدة والإيمان" وهذا ما قد يفهم منه القراء ان الدكتور جابر قد قاله او اشار اليه ، وهذا مالم يحدث واذكر انا الشيخ ان الدين كذلك سلاح ذو حدين بدليل الملايين الذين ماتوا فى الحروب الدينية بين الاديان او بين طوائف الدين الواحد .
ويستطرد الشيخ فيقول " ذكر الأستاذ الدكتور جابر عصفور في مقالاته الأربع, التعبير الدولة الدينية عدة مرات, وأنا شخصيا لا أعرف دولة في العالم بهذا الاسم, وإنما الذي أعرفه هو أن يقال الدول الإفريقية أو الآسيوية أو الأوروبية.. أو الدولة المصرية أو الفرنسية أو الإندونيسية أو الماليزية أو العراقية"
واقول له :
وهل الاتحاد السوفيتي السابق كان اسمه الدولة الماركسية ؟ وهل كانت المانيا كان اسمها المانيا النازية وبعيدا عن المجادلة ، هل الفاتيكان ليست دولة دينية , وهل إيران ليست دولة دينية ، هل الدول العربية المشهورة التى لها شرطة دينية ليست دولة دينية ؟
يا سيدي الفاضل اعرف ان السياسي ربما يستغل الدين لكنه يفهم تماما خطورة خلط الدين بالسياسة وخلط السياسة بالدين ، واضرب لك مثلا ببلير بدأ بلير حملته الانتخابية عام 2001، وظهرت صوره يحمل كتابا للترانيم في يده على خلفية الزجاج المعشق المشهور بالكنائس، ( كما دكرت bbc)) لكنه عندما وجه أحد الصحفيين الأمريكيين من صحيفة (فانيتي فير) لبلير سؤالا عن معتقداته الدينية، صاح مدير الاتصالات السابق، أليستر كامبل، من مكانه الذي يجلس فيه، وأوقف سير الحوار الصحفي قائلا: "لا شأن لنا بالدين"، وبالفعل توقف الحوار عن الخوض في هذا الأمر.
هناك رعب حقيق فى الدول المتقدمة في الحجرعلى الحرية باسم الدين ، ومن استخدام الدين بشكل انتقائي او ذرائعي او كهنوتي للعب السياسي على عاطفة الجماهير
ان الدين في جوهرة دعوة للحرية والاحترام لكل ما هو أنساني .
#صفوان_محمد_زكريا_الحريرى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟