أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2007 -حجاب المرأة بين التقاليد الأجتماعية والبيئية والموروث الديني - حكمت الحاج - د. رجاء بن سلامة: الحجاب مهما تجدّد شكله واستعماله يتناقض مع المساواة والمواطنة والكرامة..















المزيد.....

د. رجاء بن سلامة: الحجاب مهما تجدّد شكله واستعماله يتناقض مع المساواة والمواطنة والكرامة..


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1848 - 2007 / 3 / 8 - 11:50
المحور: ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2007 -حجاب المرأة بين التقاليد الأجتماعية والبيئية والموروث الديني
    


حاورها حكمت الحاج:
تدرّس د. رجاء بن سلامة "التّفكيك" Deconstruction مطبّقا على الدّراسات العربيّة في كلّيّة الآداب والفنون والإنسانيّات بالجامعة التونسية، وتدرّس الخطاب عن المرأة وعن الجندر في العالم العربيّ في نطاق "ماجستير الدّراسات النّسائيّة" بالمعهد العالي للعلوم الإنسانيّة، تونس. تنشر مقالات عن القضايا الدّينيّة وعن وضعيّة المرأة العربيّة. عضو هيئة تحرير مجلّة Transeuropéennes التي تصدر بفرنسا. عضو هيئة قراءة مجلّة إيبلا (معهد الآداب العربيّة) بتونس.



* في معظم كتاباتك النسوية نجد تلك الفكرة المحورية وهي [إسمحي لي بتلخيصها ولو على شكل قد يخلّ بمعناها] ان المرأة في مجتمعاتنا العربية تولد وهي آثمة بل ومؤثمة، إن صحّ التعبير، فإلى أي حد علينا أن ننظر بتفاؤل الى وضع المرأة ومشاركتها في الحياة العامة؟

- إنّ تطوّر أوضاع المرأة العربيّة نحو المزيد من الحرّيّة والفعل الواعي في الواقع، أي "صنع القرار" أمر تسير المجتمعات العربيّة في اتّجاهه، رغم العوائق ورغم التّفاوت بين مختلف البلدان العربيّة في هذا المجال. إلاّ أنّ المشكل يكمن في بطء هذه السّيرورة في العالم العربيّ عامّة، إذا ما قورنت بالتّدنّي اللاّفت للنّظر لكلّ المؤشّرات التي يمكن أن نقيس بها هذه الحرّيّة المسؤولة التي نسمّيها "صنع القرار". فالبلدان العربيّة مثلا تأتي في المرتبة قبل الأخيرة من حيث مقياس تمكين المرأة، وتأتي في المرتبة الأخيرة من حيث نسبة تمثيل النّساء في البرلمانات العربيّة في البلدان التي توجد فيها هذا الهيكل التّمثيليّ الدّيمقراطيّ (فهي لا تعدو خمسة فاصل سبعة بالمائة). إنّ ما نقيس به تاريخ الشّعوب غير ما نقيس به أعمار الأفراد التي هي قصيرة مهما طالت. وإذا نظرت إلى المسألة من وجهة نظر الأفراد شعرت بالانقباض. فالكثير ممّا طالبت به النّساء والرّجال منذ ما يزيد عن القرن لم يتحقّق لا سيّما في مجال الأحوال الشّخصية رغم تعاقب عدّة أجيال منذ بذور حركات التّحديث والحركات النّسائيّة الأولى. معنى ذلك أنّ شرائح كبيرة من النّساء العربيّات ستطوى أعمارهنّ دون أن يطالهنّ هذا التّطوّر نحو المزيد من الحرّيّة والمسؤوليّة والمزيد من "صنع القرار"..
وفيما يتعلّق بتجربتي الخاصّة جدّا كامرأة جامعيّة تونسيّة، وكزوجة وأمّ، أقول إنّ الشّروط الموضوعيّة للمساواة من تشريعات وتكافؤ للفرص يمكن أن تتحقّق للمرأة، وتظلّ مع ذلك البنى الفكريّة والعقليّات الذّكوريّة فاعلة بصمت في اتّجاه مخالف للمساواة. فالمرأة الحاملة للشّهائد العليا تظلّ متّهمة بعدم الكفاءة لأنّها امرأة، وعليها دائما وباستمرار أن تثبت العكس، وعليها أن تعمل أضعاف ما يعمل الرّجال، وعليها أن تقاوم باستمرار اختزالها في الأنثى وأن تذكّر دائما بأنّها إنسان متعدّد الأبعاد، فهي الأمّ والزّوجة والمواطنة والكائن البشريّ في نفس الوقت.. وعليها أن تثبت أنّ ما حقّقته من نجاح قد حقّقته بجهدها وعنائها. المرأة في بلداننا، ومهما كان مستواها الاجتماعيّ والعلميّ، تولد آثمة وتظلّ طيلة حياتها تحاول إثبات العكس.


* ما موقفك الكامل والواضح من قضيّة "الحجاب" ومعركته، سواء أكان ذلك في فرنسا، أو في العالم العربي والاسلامي؟

- يجب أن أوضّح أوّلا أنّ كلمة "حجاب" قد تطوّرت، فمعناها في القرآن ولدى روّاد النّهضة غير معناها اليوم، ومعركة الحجاب والسّفور في النّصف الأوّل من القرن العشرين غير معركة الحجاب اليوم.
الحجاب بالمعنى القديم هو المؤسّسة الأبويّة التي تقتضي الفصل بين المجال الخاصّ والمجال الذي تلزمه النّساء الحرائر، أي "ربّات الخدور"، والمجال العامّ الذي يتحرّك فيه الرّجال، باعتبارهم قوّامين على النّساء، أي يكتسبون ويتولّون الولايات العامّة إضافة إلى الخاصّة. ولكنّ المسألة لا تقتصر فحسب على مجرّد "هندسة الفضاء الاجتماعيّ"، إنّها أعمق بكثير : فالمجتمع الأبويّ الذي دعّمته الأديان التّوحيديّة ومنها الإسلام، يقوم على أنواع من التّبادل أحدها تبادل النّساء، والرّجال هم الذين يتبادلون النّساء الحرائر في نطاق مؤسّسة الزّواج، وهذا التّبادل كان بضائعيّا ورمزيّا في الوقت نفسه، أي أنّ الرّجل إذا أراد الزّواج كان يدفع ثمنا لوليّ المرأة هو المهر، ولكنّ المرأة لم تكن مجرّد بضاعة بشريّة، لأنّ الزّواج تبادل ذو طبيعة رمزيّة. فالزّوجة الحرّة هي التي تضمن حفظ الأنساب وتساهم في الرّأسمال الرمّزيّ للرّجل، الذي يسمّى الشّرف أو العرض. فالحجاب باعتباره فصلا بين النّساء والرّجال كان يضمن الحفاظ على الأسرة الأبويّة وكان آليّة من آليّات الفصل والتّمييز بين الذّكور والإناث، ولذلك ارتبطت مؤسّسة الحجاب الفضائيّ بما سمّيته بالحجاب الثّوبيّ، وهو في القرآن الخمار والجلباب، والحجاب الثّوبيّ آليّة أخرى من آليّات التّمييز ومن آليّات مراقبة جسد المرأة والتّحكّم في مقدار ظهوره، وخاصّة عندما تضطرّ المرأة المحجوبة إلى مغادرة الخدر. مؤسّسة الحجاب وما ترتبط به من آليّات مراقبة كانت تخصّ صنفا واحدا من النّساء أي النّساء الحرائر، ولكن وجد في المجتمعات الإسلاميّة القديمة صنف آخر من النّساء هنّ الإماء اللاتي يمثّلن بضاعة بشريّة يتمّ تبادلها تجاريّا لا رمزيّا، وهؤلاء النّساء لم يكنّ معنيّات لا بالحجاب ولا بالخمار ولا بالجلباب ولو عدنا إلى كلّ التّفاسير القديمة للآيات التي ذكر فيها الحجاب لوجدنا أنّها تستثني الإماء من هذه الآليّات، فالخمار كان وسيلة للتّمييز بين الحرائر والإماء، حتّى إنّ الخليفة عمر بن الخطّاب كان يضرب بسوطه الإماء اللاّتي يتشبّهن بالحرائر ويحجبن كامل أجسادهنّ، وذهب الكثير من الفقهاء إلى أنّ عورة المرأة الحرّة تختلف عن عورة الأَمَة، فعورة الأَمَة كعورة الرّجل موضعها ما بين السّرّة والرّكبتين، وقد أباح الفقهاء تعرية الأَمَة بلْ ولمس أعضائها الجنسيّة لمن يريد شراءها. فالأمة لم تكن معنيّة بحفظ الأنساب وبالشّرف، إلاّ إذا تغيّر وضعها من أَمَة إلى "أمّ ولْد". هذه المعطيات التّاريخيّة، وخاصّة اختصاص النّساء الحرائر بالحجاب دون الإماء هي التي يتمّ تغييبها اليوم من قبل الدّاعين إلى الحجاب، فهم يقدّمونه على أنّه أمر إلهيّ لاتاريخيّ ، غير مرتبط بالنّظام الطّبقيّ والأبويّ القديم، ويقدّمونه على أنّه فرض أتى به الإسلام، والحال أنّه موجود قبل الإسلام كما تبيّن الكثير من الدّراسات، إنّما ألحّ عليه الإسلام النّاشئ لأسباب منها ما يتعلّق بحياة النّبيّ الخاصّة جدّا، وبتقلّبات علاقته بالنّساء.
في العصر الحديث كان لا بدّ من خروج المرأة من خدرها، أي من الحجاب الفضائيّ، ولكن كان لا بدّ أيضا من رفع شعار السّفور أي تعرية الوجه، ولذلك قاومت النّساء العربيّات النّقاب وثارت عليه هدى الشّعراويّ وثريّا الحافظ و نظيرة زين الدّين وغيرهنّ، فقد اعتبرن النّقاب رمزا للحجاب ولعدم إمكان مساهمة المرأة في الحياة العامّة.
ثمّ خرجت المرأة إلى العمل وطلب العلم، وتضاءل دور الأحجبة التّقليديّة، وإذا بالحجاب يعود في شكل آخر "معولم"، في شكل الزّيّ الإسلاميّ الذي يقوم خاصّة على الخمار، وظهر نموذج المرأة العاملة والنّاشطة ولكن المحجّبة في الوقت نفسه...


* فهل يتناقض هذا الحجاب الأثوابيّ مع حرّيّة المرأة والمساواة رغم أنّه لا يحول دونها والعمل والحركة؟

- جوابي واضح، وهو أنّ الحجاب مهما تجدّد شكله واستعماله يتناقض مع المساواة والمواطنة والكرامة. إنّه يذكّر بأنّ المرأة كائن من نوع خاصّ يجب التّحكّم في ظهوره وتحرّكه، يذكّر بأنّها موضوع تبادل بين الرّجال، مباح لمن يمتلكه وممنوع على من لم يمتلكه. ثمّ إنّ الحجاب يفترض اختلافا جوهريّا بين الرّجل والمرأة أساسه هو أنّ الرّجل ناظر والمرأة منظور إليها، فلا شيء أكثر اعتباطيّة من الحكم على المرأة وحدها بأنّها مصدر فتنة، ومن تغييب وجهة نظر المرأة التي تجعل الرّجل أيضا مصدر فتنة، إن أردنا أن نساير هذا المنطق الأخلاقيّ الذي يتّهم الأجساد ويعتبر الرّغبة أمرا فاسدا وخطيرا. والحجاب يتناقض مع المواطنة، لأنّ المواطنة انتماء للدّولة لا للدّين، وهو متناقض مع المواطنة أيضا لأنّ المواطنة مشاركة في الحياة العامّة والحجاب يرتبط بكوكبة من السّلوكيّات الهوسيّة التي تتناقض مع هذه المشاركة، أقصد رفض المصافحة ورفض الاختلاط والخلوة...، وكلّها آليّات رقابة قديمة لم يعد من مبرّر لها. والحجاب يتناقض مع مبادئ المسؤوليّة والكرامة، لأنّه يفترض أنّ الرّجل لا يمكن له التّحكّم في غرائزه والمرأة كذلك، ويفترض أنّ المرأة وسيلة لا غاية، وسيلة لحفظ الشّرف وللإنجاب وليست غاية في حدّ ذاتها.


* هذا فيما يخصّ الخمار، فماذا تقولين عن "النقاب"؟

- أمّا النّقاب فإنّه ينبغي في رأيي أن يصنّف ضمن "المعاملات المهينة" والمتنافية مع أبسط حقوق الإنسان، فما معنى أن تكون المرأة بلا وجه، وأن تتحرّك في الفضاء العامّ وكأنّها شبح من عالم الجنّ لا يعرف ولا يُرى ولا يَرى؟ وقد سبق أن اقترحت على النّاشطين في مجال حقوق الإنسان أن يتحدّثوا عن حقّ لم ينتبه إليه محرّرو الإعلان العالميّ، وهو الحقّ في الوجه. ويكفي أن نعود إلى كتاب نظيرة زين الدّين عن "الحجاب والسّفور" لكي نكتشف العنف الذي تعيشه امرأة يكمّم وجهها الذي هو "مجتمع الحواسّ" لدى الإنسان، والمميّز بين إنسان وآخر.
أمّا خطاب الذين ينادون بالحجاب باسم الحرّيّة الشّخصيّة، فإنّه ينبني على نفاق أساسيّ : إنّهم يستغلّون النّموذج الدّيمقراطيّ الحديث للدّفاع عن قيم قديمة منافية للدّيمقراطيّة، ثمّ إنّ هؤلاء المدافعين عن الحجاب أنفسهم يتفنّنون في تجزئة المبادئ الدّيمقراطيّة، فدعاة الحجاب في فرنسا مثلا لا يقبلون مبدأ حرّيّة المعتقد ولا يقبلون حقّ الإنسان في الخروج من دين آبائه أو تبديله.
وفي خطاب بعض المثقّفين الفرنسيّين المدافعين عن حقّ النّساء المسلمات في الحجاب أيضا نزعة ثقافويّة عنصريّة تؤول إلى احتقار المسلمين واعتبارهم غير جديرين بحقوق الإنسان والدّيمقراطيّة : إنّ هذا الخطاب يخوّل للآخرين استعباد آخريهم، يخوّل للرّجال المسلمين الحقّ في خصوصيّة استعباد نسائهم.


* هل تدافعين عن استصدار قوانين تمنع الحجاب؟ ألا يتنافى هذا فعلا مع الحرّيّة الشّخصيّة؟

- قلت إنّني لا أرى معنى لحرّيّة المرأة في اختيار قيدها، كما لا أرى معنى في حقّ الإنسان في بيع جسده مثلا. المرأة التي تبيع جسدها لا حرّيّة لها ولا كرامة، ولا يمكن للمثقّف أن يدافع عن حقّها في هذه العبوديّة، والمرأة المحجّبة امرأة تستبطن القيم العتيقة التي تعتبر المرأة آثمة إلى أن تثبت العكس، وتعتبرها حريما ممنوعا، ولذلك فلا أرى معنى للدّفاع عن هذا الحقّ، حقّ المرأة في هذا الاستثناء التّمييزيّ.
ثمّ إنّني لا أعتبر الحجاب لباسا، بل شطبا لجسد المرأة، الدّليل على ذلك أنّ أشكاله وأنواعه تتعدّد ولكنّ المهمّ فيه هو وظيفة التّغطية والمنع التي يؤدّيها. أمّا أن تلبس المرأة الحجاب وتكون مع ذلك مزيّنة وتتفنّن في اختيار الألوان الزّاهية على الطّريقة المصريّة خاصّة فذلك لا يغيّر شيئا، بل هو دليل تناقض وعدم تحمّل لمسؤوليّة الحرّيّة وعدم نهوض بعبء الرّغبة، أي بأن يكون الإنسان راغبا ومرغوبا فيه وأن يتحمّل مسؤوليّة اختيار الشّريك ووضع الحدود لنفسه وللآخرين.
وفيما يخصّ استصدار القوانين، أقول إنّ ما حقّقته المرأة من مكاسب يجب المحافظة عليه، وقد أثبتت التّجربة أنّنا نحتاج إلى قوانين لحماية الفئات المستضعفة، نحتاج مثلا إلى قوانين تحمي الطّفلات من العنف الذي يسلّطه عليهنّ الآباء عندما يفرضون عليهنّ الحجاب ويمنعونهنّ من حرّيّة الحركة واللّعب ويفرضون عليهنّ قبل الأوان ما لا طاقة لهنّ به. نحتاج إلى قوانين تحمي النّساء من عنف إكراههنّ على الحجاب، كما نحتاج إلى قوانين مدنيّة تحمي الكتّاب والمفكّرين من الاتّهام بالرّدّة مثلا. إلاّ أنّ استصدار القوانين لا يكفي، فلا بدّمن فتح منابر الحوار، ولا بدّ من نشر الثقّافة المدنيّة وثقافة حقوق الإنسان، لمواجهة الإيديولوجية الإسلاميّة والقوميّة، فكلتاهما تعتبر المرأة راية الأمّّة، وتماهي بين جسدها وجسد الأمّة الخياليّ ولذلك تكون المرأة أوّل من يدفع ثمنا للأمجاد الوهميّة والطّوباويّات.


* كيف ترينَ الى موضوع "الجندر" أو النوع الاجتماعي من زاوية العلاقة مع حقوق الانسان من جهة، والنضال النسوي من جهة اخرى؟

- البحث في الجندر يندرج ضمن اتّجاه عالميّ هامّ في البحث يعود خاصّة إلى السّبعينات من القرن المنصرم، والجندر مقولة ثقافيّة وسياسيّة تختلف عن الجنس باعتباره معطى بيولوجيّا، وتعني الأدوار والاختلافات التي تقرّرها وتبنيها المجتمعات لكلّ من الرّجل والمرأة. وهذا التّوجّه في البحث مهمّ لأنّه يمكّننا من تعويض الماهويّة البيولوجيّة بالبنائيّة الثّقافيّة، بحيث يتبيّن لنا أنّ الاختلاف بين الرّجل والمرأة مبنيّ ثقافيا وإيديولوجيّا وليس نتيجة حتميّة بيولوجيّة. فالانطلاق من وجهة نظر البنائيّة الثّقافيّة يمكّننا من مواجهة الخطاب السّلفيّ الذي يريد إيهام النّاس بوجود فوارق "فطريّة" وبيولوجيّة أساسيّة بين النّساء والرّجال. حجّة الطّبيعة والفطرة هي التي يخرجها السّلفيّون والتّقليديّون عامّة لتبرير اللاّمساواة، وهذه الحجّة قديمة ولكنّها متجدّدة، قديما كانوا يقولون إنّ المرأة ناقصة عقلا، واليوم يقولون إنّها مختلفة فطريّا عن الرّجل، أو إنّها سلبيّة والرّجل إيجابيّ ، والنّتيجة هي نفسها، فالمرأة كائن له خصوصيّة، ونحن قوم لنا خصوصيّة، وباسم الخصوصيّة الثّقافيّة نتحفّظ على مبدإ الكونيّة، كونيّة الحقّ الإنسانيّ : هذا ما يقوله العرب للعالم اليوم، من خلال تحفّظاتهم الكثيرة والمخجلة على كلّ الاتّفاقيّات الدّوليّة الرّامية إلى إقرار المساواة. ولكن على المنطلقين من وجهة النّظر هذه أن يستفيدوا من النّقد الذي تمّ توجيهه إلى مفهوم الجندر، وهو على نوعين : نقد ينبّه إلى عدم كفاية مفهوم الجندر كمحدّد للهويّة الاجتماعيّة، فلا بدّ من مراعاة محدّدات أخرى كالطّبقة والعنصر والوضعيّة المدنيّة... ونقد آخر يحذّر ممّا قد يؤول إليه اعتماد الجندر من وقوع جديد في فخّ جوهرة الفوارق بين النّساء والرّجال، وهو ما يعوق إبداع أشكال الحياة والرّغبة، فلكلّ شخص أن يبتدع أشكال أنوثته أو ذكورته أو غير ذلك. وهناك من يرى أنّ مفهوم الجندر لا يتلاءم مع متطلّبات الحركات الجديدة التي تطالب بحقوق الأقلّيّات الجنسيّة والأصناف التي تعتبر نفسها خارج التّصنيف الجندريّ، وخارج الأقدار المسطرة سلفا.


______________________________
أعمال د. رجاء بن سلامة:
أصدرت مجموعة من الكتب ونشرت العديد من المقالات والدراسات بالعربيّة والفرنسيّة نذكر منها:
- العشق والكتابة : قراءة في الموروث، كولونيا، منشورات الجمل، 2003.
- صمت البيان، القاهرة، المجلس الأعلى للثّقافة، 1999.
- الموت وطقوسه من خلال صَحيحَيْ البخاريّ ومسلم، تونس، دار الجنوب، 1997.
- الشّعريّة، لتزيفتان تودوروف، ترجمة بالاشتراك مع شكري المبخوت، الدّار البيضاء، دار توبقال، 1987، طبعة ثانية سنة 1990.
-Les Mots du monde : Masculin –féminin : Pour un dialogue entre les cultures, collectif sous la direction de Nadia Tazi, Paris, La Découverte, 2004.



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة فلسفية في مجموعة شعرية/ بقلم الناقد التونسي الزاهي بلع ...
- النِّسْرُ وَالصَّيَاْدُ
- حجر الجنون للشاعر فرناندو ارابال
- الفيلسوف التونسي د. فتحي التريكي في حوار مع حكمت الحاج حول ا ...
- ذلكَ -الْجَازْمَانْ- المُذْهل المُتَحَكّم في الصمتْ
- نصّ مدهش عائد إلى لغته الأمّ : قصيدة نثر طويلة عن بستانيّ ال ...
- لا تَتَبَاهَ يَا موتُ بنفْسِكَ
- سائلي عن العراق نحن عراقات كثيرة
- نقش على ضريح الطاغية


المزيد.....




- معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
- ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
- المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد ...
- -كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر ...
- نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
- التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...


المزيد.....

- اثر الثقافة الشرقية على المرأة والرجل / جهاد علاونه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2007 -حجاب المرأة بين التقاليد الأجتماعية والبيئية والموروث الديني - حكمت الحاج - د. رجاء بن سلامة: الحجاب مهما تجدّد شكله واستعماله يتناقض مع المساواة والمواطنة والكرامة..