أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عمار ديوب - قراءة في كتاب الماركسية والديمقراطية















المزيد.....


قراءة في كتاب الماركسية والديمقراطية


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1837 - 2007 / 2 / 25 - 12:42
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


في مدخل الكتاب يطرح الباحث والمترجم المتميز عماد شيحا فكرة وجيهة تشترط الديمقراطية بالفكر الماركسي النقدي ، وتركز على فشل دعاوى العولمة المزينة بالديمقراطية وحقوق الإنسان ووضوح جوهرها المتمثل في السيطرة الاقتصادية على العالم واستخدام الحروب والدولة الأمريكية لهذه الغاية ، وبداية فشل هذه السيطرة في كثير من بلدان العالم ، ولذلك يتوقع نهاية تفرد الفكر الليبرالي بالسيطرة الإيديولوجية ، الذي تظهر ملامحه في كثير من القضايا والمواضيع والحركات الاجتماعية والدول ولا سيما أمريكا اللاتينية..
فيتسآل لماذا دائماً الأقلية الغنية تحكم رغم تشدقها بالنظام الديمقراطي ، في أثينا ، في الجمهوريات التجارية القروسطية ، في الليبرالية الانكليزية ،في عصر الأنوار الفرنسي، في ديمقراطية الغرب المعاصرة..
ففي ديمقراطية الغرب المعاصرة يتخلى الناخب عبر عملية الاقتراع حين يرمي ورقة اقتراعه في صندوق الاقتراع عن جزء من سلطة سياسية يملكها بوصفه عضواً في مجتمع المواطنين دون مقابل إلا وعود الحملات الانتخابية؟
أما ما يحصل في يوغسلافيا أو أفغانستان أو العراق أو الصومال فهي ديمقراطية ممسوخة ..
لذلك فالديمقراطية السياسية لا بد أن تستند لديمقراطية اقتصادية وثقافية وإلا فإنها بلا أي مسوغ أو معنى...
وهو ما يدفعنا للقول أن استمرارية النظام الديمقراطي البرجوازي لا تتيح إلا تغيرات وتداولات ظاهرية للسلطة دون أن يترافق ذلك مع تحولات اقتصادية واجتماعية وثقافية تعكس في العمق ما بدأته إرادة الناخبين...
فالسلطة الفعلية في النظام الديمقراطي هي السلطة الاقتصادية وهذه عبر حكوماتها المنتخبة ديمقراطياً تقدم شعوبها وشعوب العالم لقمة سائغة في السوق ، وهي ليست ديمقراطية لان الشعب لم ينتخبها ،.
وبمعنى أخر إن النظام المدعو ديمقراطياً هو حكومة الأغنياء ، فالفقراء المدعوون للاقتراع غير مدعوين للمشاركة في الحكم..
وإذا ما افترضنا أن الفقراء شكلوا حكومة فهم لا يملكون الوسائل لتعديل نظام عالم الأغنياء . وهنا يرد على تفكير ليبرالي ضيق أو ماركسي ستاليني ، بالقول إذا كانوا يعتقدون أن الديمقراطية هي النظام الأقل سؤاً فإنهم يغفلون عن أن هذا الرضوخ لنموذج وحيد يشكل عائقاً أما البحث عن الأفضل..
وبفشل التجربة السوفيتية وتراجع ديمقراطية الغرب وبتصاعد الهجمة النيو ليبرالية فإن علينا أن نتوقف عن اعتبار الديمقراطية قيمة ثابتة . ويجب إعادة النظر فيها وتعريضها للنقد وبالمثل الماركسية وذلك استجابة لتحدي تجديد الديمقراطية ، وتحقيقاً لمصالح الطبقات الأكثر عدداً والأكثر استغلالاً وظلماً ..
أما كاتبنا المترجم عنه أنطوان أرتو فإنه يرى أن الديمقراطية يجب أن توضع في مركز المشروع الانعتاقي الجديد الذي يتوجب صياغته بعد الفصل المميت للماركسية عن الديمقراطية ، وضرورة ربطهما واقعياً معاً..
يحدد أنطوان أن الانعتاق السياسي يعني مجيء المواطنة الحديثة ، وليس هناك ما يمنع مسبقاً اعتبار جميع الأفراد مواطنين متساويين نظرياً في ممارسة السلطة السياسية ، فالمواطنة كحق في النظام الرأسمالي هي مفهوم مجرد بكل معنى الكلمة ، وبالتالي هي تجريد الأفراد من شروط وجودهم العيانية.
ولذلك يتضمن الحديث عن الاقتراع العام حكماً بغض النظر عن الاختلافات الاجتماعية والجنسية وتثبيت استمراريتها...
ثم أن الديمقراطية الحديثة تستند إلى مبدأين لتنظيم السلطة السياسية غير مسبوقين تاريخياً..
- إن السلطة ليست ملكاً لأحد سواء أكان فرداً أم فئة اجتماعية ..
- إن السلطة لا تجد شرعيتها في اندراجها في نظام فوق طبيعي ( الكون او مملكة السماء ) بل تعرض نفسها بوصفها تعبيراً عن شعب ذي سيادة ...
التقديم السابق لا يلغي وجود اختلافات في تطور الديمقراطية ، فالثورة الانكليزية كانت ولاشك تعتمد المساواة أمام القانون ، ولكن تصورات التيارات الأكثر جذرية فيها بقيت تربط بين المواطنة والملكية ، أي بقيت المواطنة منقوصة ومشروطة بالملكية ...أفق المساواة الكاملة كأفق فقط انفتح مع الثورة الفرنسية ،،وقد أدرج أثناء الثورة التمييز بين المواطن الفعال " و" المواطن المنفعل". ومع ثورة العام 1848 أنشأ الاقتراع العام وتجذر في فرنسا مع الجمهورية الثالثة ولكنه استثنى النساء؟.
أما انطلاق ديناميكية الانعتاق السياسي فهو مرتبط مع الثورات الديمقراطية في منتصف القرن التاسع عشر ..
ماركس في المسألة اليهودية أوضح ضرورة عدم الخلط بين الانعتاق السياسي وبين الانعتاق العام للبشرية ، وإن الانعتاق السياسي يمثل تقدماً كبيراً وهو ليس موضوع تشكيك ، ولكن له حدود ولم ينتقد حقوق الإنسان عموماً بل حقوق الإنسان المتمايزة عن حقوق المواطن..
فالأولى تتحدد بكونها حقوق الإنسان الأناني ، المنفصل عن الإنسان وعن الجماعة . والثانية حقوق سياسية ولا يمكن ممارستها إلا بالمشاركة مع الغير وهي تدخل في فئة الحرية السياسية في إطار الحقوق المدنية .
إلا أن أرتو يخالف ماركس ، فيرى أن حقيقة المجتمع المدني قد تغيرت كثيراًً منذ ماركس وأن هناك سلسلة من حقوق الفرد ، بوصفه عضواً في المجتمع المدني ( التعليم ، الصحة الخ) ولا تعتبر انعكاساً لحقوق الإنسان الأناني..
يعود الكاتب للتأكيد أن النقد السابق لا ينفي أن ماركس مناضل فعال في مجال الانعتاق السياسي . ففي الايدولوجيا الألمانية يرى أن البروليتاريين يؤكدوا ضرورة المواطنة الفعالة ، يبروزونها أينما يتمتعون بها ، وحين لا يتمتعون بها ، يريدون نيلها..
وواقعياً ناضل من أجل برلمانٍ ينتخب بالاقتراع العام وأهمية الجمهورية كنظام للدولة . ولذلك رفض الاتجاه الليبرالي للمواطنة الذي يربطها بدفع الضرائب وربط المواطنة بالحقوق العامة للمواطنين وعلى كل المستويات .
إشادة ماركس بالمواطنة والاقتراع العام والبرلمان والجمهورية ليست مطلقة بل يرافقها انتقادات لشكل السلطة السياسية . حيث أن الديمقراطية تنتج جماعة متخيلة أكثر مما هي حقيقة وذلك لأنها تثبت مجتمع مدني تهيمن عليه النزعة الفردية السلعية وينقسم المجتمع إلى طبقات اجتماعية متباينة ، فالخطاب السياسي القانوني للدولة الحديثة يتخذ من الفرد المجرد نقطة انطلاق وبذلك يحاول إخفاء انقسام المجتمع إلى طبقات ، هذا التجريد هو تعبير عن فصل المنتجين عن وسائل الإنتاج ؛ فانفصال الدولة الحديثة عن المجتمع المدني تعبير عن نشؤ مواطنة منطوقها غير متجذر اجتماعياً وغير متحققة واقعياً للكل الاجتماعي..
بعد نقد شكل السلطة والدولة يعرض أنطوان لمفهوم الدولة والسلطة السياسية عن ماركس فيرى أن التصور العام لدى ماركس هو تصور تلاشي الدولة ، المتصل بزوال الطبقات الاجتماعية وهذا غير ممكن إلا بعد حصول البروليتاريا على السلطة السياسية وافتتاحها لحقبة انتقالية وهي حقبة ديكتاتورية البروليتاريا وفق كتاب "نقد برنامج غوته" وهذا المفهوم لم يرد في كتابات ماركس إلا مرات قليلة وهو يعني تحقيق مصلحة الأكثرية الفقيرة..
أما في البيان الشيوعي فيتحدث ماركس عن سلطة عامة ستفقد طابعها السياسي ، وعن تحول الدولة إلى مجرد إدارة للإنتاج..
أي أن السياسة وحق المساواة بين الأفراد سوف يتلاشيان أيضاً وهذا في الطور الثاني من الاشتراكية .
أما في الطور الأول فلا بد من الحفاظ على حق المساواة وهذا من اجل توزيع فائض الإنتاج على الأفراد ولأن المجتمع لا يزال يعاني من آثار المرحلة الرأسمالية ولكن هذا التوزيع غير وارد في ما يتعلق بممارسة السلطة العامة.
يفسر أنطوان أن ماركس وأنجلز يعلنان تخلى الدولة عن طبيعتها السياسية مع تملكها لوسائل الإنتاج وتحولها إلى سلطة عامة لإدارة الإنتاج ، حيث أن بيروقراطية الدولة الرأسمالية كتنظيم للإنتاج هي التي تزول مع الملكية الخاصة ..
أما كومونة باريس وفق كتاب ماركس" الحرب الأهلية في فرنسا" فإنها حققت شعار كل الثورات البرجوازية ، التي لم تحققها البرجوازية أبداً : حكومة قليلة التكاليف ،إلغاء سلك الموظفين والجيش .
بالنسبة لماركس والماركسيين ، تعين الطبقة العمالية الشكل السياسي التاريخي المناسب لانعتاقها العام من خلال التجربة التاريخية الخاصة , فالثوريين الروس رأوا في السوفيتيات ( مجالس العمال) شكلاً سياسياً يعيد إحياء تجربة كومونة باريس على أساس تطور الصناعة الكبيرة والبروليتاريا الحديثة..
أما لينين في كتاب " الدولة والثورة "فيتفق مع ماركس وأنجلز على ضرورة تحطيم الدولة البرجوازية كدرس من دروس كومونة باريس .
روزا لوكسمبورغ في كتابها " الثورة الروسية" انتقدت حل المجلس التأسيسي وأكدت على ضرورة السوفيتيات والمجلس التأسيسي والاقتراع العام على حد سواء.
مفهوم السوفيتيات ظهر لأول مرة في الثورة الروسية عام 1905 وتحدث عنها تروتسكي بوصفها أجهزة تستخدمها الطبقة العاملة للإدارة الذاتية .وهي مدعوة لتمثيل الأفراد بوصفهم منتجين عندما تجري الانتخابات على أساس واقع الإنتاج.
يجمل أنطوان نقاط ضعف الديمقراطية السوفيتية في سحق تمرد كونشتادت في العام 1921 ، ومنع وجود التيارات السياسية داخل الحزب البلشفي ، ويقلل ولا ينفي أن لحل المجلس التأسيسي دور ما ، وبالتالي توطيد الدولة الستالينية-هي بحم الثورة المضادة- ليست بعيد عن تنظيرات العشرينيات كما يرى..
الكتاب هنا لا يعطى أهمية لتخلف البنية الاجتماعية الروسية وأشكال الوعي المرافق لها وينسى تماماً إشكالية الحرب الأهلية التي قتلت خيرة مناضلي الحزب البلشفي ، ومشكلة الدخول الكثيف لفئات انتهازية لا علاقة لها بتاريخ الحزب من اجل مصالحها الخاصة ، ولا يعرض كذلك لفكرة الثورة الروسية المركزية بأنها لن تستطع الاحتفاظ بالسلطة ما لم تنتصر الثورة الاشتراكية في أوربا؟
أما تروتسكي في "الثورة المغدورة" فيؤكد على ضرورة التعددية الحزبية من اجل ديمقراطية سوفيتية إلا أنه يؤكد أن منع الأحزاب السياسية في العشرينيات كان إجراء أملته ضرورة الحرب الأهلية..
بعد ذلك يقول أنطوان أنه لا بد من طرح تمييز دقيق بين الطبقة والحزب وبين جهاز الدولة السوفيتية وبين الأحزاب السياسية ، وأن تعدد الأحزاب السياسية ضرورة تاريخية..
من مشكلات روسيا في العشرينيات أن دستور العام 1918 أنه حرم الذين يستغلون عمل الغير من حق التصويت والترشيح وكان تمثيل السوفيتيات العمالية مفرطاً بالنسبة للسوفيتيات الفلاحية..
أما ديمقراطية أنطوان فتؤكد على النضال من اجل السلطة السياسية وتحويلها الجذري لسلطة عامة وتستند للسلطات القاعدية ولا تتعارض مطلقاً بل تفترض الحفاظ على الانعتاق السياسي وأن جميع الأفراد متساوين في المواطنة أما القانون لأنهم متساوين في الواقع العياني فالانعتاق البشري ينطلق من الجدل بين الفرد والجماعة حيث التشارك يحدث تفتح كل فرد وهو شرط التفتح الحر لجميع الأفراد..
في فقرة عنوانها" الرأسمالية في مقابل الديمقراطية يؤكد الكاتب أن المشروع الديمقراطي "الاشتراكي" لا يمكن له الاكتفاء بمشكلة التنظيم السياسي وحدها لأنه يصطدم بواقع الرأسمالية التي تمنع في العمق ازدهار الديمقراطية الحقيقية..
وإن الرأسمالية تتعارض مع الديمقراطية عندما تحد من المواطنة على المستوى السياسي المباشر وتولد أشكالاً من الظلم الاجتماعي العميق تجعل من ممارسة مواطنيةٍ مساواتيةٍ أمراً مستحيلاً في الرأسمالية لا مكان فيه للديمقراطية داخل الشركة الرأسمالية وهي لا تخص الاقتصاد الذي تترك سيرورته للسوق كما يقول الليبراليون؟؟
أخيراً يرى أنطوان أنه ينبغي أن تتوسع الديمقراطية السياسية لتشمل المجال الاقتصادي ولكن الديمقراطية الاقتصادية لا يمكن لها إلا أن تعيد النظر في الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والتبادل الكبيرة لصالح تحويلها لملكية اجتماعية..

أما فرنسوا سابا دو في إطار دراسته عن الثورة الديمقراطية فهو يؤكد أن الديمقراطية يجب أن تكون في مركز المشروع الثوري وذلك لسببين:
- من اجل تجاوز أثار الستالينية على جميع المستويات وفي مختلف دول العالم.
- ممارسة سلسة من الدروب التكتيكية والإستراتيجية التي تعارض الديمقراطية الليبرالية وتفتح الطريق أمام الديمقراطية الاشتراكية..
ثم يحاجج إذا كانت الديمقراطية تعرف نفسها بوصفها حكم الشعب للشعب ومن أجل الشعب فهي دون حدود ،ولا يكن أن يفلت منها شيء يتصل بحياة المدينة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. وبالتالي ليست المؤسسات " الديمقراطية" حكومة وبرلمان وبلديات هي التي تقرر أهداف وأولويات وحاجات مجتمعنا بل السوق عبر حفنة من كبار أرباب العمل والممولين.
فالديمقراطية وفق رأى فرنسوا هي التي تتيح إدخال مجموع النشاطات الاجتماعية والاقتصادية في حقل قرار جميع المجالس المنتخبة وتتطلب إعادة النظر في الحق المقدس للملكة الخاصة وفي تحكم أرباب العمل المطلق بالاقتصاد وبالتالي المضي نحو الاستحواذ العام والاجتماعي على النشاطات الاقتصادية المختلفة .
لذلك يرى أن الديمقراطية الناجزة هي معادية للرأسمالية وهنا لا بد من تعميم الاقتراع العام أي التصويت والانتخاب ..
وهذه الديمقراطية تفترض إذن نزع مركزة السلطة وإعادة توزيع القرارات على المستوى المحلي والإقليمي والقومي وينبغي أن تتخذ المجالس البلدية أو مجالس الشركات جميع القرارات على نحو سيادي ..
وإن التجربة التاريخية والسياسية للطبقات البرجوازية المسيطرة . ترفض كل تحول جذري وتستخدم العنف لمعارضة الإرادة الشعبية وحين تنتزع الشعوب انتصارات برلمانية لا تتردد الطبقات البرجوازية من الهزأ بالقرارات العام ( لاحظ مثال تشيلي أو فنزويلا أو غيرها )..
وبالتالي فالتفكير الاستراتيجي الضامن لمصلحة المضطهدين يستلزم إقامة بنى ومنظمات ومؤسسات جديدة لهذا الأغلبية "كتلة المأجورين" لتمكينها من الهيمنة على المجتمع ، وتنظيم العمال ، بالإضافة للنضال من اجل الدفاع عن الحريات الديمقراطية وتوسيعها في ظل عولمة رأسمالية تنزع لطرد الديمقراطية من الحياة السياسية..
أخيراً ، إن الثوريين الذين يدافعون عن برنامج لديمقراطية جذرية عليهم فتح مسار تأسيسي اجتماعي جديد يعتمد على النسبية الكاملة ، وإمكانية عزل المندوبين ، ووضع دستور جديد يضمن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية لغالبية السكان..

أما ليون كريميو في مقالته " الديمقراطية والمواطنة وعلاقات الإنتاج" يرى أن هدف الماركسيين هو انعتاق العمال وبناء مجتمع خال من الاستغلال والاضطهاد ودعم المطالبة الجماهيرية بالمراقبة على القرارات التي تتخذ على مستوى الدولة وعلى تلك التي تخص الحياة اليومية في الحي والمدينة والشركة.
لكن هذه المطالب غير قابلة للتحقق إلا بتغيير قواعد المجتمع وإلغاء سلطة الرأسماليين ، أي أن الصلة وثيقة بين الديمقراطية وعلاقات الملكية ،فلابد أن تكون الديمقراطية هي سلطة الشعب وذلك عبر إلغاء الملكيات الخاصة لوسائل الإنتاج وجعلها جماعية بما يؤدي لإلغاء عملي للطبقة الرأسمالية مثلما ألغت الثورة الفرنسية طبقة النبلاء لفترة معينة . والمقصود هنا ليس الإلغاء المادي بل إلغاء جميع المزايا التي كانت بحوزتهم بما فيها النظام السياسي وهنا يوجه نقداً لاذعاً للتجربة الروسية .حيث أن البيروقراطية الروسية صادرت سلطة العمال وأقامت السلطة الأحادية للحزب الشيوعي وألغت التعددية الحزبية والسجال والديمقراطية داخل الحزب وقد كان العمل المأجور والاستغلال حقيقة قائمة في تلك الدولة ، وهذا يشبه وضع البروليتاريا في أوربا أو في العالم الرأسمالي..
أما كاترين ساماري فإن مقالتها " من المواطنة إلى الإدارة الذاتية " تنطلق من موقع النضالات الراهنة المناهضة للعولمة.
فترى أن النضالات الجارية تعبر عن مواطنة ديمقراطية تهدف للسيطرة على الاقتصاد في مختلف المستويات التي يجري فيها اتخاذ القرارات من المحلي إلى الدولتي ومن الشركة إلى المؤسسات.
فالدفاع عن المصلحة العامة هو لعموم المواطنين ويقتضي بالضرورة إخضاع الاقتصادي للخيرات السياسة والأخلاقية والبيئية المحددة على نحو جماعي وديمقراطي.
وإن خلف كلمات المواطن المجرد يظهر الواقع : البرجوازي والبروليتاري ، الرجل والمرأة .
لذلك فإن إحدى مساهمات اليسار الجذرية هي إبراز علاقات الملكية والسيطرة والاستغلال القابعة خلف مقولة المواطنة المتساوية أو الديمقراطية البرلمانية ..
وهو ما يقتضي العمل على إثارة مسألة التمفصل بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاقتصادية .
وبالتالي ما ينبغي تدميره هو سوق رأسمال والعمل المأجور ، والدولة كأداة برجوازية للقمع وتحويل الديمقراطية التمثيلية إلى ديمقراطية مباشرة واعتماد مبدأ التشاركية في اتخاذ القرارات..
وتضيف بأن مركزية الحكم المباشر والإدارة الذاتية للعمال ولجميع المضطهدين لا يعنيان مواطنة محصورة بهم ككائنات اجتماعية ولا يعني الاستغناء عن الوسائط المؤسساتية المختلفة لتوسيع أفاق اتخاذ القرارات .
ولكن مهمة هذه الوسائط توسيع أفق كل فرد في كل خيار وإخراج الفرد من أفقه الضيق
أما هنري مالر: في دراسته " ماركس والديمقراطي والشيوعي "
فيؤكد أن الديمقراطية وفق شكلها الحديث ، تحمل إنعتاقاً سياسياً وفائضاً طوبا وياً ينبغي أن نرثه ويسأل من جديد بالنسبة لماركس ما هي حدود المواطنة الديمقراطية ؟ ولماذا ينتقد ماركس الانعتاق السياسي أو التجريد والتمثيل السياسي رغم أنه تقدماً كبيراً كما يرى ماركس نفسه؟
النقد السابق يستند لكون الانعتاق السياسي محصور في المساواة المجردة بين المواطنين بغض النظر عن كافة الفوارق والتفاوتات وهو يفترض مسبقاً المجتمع البرجوازي ولا تلغى فيه الملكية الخاصة ، بل هي الأصل فيه، وهذا ما يعري التناقض بين المساواة المواطنية المجردة والتمزق الاجتماعي العميق وانقسام المجتمع لطبقات غنية وطبقات محرومة..
الجدير ذكره أن المعارضة السورية الليبرالية لا تتعدى أطروحاته السياسية والاقتصادية هذا المستوى المنقود في هذا الكتاب أي مستوى المواطنة المجردة أو المساواة المجردة وبشكل ملتبس..
وهو ما يدفع ماركس للتأكيد على ضرورة الثورة الاجتماعية التي يقدمها بوصفها تحقيقاً للديمقراطية الحقيقية ..
ويرى الكاتب أن المجتمع المتحرر من انقساماته إلى طبقات فإن التمثيل فيه يختلف بالمعنى والوظيفة . إذ تستند المساواة المواطنية فيه إلى تساوي المنتجين الذين ينيبون بعضهم لتمثيلهم ..
وهنا وفي هذا الإطار فإن تلاشي الدولة هو تلاشي الدولة الطبقية بوصفها مؤسسة سيطرة وأداة قمع وتحولها إلى أداة لإدارة الأشياء وسلطة عامة وعندها يمكن الوصول ‘إلى ديمقراطية دون سيطرة طبقية أو سياسة طبقية .
فالأشكال الديمقراطية لمجتمع متحول نحو الاشتراكية هي ديمقراطية المواطنين المنتجين ، المتشاركين بحرية في محاولة للتحكم جماعياً بحياتهم الاجتماعية .
في هذا المجتمع لا تعود التمايزات والتفاوتات بين الأفراد تتخذ شكل انقسام للمجتمع إلى طبقات وأحزاب ولكن لا تزول إطلاقاً الانقسامات بين المنتجين والمواطنين..
هذا الكتاب الهام ، يطرح أسئلة ، يثير إشكاليات ، يقدم أراء وأفكار ، ينتقد التجربة السياسية السوفيتية ، يراجع ماركس وينتقده ، حتى أن هنري مالر يقول كيف يمكن أن نحلق لحية ماركس ، ولو بعد وفاته ، دون أن نجز عنقه، ويتم التطرق كذلك لمفكري الماركسية وتدور الفكرة المركزية حول إشكالية العلاقة بين الماركسية الديمقراطية وحدود ديمقراطية النظام الرأسمالي وعدم حدود ديمقراطية الفكر الماركسي ..
الكتاب المعروض ، قراءته ضرورية للماركسيين وللناشطين السياسيين الراغبين في الاستفادة من تجارب وباحثي الشعوب الماركسيين ، وهو ترجمة المترجمة الهامة في سوريا رندة بعث وتقديم ومراجعة عماد شيحا ، صادر عن دار السوسن ، طبعته الأولى عام2006....



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في فن الحب وطبيعته
- قراءة في التنمية المستدامة
- إستراتيجية الحرب وإستراتيجية التقدم
- ديمقراطية ممكنة ، وديمقراطيات بدون ديمقراطية
- أمريكا وصدام والاقتتال الطائفي
- الشرط الامبريالي وتشكّل الدولة اللبنانية
- بعض مشكلات سوريا في رأس السنة الجديدة
- الأزمة الهيكلية للرأسمالية وبدايات صعود الليبرالية الجديدة
- اليسار الإصلاحي ، المقاومة المعرِقلة ، اليسار الثوري ، هزيمة ...
- الحركات الاجتماعية وعلاقتها بإشكالية الديمقراطية
- دولتين ام دولة ديمقراطية علمانية واحدة
- العولمة والامبريالية
- سياسية التمويل مصالح وأخطار
- أهمية نداء القوى والشخصيات الماركسية في الوطن العربي
- مشكلات وأدوار المنظمات الأهلية
- سقوط التسوية في زمن المقاومة والديمقراطية
- علاقة الهيمنة الأمريكية بأزمة المعارضة العربية
- استبدادية الأنظمة وديمقراطية الشعوب
- الحرب الأمريكية على لبنان
- علاقة الحرب بالطائفية


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عمار ديوب - قراءة في كتاب الماركسية والديمقراطية