|
العولمة الرأسمالية وهوية اليسار الفكرية
لطفي حاتم
الحوار المتمدن-العدد: 1837 - 2007 / 2 / 25 - 12:42
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
بعد انهيار التجارب الاشتراكية أثار الكثير من الباحثين ورجال الفكر والسياسية جدلاً نظرياً حول الطبيعة الفكرية لأحزاب اليسار الاشتراكي متسائلين عن ركائزها النظرية في الطور الجديد من التوسع الرأسمالي. وبهذا المنحى وبعد تدني فعالية ومواقع تلك الأحزاب في التشكيلات الوطنية وانتقال العديد منها إلى مواقع غير مألوفة في الممارسة السياسية تزداد مطالبة كثرة من الأوساط اليسارية الديمقراطية بتحديد تلك الهوية الفكرية بهدف إعادة الحيوية للتيار اليساري في الحياة السياسية باعتباره واحداً من تيارات الحداثة التي لعبت أدواراً مهمة في تاريخ التقدم الاجتماعي. في هذا السياق تواجه الباحث حزمة من الأسئلة منها: هل لازالت الأحزاب الاشتراكية محركاً من محركات التطور التاريخي لبلداننا العربية ؟ وإذا كان الجواب إيجابا ما هي المنظومة الفكرية / السياسية القادرة على جعل تلك الأحزاب قاطرة من قاطرات التطور الاجتماعي ؟ ومنها ما هي طبيعة ومضامين الركائز النظرية / التنظيمية الضامنة للتطور الاجتماعي اللاحق ؟ وأخيراً هل تستطيع قوى اليسار الاشتراكي أن تكون رافعة سياسية معبرة عن مصالح قوى التشكيلة الاجتماعية الوطنية في الطور الحالي من العولمة الرأسمالية ؟ على ضوء حركية الأسئلة المثارة وإشكالاتها الفكرية/ السياسية نحاول الاقتراب منها بموضوعات عامة يمكن حصرها بمفاصل أساسية: ـ المفصل الأول: ـ التمثيل الطبقي لأحزاب اليسار الاشتراكي في البلدان الوطنية. المفصل الثاني: ـ الركائز الفكرية لأحزاب اليسار الاشتراكي في الطور الجديد من العولمة الرأسمالية. المفصل الثالث: ــ اليسار الاشتراكي والتكتلات الدولية. وأخيرا الديمقراطية والعلاقات الدولية.
أولا: ــ أحزاب اليسار الاشتراكي وقاعدتها الاجتماعية.
لإضفاء الشرعية الفكرية على ضرورة تطوير المواقع الطبقية لليسار الاشتراكي لابد من التركيز على بعض الأفكار الأساسية الساندة لتلك الشرعية والتي أراها في: ــ 1: ــ عجز التشكيلات العربية عن إنتاج قوة اجتماعية قادرة على الجمع بين العدالة الاجتماعية والديمقراطية السياسية وذلك لأسباب عدة أبرزها الاستقطاب الأيديولوجي للتيارات السياسية العربية حول الليبرالية الغربية والاشتراكية السوفيتية الأمر الذي أضاع فرص نمو وتطور قوة سياسية ضامنة لمصالح التشكيلة الوطنية. 2: ــــ بسبب عمليات الاستقطاب والتهميش الرأسماليين جرى فرز شرائح اجتماعية بيروقراطية / برجوازية طفيلية قادت مصالح الدول العربية بالضد من المصالح الوطنية وبالمقابل أنتجت الأنظمة العسكرية ذات الشرعية الانقلابية قوة اجتماعية كابحة للتطور السياسي الديمقراطي المتزاوج ومسؤولية الدولة عن الموازنات الاجتماعية / السياسية. لهذه الأسباب وغيرها يطالعنا السؤال التالي: هل تستطيع أحزاب اليسار الاشتراكي بناء حركة اجتماعية متعددة المصادر الطبقية تكون أداة سياسية ضامنة لبناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية ؟ لإضفاء صبغة فكرية على التساؤل المذكور دعونا نبحث الأمر عن كثب. أفرز الطور الجديد من التوسع الرأسمالي مشاكل كبرى أمام تطور التشكيلات العربية تجسدت في كثرة من الإشكالات الفكرية / السياسية يمكننا التعرض إلى بعض تجلياتها الأساسية: ـ أ: ـ أدى التطور الاقتصادي المشوه الذي انتهجته البلدان العربية ووصفات الليبرالية الجديدة إلى خراب الطبقة الوسطي فارزاًً بذات الوقت شرائح طبقية جديدة متشابكة المصالح مع الرأسمالي المدول الأمر الذي أضفى على سلوكها السياسي طابعاً عدميا يتسم بتجاهل مصالح البلاد الوطنية. ب ــ شكلت اندفاعة حركة رأس المال الحربية نحو كسر الحدود الوطنية وإعادة بناء الأنظمة السياسية عاملاً ضاغطاً لتفتيت الوحدة الوطنية وانزلاق البلدان العربية نحو خطر التهميش والتقسيم. ج: ـ بسبب عمليات التهميش والإقصاء المتزايدة للقوى العاملة تتآكل وحدة النسيج الاجتماعي وما يفرزه ذلك من حالات التمرد والفوضى عند الشرائح المبعدة عن حلبة الإنتاج. د: ــ تشترط عمليات التمرد وانهيار الاستقرار الاجتماعي إعادة بناء أجهزة قمعية مركزية لضبط التوترات الاجتماعية المتنامية. وبهذا المعنى تصبح قضية الديمقراطية ودولة المواطنة قضية لا تتلاءم والمصالح الطبقية لتحالف الشركات الدولية مع الحليف الداخلي. استنادا إلى تلك المحددات تصبح الحاجة إلى وجود قوة اجتماعية / سياسية تشكل مرجعية وطنية قادرة على إعادة التوازن للتشكيلة الاجتماعية ضرورة وطنية يشترطها سير التطور الموضوعي. وبهذا المعنى يمكن التأكيد على قدرة اليسار الديمقراطي أن يكون تلك القوة الاجتماعية الضامنة لإعادة التماسك الاجتماعي عبر تمثيله المصالح العامة لقوى التشكيلة الوطنية. بكلام آخر إن تناقضات مسار تطور العولمة الرأسمالية يفتح الطريق أمام تحول اليسار الديمقراطي إلى قوة وطنية جامعة تشكل في نهاية المطاف البديل التاريخي القادر على إعادة بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحارسة للتوازنات الاجتماعية في الطور الراهن من العولمة الرأسمالية. ( 1 ) إن الرؤية المشار إليها تستند إلى طبيعة المنطلقات الفكرية الجديدة لليسار الاشتراكي المتماثلة في بعض أوجهها مع النهج السياسي للاشتراكية الديمقراطية التي أنتجتها الحركة العمالية الأوربية بعد الحرب العالمية الثانية التي كافحت من أجل بناء دولة الديمقراطية والرفاه الاجتماعي رغم اختلاف الظروف التاريخية التي واجهت الحركة الاشتراكية الديمقراطية في أوربا والمنبثقة من دخول حركة التوسع الرأسمالي مرحلة الدولة الاحتكارية وما رافقها من انقسام العالم إلى معسكرين متناحرين الأمر الذي وفر هامشاً دولياً لأحزاب الاشتراكية الديمقراطية لبناء دولة الديمقراطية والتضامن الاجتماعي. وبالعكس من ذلك تواجه الأحزاب الاشتراكية في البلدان الوطنية خطر التهميش والإلحاق الناتج عن استبداد السلطات الحاكمة والنزعات العسكرية التدخلية لراس المال المدول. استناداً إلى تلك المعطيات نواجه بالسؤال التالي: ـ ما هي المنطلقات الفكرية الناظمة لمرجعية اليسار الديمقراطي في الطور الجديد من العولمة الرأسمالية ؟ بهدف التقرب من الإشكالية الفكرية / السياسية لمضامين السؤال المثار دعونا نعالج الأمر بمحطات عامة
ثانياً:ــ اليسار الاشتراكي وركائزه الفكرية.
أولاً: ــ بسبب ترابط مستويات التشكيلة الرأسمالية العالمية أصبحت الدول الوطنية الهشة عرضة للتداخلات الدولية ومن هنا باتت النزاعات الداخلية للدول الوطنية جزءاً من السياسية الخارجية للمراكز الرأسمالية. ( 2 ). إن مشاركة الوافد الخارجي في النزاعات الوطنية أعطى زخماً لقوى الليبرالية الجديدة للتدخل في الشئون الداخلية تحت شعارات الديمقراطية والإصلاح بهدف المشاركة الفاعلة في صياغة النظم السياسية والاتجاهات الاقتصادية للدول الوطنية. ثانياً: ـ تتبدى الحركة العالمية لرأس المال المعاصر بتناقض مسار تطورها الذي يتجلى اليوم في قانون التطور المتفاوت بين التكتلات الاقتصادية الكبرى الذي يتحدد مضمون صراعها من خلال كيفية إلحاق الدول الهشة بهذا التكتل الاقتصادي أو ذاك بهدف الاستحواذ على ثرواتها الوطنية. وبهذا المنحى أدى التطور المتناقض لسير العولمة إلى التدخل المباشر في تفكيك التراكيب الاجتماعية للتشكيلات الوطنية وبالمنظور العام شكلت إعادة التشكيل عودة تاريخية لأزمنة الطوائف والأقليات والعشائر . بكلام أخر إن تأثيرات العولمة على البلدان الهشة تتسم بطابع رجعي يستند إلى عمليات التهميش المتواصلة المتسمة بالفوضى والصراع. ثالثاً: ـ تتعرض الدول الوطنية الهشة التي أنتجتها الحقبة المنصرمة من التوسع الرأسمالي إلى التفتت والتآكل وسيادة الفوضى في النزاعات الداخلية التي تنتقل من تناقضات ذات أهداف اجتماعية / طبقية إلى نزاعات أثنية / طائفية. وفي هذا السياق تعاني البلدان العربية من أزمات وطنية كبرى تتمثل بغياب الشرعية الوطنية لأنظمة الحكم وذلك لأسباب تاريخية منها سيادة الشرعية الانقلابية بأردية ( دستورية ) وتجديدها بديمقراطية شكلية وكذلك استمرار احتكار السلطة عبر الشرعية الو راثية الأمر الذي أفضى إلى غلق الأبواب أمام رياح التغيير وتطور العملية السياسية الديمقراطية. رابعاً: ــ انطلاقاً من تلك المؤشرات العامة لتطور العلاقات الدولية فان الصراع الراهن يتحدد بين الوطنية الديمقراطية الهادفة إلى صيانة الدولة الوطنية ونسيجها الاجتماعي وبين الليبرالية الجديدة الحاملة لنزعات التفتيت والتهميش والإلحاق. استناداً إلى تلك المؤشرات يعترضنا السؤال التالي: ما هي مضامين الوطنية الديمقراطية وكيف يمكن رفعها من مستوى الشعار السياسي الآني إلى مستوى الهدف الاستراتيجي ؟ قبل التعرض لمضامين المنطلقات الفكرية الناظمة لحركة اليسار الاشتراكي يتعين علينا التركيز على بعض المعطيات التي أراها ضرورية لمتابعة الإشكالات المثارة في مقدمتها: ـ 1: ــ دأبت الأحزاب الاشتراكية في العالم العربي على تحليل المجتمعات العربية من زاوية أسلوب الإنتاج الرأسمالي، بمعنى انقسام التشكيلات الاجتماعية العربية إلى طبقات اجتماعية وما ينتج عنها من تجمعات سياسية تعبر عن المصالح الطبقية وبهذا المسار مثلت الأحزاب الشيوعية مصالح الطبقة العاملة والفلاحين بغرض بناء الدولة الاشتراكية. 2: ـ استناداً إلى زاوية التحليل الطبقي لم تعر الأحزاب الشيوعية كثيراً من الاهتمام لعدد من القضايا منها دور المواطن وحرياته الفكرية / السياسية، التكوينات الإثنيه / الدينية, الروابط العشائرية ودورها في صياغة الوعي عند المواطن، الديمقراطية السياسية وأهميتها في الحياة الاجتماعية.... الخ من القضايا ذات التكوين المعقد والمتشابك مع التطور التاريخي للبلدان العربية. 3: ــ شكلت التجربة السوفيتية السند التاريخي لنشاط الأحزاب الاشتراكية العربية وبهذا المعنى تخلفت هذه الأحزاب عن صياغة مرجعية وطنية قادرة على استثمار ثنائية خيار التطور الاجتماعي لخدمة البناء الديمقراطي للدولة الوطنية. 4: ــ أنتجت الموضوعات المشار إليها رؤية مختلة لطبيعة التضامن ألأممي الأمر الذي أفضى إلى حرمان الأحزاب الاشتراكية من مساندة قوى سياسية كبرى في البلدان الرأسمالية. على أساس تلك المعطيات واستناداً إلى دخول التوسع الرأسمالي مرحلته المعولمة بات ضرورياً الانتقال إلى تأشير ملامح استراتيجية فكرية سياسية لأحزاب اليسار الاشتراكي أراها في موضوعة الوطنية الديمقراطية مستنداً في ذلك على جملة من المعطيات قابلة للحوار والنقد والاغناء تتمثل بــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ:
أولاً: ـــ حماية الدولة الوطنية تشكل الرؤية الوطنية المناهضة للولاءات الإثنية / العشائرية / الطائفية مستودعاً لحماية الدولة الوطنية من التفكك والصراع والتهميش ارتكازاً إلى الشراكة السياسية المتوازنة لقوى التشكيلية الوطنية وبهذا الإطار فأن الوطنية تشكل الجهاز الوطني المقاوم ضد الاحتلال والتدخل الخارجي بأشكاله العسكرية / السياسية / الاقتصادية. ثانياً: ــ الإصلاح الديمقراطي وإعادة البناء إن الوطنية بمضمون الشراكة الفعلية بين المكونات الأساسية للتشكيلة الوطنية تشترط إعادة بناء الدولة على قاعدة الإصلاح الديمقراطي التدريجي المنبثق من الموازنات السياسية / الاجتماعية الضامنة لوحدة البلاد ومصالحها الأساسية بعيداً عن التداخلات الأجنبية والنزاعات الأهلية. ثالثاً: ـــ حماية ثروات البلاد الوطنية يوفر بناء المرجعية الوطنية وسياجها الديمقراطي للسلطات الوطنية الديمقراطية سنداً / اجتماعياً في مفاوضاتها مع الوافد الأجنبي على أساس المساواة القانونية بين الأطراف المتفاوضة بهدف حماية الثروات الوطنية. رابعاً: ــــ صيانة حقوق المواطن الإنسانية تشكل الوطنية الديمقراطية ضمانة أساسية لصيانة حقوق المواطن الطبيعية والمكتسبة وأهمها حق العمل والتعليم والحريات الأساسية الأمر الذي يساهم في بناء المجتمع الدولي الديمقراطي على قاعدة التوازن بين البشر وعدم تغليب القوة في العلاقات الدولية. إن تأثير هذه الركائز واعتمادها في الصراع الدائر لصيانة الدول الوطنية من التفتت يعتمد بالدرجة الأولى على حركة اليسار الديمقراطي المتفاعل مع القوى والحركات الاجتماعية الديمقراطية الساعية إلى بناء حرية الإنسان ومستقبله انطلاقا من بناء الأسس المادية في البلدان العربية المناهضة لعمليات التفتيت والتهميش والحروب الأهلية.
ثالثاً: ــ الكونفدرالية العربية ضمانة ضد التهميش والإلحاق
أن غياب المرجعية الوطنية الديمقراطية الناتج عن احتكار السلطة وعدم تحول الشرائح العربية الحاكمة إلى كتلة اجتماعية ضامنة لبناء الوحدة الوطنية أفضى إلى منع بناء المقدمات المادية / السياسية لتقارب الدول العربية ناهيك عن تبني شكلاً من أشكال وحدتها السياسية. وبهذا السياق نشير إلى أن التطور الحاصل في العلاقات الدولية المتمثل في سعي الدول الكبرى لإلحاق الدول الوطنية في مجالاتها الحيوية الاستراتيجية بعد تقسيمها من جديد تدفع أحزاب اليسار الاشتراكي إلى تبني موضوعة الاتحاد الكونفدرالي كخطوة مستقبلية نحو بناء التقارب السياسي / الاقتصادي للبلدان العربية. إن المسعى المشار إليه يشترط أغناء التحالفات القائمة مثل التكتل الخليجي، والاتحاد المغار بي إلى كونفدراليات مستندة إلى الوطنية الديمقراطية الهادفة إلى منع تحول الدول العربية إلى شركات ملحقة بالتكتلات الاقتصادية الكبرى. ( 3 ) إن الرؤية المشار إليها توفر حزمة من الشروط الدافعة للعمل السياسي / الفكري لحركة اليسار الاشتراكي منها: ــ 1: ــ تدفع الوطنية الديمقراطية شعوب البلدان العربية إلى إقرار مبدأ المشاركة في العيش المشترك بين القوميات والطوائف على قاعدة توازن المصالح عبر بناء أشكال فدرالية ديمقراطية للدول المتعددة القوميات. 2: ــ توفر الوطنية الديمقراطية إطارا عاماً للعمل الإقليمي المشترك بين قوى اليسار الديمقراطي والقوى والتيارات الوطنية الأخرى، وما يعنيه ذلك من بناء حركة شعبية تتخطى الحدود الوطنية مناهضة للحرب والغزو والعدوان. 3: ــــ تنسيق مواقف وسياسات الأحزاب والحركات الاشتراكية واليسارية عبر مؤتمرات فكرية / سياسية ومهرجانات تضامنية، مناهضة للتداخلات الخارجية ــ يشكل فرصة لتوحيد المواقف العامة المشتركة المناهضة للتشتت والانكفاء الوطني الضيق.
رابعاً: الديمقراطية والعلاقات الدولية
شكلت الديمقراطية وحقوق الإنسان ركيزة أساسية من الأركان الأيديولوجية للعولمة الرأسمالية وبهذا المعنى تستطيع قوى اليسار الاشتراكي استثمار هذه الموضوعة بهدف الكفاح المزدوج الوطني المناهض للأنظمة الاستبدادية والاممي المقاوم للتدخلات العسكرية وسياسة الغزو والعدوان. إن التأكيد على حقوق الإنسان الطبيعية والمكتسبة تستند إلى وحدة حقوق البشرية وعدم تجزأتها وتحقيق تلك الوحدة يشترط بناء علاقات دولية متوازنة ترتكز على المساواة القانونية بين الدول وضمان تطورها الوطني اللاحق المستند إلى حرية تقرير مسار خيارها الاجتماعي. بكلام آخر إن إعادة التوازن إلى العلاقات الدولية يتطلب ترسيخ الشرعية الدولية ومنظماتها الأساسية العاملة على صيانة السلام والأمن الدوليين المرتكز على وحدة المصالح الإنسانية. إن الترابطات المشار إليها بين حقوق الإنسان وتوازن العلاقات الدولية الديمقراطية يفتح الطريق أمام اليسار الاشتراكي لنشر خياراته الاجتماعية / السياسية بعيداً عن الضغوطات والحصارات الخارجية. الخلاصة: ـ إن الرؤية الفكرية / السياسية التي أزعم أنها قادرة على أعادة بناء أحزاب اليسار الاشتراكي في الطور الجديد من التوسع الرأسمالي ونقلها إلى مستوى القوة الشعبية الضامنة للتطور الديمقراطي اللاحق تشترط التخلي عن الرؤية الأيديولوجية المفعمة بالآمال المثالية المشرقة أو الانشداد إلى الماضي المفعم بالبطولة الإنسانية واستبدالها بسياسة ورؤى واقعية منبثقة من تغير العالم واشتداد النزعات العدوانية لرأس المال وجشعه المرتكز على نهب العالم بشعارات براقة زائفة.
الهوامش
1: ـ إن موضوعة الاستبدال للأدوار التاريخية سبق وان تبنتها الأحزاب الاشتراكية في سياق مراحل تطور كفاحها الوطني بعد أن وضعت عملية الاستبدال بإطار أيديولوجي تمثل بــ: ـ 1: ــ استلام البرجوازية للحكم كمرحلة تاريخية في التطور الاجتماعي ومن ثم الانتقال إلى الثورة الاشتراكية. 2: ــ استلام الحزب الاشتراكي بالتحالف مع الطبقة الوسطي للسلطة السياسية عبر التطور اللارأسمالي. إن الجديد في موضوعة الكتلة الاجتماعية البديلة تكمن في أن اليسار الاشتراكي سيكون القوة الوطنية القادرة على إنجاز مهام المرحلة التاريخية الجديدة لأسباب كثيرة منها: ــ أ: ــ انتقال حركة التوسع الرأسمالي إلى مرحلته المعولمة وتناقض مسار تطورها. ب: ــ تجريف الحدود الطبقية للتشكيلات الوطنية العربية وانتقالها إلى كتل سكانية اثنية / طائفية. ج: ــ تعذر وجود طبقة اجتماعية قادرة لوحدها على بناء وتطور الدولة الوطنية بنظام ديمقراطي ضامن لوحدة النسيج الوطني. 2: ــ تشكل الأزمات الوطنية في العراق وفلسطين ولبنان المضمون الرئيسي للسياسية الخارجية للدول الكبرى. 2: ــ إن الرد الفعلي على سياسة التهميش والتقسيم تكمن في تبني اليسار الاشتراكي لموضوعة الاتحاد الكونفرالي بين البلدان العربية بعد أن كانت شعارات الوحدة العربية أدوات سياسية للقمع والاستبداد والإرهاب بيد القوى القومية اليمينية المناهضة للديمقراطية والتقدم الاجتماعي.
شباط ، 2007
#لطفي_حاتم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النزعتان الوطنية والليبرالية وتغيرات السياسة الدولية
-
حوار قوى اليسار الديمقراطي وسمات العولمة الرأسمالية
-
قراءة فكرية في مشاريع مستقبلية
-
آراء حول الدولة والمليشيات المسلحة
-
ملاحظات حول الشرعية الدولية والعدوان
-
التشكيلة العراقية وصراع بنيتها الطائفية
-
الفوضى الخلاقة وأزمة العراق الوطنية
-
السياسة الدولية والشرعية الانتخابية
-
الاحتلال الامريكي للعراق وانهيار بنية الخطاب الوطني الديمقرا
...
-
الاصطفافات السياسية وسمات المرحلة الدستورية
-
تدويل النزاعات الوطنية والديمقراطية الوافدة
-
بناء الدولة العراقية وتنازع بنيتها الدستورية
-
القانون الأساس وإشكالات بناء الأجهزة العسكرية
-
المواطنة بين المساواة الشكلية وتفكك الدولة العراقية
-
العولمة الرأسمالية وفعالية التناقضات الوطنية
-
أزمة العراق الوطنية وإصطفافات المرحلة الانتقالية
-
الاحتلال الأمريكي للعراق وتناقضات المرحلة الانتقالية
-
أراء حول المستجدات السياسية وبناء الرؤية الوطنية
-
الليبرالية العربية بين المراجعة التاريخية والروح الانقلابية
-
العقيدة التدخلية وتطور العلاقات الدولية
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|