|
|
من دفتر اليوميات/محمود شقير47
محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 20:11
المحور:
الادب والفن
الجمعة 18 / 8 / 2006 وحدي في البيت هذا الصباح. قست ضغط دمي وكان معقولاً. دربت أصابعي بالضغط على كرة المطاط، أنعشت قدرات دماغي بتحريك الكرتين المعدنيتين بين كفي. ابتلعت أدوية الضغط. سارعت إلى الكمبيوتر. فتحت بريدي الإلكتروني. وجدت رسالة واحدة. دققت مقالتي الأسبوعية التي كتبتها الليلة الفائتة. استمعت أثناء ذلك إلى بعض أغاني محمد عبد المطلب. أفكر بالسفر إلى الخارج للتخفف من الإرهاق الذي يضغط على أعصابي هذه الأيام. أفكر بتغيير أسلوب حياتي الراهن. أخاف من التغيير. أشعر بتهيب من قفزة في المجهول. أجد صعوبة في اتخاذ قرار مصيري في هذا العمر المتقدم نسبياً. هذا الأمر يشعرني بالقلق. لا أحب أن أظلم أحداً، لكنني لا أحب أن يظلمني أحد، أو أن يستغفلني أحد أو أن يسيء إلي أحد.
الأحد 27 / 8 / 2006 رسالتان وصلتا إلى بريدي الإلكتروني هذا الصباح. الأولى من المؤسسة العربية للدراسات والنشر، يخبرني فيها مدير المؤسسة ماهر الكيالي بأن كتابي الجديد "احتمالات طفيفة" سيصدر خلال أيام. الحرب العدوانية على لبنان أخرت صدور الكتاب، لكنه سيصدر قريباً. الثانية من المترجمة الألمانية أورسولا باشير التي تقوم بترجمة كتابي "صورة شاكيرا" إلى الألمانية، تخبرني فيها بأنها على وشك أن تنتهي من ترجمة الكتاب. هذان خبران مفرحان، وأنا مبتهج بعض الوقت بسبب هذين الخبرين. خبر غير مفرح. لم تنشر جريدة القدس مقالتي الأسبوعية هذا اليوم! ربما لأنني كتبت عن التجمع الوطني الديموقراطي، فاعتبر محرر الجريدة أنني أمارس الدعاية لحزب قيد التشكيل! بالطبع، كنت أتوقع أن يتم الاتصال بي قبل صدور الجريدة لتوضيح الموقف. لكن أحداً لم يتصل بي، وقد أتوقف عن الكتابة لهذه الجريدة التي داومت على الكتابة إليها منذ ستة أشهر.
الاثنين 28 / 8 / 2006 هاتفت صديقي محمد أبو لبدة، المحرر في صحيفة القدس. قال لي إن مقالتي الأسبوعية ستنشر غداً. كان الأمر كما توقعت، فقد اعترض أحد أعضاء مجلس التحرير على المقالة معتبراً أنها فيها دعاية لجماعة سياسية. ثم تدخل رئيس التحرير د. مروان أبو الزلف لصالح نشر المقالة بعد يومين من موعد نشرها. كتب لي دانيال موران مسؤول المهرجان الثقافي لجامعة مانشستر، يخبرني أن مجلة بانيبال ستطبع لي كتاباً مترجماً، وسبجري توزيعه أثناء انعقاد المهرجان في الثاني عشر من شهر تشرين الأول القادم، الذي سأكون أحد ضيوفه لأنه مكرس هذا العام للأدب الفلسطيني. الآن، بعد الأخبار التي وصلتني عن ترجمة أحد كتبي إلى الألمانية والأخر إلى الإنجليزية، يبدو أنني على مشارف مرحلة جديدة في مسيرتي الأدبية.
الاثنين 4 / 9 / 2006 هاتفت دار النشر. أخبرني ماهر الكيالي مدير المؤسسة العربية للدراسات والنشر، أن نسخة من كتابي "احتمالات طفيفة" وصلت من بيروت إلى عمان. فرحت وحزنت في الوقت نفسه. حزنت لأنني لن أتمكن من الحصول على نسخ من الكتاب إلا بعد وقت، أي حينما يتمكن شخص مسافر من إحضار هذه النسخ. هاتفت القنصلية البريطانية. استفسرت عن الفيزا التي طلبتها لكي أسافر إلى مانشستر للمشاركة في مهرجان الأدب الفلسطيني الذي تقيمه الجامعة هناك. ردت علي امرأة عربية تعمل في القنصلية. قالت إن الفيزا غير جاهزة حتى الآن. هاتفني الدكتور وليد مصطفى، عميد كلية الآداب في جامعة بيت لحم. اقترح علي أن أشارك في ندوة في الجامعة عن الراحل الكبير نجيب محفوظ (يوم أمس نشرت صحيفة القدس مقالة لي عنه). اعتذرت عن عدم المشاركة. تفهم وليد موقفي ثم تبادلنا حديثاً سريعاً حول مخطوطة "مرايا الغياب" التي قرأها الوليدان: وليد مصطفى ووليد أبو بكر، وأبدى كل منهما ملاحظات قيمة عليها. لهما الشكر وعلي واجب الانتباه.
الأربعاء 13 / 9 / 2006 ذهبت إلى مركز المدينة. لم أعد أذهب إلى هناك إلا قليلاً. أكثر وقتي أقضيه في البيت أمام الكمبيوتر ومع الكتب. ذهبت أنا وإبراهيم، زوج أختي إلى هناك. في العادة، نذهب بين الحين والآخر أنا وإبراهيم إلى القدس القديمة. نقضي وقتاً فيها، نتبادل أحاديث عادية ينصرف أغلبها إلى هموم الشيخوخة ومتاعبها، ثم نتناول طعام الغداء في مطعم ادكيدك خارج سور المدينة، ونعود في المساء إلى جبل المكبر. هذا اليوم، ابتدأنا مشوارنا بزيارة لمقر صحيفة القدس. في وقت سابق، أبلغت رئيس التحرير بأنني سأتوقف عن الكتابة للصحيفة. كتبت خلال الأشهر الستة الماضية سبعاً وعشرين مقالة. بواقع مقالة واحدة في الأسبوع. الكتابة المنتظمة في الصحف ترهقني وتحد من كتابتي للقصة القصيرة، وهو أمر لا أحبذه. كانت آخر مقالة نشرتها لي الصحيفة عن الراحل الكبير نجيب محفوظ. حملت معي نسخاً من كتابي قبل الأخير "مدن فاتنة وهواء طائش" لكي أهديها لرئيس التحرير د. مروان أبو الزلف، وللمدير المالي والإداري هاني العباسي، وللمحرر محمد أبو لبدة. لم نجد أحداً منهم في مقر الصحيفة. أبقيت النسخ عند السكرتيرة، وخرجنا. أمضينا يوماً عادياً في المدينة لا يتميز بأي شيء. يوم عادي مثل بقية الأيام.
الأحد 17 / 9 / 2006 ذهبت إلى رام الله لمقابلة الرفيق بسام الصالحي، الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني. بسام هاتفني مساء الجمعة، واقترح أن نلتقي عند الساعة الثانية عشرة من ظهر السبت، للتشاور في أمر ما. لم يفصح عن هذا الأمر، لكنني توقعت أن له علاقة بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. ذهبت إلى مكتب الحزب. التقيت هناك عدداً من الرفاق القدامى الذين لم أرهم منذ زمن. جلسنا، بسام وأنا، في مكتبه على انفراد. قال إنه يقترح أن أكون أنا مرشح الحزب للوزارة القادمة. قال إن الحزب سيطالب بتسلم وزارة الثقافة. وسأكون أنا مرشح الحزب إليها. قال إن تسلم وزارة الثقافة في هذه المرحلة بالذات له معناه العميق. إذ قد يسهم في لملمة صفوف المثقفين العلمانيين. قال إن اختيار رفيق لشغل هذا المنصب من خارج المكتب السياسي واللجنة المركزية له دلالته الإيجابية على وضع الحزب نفسه. كان الاقتراح مقدماً بشكل شخصي من بسام، ولم يشاور سوى الرفيق عبد المجيد حمدان في الأمر، الذي أبدى موافقته على الاقتراح. قال إنه ينتظر موافقتي لكي يطرح الموضوع في المكتب السياسي واللجنة المركزية. قال إنه يتوقع أن يوافق الرفاق على هذا الاقتراح. شكرته وأبديت تردداً واضحاً. لأنني أعيش عزلة اختيارية منذ سنة ونصف سنة للكتابة، والعزلة أثرت على مزاجي وجعلتني غير قادر على التكيف مع المجتمع في كل لحظة. وأنا راغب في مواصلة التفرغ للكتابة، ولدي مشاريع أدبية تحتاج إلى وقت. قلت له: سأعطيك الجواب مساء اليوم التالي. قال: ليتك تعطيني موافقتك الفورية. قلت: لن أستطيع، لأنني بحاجة إلى بعض الوقت للتفكير في الأمر، ولأنني سأقوم بانعطافة حادة في حياتي، في حالة الموافقة على هذا الاقتراح. أخذتُ المهلة المحددة، وعشت ساعات من القلق. مرة أرفض الاقتراح بيني وبين نفسي ومرة أقبله، ثم أرفضه. لم أطلع أحداً على الموضوع، سوى حسام وباسمة. جاءني حسام إلى البيت. وكانت وجهة نظره أن أوافق على الاقتراح، تجادلنا طويلاً ثم أبديت اقتناعاً ما. هاتفت الرفيق بسام عند انتهاء المهلة، وأبديت موافقتي على الاقتراح. وما شجعني على الموافقة إحساسي بأن حكومة الوحدة الوطنية قد لا تتم. ما شجعني أيضاً أنني اشترطت تولي وزارة الثقافة، وفي حالة عدم الحصول على هذه الوزارة فإنني لن أتولى أية وزارة أخرى. وما شجعني كذلك، أنه في حالة الدخول إلى الوزارة، فلن يطول الأمر. هذا ما تشير إليه دلائل كثيرة في الواقع الفلسطيني. قد تعمر الوزارة عدة أشهر ثم يجري حلها. وكان لي شرط عدم الدخول في وزارة ثانية. الموضوع طي الكتمان الآن، وما أتمناه بيني وبين نفسي ألا أضطر إلى الدخول في هذه التجربة. إنها تجربة مغرية لكنها متعبة! وستصرفني عن الكتابة إلى درجة مقلقة.
الأحد 24 / 9 / 2006 أدخلني موضوع المشاركة في الوزارة الجديدة في دوامة. أخبرني حسام وباسمة أن الخبر تسرب إلى بعض أعضاء الحزب، وبعضهم تكهن بالأمر لمجرد رؤيتهم لي في مكتب الحزب. قالا إن ثمة تأييداً لي لتمثيل الحزب في الوزارة. تشاورت مع صديقي الدكتور وليد مصطفى حول هذا الأمر. قال: الأمر يتوقف عليك فيما إذا كنت راغباً في هذا المنصب أم لا. قلت: إنني متردد، لكنني أخبرت بسام بموافقتي على الأمر، ويمكنني أن ألغي هذه الموافقة. هاتفت بسام وأخبرته أنني لم أعد موافقاً على المشاركة. قلت له إن صحتي لا تسمح لي بذلك. قلت له إنني معني بمواصلة الكتابة. شعرت بارتياح بعد اتخاذ هذا القرار. لكنني ما زلت متخوفاً من الدخول في الدوامة من جديد. يتبع...48
#محمود_شقير (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير46
-
وارفة الظلال/ قصة الدكتورة روز اليوسف شعبان
-
عن أقمار الأديب فتحي فوراني الخضراء
-
صفحات من حيفا للدكتور خالد تركي
-
راحوا وما عادوا!؟ كتاب المراثي للدكتور نبيه القاسم
-
عين الزيتون... البقاء في الوطن/ رواية : محمد على طه/ محمود ش
...
-
عامان على الطوفان... وماذا بعد؟
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير45
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير44
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير42
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير41
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير40
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير39
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير38
-
من دفتر اليوميات/محمود شقير37
-
من دفتر اليوميات/محمود شقير36
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير35
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير34
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير33
-
من دفتر اليوميات/ محمود شقير32
المزيد.....
-
مهرجان الدوحة السينمائي ينطلق بتكريم جمال سليمان ورسائل هند
...
-
200 شخصية سينمائية أجنبية تحضر فعاليات مهرجان فجر الدولي
-
كتابة الذات وشعرية النثر في تجربة أمجد ناصر
-
الكلمة بين الإنسان والآلة
-
الفنان الأمريكي الراحل تشادويك بوسمان ينال نجمة على ممشى الم
...
-
مصر.. الأفلام الفائزة بجوائز مهرجان -القاهرة السينمائي- الـ4
...
-
فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
-
دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
-
توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
-
فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
المزيد.....
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
المزيد.....
|