أخطر ثغرات دعوى منع المعارضة في القانون العراقي… وكيف تتجنب الوقوع فيها

نور جواد الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 8532 - 2025 / 11 / 20 - 22:41
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    

هل يمكن أن تكون مالكاً لعقار… ومع ذلك لا تستطيع دخوله؟
هل يمكن أن تمتلك سنداً رسمياً، طابو أصلياً، أو قرار تمليك، ومع ذلك يُسيطر شخص آخر على عقارك دون وجه حق؟
والأهم: هل يمكن رفع دعوى لمنع هذا الشخص من معارضتك… حتى لو لم يصدر منه فعل عنيف أو اعتداء مباشر؟

هذه هي دعوى منع المعارضة، واحدة من أكثر الدعاوى العقارية انتشاراً، وأكثرها تعقيداً، وأكثرها امتلاءً بالثغرات القانونية التي لا تظهر إلا لمن خبر المحاكم وعرف خفايا التعامل مع الشركاء والجوار والأقارب والمستأجرين.

ورغم بساطة الفكرة، فإن تفاصيلها لا تُدرك بسهولة، وأحكامها لا تُتوقع دائماً، ولها من التعقيدات ما يجعل التعامل معها دون محامٍ مجازفة حقيقية.

ما هي دعوى منع المعارضة؟

هي دعوى يرفعها مالك العقار حين يقوم شخص آخر - قريب، جار، شريك، أو حتى غريب - بممارسة عمل يمنع المالك من الانتفاع الكامل بعقاره.
قد لا يكون هذا الشخص قد استولى على العقار كله… يكفي أن يحتل غرفة، سطحاً، ممراً، قسماً صغيراً، أو يمنعك من دخول جزء معين.

القانون هنا لا يشترط وقوع اعتداء فعلي، بل يكفي التعرض أو المنع أو وضع اليد دون سند.

السند القانوني: المادة 197 من القانون المدني

تنص المادة 197 على:
"المغصوب إن كان عقارًا يلزم الغاصب رده إلى صاحبه مع أجر مثله، وإذا تلف العقار طَرَأ على قيمته نقص ولو بدون تعدٍّ من الغاصب لزمه الضمان".

بمعنى آخر:
إذا وضع شخصٌ يده على عقارك، أو منعك من الانتفاع به، أو أحدث فيه ضرراً… فهو مسؤول قانونياً عن الرد والضمان.
هذه المادة تُشكل الأساس القانوني لدعوى منع المعارضة، لأنها تتعامل مع العقار باعتباره حقاً ثابتاً لا يجوز مسّه.

مزايا الدعوى… وثغراتها التي لا ينتبه إليها أحد

تقام الدعوى فقط من قبل مالك العقار

لا تُقبل من مستأجر، ولا من واضع يد، ولا من شخص ينتفع بالوكالة…
وهنا ثغرة يقع فيها كثيرون حين يتقدم شخص غير مالك فيُرفض طلبه.
مع الاشارة الى ان هنالك رأي يذهب الى جواز اقامتها من قبل المستأجر.

لا حاجة لتوجيه إنذار قبل إقامة الدعوى

وهذه نقطة يجهلها كثير من المراجعين، فيظنون أنه يجب إنذار الغاصب أولاً.
القانون لا يشترط هذا، والانتظار قد يضر بمصلحتك.

يمكن إثبات الدعوى بشهادة الشهود

لا يتطلب الأمر سنداً مكتوباً أو عقداً رسمياً.
إثبات وضع اليد يتم عبر:

الشهود

الكشف الموقعي

تقارير الخبير المسّاح

صور ووثائق مساندة

حتى القرائن

الكشف الموقعي مع خبير مسّاح هو الفيصل الحقيقي

المسّاح يكشف الحدود، ويحدد الأجزاء المغتصبة، ويثبت طبيعة المعارضة.
وهذه المرحلة هي التي تظهر فيها الثغرات القانونية:

خلافات على الحدود

ادعاءات قديمة بالملكية

وجود ممرات مشتركة

تجاوزات صغيرة لكنها مؤثرة

*ويمكن الاستماع للشهود مع الكشف على العقار وتثبيت واقع الحال.

دعوى بين الشركاء؟ النتيجة مختلفة

إذا أقيمت دعوى منع المعارضة بين الشركاء في العقار نفسه، فإن الحكم عادة يكون:
منع المعارضة… دون تسليم.
أي أن الشريك المعارض يُمنع من التصرف المضار، لكن لا يُسلَّم العقار لطرف واحد لأنه ملك مشترك لا يجوز فرد السيطرة عليه لشخص واحد.

وهذه من أدق نقاط الدعوى، ولا يعرفها الكثيرون إلا لحظة صدور الحكم!

أمثلة مبسّطة تساعدك على فهم الدعوى
مثال 1:

أنت تملك داراً مسجلة باسمك، لكن ابن عمك يسكن غرفة صغيرة فيها دون إذن.
هو لم يعتدِ عليك… لكنه يمنعك من الانتفاع الكامل.
هنا تُقبل دعوى منع المعارضة، وقد تكسبها بشهود أو تقرير خبير.

مثال 2:

شقيقك يضع حديداً أو خزاناً أو سياجاً يمنعك من دخول سطح الدار.
هذا أيضاً يعتبر معارضة، حتى لو كان السطح ملكاً مشتركاً.

مثال 3:

شخص غريب استغل غيابك، ووضع يده على دكان صغير لمدة سنة كاملة.
إثبات وضع يده يتم عبر الشهود والكشف، وتكون الدعوى مقبولة.

لماذا تحتاج محامياً في هذه الدعوى؟

لسبب بسيط وواضح:
دعوى منع المعارضة تبدو سهلة… لكنها من أكثر الدعاوى التي تحمل مفاجآت غير متوقعة.

قد يخسر المدعي لأن شهادة شاهديه غير منسجمة.

وقد يخسر لأنه لم يطلب تسليماً وهو يملك حقّه.

وقد يخسر لأنه رفع الدعوى ضد شريك.

وقد يخسر لأن الخصم ادعى بدعوى أخرى موازية او دفع الدعوى بدفع يرد الدعوى كلياً.

هذه الدعوى مثل رقعة الشطرنج… خطوة واحدة خاطئة قد تنقلك من موقف قوة إلى خسارة كاملة.
والمحامي وحده يعرف كيف يتعامل مع تفاصيلها الدقيقة.

#نور_جواد_الدليمي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل